حصانة المحامي بين الواقع والقانون

 بقلم أ/ أسامة محمود علي المحامي 

   إن الأحداث الجارية من تكرار وقائع الاعتداء على المحامين والتضييق عليهم أثناء أداء أعمالهم المكلفين بها، تفرض علينا النظر فى أحوال المحامين لاسيما أثناء تعاملهم مع الجهات الشرطية والهيئات القضائية، لذا كان لزاما علينا النظر في تفعيل حصانة المحامى أثناء تواجده فى أقسام ومراكز الشرطة، وأمام النيابة العامة  وأثناء أداء رسالته أمام المحاكم المختلفة.

إن المحامي ـ فى بداية الأمر ـ يجب أن يعامل بالاحترام اللائق والمناسب أمام كل الجهات التى يحضر أمامها كما نصت على ذلك المادة 49 من القانون رقم 17 لسنة 1983 وتعديلاته، والتى نصت على أن ” للمحامى الحق فى أن يعامل من المحاكم وسائر الجهات التى يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة “.

والجدير بالذكر أن هذه المادة لم تأت لإضافة ميزة خاصة للمحامى، وإنما نصت على هذا لمكانة المحامى ودوره المهم فى مساعدة العدالة وسيادة القانون، ومن ناحية أخرى ليستطيع المحامى أداء مهامه بشكل ميسر دون أى عوائق أو تحديات، بل يجب على هذه الجهات أن تقدم للمحامى التسهيلات التى تساعده في القيام بواجبه وتمكنه من الاطلاع على الأوراق، والحصول على البيانات وفقا لأحكام القانون، ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ قانونى.

وأثناء تواجد المحامى بالمحاكم المختلفة يجب أن يعامل المحامى كما يعامل عضو النيابة العامة أو عضو الهيئات القضائية، لاسيما عند مباشرة المحامى لحق الدفاع عن موكله فى الجلسات المختلفة؛ لذلك فقد وضعت المادة 245 من قانون الإجراءات الجنائية استثناء خاصا للمحامى إذا  وقع منه إخلال بنظام الجلسة، حيث نصت هذه المادة على أنه ” استثناء من الأحكام المنصوص عليها فى المادتين السابقتين إذا وقع من المحامى أثناء قيامه بواجبه فى الجلسة أو بسببه ما يجوز اعتباره تشويشا مخلا بالنظام، أو ما يستدعى مؤخذاته جنائيا ـ يحرر رئيس الجلسة محضرا بما حدث.

وللمحكمة أن تقرر إحالة المحامى إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق إذا كان ما وقع منه ما يستدعى مؤاخذته جنائيا وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعى مؤاخذته تأديبيا.

وفى الحالتين لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التى وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوا فى الهيئة التى تنظر الدعوى”.

وقد استقر الأمر على حصانة المحامى بالجلسة فى قوانين المحاماة المتعاقبة، بدء من القانون 35 لسنة 1939، انتهاء بالقانون الحالى.

فقد نصت المادة 50 من القانون رقم 197 لسنة 2008 على الآتى: “لا يجوز القبض على محام أو حبسه احتياطيا لما ينسب إليه فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة السابقة، وجرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أى من أعمال المهنة المشار إليها فى هذا القانون…….”

وطبقا لهذه المادة إذا وقع من المحامى فعلا من الأفعال سالفة الذكر فيحظر القبض عليه أو حبسه احتياطيا، وإنما تحرر مذكرة بذلك الأمر.

وبذلك يكون المشرع قد وضع نظاما خاصا للمحامى يختلف عن غيره من عامة الناس؛ حيث إن المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية تبيح لرئيس الدائرة أن يقيم الدعوى على المخل بنظام الجلسة أو من يرتكب فعلا يشكل جنحة أو مخالفة، وله أيضا أن يحيله إلى النيابة العامة، وأن يحرر محضرا، وأن يأمر بالقبض على المتهم إذا اقتضى الحال ذلك.

وكل هذه الضمانات والحصانات التي أقرها المشرع للمحامي تهدف إلى ضمان وكفالة حق الدفاع في أقوى صوره، والتي تغيب عن بعض الجهات التي يتعامل معها المحامي؛ مما يؤثر سلبا على حسن سير العدالة، وضياع حقوق الأفراد.

لذا؛ فإننا في أمس الحاجة لتفعيل هذه النصوص وتلك الضمانات ـ والتي تمثل ضرورة اجتماعية ـ عمليا وواقعيا لتحقيق العدالة في أبهى صورها.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى