«النقض» توضح ما لا يعد في صحيح القانون تفتيشًا

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 38328 لسنة 73 القضائية، أن دخول مأمور الضبط منزلاً لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد فى صحيح القانون تفتيشًا بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة فى مستودع السر فيها وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائى مسبب بإجرائه، وكان الحكم قد عرض لما أثير فى هذا الشأن واطرحه برد صحيح وسائغ، فإن منعى الطاعنين فى هذا الخصوص يكون غير سديد.

المحكمة

أولا: – عن الطعن المقدم من المدعين بالحقوق المدنية: –
من حيث إن الطاعنين – بصفاتهم – قد ادعوا مدنيا قبل المتهمين – المطعون ضدهم….. و….. و….. و….. و….. بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت بالتضامن فيما بينهم وآخرين، ومحكمة الجنايات قضت ببراءة الخمسة عن تهم القتل العمد مناط طلب التعويض بالنسبة لهم، وبرفض الدعوى المدنية المقامة ضدهم عنها، فطعن المدعون بالحقوق المدنية على هذا الحكم بطريق النقض.
ثالثًا: – عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم: –
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه – بمذكرات أسباب الطعن – أنه إذ دان بعضهم بجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد والإتلاف العمدى وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص والبعض الآخر بجرائم إحراز وحيازة أسلحة نارية مششخنة مما لا يجوز الترخيص بإحرازها أو حيازتها وذخائر مما تستعمل على تلك الأسلحة قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى الإسناد وفى تطبيق القانون.

ذلك أنه اطرح الدفع ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات ولحصولهما قبل الإذن بهما بالنسبة للمتهمين الخامس والتاسع وببطلان تفتيش ماكينتى الرى المملوكتين للمتهمين الثانى والخامس لكونهما من قبيل المساكن دون إذن بذلك بما لا يسوغ، والتفت الحكم عن دفاع المتهمين ببطلان الاستجوابات والتحقيقات أمام النيابة العامة لحصولها فى غيبة محاميهم إيرادًا وردًا.

وعول الحكم على أقوال الضباط بشأن ضبط الأسلحة والذخائر مع أنهم لم يحرروا محضرًا بالإجراءات وفق نص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، وفصلت المحكمة فى الاتهام المسند للمتهمين الرابع عشر والخامس عشر رغم صدور أمر ضمنى بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لهما عن جرائم القتل العمد والشروع فيه والإتلاف العمدى، وبطلان أمر الإحالة التكميلى تبعًا لذلك، وهو ما يعتبر منها تصديًا للفصل فى أمر لا ولاية لها فيه، وتمسك الدفاع ببطلان إقرارات واعترافات المتهمين الأول والخامس والتاسع بمحاضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة لكونها وليدة إكراه مادى ومعنوى غير أن الحكم عول عليها واطرح هذا الدفاع برد قاصر وغير سائغ، وعول الحكم على أقوال الشهود رغم عدم معقوليتها واستحالة وقوع الحادث بالصورة التى رووها.

كما تساند الحكم فى قضائه بالإدانة إلى أقوال الشهود المجنى عليهم الثلاثة رغم تضارب أقوالهم فى تحديد أشخاص المعتدين وكيفية تعرفهم عليهم، فضلا عن تناقضها مع أقوال قائد السيارة الميكروباص بخصوص من أمره بإيقاف السيارة، واطرح دفعهم فى هذا الخصوص برد غير سائغ، وأسقط الحكم من أقوال الشهود الثلاثة الأول ما قرروه من أن سيارة أخرى الترامكو قد مرت فى وقت الحادث وما قرره الأول والثانى من أنهما لا يعرفان كيفية حدوث إصاباتهما، كما أسقط من أقوال الضابط….. واقعة جمعه فوارغ الطلقات من جانبى السيارتين، وأطرحت المحكمة أقوال سائق السيارة الميكروباص بعلة غير سائغة تستند إلى معلومات خاصة عندها لا أساس لها فى الأوراق.

كما التفتت عما أثاره المتهمون من أن الاعتداء على المجنى عليهم كان من ركاب تلك السيارة الأخرى، ولم يبين الحكم دليل إدانة المتهم التاسع، وخلت الأوراق من شاهد رؤية على اقترافه لما أسند إليه، وعول الحكم على ما شهد به الثالث من أن محدث إصابته هو المتهم الخامس….. رغم استحالة رؤيته، وتناقض الحكم عندما اطمأن فى قضائه بإدانة المحكوم عليهم بالإعدام على أقوال شهود الإثبات رغم أنه أهدر تلك الأقوال عند قضائه ببراءة المتهمين الآخرين، وعول الحكم فى قضائه بالحكم بالإعدام على تقارير فحص أسلحة لم تقطع باستخدامها فى الحادث، والتفت الحكم عن أقوال شاهدى النفى….. والمحامى….. التى تنفى عن بعض المتهمين ارتكاب الواقعة.

وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها مع الدليل الفنى من حيث موقف المتهمين من المجنى عليهم وكيفية إطلاق النار ومسافة الإطلاق ووقته ورد الحكم على دفاعهم فى هذا الشأن بما لا يسوغ، وعول الحكم على معاينة النيابة رغم قصورها دون أن يورد مضمونها ومؤداها ورد على دفاعهم فى هذا الخصوص برد قاصر وغير سائغ، وعول الحكم على تحريات الشرطة رغم كونها لا ترقى إلى مرتبة الدليل ولا تستند إلى مصدر معلوم، وأورد الحكم فى أقوال الشاهد الأول….. ما يفيد مشاهدته للمتهمين الأربعة الأول يطلقون النار على المجنى عليهم وهو ما لا سند له فى الأوراق.

كما أورد الحكم فى أقوال الضابطين الشاهدين….. و….. ما يفيد أن تحرياتهما أكدت صحة أقوال الشهود الثلاثة مع أن أقوالهما خلت من ذلك، وأسند الحكم إلى العميد….. أن الحادث كان للثأر وأن المتهم التاسع من بين من أطلق النار على السيارة البيجو أخذًا من أقوال الشهود الثلاثة الأول رغم أنهم لم يذكروا ذلك فى التحقيقات، وجاء الحكم قاصرًا فى بيان نية القتل وظرفى سبق الإصرار والترصد وتوافر علاقة السببية بين إصابات المجنى عليهم ووفاة البعض وإصابة البعض الآخر وأطرح دفاعهم فى هذا الشأن بما لا يصلح لإطراحه. كل أولئك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد فى صحيح القانون تفتيشًا بل هو مجرد عمل مادى تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة فى مستودع السر فيها وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائى مسبب بإجرائه، وكان الحكم قد عرض لما أثير فى هذا الشأن واطرحه برد صحيح وسائغ، فإن منعى الطاعنين فى هذا الخصوص يكون غير سديد.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين ببطلان تحقيق النيابة العامة فى قوله: “…. وعن الدفع ببطلان الاستجوابات والتحقيقات التى أُجريت فى غيبة المحامين فهذا الدفع عار من السند القانونى إذ الثابت أن النيابة العامة عند بدء استجوابها لأى من المتهمين سألته عما إذا كان لديه محام يحضر معه التحقيقات فكانت إجابته بالنفى ولم يكن هناك فى القانون ما يلزم النيابة أن تستحضر أو تندب لكل منهم محاميا لحضور التحقيقات، وعليه فإن هذا الدفع غير سديد يتعين الالتفات عنه”.

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى