المُحام بين الواقع والتكنولوجيا

بقلم : عزام سليمان الزقزقي المحامي

سمة المُحاماة الأولى: هي الوقار, فإن فَقَد المُحامي وقاره, وفَقَد مُوكِله, وفَقَد قضيته, وفَقَد قاضيه, وفَقَد نفسه.

إن هذه المهنة بها من العراقة من حيث الاشخاص والأحداث والزمن ما يدعو الكل أن ينظر إليها بعين الإجلال والاحترام بل ويجعل المنتمين لها مُحبين شغوفين حتى وإن كانوا غير مُوفَّقين، إنها مهنة البحث عن المتاعب، وبيع الذكاء، وتأجير الموهبة؛ ولكن لا تقف المُحاماة عند حد كونك موهوبًا أو عبقريًا فحسب، فبعد دخول التكنولوجيا إلى مصر في شتى مناحي الحياة، وجب علي الجميع مواكبة ذلك، ومن ضمنهم مكاتب المُحاماة، كيف يستفيد المُحامي من التكنولوجيا؟ وكيف يُوظِّفها لخدمة المهنة العريقة؟ هذا من المفترض أن يكون متن حديثي في هذا المقال، ولكن سأحيد عنه للحديث عن أمر آخر خاص بالمُحامين ايضًا وبالتكنولوجيا؛ ما بين واقعٍ مريرٍ، وأحلامٍ ورديةٍ، وتحديثٍ زائفٍ، يسقط شباب المُحامين في الهاوية، وتلك الهاوية هي المكاتب الكبرى؛ التي تستغل شباب المُحامين دون مقابلٍ مُجزٍ ماديّ أو علميّ، ودون راعيةٍ فكرية، فيكون المُحامي الشاب في ورطةٍ حقيقية منذ الدقيقة الأولى لقيده بنقابة المُحامين؛ فيمر بروتين وتعقيد لا حصر له أثناء القيد، ثم يدخل في مرحلة التدريب والتي وإن كنتَ فيها من المحظوظين بأستاذٍ له ضمير فلن يُعطيك مقابل مادي، مرورًا بالعمل داخل مكاتب الفرد الواحد فتكون مُجرد موظفًا لديه، وهنا وجب التنويه والطلب أنه لابد للنقابة في عهدها الجديد أن تُفعِّل دورها الحقيقيّ، وأن يكون هناك رقابة حقيقيّة على مكاتب المُحاماة ولا سيما الكبرى منها فيما يخص شباب المُحامين، وأن يكون هناك دور نقابيّ حقيقيّ لمساعدة شباب المُحامين، من خلال دعم حقيقيّ لكتب علميّة ومراجع وأبحاث يحتاجها المُحامي في بداية مشواره، بل يجب أن يكون ذلك هو الدور الاكبر والاهم لنقابة المحامين، فلا يجوز أبدًا أن تكون هي نقابة الاساتذة الكبار فقط، ومن الواجب ايضًا أن يشمل الدعم والرعاية: تدريب المُحامين بشكلٍ حقيقيّ وفعَّال على التكنولوجيا، والاستفادة بخبراتهم في ذلك، ولا أعني بالتكنولوجيا هنا ما يفعله بعض السادة المُحامين الموقَّرين على وسائل التواصل الاجتماعي، من تبادُل لفتشِ أسرار المهنة، والاتهامات، والتهكم على بعضهم، فإن هذا ومع كوني محاميُّ شاب فإني احذر منه كل التحذير، لا سيما ما يحدث علي صفحات المُحامين الشخصية، فإن هذا لا يليق بنا ابدًا، وكان لابد من أن يكون هناك منتديات مُغلقة على المحامين فقط، لتبادُل وجهات النظر، وتكوين منصات نقاشيّة حقيقيّة فعَّالة، وإن ما يحدث الآن من بعض الأساتذة الموقَّرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سيكون له آثار وخيمة على جموع المُحامين، مالم يتوقف، وإني كما اُطالب النقابة بأن تكون في صف المُحامين الشباب، إني اُطالب شباب المُحامين أن يقفوا الآن بجانب نقابتهم، ولا سيما في هذا الوقت، ويكون ذلك من خلال تقليل النشر عن أسرار المهنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتعديل خصوصية مجموعات المُحامين عبر هذه الوسائل إلى سرية أو مغلقة، حتى لا يرى العامة من غير المُشتغِلين نقاشاتنا، وتصفية وتنقية هذه المجموعات وقصرها على المُحامين فقط، والمساهمة في إرساء عهدٍ جديدٍ للمحامين .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى