السِّلَعُ التِي يقَعُ عَلَيْهَا الغِشُّ التِّجَارِيُّ

بقلم/ الدكتور فرج الخلفاوي

نص المشرع المصري في قانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 في المادة الثانية من القانون- على أن الغش ينصب على ستة أنواع من الأشياء والمواد لتكون محلًّا للحماية الجنائيَّة. فلم يكتفِ بأن تكون الحماية من الأضرار المهددة للصحة العامة من المنتجات الضارة فقط، بل تطرقت الحماية إلى مكافحة الغش الواقع على كل المواد التي لها اتصال بحياة الإنسان أو الحيوان لتصبح الحماية شاملة: ( أغذية الإنسان والحيوان، والعقاقير، والنباتات الطبية، والأدوية، والحاصلات الزراعية، والمنتجات الطبيعية، والمنتجات الصناعيَّة على النحو التالي:
أولًأ:- أغذية الإنسان والحيوان :
تضمنت المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1966بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها تعريفًا لأغذية الإنسان، حيث يقصد بكلمة الأغذية أية مأكولات أو مشروبات تستخدم للاستهلاك الآدمي. أما بشأن غذاء الحيوان فقد عرفته المادة 110 من القانون رقم 63 لسنة 1966 بشأن إصدار قانون الزراعة؛ حيث عرفت مواد العلف الخام بأنه” الكزب أو كل مادة لم يدخلها خلط تستعمل في تغذية الحيوانات أو الدواجن سواء كانت من مصدر نباتي أو حيواني أو من المواد المعدنية والفيتامينات والمضادات الحيوية.
ولم يضع المشرع المصري تعريفًا للحيوان إلا ذلك الوارد بالمادة 124 من القانون رقم 63 لسنة 1966 بشأن إصدار قانون الزراعة حيث قررت أنه يقصد بكلمة حيوان في تطبيق أحكام هذا الباب الحيوانات والدواجن والطيور التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة .
وقد حظرت المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1966بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها تداول الأغذية في ثلاث حالات، وهي إذا كانت غير مطابقة للمواصفات الواردة في التشريعات النافذة، أو كانت غير صالحة للاستهلاك الآدمي، أو كانت مغشوشة.
وقد حددت المادة الأولى من نفس القانون بأنه يقصد بتداول الأغذية أية عملية أو أكثر من عملية يتم فيها تصنيع الأغذية، أو تحضيرها، أو طرحها، أو عرضها للبيع، أو تخزينها، أو نقلها، أو تسليمها.
واعتبرت المادة 3 من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها لأغذية غير صالحة للاستهلاك الآدمي إذا كانت ضارة بالصحة، أو إذا كانت فاسدة أو تالفة. وكذلك اعتبرت المادة 4 من ذات القانون الأغذية ضارة بالصحة إذا كانت ملوثة بميكروبات أو طفيليات من شأنها إحداث المرض بالإنسان، أو كانت تحتوي مواد سامة تحدث ضررًا لصحة الإنسان إلا في الحدود المقررة بالمادة( 11) من القانون رقم 10 لسنة 1966بشان مراقبة الاغذية وتنظيم تداولها والتى نصت على أنه(يجب أن تكون الأغذية في كل خطوة من الخطوات تداولها وكذلك الأوعية المستعملة في تصنيعها أو حفظها أو نقلها أو تغليفها خالية من المواد الضارة بالصحة يجوز لوزير الصحة أن يحدد بقرار منه الحد الأعلى الذى يسمح بوجوده من هذه المواد في أصناف محددة من الأغذية وأوعيتها ).
أو إذا تداولها شخص مريض بأحد الأمراض المعدية التي تنقل عدواها إلى الإنسان عن طريق الغذاء أو الشراب أو حامل لميكروباتها وكانت هذه الأغذية عرضة للتلوث، أو كانت ناتجة من حيوان مريض بأحد الأمراض التي تنتقل إلى الإنسان أو من حيوان نافق، وذلك لو امتزجت بالأتربة أو الشوائب بنسبة تزيد على النسب المقررة أو يستحيل معه تنقيته منها، أو احتوت على مواد ملوثة أو مواد حافظة أو أية مواد أخرى محظور استعمالها .او إذا كانت عبواتها أو لفائفها تحتوي مواد ضارة بالصحة.
كذلك حددت المادة 5 من ذات القانون الأغذية فاسدة أو تالفة إذا تغيرت خواصها الطبيعية من حيث: الطعم، أو الرائحة، أو المظهر نتيجة للتحليل الكيماوي أو المكروبي. أو انتهى تاريخ استعمالها المحدد المكتوب في بطاقة البيان الملصوق على عبواتها.
او إذا احتوت على يرقات أو ديدان أو حشرات أو فضلات أو مخلفات حيوانية.
اعتبرت المادة 6 من ذات القانون الأغذية مغشوشة إذا كانت غير مطابقة للمواصفات المقررة. حيث قضت محكمة النقض بأن” عدم مطابقة السلعة للمواصفات القياسية يعتبر غشا لها وكان الأمر يتعلق بعرض كحول غير مطابق للمواصفات”. أو خلطت أو مزجت بمادة أخرى تغير من طبيعتها أو جودة صنفها. أو استعيض جزئيًّا أو كليًّا عن أحد المواد الداخلة في تركيبها بمادة أخرى تقل عنها جودة. أو إذا نزع جزئيًّا أو كليًّا أحد عناصرها وقصد إخفاء فسادها أو تلفها بأية طريقة كانت .او إذا احتوت على أية مواد ملوثة أو حافظة أو أضافات غير ضارة بالصحة لم ترد في المواصفات المقررة .او احتوت جزئيًّا أو كليًّا على عناصر غذائية فاسدة نباتية أو حيوانية سواء كانت مصنعة أو خاما أو إذا كانت ناتجة من منتجات حيوان مريض أو نافق .او كانت البيانات الموجودة على عبواتها تخالف حقيقة تركيبها مما يؤدي إلى خداع المستهلك أو الإضرار الصحي به. ويعتبر الغش ضارًّا بالصحة إذا كانت المواد المغشوشة أو كانت المواد التي تستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان.
(نقض 4يناير1986، مجموعة أحكام محكمة النقض ، س37ص70 وما بعدها)
وألزم المشرع المصري في المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك رقم 181لسنة 2018 المورد بقواعد الصحة والسلامة ومعايير الجودة وضمانها للمستهلك وفقًا للمواصفات القياسية الدولية المعتمدة في مصر حال عدم وجودها.
كما ألزمت المادة (6) من ذات القانون المورد بأن يضع البيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو القانون أو اللائحة التنفيذية لهذا القانون باللغة العربية بشكل واضح تسهل قراءته ، وذلك على النحو الذي يتحقق به الغرض من تلك البيانات حسب طبيعة كل منتج وطريقة الإعلان عنه أو عرضه أو التعاقد عليه . وألزمت المادة(2) من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك المورد بقواعد الصحة والسلامة ومعايير الجودة وضمانها للمستهلك في المنتجات أو وفقًا للمواصفات القياسية الدولية المعتمدة في مصر حال عدم وجود مواصفات قياسية مصرية، وذلك كله بحسب طبيعة المنتج.
وأصدر المشرع المصرى القانون رقم 1 لسنة 2017 بشأن إصدار قانون الهيئة القومية لسلامة الغذاء. ، وتتولى الهيئة القومية لسلامة الغذاء المنشأة وفقا لحكم المادة (2) من القانون دون غيرها الاختصاصات المقررة للوزارات والهيئات العامة والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية فيما يخص الرقابة على تداول الغذاء فى التشريعات ذات الصلة بسلامة الغذاء أينما وردت فى تلك القوانين واللوائح والقرارات التنظيمية ، وإعداد مقترحات تعديلها ، وحددت المادة الاولى الفقرة الخامسة التشريعات ذات الصلة بسلامة الغذاء.
وعرفت المادة الاولى من قانون رقم1 السنة 2017 بشأن إصدار قانون الهيئة القومية لسلامة الغذاء:
– الغذاء : أى منتج أو مادة قابلة للاستهلاك الآدمى ، سواء كانت مادة أولية أو خاما أو نيئة ، مصنعة كليا أو جزئيا أو شبه مصنعة أو غير مصنعة ، بما فى ذلك المشروبات والمياه المعبأة أو المضافة للغذاء وأية مادة متضمنة للمياه ، والعلكة ، ويستثنى من ذلك العلف ، والنباتات والمحاصيل قبل حصادها ، والحيوانات والطيور الحية قبل دخولها المجازر، والكائنات البحرية وأسماك المزارع قبل صيدها ، والمنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل ، والتبغ ومنتجاته ، والمواد المخدرة والمؤثرات العقلية .
– تداول الأغذية : أى عملية أو أكثر من عمليات إنتاج الغذاء ، أو تصنيعه ، أو طرحه ، أو عرضه للبيع ، أو تخزينه ، أو حفظه ، أو تغليفه ، أو نقله ، أو تسليمه ، أو استيراده ، أو تصديره ، أو الترخيص بأى من هذه الأنشطة أو الموافقة عليها .
– سلامة الغذاء : خلو الغذاء وبيئة تداوله من أى مصدر خطر وفقا للقواعد المنصوص عليها فى هذا القانون والقوانين ذات الصلة بسلامة الغذاء ، والقرارات الصادرة تنفيذا لها .
– الأغذية الخاصة : أى أغذية يتم تجهيزها أو تركيبها لتلبية متطلبات غذائية خاصة أو لحالات مرضية ، وفقا لما هو مقرر بهيئة الدستور الغذائى ، ومنها المستحضرات المخصصة لتغذية الرضع والأطفال ، ومستحضرات زيادة الوزن أو إنقاصه ، والمستحضرات المنشطة والمقوية والفاتحة للشهية .
– الأغذية المعالجة إشعاعيا : المنتجات الغذائية الخاضعة للمعالجة بالأشعة المؤينة ، وعلى الأخص بغرض التصدى للميكروبات المسببة للأمراض المنقولة عن طريق الغذاء أو خفض الحمل الميكروبى أو الاصابة بالحشرات أو تثبيط إنبات المحاصيل أو إطالة عمر الخضراوات سريعة التلف .
ثانيًا:- العقاقير والنباتات الطبية والأدوية :
لم يرد في القانون المصري تعريفًا محددا للدواء، إلا أنه قد نصت المادة 28 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة المصري رقم 127 لسنة 1955على أنه” يجب أن يكون كل ما يوجد بالمؤسسة المرخص بها موجب هذا القانون من أدوية أو متحصلات أقر باذنية أو مستحضرات صيدلية أو نباتات طبية أو مواد كيماوية مطابقا لمواصفاتها بدساتير الأدوية المقررة ولتركيباتها المسجلة وتحفظ حسب الأصول الفنية …..”. والبين من هذا النص أن المشرع المصري اهتم بإبراز شروط ما يوجد في المؤسسة الصيدلية من أدوية أكثر من اهتمامه بمحاولة تحديد المقصود بالدواء ؛ حيث إنه عرف الدواء بطريقة غير مباشرة حيث يوحي النص بأن المستحضرات الصيدلية أو النباتات الطبية أو المواد الكيمائية لا تعتبر دواء.
وعرفت المادة 58 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة المستحضرات الصيدلية في قولها:” تعتبر في تطبيق أحكام هذا القانون مستحضرات صيدلية، خاصة المتحصلات والتراكيب التي تحتوي أو توصف بأنها تحتوي على مادة أو أكثر ذات خواص طبية في شفاء الإنسان من الأمراض أو الوقاية منها، أو تستعمل لأي غرض طبي آخر ولو لم يعلن عن الأدوية وملحقاتها الرسمية..”أما المادة 62 من ذات القانون فعرفت المستحضرات الصيدلية الدستورية بأنها” تعتبر مستحضرات صيدلية دستورية في أحكام هذا القانون المتحصلات والتراكيب المذكورة في أحدث طبعات دساتير الأدوية التي يصدر بها قرار من وزارة الصحة العمومية، وكذلك السوائل والمجهزات الدستورية المعدة للتظهير…..” وبذلك التعريف فقد فرق المشرع بين المستحضرات الصيدلية والمستحضرات الصيدلية الدستورية ، إلا أنه جمع بينهما فيما يتعلق بالتغليف والتخزين والتسويق والتعبئة.
وعلى الرغم من أن المشرع لم يضع تعريفًا جامعا مانعا للدواء، إلا أنه عمل على بيان الفروق بين المنتجات الدوائيَّة لمستحضرات التجميل؛ حيث نصت المادة الأولى من قرار وزير الصحة والسكان رقم 106 لسنة 1996بشأن تنظيم تداول مستحضرات التجميل على أنه ” يعتبر مستحضر تجميل أي مادة أو مستحضر يخصص للاستعمال الظاهري لجسم الإنسان….”
اما إضافة النباتات الطبية والأدوية فقد كان تزيدًا من المشرع، وتوسع المشرع المصري بذكره لكلمة العقاقير؛ لأنها تشمل النباتات الطبية والأدوية طبقًا للمادة الأولى من قانون رقم 127 لسنة 1955فى شأن مزاولة الصيدلة تنص على “………” وبذلك يدخل تحت مفهوم العقاقير الطبية كل المواد التي تستخدم في الصيدليات او محلات العطارة والنباتات او الاعشاب الطبية كما يشمل ايضا المركبات اللازمة لأدوات التجميل ومواد الزينة كمساحيق تجميل الوجه وأحمر الشفاه والروائح العطرية.
ثالِثًا :- الحاصلات الزراعية:
وتتضمن الحاصلات الزراعية كل ما تنتجه الأرض من مواد غذائية، مثل: الخضروات، والفاكهة، والحبوب …. وغيره أو مواد غير غذائيَّة مثل: الأخشاب، والقطن، والحرير التي تستخدم في صناعة النسيج كما يدخل فيها ما يخصص لخدمة الأرض من مخصبات وتقاوي وأسمدة وبذور، وقد تم التوسع على إدخال البذور والتقاوي ضمن الحاصلات الزراعية توسعًا لحماية المستهلك.
رابعًا:- المنتجات الطبيعية والصناعيَّة:
وتمثل المنتجات الطبيعية كل الثروات الطبيعية التي يمكن استخراجها من باطن الأرض كالمواد المعدنية والمعادن الثمينة وغيرها من المعادن، وكذلك المحاجر بما تحتويه من أحجار ورخام .. وغيرها، وكذا المياه المعدنية التي تستخرج من الآبار، ويدخل في المنتجات الطبيعية ما يستخرج من البحار مثل: اللؤلؤ… وغيرها، أما المنتجات الصناعيَّة والتي يكون للإنسان تدخل فيها سواء باستحداث مادتها أو بإدخال بعض التعديلات عليها لتأخذ شكلًا جديدًا .
وكذلك حسنا فعل المشرع عندما أضاف المنتجات الصناعيَّة. لما لها من آثار خطيرة على حياة الإنسان إذا لم يراع فيها الأصول الفنية في صناعتها أو أصابها غش من أي نوع.
وقد عرف المشرع المصري بالمادة الاولة من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 المنتجات بأنها” السلع والخدمات المقدمة من أشخاص القانون العام والخاص وتشمل السلع المستعملة التي يتم التعاقد عليها من خلال مورد ” ، ويلاحظ توسع المشرع المصري في تعريفه للمنتجات بإدخاله السلع المستعملة لتعريف المنتجات.
وقد استثنى المشرع المصري من تعريف المنتجات الخدمات المالية والمصرفية المنظمة بأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي وقانون تنظيم الرقابة على الاسواق والادوات المالية غير المصرفية.
خامسًا:- المواد المستخدمة في الغش :
تشمل هذه المواد الألوان والأصباغ والمواد الحافظة ومكسبات الطعم وكل ما يدخل في غش أغذية الإنسان أو الحيوان، ويشترط لقيام المسئولية عن غش هذه المواد أن تكون معدة للبيع بمعنى أن تكون مصنعة، والإعداد للبيع مرحلة سابقة على العرض للبيع أو الطرح للبيع وقد تكون معاصرة له، فإذا كانت معدة للاستخدام الشخصي فلا جريمة، وترجع علة المسئولية هنا إلى رغبة المشرع في تضيق نطاق التيسيرات التي تتيح للفاعل ارتكاب الغش؛ لأن هذه المواد تساعد على تسهيل ارتكابها.
وتقسم هذه المواد إلى مواد تستخدم بطبيعتها في الغش وليس لها أي استعمال مشروع فهي مواد بذاتها سليمة وغير مغشوشة أو فاسدة، وإنما تستعمل في عملية الغش ومواد لها استعمالات مشروعة ولكنها غير مشروعة بتخصيصيها للغش. ولا تقوم المسئولية إلا إذا عرضت هذه المواد أو طرحت للبيع أو بيعت فعلا، أما قبل ذلك فلا مسئولية عليها ما لم يكن ذلك مصحوبًا بالتحريض على استعمال المواد الخاصة بإتمام الغش.

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى