الحماية الجنائية للصور الفوتوغرافية وحجيتها في الإثبات الجنائي

بقلم: الأستاذ/ محمد عبدالسميع

أدى تطور وسائل الإعلام إلى زيادة معرفة كافة الأحداث التى تقع في جميع أنحاء العالم إشباعاً لرغبة الجمهور وذلك دون التفرقة بين الوقائع التي يقبل الأفراد افشائها ‏وتلك التي يحجمون عن نشرها ولقد أدى ذلك إلى تعرية الإنسان فكريا وجسديا حيث كشفت اسراره وأهدرت حرياتهُ الخاصة والتى امتدت الى التقاط الصور في مكان خاص وعن  بُعد .

ومن الوقائع  المؤلمة التى كان للصور فيها حجية : واقعة رابعه والنهضه والتى كشفت عن حجز وسحل ١٤ضابطا بمديرية أمن اسوان بعد أضرام النيران في عدد سبع سيارات أمن مركزى ، وكذلك واقعة حرق المَجمع العلمى يومى ١٧و١٨من ديسمبر ٢٠١١م وقد قامت وزارة الداخلية بعرض الصور ومقاطع الفديو أمام المحكمة للاشخاص الذين ثبت تورطهم في الوقائع أمام شاشات التلفزيون .

ولكن أضحت الأجهزة المتطورة في استخدامها السلبي الذي يمثل ادلة تهديد خطيرة لحق الانسان في صورته وكرامته وحرياته، ويجمع الفقه علي الحماية الفعالة لحرمة الحياة الخاصة ومنها الحق في الصورة وهي حماية جنائية لعدم كفاية الحماية المدنية وما بها من جزاءات .

السند القانونى  للحماية الجنائية : لقد تاثر المشرع المصرى بنظيرة الفرنسى وأصدر القانون رقم ٣٧لسنة ١٩٧٢م والذي اُضيفت بمقتضاه المادتان ٣٠٩و٣٠٩مكرر في باب السب والقذف باعتبار أن الحماية الجنائية للحياة الخاصة تعتبر إحدى الدعامات التي يتوقف عليها تمتع الفرد بحريته الشخصية لكن تطلبت المادتان ١/٢٦٦ عقوبات فرنسى والمادة ٣٠٩ عقوبات مصري لقيام جريمة الاعتداء علي اُلفة الحياة الخاصة عن طريق التصوير أن تكون صورة المجنى علية قد التُقت أو صُورت في مكان خاص بصرف النظر عن الوضع الذي كان عليه أثناء التقاط الصوره التزامًا لحرفية النص وعدم جواز التوسع في تفسير النصوص القانونية الجنائية.

وبذلك يعاقب علي التقاط أو تسجيل أو نقل الصور التي توجد في مكان خاص مثل الخزنة علي اجهزة الكمبيوتر أو ملفات البريد الالكترونى .

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة باريس في قضية تتحصل وقائعها في أن صحيفة أسبوعية نشرت صورة لفتاة عارية الصدر وهي تتناول افطارها مع اصدقائها وهم جلوس على مائدة الطعام علي شاطئ في ضواحى باريس بدعوى  ان ثمة اعتداء وقع علي حقها في الحياة الخاصة والذي تجرمة  المادة ٣٦٨عقوبات فرنسى قديم، لكن المحكمة لم ترَ في تصويرها علي الشاطىء اعتداء علي حقها في الحياة الخاصة، تأسيساً علي أن كان عددًا كبيراً من العراة وشبه العراة موجودين علي هذا الشاطئ دون أن يعيروا اهتمامًا للغير، وهذا يدل علي ان الشخص الذي يعرض نفسه مسترخياً فى مكان عام دون أن يأبه بنظرات المارين وغيرهم يفترض انه قد وافق على ان يراه الآخرون بحالته هذه .

إن المكان الخاص الذي يجرم في الاعتداء علي الحياه الخاصه ومنها الحق في الصورة كما عرفه القضاء: هو المكان الغير مسموح لأحد الدخول أو الخروج منه دون أذن من شاغله بشكل دائم أو مؤقت، أو هو كل مكان خاص لا تنسحب عليه صفة العموم، ولذلك قضى بأن السجن مكانًا خاصاً  ولايجوز الدخول او الخروج منه إلا باذن خاص لأن المكان العام هو المفتوح للعامة دون أذن خاص ،وكان ذلك بمناسبة قضية تتلخص وقائعها في أن صحفياً قام بنشر صورة ارهابى ووضع صور لشخصين كان قد التقطهما لهما من خلال مراقبة السجن والسجناء حال ممارستهم لعبة الشطرنج اثناء جلوسهم في فناء السجن.

كما قضي بأنه يعتبر مكاناً خاصاً  الأتي: الاماكن المغلقة كالشقة  من الداخل ،غرف المستشفيات ،غرف المتوفى،المركب في عرض البحر، مكتب المدير في المصنع والمخزن،

الصيدلية بعد غلق أبوابها، المتجر بعد أغلاقه، غرفة المداولة في المحكمة، والسجون، لكن وأن كان من الصعب ايجاد مفهوم موحد لفكرة الحياة الخاصة فإنه يجب ان يترك تحديد مايعد من الحياة الخاصة لقاضى الموضوع.

وأخيرا فأن المادة ٣٠٩عقوبات مصرى في صدد وسيلة الأعتداء علي الحياة الخاصة سواء بالتسجيل أو التصوير أو فإنه يعتد بكل الوسائل ايا كان نوعها ويدخل فيها جميع الاجهزة المتطورة والمعلوماتية ويُحذر كل من يستخدم تلك الاجهزة أنت مهدد بالعقاب اذا تم استخدام تلك الاجهزة استخداما يمثل اعتداء علي حياه احد في مكان خاص او تصويره به دون موافقته أو رضاءة فانت في عداد الذي يقعوا تحت طائلة القانون والعقاب بالحبس طبقا لنص المادة ٣٠٩ و٣٠٩مكرر من قانون العقوبات المصرى .

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى