الاعتراف كدليل اثبات في الدعوى الجنائية

كتبه : ياسر الحسنين القواس

الاعتراف :- هو اقرار المتهم على نفسه بارتكابه للجريمه الواقعه سواءا وقع اعترافه على كل الواقعه أو جزءا منها. وبحيث أن يصدر اعترافه بلفظا صحيحا ﻻيفهم منه وﻻ يحمل التأويل على عبارة أخرى قد يفهم منها معنى أخر غير المعنى الذى قصده المعترف . فلا يعتد من قبيل الاعتراف أقوال المتهم على متهما أخر فى نفس الدعوى وانما هو من قبيل الشهاده فى الدعوى الجنائية كدليل أخر بجانب باقى أدلة الاثبات الأخرى كالتحريات وشهادة الشهود وغيرها …
-جرى العرف والقضاء وأحكام محكمة النقض على كون الاعتراف هو مبدأ سيد الأدلة . ولكن مسألة أن يأخذ بالاعتراف أم ﻻ هو من المسائل التى تخضع لتقدير المحكمه لما لها من سلطة تقديريه .
– الاعتراف قد يكون شفهيا أو مكتوب . الشفهى هو أن يتلو المعترف اعترافه عن ارتكابه للواقعه الاجراميه .أمام المحقق ويثبت ذلك فى محضر التحقيق ويوقع منه على المحضر. أما المكتوب فهو لم يحدد القانون له شكﻻ محددا . وأيا منهم كافى للاثبات .
– الماده 271 من قانون الاجراءات الجنائيه قضت ب ( يسأل المتهم عما اذا كان معترفا بارتكاب الفعل المسند اليه . فان اعترف جاز للمحكمه الاكتفاء باعترافه والحكم عليه بغير سماع الشهود …
– فطبقا ﻷحكام محكمة النقض المصرية فى كثيرا من أحكامها قضت ب ( لمحكمة الموضوع السلطة المطلقه فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمه ولو عدل عنه بعد ذلك مادامت قد اطمأنت الى صحته ومطابقته للحقيقه وللواقع ). هذا يدفعنا الى بيان شروط صحة الاعتراف :-
1- توافر الأهلية الاجرائيه للمعترف :- حيث ﻻبد من توافر عنصرين حتى يكون الاجراء صحيحا وينتج أثاره القانونيه وهما :-
– أن يكون الشخص الذى صدر منه الاعتراف متهما بارتكاب الجريمه التى يعترف بها .
– أن يتوافر لديه الادراك والتمييز وقت الادﻻء باعترافه . وينعدم هذا الادراك والتمييز بسبب صغر السن فالقانون المصرى يعفى من المسؤلية الصغير الذى لم يبلغ من العمر سبع سنوات حيث افترض الشارع أن التمييز يكون منعدما فى هذا السن.. وكذلك الجنون والعاهه العقليه وغيرها فالاعتراف وليد اراده منعدمه يكون باطﻻ .وكذلك الأمر فى حالة ذهاب الوعى بسبب تناول مسكر أو مخدر. كون الاعتراف فى هذه الأخيره وليد اراده غير واعيه وتحت تأثير المخدر .حيث ﻻبد من أن يتوافر لدي المعترف الادراك والتمييز وقت الادﻻء بالاعتراف .. هذا يدفعنا الى التحدث فى المرض النفسى :- هو الانسان الذى يعانى من اضطراب نفسى (عصابى أو عقلى أوذهانى ) ولا يعتبر مريضا نفسيا من يعانى فقط من الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسى أوعقلى واضح لذلك فان المحكمه فى هذا الأمر ﻻتستطيع الرد أوتحديد حالة المتهم فيتعين عليها الاستعانه بمختص فنيا كونها من المسائل الفنيه التى يختص بها الطب الشرعى عن طريق طبيبا نفسيا .
2- أن يكون الاعتراف وليدا ﻻجراءات صحيحة . فاذا كان الاعتراف وليدا ﻻجراءات باطله يكون باطﻻ ﻷنه بنى على باطل فكون الاعتراف صحيحا واضحا صريحا ﻻيحمل التأويل وﻻيحمل فى عبارته أكثر من معنى . مستوفيا لباقى شروط صحته . ولكن نجد أنه تأسس وقام على اجراء باطل . أيا كان هذا الاجراء .. فالدليل المستمد من اجراء غير مشروع هو دليل باطل فيما يتعلق باثبات ادانة المتهم بالفعل الاجرامى ويصبح كأن لم يكن . فمتى تقرر بطلان الاجراء زالت أثاره القانونية فيصبح وكأن لم يكن ونستد فى ذلك للطعن ( نقض 29مايو 1972مجموعة الأحكام س53رقم 184ص810 )
– مثال لذلك :- بدفاع محامى المتهم دفع ببطﻻن الاجراءات وهى بطﻻن القبض والتفتيش مبديا أسبابه وأسانيده فى ذلك. وبالتالى بطﻻن الاعتراف كدليل يثبت الاتهام على المعترف . كونه ولد صحيحا واضحا صريحا لايحمل التأويل لكنه تأسس على اجراءا باطلا فهدمه . . استنادا للطعن رقم (3274لسنة 70ق جلسة 6/12/2000 ).
(الطعن رقم 5173لسنة 63ق جلسة 28/11/2001)
(الطعن 20700لسنة 65ق جلسة 20/7/2004 )
الدفع ببطلان التفتيش هو دفعا متعلق بالقانون فالتمسك به ﻷول مره أمام محكمة النقض جائز طبقا لللطعن رقم 299 لسنة 8ق جلسة 27/12/1937
3- أن يكون الاعتراف صحيحا محددا واضحا صريحا صدر بعبارات صحيحه واضحه ﻻتحمل التأويل وﻻتحمل أكثر من معنى فقضت محكمة النقض فى كثيرا من أحكامها أن الاعتراف المعتبر فى المواد الجنائية والذى يؤخذ به يجب أن يكون نصا فى ارتكاب الجريمة ﻻلبس فيه وﻻ غموض .
4- صدور الاعتراف عن ارادة حرة للمتهم :- يقصد بها قدرة الانسان على توجيه نفسه الى عمل معين أو الامتناع عنه . ويعتبر من الاكراه الذى يؤثر فى ارادة المتهم بغية الحصول على اعترافه استجواب المتهم لفترات متصله من الليل والنهار دون انقطاع بقصد تحطيم أعصاب المتهم . فيقر بماهو منسوب اليه بصرف النظر عن حقيقته . فالاكره المادى أيا كان صورته وشكله المادى فهو فعل مباشر يقع على الشخص وفيه مساس بجسده ويمثل اعتداء عليه ويكون من نتيجته أن يسلب الاراده نهائيا بحيث يشل حرية الاختيار أويؤثر فيها نسبيا فيترك لها فرصة التعبير ولكن على غير رغبتها . وقد يكون الاكراه معنوى وهو معناه أن تكون ارادة المعترف معيبه وفاسده اذ يكون هناك قهر ﻻرادة المعترف بوسيلة ما أيا كانت هى فيولد فى الجانب النفسى والذهنى لدى المعترف خوفا وفزع يجعله يقبل ويقدم على الاقرار بقبول مالم يكن ليقبله اختيارا فيضطر الانصياع الى ارادة هذا الشخص الأخر بوسيلة ما أدت للخوف والفزع النفسى ومن أمثلة الوسيلة التى يولد منها اعترافا وليد اكراه معنويا هى التهديد من قبل الشخص الأخر كوسيله لقهر ارادته مما يفسد الرضا ويولد ارادة معيبه وفاسده. متى ثبت قيام حالة الاكراه أيا كان نوعه يترتب عليه ابطال التصرف الذى تم تحت تأثير هذا الاكراه وبالتالى يبطل الاعتراف متى ثبت ذلك مما يعيب الحكم حال أخذ القاضى الجنائى له والقضاء بناء عليه فى الدعوى الجنائيه.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى