الآثار القانونية حول وباء كورونا على الالتزامات التعاقدية

محمود أحمد راغب المحامي

في ٢٠٢٠/٣/٥ أعلنت وزارة الصحة اكتشاف اول حالة كورونا في مصر لمصري عائد من الخارج و منذ ذلك الوقت اتخذت الدولية المصرية تدابير و أجراءات وقائية و مجتمعية بهدف منع انتشار الفيروس و تضمنت تلك الاجراءات تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وجميع الخدمات تقدمها الوزارات والمحافظات للمواطنين عدا الخدمات التي تقدمها مكاتب الصحة وكذلك فرض حظر تجول جزئي وغلق للمطارات والنوادي الرياضية والمقاهي وكذلك المطاعم عدا خدمة توصيل الطلبات للمنازل، وتحديد أوقات لعمل المحال التجارية مما تسبب في في خسائر اقتصادية في كثير من القطاعات و تسببت تلك الخسائر في تعثر العديد من الكيانات و الافراد في ألتزامتهم التعاقدية مما يؤدي لمشكلات قانونية سواء في فترة وجود الفيروس او في حالة عودة الحياة الطبيعية بأمر الله تعالى
لذلك نستعرض في ذلك المقال التوصيف القانوني لهذه الأزمة سواء بإعتبارها قوة قاهرة أو ظروف طارئة
لزاماً علينا أن نوضح موقف الفقه والقانون من تلك الإشكالية وهنا نتوقف، لكى نفصل بين العقود التوريد المحلية وما شابهها من التزامات تعاقدية داخلية فى مصر وبين تلك العقود الدولية والتى يكون الطرف الآخر شركة أو كيان اقتصادى فى دولة أخرى.
فى مصر ووفقاً لاحكام القانون المدنى فهناك عدة نصوص أساسية تحكم العلاقة بين المتعاقدين فى ضوء نظرية الظرف الطارئة والقوة القاهرة وهى:
الظروف الطارئة
1- نص المادة 147 مدنى على أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامه لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الألتزام التعاقدى إن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز اللقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول.
ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك، ويشترط لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة – في التقنين المدني الجديد – توافر 3 شروط:
( 1 ) أن يجد، بعد صدور العقد وقبل تنفيذه حوادث استثنائية عامة، مثل: زلزال – حرب – اضراب – ارتفاع باهظ أو نزول فاحش في الأسعار.
( 2 ) أن تكون هذه الحوادث الاستثنائية العامة ليس في الإمكان توقعها، ولا في الوسع دفعها.
( 3 ) أن تجعل هذه الحوادث تنفيذ الالتزام مرهقاً لا مستحيلاً – وإرهاق المدين معيار مرن يتغير بتغير الظروف، فما يكون مرهقاً لمدين لا يكون مرهقاً لمدين آخر، وما يكون مرهقاً لمدين في ظروف معينة قد لا يكون مرهقاً لنفس المدين في ظروف أخرى، فإذا توافرت تلك الشروط فإن للقاضى حرية واسعة في رد الالتزام المرهق الى الحد المعقول، فقد يرى انقاص هذا الالتزام، وقد يرى زيادة الإلتزام المقابل للالتزام المرهق، وقد يرى لا إنقاص الالتزام المرهق ولا زيادة الالتزام المقابل، ويقضى بوقف التنفيذ حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان هذا الحادث مؤقتاً يقدر له الزوال فى وقت قصير الأمر الذي يجيز للقاضى أن يتدخل ليوزع تبعه هذا الحادث على عاتق الطرفين وبذلك يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول.
القوة القاهرة:
2- المادة 165 من ق مدنى:
يترتب على قيام السبب الأجنبى سواء أكان قوة قاهرة أم خطأ الدائن أم خطأ الغير، انقضاء الالتزام الملقى على عاتق المدين بموجب العقد، ذلك ينقضي العقد تبعاً لوجود ذلك السبب، فإذا حصلت الاستحالة ينقضى الالتزام.
3- المادة 373 مدني :
وقد نصت على ذلك المادة 373 مدنى مصرى التى جاء فيها: “ينقضى الالتزام إذا اثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبى لا يد له فيه” والمادة 373 مدني مصري يجب أن تقرأ إلى جانب.
4- المادة 215 من نفس القانون التي جاء فيها:
“إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه.
5- نص المادة 159 من ق المدني حيث جاء فيها:
“في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه”، وهذا النص كما هو واضح يوضح حكم الاستحالة، وحكمها كما هو وارد في النص هو فسخ العقد، ذلك أن العقد ينفسخ، ولا يتحمل المدين تبعا لهذا الفسخ أى مسئولية مدنية عقدية.
وعليه فإنه يشترط فى القوة القاهرة الشرطان:
الأول هو استحالة التوقع، والثاني هو استحالة الدفع، إلى جانب شرط السبب الخارجى الذى يعد معياراً مهماً وأساسياً لاعتبارات القوة القاهرة.
ومن هنا فنحن أمام إشكال قانوني اقتصادي حول اعتبارية وباء كورونا ظرفًا طارئًا أم أحد تطبيقات القوة القاهرة؟ وقد لجأت الدول الاقتصادية الكبرى، كأمريكا والصين، إلى تبنى الحلول لمساعدة شركائها فى القطاع الخاص أو العام باستصدار ما يسمى بشهادات “القوة القاهرة”.
وهذه تقضى بإبراء الأطراف من مسؤولياتهم التعاقدية التي يصعب الوفاء بها بسبب ظروف استثنائية، تخرج عن نطاق سيطرتهم؛ وهو ما جعل الكثير من المؤسسات والشركات العالمية هناك تطالب بشهادة “القوة القاهرة” من أجل التحلل من التزاماتها التعاقدية، وعدم أداء غرامات التأخير أو التعويض عن التأخير في التنفيذ أو عن استحالته شريطة تقديم مستندات موثقة لإثبات التأخير أو التعطل وستكون الشهادة معترف بها محلياً ودولياً.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى