أحمد نجيب الهلالي.. المحامي الذي أصبح آخر رئيس وزراء لمصر في العهد الملكي

كتب: عبدالعال فتحي

 

ولد في أكتوبر 1891م بأسيوط ، وكان أحمد نجيب الهلالي آخر رئيس وزراء لمصر في العهد الملكي، وأحد رجال المحاماة والقضاء البارزين في هذا العصر.

مسيرته التعليمية:

حصل على البكالوريا من المدرسة التوفيقية وأصبح علي مشارف مدرسة (كلية) الطب، ولكنه التحق بمدرسة الحقوق الخديوية وتخرج فيها عام 1912م، ومِثل كثيرين ذهب ليكمل دراسته في الخارج وعاد ليعمل في المحاماة، ثم تحول من المحاماة إلي النيابة وترقي في مناصب القضاء في قسم قضايا الملكية الخاصة، ثم عين أستاذًا بكلية الحقوق عام 1923م ثم مستشارًا ملكيًا وبعدها سكرتيرًا عامًا لوزارة المعارف ثم مستشارًا قانونيًا للوزارة ثم مستشارًا بقضايا الحكومة لوزارة الداخلية.

 

مؤلفاته:

له مؤلفات قانونيـة هامـة لعل أهمها كتاب بعنوان (شرح القانون المدني في العقود).

حياته المهنية:

عين وزيرًا للمعارف في وزارة توفيق نسيم والتي أيدها حزب الوفد وأعادت دستور 1923 وذلك في نوفمبر 1934م ثم انضم إلى حزب الوفد وأعيد وزيرًا للمعارف عام 1937م قبل سقوط الوزارة، عاد للمرة الثالثة وزيرًا للمعارف في فبراير 1942م، وهي فترة من أهم فترات حياته العامرة، رغم أنه تولي رئاسة الوزارة فيما بعد مرتين.

وضع سياسة ديمقراطيـة التعليم وأتاح الفرصـة بقدر ما يستطيـع لكل من يريد أن يتعلم، وكانت سياسته هي الأساس الذي جعل طه حسين عندما تولي نفس الوزارة فيما بعد يقول إن التعليم كالماء والهواء من حق أي مواطن، وأقر مجانية التعليم الابتدائي التي نادى بها طه حسين المستشار الفني لوزارة المعارف في ذلك الوقت.

في يناير 1950م رفض الهلالي الاشتراك في الوزارة الوفدية واعتزل الحياة السياسية، وفي صيف 1951م ظهرت له اتصالات ببعض رجال السراي والإنجليـز ثم خرج عن عزلتـه بعد إلغـاء معاهدة 1936م بتصريـح هاجم فيه الوزارة فقرر الوفد فصله من الحزب.

تولى الوزارة في مارس 1952م رافعًا شعار “التطهير قبل التحرير” وشنّ هجومًا شديدًا على الوفد واعتقل عددًا كبيرًا من العناصر الوطنية وحلّ البرلمان وأعلن الأحكام العرفيـة وفرض الرقابــة على الصحف. سقطت هذه الوزارة في 2 يوليو 1952م، ثم أعيد نجيب الهلالي باشا إلى الوزارة في 22 يوليو 1952م ثم استقال بعد 18 ساعة فقط لقيام ثورة 23 يوليو.

بعد الثورة اعتزل السياسة حتى توفي في ديسمبر 1958م، وخلف وراءه نجله أحمد نبيل الهلالي الذي سار على دربه في دراسة القانون والعمل بالمحاماة والعمل السياسي، ولكنه التزم بالفكر اليساري.

يصف المؤرخون أحمد نجيب الهلالي بأنه كان على اختلاف مع عصره بل ومع كل عصر، لأنه كان من نسيج يجعله بطلا تراجيديًا مثل أبطال المسرح اليوناني، فرغم أنه كان من أهم رجال السياسة قبل الثورة، فإنه كان أولا وأخيرًا أستاذ قانون يزن الأمور بالقواعد والحكمة، وكان على ثقافة واسعة.

كان أحمد نجيب الهلالي (باشا) يري أن الفساد السياسي والمالي أفظع السلبيات وأنه لابد من تطهير الجهاز الحكومي من المفسدين والمنحرفين، وكان هذا همه الأكبـر مما جعله يصطـدم بقوي مختلفـة، لكن الصدام الأكبـر كان مع زملائه في حزب الوفد فاتفقوا جميعًا علي فصله في عام 1951م.

ومنذ ذلك الحيـن ـ وربما قبـل هذا ـ والناس مختلفـون في الهلالي وفي دوره السياسي، لكن الرجـل بالتأكيـد لم يتورط مع النظام الذي عمل معه، ومنذ يوليو 1952م ابتعد أحمد نجيب الهلالي عن السياسة تمامًا واعتكف في بيته في المعادي، وفي عام 1958م توفيت زوجته فأصابتـه أزمة قلبية أودت بحياته في ديسمبر 1958م.

أهم أعماله:

  • إعادة تنظيم الجامعة المصرية وفقًا للمرسوم ٩٦ لسنة ١٩٣٥م،
  • عدّل تنظيم المدارس الابتدائية وتقررت مجانيته عام ١٩٤٤م،
  • عمل على إنشاء وتنظيم جامعة الإسكندرية بالقانون (٥٤) لسنة ١٩٤٢م،
  • أنشأ أول دار حضانة مصرية عام ١٩٤٣م، نظرًا لزيادة عدد الأمهات العاملات.

يقول نجله المحامي اليساري أحمد نبيل: (من المفارقات الجديرة بالتسجيل أنني مدين لوالدي أحمد نجيب الهلالي، رغم نفوره الشديد من الشيوعية، بأنه أول من غرس في نفسي أفكارًا وقيمًا كانت بمثابة نقطة الانطلاق نحو تحديد خياراتي السياسية. وهو أول من هيئ ذهني لتقبل وتبنى الأفكار الاشتراكية، وذلك من حيث لا يدري، ومن حيـث لا يريـد بالطبع، ولقد تفتـح ذهنى على العمل السياسي في مرحلة بلغ الصدام فيها ذروته بين السراي والوفـد.

وكان الهلالي متطـرفًا في عدائه للملك والسراي حتى اتهم بأنه جمهوري النزعة، وأحيل في الأربعينيات من القرن الماضي إلى محكمة الجنايات بتهمة العيب في الذات الملكية في سلسلة مقالات كتبها بتوقيع “الديك الجن”، كما كان والدي شديد التزمت في الاستقامة الأخلاقية والعداء للفساد والرشوة والمحسوبية، وكلها قسمات بارزة في المجتمعات الرأسماليـة، وكان أيضـا عميق الإيمان بتكافؤ الفرص بين المواطنين وخاصة في التعليم، وهو أول من تبنى، وهو وزير معارف، مجانية التعليم.

واعتزل أحمد نجيب باشا الهلالي السياسة حتى توفي في ديسمبر عام 1958م .

 

 

 

 

 

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى