صناعة التشريع بين الواقع والمأمول

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر- أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر 2016م، صدر القانون رقم 91 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، ونشر بالجريدة الرسمية في يوم صدوره ذاته، وبدأ العمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره (راجع: الجريدة الرسمية – العدد 50 مكرر (د) – السنة التاسعة والخمسون – 22 ربيع الأول سنة 1438ه الموافق 21 ديسمبر سنة 2016م). وبالاطلاع على القانون سالف الذكر، نجده يتضمن مادتين فقط، إحداهما هي مادة النشر في الجريدة الرسمية وتحديد بداية العمل بالقانون، وهي المادة الثانية. أما المادة الأولى، فتنص فحسب على أن «تستبدل عبارة (مساعد أول وزير العدل) بعبارة (الوكيل الدائم لوزارة العدل) أينما وردت في المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 المشار إليه».

 

وهكذا، يبدو جلياً أن فحوى وجوهر ومضمون القانون ينحصر فحسب في استبدال عبارة «مساعد أول وزير العدل» بعبارة «الوكيل الدائم لوزارة العدل». وغني عن البيان أن مسمى «الوكيل الدائم للوزارة»، والذي كان مستخدماً إبان العصر الملكي وفي الأعوام الأربعة الأولى من العصر الجمهوري، لم يكن لعدة عقود، حتى عاد مؤخراً بموجب الدستور المصري الحالي لعام 2014م. بل إن مسمى وكيل وزارة لم يكن مستخدماً في وزارة العدل، على وجه الخصوص، حيث إن المسمى المقابل له فيما يتعلق بوزارة العدل ووزارة الداخلية هو «مساعد وزير العدل» و«مساعد وزير الداخلية»، على التوالي.

 

أسباب صدور القانون

بقراءة المذكرة الإيضاحية لمشروع تعديل المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، نجد العبارات الآتية: «صدر المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء ومضى على العمل به أكثر من ستين عاماً دون إجراء أية تعديلات جوهرية عليه، وقد طرأت بعض المستجدات التي تتطلب إدخال بعض التعديلات التشريعية عليه ومنها أن المشرع نظم تأديب الخبراء فجعل التأديب من اختصاص مجلس تأديب يرأسه الوكيل الدائم لوزارة العدل حسبما ورد بالمادة (26) من المرسوم سالف البيان، فلما كان هذا الاختصاص يسند حالياً إلى مساعد أول وزير العدل مما يستتبع معه تعديل القانون باستبدال عبارة (مساعد أول وزير العدل) بعبارة (الوكيل الدائم لوزارة العدل)، أينما وردت بالمرسوم بقانون سالف البيان. ويتشرف وزير العدل بعرض مشروع القانون للتفضل لدى الموافقة باتخاذ إجراءات استصداره».

 

وبالاطلاع على تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، نجده يتضمن ما يلي: «في إطار وسياق الاتجاه التشريعي المتبع بما يكفل الاستقرار المؤسسي في الدولة، ولتحقيق الغاية من التشريع، ونظراً لما طرأ من بعض المستجدات التي تتطلب إدخال بعض التعديلات التشريعية على المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، والذي مضى على العمل به حقبة من الزمن دون إجراء أي تعديلات جوهرية عليه، ومنها أن المشرع حينما نظم تأديب الخبراء، حسبما ورد بنص المادة (26) من المرسوم بقانون، جعله من اختصاص مجلس تأديب برئاسة الوكيل الدائم لوزارة العدل، ولما كان هذا الاختصاص يسند حالياً إلى مساعد أول وزير العدل، فقد رئي في تعديل القانون استبدال عبارة (مساعد أول وزير العدل) بعبارة (الوكيل الدائم لوزارة العدل) أينما وردت».

 

وهكذا، ورغم أن كل من المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عنه قد أشارا إلى مضي أكثر من ستين عاماً على صدور المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952، دون إجراء أي تعديلات جوهرية عليه، وأشارا كذلك إلى أن بعض المستجدات طرأت مما يتطلب إدخال بعض التعديلات التشريعية عليه، فإن التعديل قد اقتصر على مجرد استبدال مسمى منصب معين. والسبب وراء هذا التعديل هو أن الاختصاص برئاسة مجلس تأديب الخبراء مسند حالياً إلى مساعد أول وزير العدل، وليس إلى الوكيل الدائم لوزارة العدل (يراجع في هذا الشأن: مضبطة الجلسة الرابعة عشرة، 29 من نوفمبر سنة 2016م، ص 85 وما بعدها).

 

وعلى هذا النحو، ورد كل من المذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية خلواً من أدنى إشارة إلى الحكم الوارد في المادة (168) الفقرة الثانية من الدستور المصري الحالي لعام 2014م، والذي ينص على منصب الوكيل الدائم للوزارة، وما إذا كان التعديل المقترح يتسق مع النص الدستوري سالف الذكر أم لا. كذلك، ورد كل من المذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية خلواً من النص على الأحكام الواردة بهذا الشأن في قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016م، وبيان السبب وراء استثناء وزارة العدل من اشتراط وجود وكيل دائم للوزارة.

 

الأساس الدستوري لمنصب الوكيل الدائم للوزارة

طبقاً للمادة (168) الفقرة الثانية من الدستور المصري الحالي لعام 2014م، «تشمل مناصب الإدارة العليا لكل وزارة وكيلاً دائماً، بما يكفل تحقيق الاستقرار المؤسسي ورفع مستوى الكفاءة في تنفيذ سياستها».

 

والبين من النص سالف الذكر أن المشرع الدستوري المصري يقرر بشكل واضح وصريح أن مناصب الإدارة العليا لكل وزارة تشمل منصب وكيل دائم، مبيناَ أن الهدف من وراء وجود هذا النص في كل وزارة هو كفالة تحقيق الاستقرار المؤسسي ورفع مستوى الكفاءة في تنفيذ سياساتها. وقد جاءت عبارة النص الدستوري حاسمة في سريان هذا الحكم على كل الوزارات، دونما استثناء. ومن ثم، يثور التساؤل عن السبب وراء صدور القانون رقم 91 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، بما تضمنه من استبدال عبارة (مساعد أول وزير العدل) بعبارة (الوكيل الدائم لوزارة العدل) أينما وردت في المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 المشار إليه. ووجه التساؤل هو أن الدستور يقرر ضرورة وجود منصب الوكيل الدائم للوزارة، كل وزارة، ودونما أدنى استثناء في هذا الشأن. قد يقول قائل إن وزارة العدل ووزارة الداخلية لها خصوصية وذاتية خاصة في هذا الشأن، بما يستوجب استثنائها من هذا الحكم. والرد على ذلك أن النص الدستوري واضح، ولا يحتمل تأويلاً أو استثناءً. يضاف إلى ذلك أن منصب الوكيل الدائم لوزارة العدل كان موجوداً في العهد الملكي، الأمر الذي استدعى الإشارة إليه في المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952م. ويبدو أن وجود هذا المنصب قد أثبت فعاليته، الأمر الذي استدعى إعادة النص عليه في الدستور الحالي الصادر في شهر يناير 2014م. فما هي إذن الأسباب التي تقف وراء صدور القانون رقم (91) لسنة 2016م.

 

منصب الوكيل الدائم للوزارة بين الإبقاء والإلغاء

في الخامس من شهر أغسطس 1952م، وبعد أقل من خمسة عشر يوماً على ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952م، صدر القانون رقــم 137 لسنة 1952م بشأن نظام وكلاء الوزارات الدائمين. وتنص المادة الأولى من هذا القانون على أن «يجوز أن ينشأ بمرسوم في أية وزارة منصب وكيل وزارة دائم تكون لشاغله الاختصاصات المقررة في هذا القانون متى اقتضت المصلحة ذلك. ويجوز إنشاء منصب وكيل وزارة دائم في رياسة مجلس الوزراء يُعهد إليه بالشئون التي يُعيّنها رئيس مجلس الوزراء. ويكون مرتب وكيل الوزارة الدائم 1800 جنيه سنوياً».

 

وفي العشرين من سبتمبر 1956م، صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقــم 348 لسنة 1956 بشأن إلغاء المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بنظام وكلاء الوزارات الدائمين. وتنص المادة الأولى من هذا القرار بقانون على أن «يلغى المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 المشار إليه». ووفقاً للمادة الثانية منه، «يعتبر الموظفون الذين يشغلون مناصب وكلاء وزارة دائمين، وكلاء للوزارات التي يعملون فيها، ويحتفظون بمرتباتهم الحالية بصفة شخصية».

 

وأخيراً، وتنفيذاً للحكم الوارد في المادة (168) الفقرة الثانية من الدستور المصري الحالي لعام 2014م، تنص المادة الثامنة عشرة من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016م على أن «تنشأ بكل وزارة وظيفة واحدة لوكيل دائم للوزارة بالمستوى الممتاز لمعاونة الوزير في مباشرة اختصاصاته، واستثناء من أحكام المادة (17) من هذا القانون يختار الوزير الوكيل الدائم من خلال لجنة للاختيار، وذلك لمدة أقصاها أربع سنوات، يجوز تجديدها بحد أقصى أربع سنوات أخرى، يكلف خلالها بضمان الاستقرار التنظيمي والمؤسسي للوزارة والهيئات والأجهزة التابعة لها، ورفع مستوى كفاءة تنفيذ سياساتها، واستمرارية البرامج والمشروعات والخطط، ومتابعتها تحت إشراف الوزير. وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد وضوابط اختيار الوكيل الدائم».

 

واستناداً إلى التفويض التشريعي الوارد في عجز المادة الثامنة عشرة من القانون، صدرت اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، متضمنة بين دفتيها الأحكام التفصيلية الحاكمة لوظيفة الوكيل الدائم للوزارة (راجع: قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016م، الجريدة الرسمية – العدد 21 «مكرر» – في 27 مايو سنة 2017م). فوفقاً للمادة الستين من اللائحة التنفيذية، وتحت عنوان «وظيفة الوكيل الدائم للوزارة»، «يتولى الوكيل الدائم معاونة الوزير في مباشرة اختصاصاته وضمان الاستقرار التنظيمي والمؤسسي للوزارة والهيئات والأجهزة التابعة لها، ورفع مستوى كفاءة تنفيذ سياستها، وضمان استمرارية البرامج والمشروعات والخطط ومتابعتها تحت إشراف الوزير، وله في سبيل ذلك على الأخص:

1- الإشراف على وضع خطط وبرامج عمل الوزارة، ووضع خطط عمل تستهدف زيادة كفاءة العمل وترشيد الإنفاق.

2- الإشراف على تطوير الخدمات التي تقدمها الوزارة وتحسين جودتها.

3- الإشراف على التقسيمات التنظيمية التي يصدر بها قرار من الوزير».

 

وتحدد المادة الحادية والستون من اللائحة التنفيذية آلية الإعلان عن الوظيفة، بنصها على أن «تعلن الوزارة عن وظيفة وكيل الدائم الخالية أو المتوقع خلوها خلال ستة أشهر، على أن يتضمن الإعلان وصف موجز للوظيفة، والشروط والقدرات اللازمة لشغلها، والمدة المحددة لتلقي الطلبات، والجهة التي يتقدم إليها، على ألا تقل مدة الإعلان وتلقي الطلبات عن شهر».

 

وتنص المادة الثانية والستون على أن «تتولى لجنة الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية تقييم المتقدمين المستوفين لشروط شغل وظيفة وكيل الوزارة الدائم المحددة ببطاقة وصفها وفقا للمعايير والضوابط المنصوص عليها في المادة (56) من هذه اللائحة. وترشح اللجنة الحاصلين على أعلى الدرجات في هذه المعايير وفقا للترتيب النهائي بما لا يجاوز ثلاثة، إذا جاوز عددهم ذلك، على ألا تقل درجة المرشح في كل معيار عن (70%) من إجمالي الدرجة المخصصة لهذا المعيار، ويعرض الأمر على الوزير ليختار من بينهم. ويصدر قرار التعيين من رئيس الجمهورية أو من يفوضه لمدة أقصاها أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة واحدة».

 

وتنص المادة الثالثة والستون على أن «تسري أحكام المواد (55، 58، 64، 65) من هذه اللائحة على شاغلي وظيفة وكيل الوزارة الدائم».

 

فحوى نظام الوكيل الدائم للوزارة

كما سبق أن أشرنا، فقد كرس قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016م مادة وحيدة لمنصب الوكيل الدائم للوزارة، وهي المادة الثامنة عشرة، متضمنة الأحكام الآتية:

– أن تنشأ بكل وزارة وظيفة واحدة لوكيل دائم للوزارة بالمستوى الممتاز، لمعاونة الوزير في مباشرة اختصاصاته.

– يختار الوزير الوكيل الدائم من خلال لجنة للاختيار، وذلك لمدة أقصاها أربع سنوات، يجوز تجديدها بحد أقصى أربع سنوات أخرى.

– الوكيل الدائم للوزارة مكلف بضمان الاستقرار التنظيمي والمؤسسي للوزارة والهيئات والأجهزة التابعة لها، ورفع مستوى كفاءة تنفيذ سياساتها، واستمرارية البرامج والمشروعات والخطط، ومتابعتها تحت إشراف الوزير.

– تحدد اللائحة التنفيذية قواعد وضوابط اختيار الوكيل الدائم.

 

وبإمعان النظر في الأحكام سالفة الذكر، نجدها لا تتضمن تحديداً وبياناً واضحاً لسلطات وصلاحيات الوكيل الدائم للوزارة، وذلك على الرغم من الأهمية البالغة لهذا التحديد. ويبدو أن واضعي اللائحة التنفيذية قد أرادوا تدارك هذا النقص أو العوار التشريعي، إذ جاءت المادة الستين من اللائحة التنفيذية ببعض التحديد في هذا الشأن. فوفقاً للمادة المشار إليه، «يتولى الوكيل الدائم معاونة الوزير في مباشرة اختصاصاته وضمان الاستقرار التنظيمي والمؤسسي للوزارة والهيئات والأجهزة التابعة لها، ورفع مستوى كفاءة تنفيذ سياستها، وضمان استمرارية البرامج والمشروعات والخطط ومتابعتها تحت إشراف الوزير، وله في سبيل ذلك على الأخص:

1- الإشراف على وضع خطط وبرامج عمل الوزارة، ووضع خطط عمل تستهدف زيادة كفاءة العمل وترشيد الإنفاق.

2- الإشراف على تطوير الخدمات التي تقدمها الوزارة وتحسين جودتها.

3- الإشراف على التقسيمات التنظيمية التي يصدر بها قرار من الوزير».

 

والواقع أن هذه العبارات هي من العمومية والغموض، الأمر الذي يخشى معه التسبب في تهميش دور الوكيل الدائم للوزارة، وبحيث يكون لهذه الوظيفة القيادية نفس مصير منصب نائب الوزير، والذي شهد العديد من الاستقالات. ولزيادة الأمر إيضاحاً، ربما يكون من المناسب في هذا الشأن أن نلقي الضوء على صلاحيات وسلطات الوكيل الدائم للوزارة في ظل القانون رقــم 137 لسنة 1952م بشأن نظام وكلاء الوزارات الدائمين. إذ كانت المادة الثانية من هذا القانون تحدد أداة تعيين الوكيل الدائم للوزارة والشروط المتطلبة فيه، بنصها على أن «يُعيَّن وكيل الوزارة الدائم بمرسوم. ويُشترط فيه عدا الشروط المقررة في التشريعات الخاصة بموظفي الدولة: (أ) أن تكون سنه أربعين سنة ميلادية على الأقل. (ب) أن يكون حائزاً لدرجة الليسانس أو البكالوريوس من إحدى الجامعات المصرية أو لشهادة تعتبر معادلة لها منذ عشرين سنة على الأقل. (ج) أن يكون من الممتازين بين ذوي الخبرة الخاصة بأعمال الوزارة التي تولى المنصب فيها». ووفقاً للمادة الثالثة من القانون ذاته، «لا يجوز أن يُعيَّن وكيلاً دائما لوزارة من كان منتمياً إلى هيئة سياسية حزباً كانت أو جماعة إلا بعد انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ انفصاله عن الهيئة وانقطاع صلته بها فعلاً. ويعتبر انتماء في حكم هذه المادة الدعوة للهيئة السياسية بأية طريقة من طرق النشر».

 

ووفقاً للمادة الرابعة من القانون ذاته، «لا يجوز عزل وكيل الوزارة الدائم إلا بقرار من الهيئة التأديبية المنصوص عليها في المادة الخامسة. ولا يجوز إلغاء منصبه خلال السنوات الخمس التالية لتعيينه. ولا يجوز نقله إلى أي منصب آخر في الوزارة أو في أية وزارة أو جهة حكومية أخرى إلا إذا ارتضى ذلك كتابةً».

 

وفيما يتعلق بمحاكمة الوكيل الدائم للوزارة تأديبياً، تنص المادة الخامسة من القانون ذاته على أن «يختص بمحاكمة وكيل الوزارة الدائم تأديبياً مجلس يُؤلّف من رئيس محكمة النقض وتكون له الرياسة ومن وكيل مجلس الدولة لمحكمة القضاء الإداري ـ ورئيس ديوان الموظفين واثنين من وكلاء الوزارات الدائمين يختار أحدهما مجلس الوزراء ويختار الآخر وكيل الوزارة الدائم المقدّم للمحاكمة. ولا يوقّع على وكيل الوزارة الدائم من العقوبات التأديبية إلا عقوبتي اللوم أو العزل. ولمجلس الوزراء وحده بناءً على طلب الوزير المختص أن يوجّه اللوم إلى وكيل الوزارة الدائم إذا وقع منه ما يبرر ذلك. ويكون قرار اللوم مسبباً ويوجّه بكتاب سرّي».

 

وطبقاً للمادة السادسة من القانون ذاته، يحيل المشرع إلى القواعد العامة بنظام موظفي الدولة في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص في نظام وكلاء الوزارات الدائمين. إذ تنص المادة السادسة من القانون على أن «تسري القواعد الخاصة بنظام موظفي الدولة على وكيل الوزارة الدائم فيما لا يتعارض مع الأحكام المتقدّمة».

 

وتنص المادة السابعة من القانون ذاته على أن «وكيل الوزارة الدائم مسئول أمام الوزير عن مراعاة أحكام القوانين واللوائح في جميع أعمال الوزارة وعن حسن سير هذه الأعمال. وهو الرئيس الإداري لموظفي الوزارة ومستخدميها».

 

وتنص المادة الثامنة من القانون ذاته على أن «يعاون وكيل الوزارة الدائم الوزير ويتولّى الوكيل الدائم بوجه خاص: (أ) تعيين الموظفين والمستخدمين وترقيتهم ومنحهم العلاوات مع مراعاة أحكام المادة 9. (ب) توزيع الموظفين والمستخدمين على المصالح والإدارات التابعة للوزارة وتعيين اختصاص كل منهم. (ج) وضع نظام العمل والتعليمات الإدارية الخاصة به. (د) إعداد مشروع ميزانية الوزارة. (هـ) إعداد المشروعات التي يعهد إليه الوزير بإعدادها أو التي يرى هو أن يتقدّم بها إلى الوزير. (و) دراسة الإصلاحات الإدارية التي يُشير بها الوزير أو الإدلاء بالرأي فيها. (ز) تقديم الاقتراحات التي يرى ضرورتها لحسن سير العمل ورفع مستوى الإدارة والنهوض بالمرافق العامة التي تقوم الوزارة على شئونها».

 

وتنص المادة التاسعة من القانون ذاته على أن «ينوب وكيل الوزارة الدائم عن الوزير في مباشرة اختصاصاته المقررة في القانون وله في هذه الحدود أن يُصدِر الأوامر الإدارية إلا أن يتعلّق الأمر بمسألة من المسائل الآتية: (أ) المسائل التي تتعلّق بصلة الوزارة بالبرلمان أو التي تكون محل نقاش فيه. (ب) المسائل التي يشترط أن تصدر في شأنها قرارات من مجلس الوزراء أو مراسيم. (ج) المسائل التي يرى الوكيل أن يتخذ الوزير قراراً فيها وكذلك المسائل التي يطلب الوزير أن تُعرض عليه ليتولى الفصل فيها».

 

ووفقاً للمادة العاشرة من القانون ذاته، «يعرض وكلاء الوزارات ومديرو المصالح والإدارات المسائل المتعلّقة بمصالحهم أو إداراتهم على وكيل الوزارة الدائم ولا يجوز لهم أن يتّصلوا بالوزير في شأنها قبل عرضها على هذا الوجه».

 

وتنص المادة الحادية عشرة من القانون ذاته على أن «يُبدي وكيل الوزارة الدائم رأيه كتابةً في المسائل قبل عرضها على الوزير أو يبيّن كتابةً سبب امتناعه عن إبداء الرأي. وإذا رأى الوزير مخالفة رأي الوكيل الدائم وجب أن يكون قراره مسبباً». وتضيف المادة الثانية عشرة أنه «إذا لم يُبد وكيل الوزارة الدائم رأيه ولم يُبيِّن أسباب امتناعه عن إبداء الرأي كلّفه الوزير كتابةً إبداء الرأي أو بيان سبب الامتناع. فإذا استمر ممتنعاً كان للوزير أن يُصدِر القرار».

 

وتنص المادة الثالثة عشرة من القانون ذاته على أن «يتولّى وكيل الوزارة الدائم تنفيذ القرارات التي يُصدرها الوزير. وإذا رأى أن القرار مخالف للقانون يجب عليه أن يُبيِّن للوزير كتابةً وجه المخالفة فإن أصرّ الوزير على قراره فعلى الوكيل أن يمضي في تنفيذه قرار الوزير».

 

وتنص المادة الرابعة عشرة على أن «يقوم مقام وكيل الوزارة الدائم عند غيابه أقدم وكلاء الوزارة أو أقدم مديري المصالح أو الإدارات على حسب الأحوال. وللوكيل الدائم أن يعهد إلى من يجوز أن يقوم مقامه عند غيابه ببعض اختصاصاته».

 

ووفقاً للمادة الخامسة عشرة من القانون ذاته، «في الوزارات التي ليس بها وكيل وزارة دائم يجوز للوزير أن يعهد ببعض الاختصاصات المخوّلة بهذا القانون للوكيل الدائم إلى وكلاء الوزارة أو الوكلاء المساعدين أو رؤساء المصالح. ويجوز للوزير أن يعهد ببعض اختصاصات رؤساء المصالح إلى رؤساء الفروع».

 

مدى ضرورة تعديل القانون على النحو الذي صدر به

بالنظر لأن التعديل قد اقتصر فحسب على تغيير مسمى السلطة المختصة، وبحيث غدا «مساعد أول وزير العدل» بدلاً من «الوكيل الدائم لوزارة العدل»، لذا فإن التساؤل يثور عن مدى ضرورة تعديل القانون، وما إذا كان ممكناً الاستمرار في تطبيق القانون، دونما حاجة لهذا التعديل.

 

وفي الإجابة عن التساؤل سالف الذكر، تجدر الإشارة إلى أن مسمى الوكيل الدائم لوزارة العدل غير موجود منذ صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقــم 348 لسنة 1956 بشأن إلغاء المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بنظام وكلاء الوزارات الدائمين. ومع ذلك، وعلى الرغم من وجود المسمى في المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء حتى تاريخ صدور القانون رقم 91 لسنة 2016 في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر 2016م، فإن ذلك لم يثر أدنى إشكالية في هذا الشأن. ويبدو أن السبب الوحيد الذي استدعى صدور القانون هو صدور قانون الخدمة المدنية الجديد رقم 81 لسنة 2016م، متضمناً النص على منصب الوكيل الدائم للوزارة.

 

ومع ذلك، وإزاء عدم وجود منصب الوكيل الدائم لوزارة العدل في الهيكل التنظيمي للوزارة حتى تاريخه، فإن نظرية «الحلول في الاختصاص» تكفل حل هذه المشكلة، وبحيث يحل أقدم مساعدي وزير العدل أو مساعد وزير العدل المعني محل الوكيل الدائم للوزارة في كل نص يتضمن هذا المسمى، سواء ورد هذا النص في قانون تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء أو في أي قانون آخر.

 

والواقع أن نظرية الحلول في الاختصاص تجد لها ظهيراً تشريعياً في بعض التشريعات العربية. فعلى سبيل المثال، وتحت عنوان «تغيير اسم المنصب العام»، تنص المادة الثالثة عشرة من قانون التفسيرات والنصوص العامة العماني لسنة 1973م على أنه «عندما يحدث تغيير في اسم أي منصب عام، فإن الإشارة في أي قانون للمنصب القديم تعني الإشارة للمنصب الجديد».

 

وفي جمهورية السودان، ووفقاً للمادة السادسة عشرة من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974م، «(1) إذا حدث تغيير في تسمية أي منصب عام فأي إشارة في أي قانون إلى التسمية السابقة تقرأ اعتباراً من تاريخ التغيير على أنها إشارة إلى ذلك المنصب باسمه الجديد. (2) إذا تم دمج أي وزارة أو مصلحة في وزارة جديدة وكان أي شخص في تلك الوزارة أو المصلحة قبل دمجها على الوجه المتقدم يملك أي سلطة بموجب أحكام أي قانون تؤول تلك السلطة إلى الشخص الذي يحدده الوزير المسئول عن الوزارة الجديدة».

 

وعلى الرغم من عدم وجود نص مماثل في المنظومة القانونية المصرية، فإن القواعد العامة تقضي بتطبيق الحكم ذاته في كل حالة يتم فيها تغيير مسمى المنصب المعني أو مسمى الوزارة المختصة بالتطبيق.

 

مدى ملاءمة إجراء تعديل شامل للقانون أو إصدار قانون جديد متكامل

لعل مما يسترعي الانتباه في هذا الصدد أن القانون محل التعديل يعود إلى العشرين من شهر يونية عام 1952م، أي يعود إلى ما قبل ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952م بأيام قليلة، ويحمل بالتالي توقيع فاروق الأول، بصفته ملك مصر والسودان، آنذاك. ومن ثم، فقد مر على تاريخ صدوره ما يزيد على سبعين عاماً بالتمام والكمال. وخلال هذه المدة الطويلة، حدثت العديد من التطورات والمستجدات التكنولوجية والقانونية والقضائية، كما كشف التطبيق بدون شك عن العديد من أوجه النقص أو العوار. وكما يقولون، «دوام الحال من المحال»، و«التطوير والتغيير سنة الحياة»، و«التطوير والتغيير سمة الكائن الحي والمجتمعات الفاعلة النشيطة الحية».

 

ولعل ضرورة التعديل الشامل للقانون تبدو واضحة من خلال قراءة بعض مواد القانون الأخرى التي تجاوزها الزمن. وللتدليل على ذلك، يكفي أن نشير إلى المادة الستين من القانون، والتي تضمنت قواعد تقدير أتعاب الخبرة، محددة إياها بالقروش، بنصها على أن «تقدر أتعاب الخبرة طبقاً للقواعد والفئات الآتية:

(1) من مائتي قرش إلى أربعمائة قرش عن يوم العمل بمحل النزاع.

(2) من مائة قرش إلى ثلاثمائة قرش عن يوم الحضور بالمحكمة لمناقشة التقرير أو لإبداء رأي شفوي.

(3) من مائتي قرش إلى ثلاثمائة قرش عن يوم العمل بالمكتب باعتبار اليوم الواحد ست ساعات.

(4) خمسون قرشاً عن إيداع التقرير.

من مائة قرش إلى مائتي قرش عن يوم العمل الذي يقضيه في الاطلاع بقلم الكتاب إذا كان غير مأذون له في تسلم أوراق الخصوم أو يقضيه بالمصالح والجهات الأخرى.

ويجوز إنقاص عدد الأيام والساعات المبينة بالكشف المقدم من الخبير إذا كانت غير متناسبة مع العمل الذي قام به. كما يجوز أن تقدر له أتعاب إضافية بسبب أهمية النزاع وطبيعته».

 

كذلك، ومن خلال استقراء خطة التشريعات العربية في هذا الشأن، يمكن أن نشير إلى بعض الأحكام التي يبدو من الملائم النص عليها في قانون الخبرة أمام جهات القضاء. ومثال ذلك ما يلي:

– مدى جواز استناد المحكمة إلى تقرير خبرة مقدم في دعوى أخرى.

– مدى التزام القاضي بتقرير الخبير.

– مدى جواز اتفاق الخصوم على قبول نتيجة تقرير الخبير.

– إعداد الخبير تقريراً أولياً يتم عرضه على الخصوم لتلقي ملاحظاتهم عليه، توطئة لإعداد التقرير النهائي.

– تقرير الخبرة بين اشتراط الكتابة وضرورات السرعة.

– الحكم واجب التطبيق في حالة تعدد الخبراء، وما إذا كان يتعين إعداد تقرير واحد موقعاً من كل منهم أم يلزم تقديم تقارير متعددة.

زر الذهاب إلى الأعلى