عدم صلاحية القاضي لنظر دعوى سبق نظرها

كتب: علي عبدالجواد

مفاد الفقرة الخامسة من المادة ١٤٦ من قانون المرافعات أن القاضى يكون غير صالح لنظر الدعوى متى كان قد سبق أن أصدر فيها حكماً فاصلاً أو حكما فرعياً قطعياً في جزء منها أو اتخذ فيها إجراء يشف عن إبداء رأيه أو وجهة نظره فيها يتعارض مع ما يشترط في القاضى من خلو الذهن عن موضوع الدعوى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً محايداً. الطعن رقم ١٢٥٩٩ لسنة ٨٦ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠١٧/٠٥/١١.

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / نعيم عبد الغفار محمد ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها بعد رفض طلبها استصدار أمر الأداء أقامت الدعوى المقيدة برقم ……….. لسنة ٢٠٠٩ تجارى شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليها مبلغ مقداره ٣٥٣٥٢ دولار أمريكى والفوائد القانونية بواقع ٥% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد على سند من أنها تداينه بهذا المبلغ بموجب عدد اثنى عشر شيكاً مستحقة الأداء امتنع عن سدادها ثم عدلت أساس دعواها إلى طلب الحكم بإلزامه برد قيمة ما أثرى به وانتفع بغير حق وبغير سبب مشروع والمتمثل في قيمة الشيكات سند التداعى وبالمقدار الذى افتقرت به ذمتها هى والكسب الذى عاد عليه لعدم تقديمه مقابل الوفاء بالشيكات محل التداعى وقت استحقاقها ، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وأودع تقريره وبتاريخ ٣١ / ١٠ / ٢٠١٥ أجابت الشركة المطعون ضدها لطلباتها بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ………… لسنة ١٩ ق تجارى لدى محكمة استئناف القاهرة ” مأمورية شمال القاهرة ” ، والتى قضت بتاريخ ٢٨ / ٦ / ٢٠١٦ بتأييد الحكم المستأنف ، طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفى بيان الوجه الأول من السبب الأول منهما يقول إن الدائرة التى أصدرت الحكم برئاسة المستشار ………………. وعضوية المستشارين ………………. و……………..سبق لها إبداء الرأى في الدعوى وفصلت فيها بموجب حكمها الصادر بتاريخ ٢١ / ٧ / ٢٠١٤ بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعوى وإعادتها لمحكمة أول درجة للفصل في الموضوع ثم أعيدت الدعوى إليها وفصلت فيها من جديد بموجب حكمها المطعون فيه وهو ما يتوافر في حقها سبب من أسباب عدم صلاحيتها لنظر الدعوى إعمالاً للمادة ١٤٦ من قانون المرافعات وهو ما يصم الحكم بالبطلان ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن مفاد الفقرة الخامسة من المادة ١٤٦ من قانون المرافعات أن القاضى يكون غير صالح لنظر الدعوى متى كان قد سبق أن أصدر فيها حكماً فاصلاً أو حكما فرعياً قطعياً في جزء منها أو اتخذ فيها إجراء يشف عن إبداء رأيه أو وجهة نظره فيها يتعارض مع ما يشترط في القاضى من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً محايداً والأصل أن يكون سبق الإفتاء أو الترافع أو النظر هو القيام بذلك في نفس الخصومة وبين نفس الخصوم ، وأن المقصود بسبق نظر الدعوى أن يكون سبق للقاضى نظرها في مرحلة أو درجة أخرى أما سبق نظرها في نفس الدرجة فلا يصلح سبباً لعدم الصلاحية شريطة ألا يكون قد سبق له الفصل في ذات موضوع النزاع بما يكشف عن اتجاهه . وكان ما نعى به الطاعن من أن الهيئة التى أصدرت الحكم المطعون فيه سبق أن أبدت رأيها لفصلها في النزاع بموجب حكم سابق بما يفقدها صلاحيتها لنظر الدعوى وكان البين من الأوراق أن قضاء الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ ٢١ / ٧ / ٢٠١٤ كان بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر النزاع وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في الموضوع وهو حكم صادر في نفس درجة التقاضى ولم تفصل الهيئة التى أصدرته في النزاع من حيث موضوعه أو تبد رأيها فيه وإنما اقتصر قضاؤها على مسألة الاختصاص بما لا يفقدها صلاحيتها في نظر موضوع الدعوى المطروحة وفقاً لما تقضى به الفقرة الخامسة من المادة ١٤٦ من قانون المرافعات ويضحى نعى الطاعنة في هذا الصدد على غير أساس .
وحيث إنه وفى بيان الوجه الثالث من السبب الأول يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدفع مؤداه عدم قبول دعوى الشركة المطعون ضدها لرفعها من غير ذى صفة على سند من خلو الأوراق من السجل التجارى الخاص بها أو من أى مستند دال على صفة مقيم الدعوى نيابة عنها وجاء رد الحكم على دفعها هذا قاصراً بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود بما هو مقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى وتحصيل فهم الواقع فيها من إطلاقات محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تحمله ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى بوجه النعى بالرفض استناداً إلى ما خلص إليه من توافر صفة المطعون ضده بصفته الممثل القانونى لشركة ………… للتجارة والتوزيع وهو الذى أقام الدعوى نيابة عنها وفقاً للثابت من صحيفة الدعوى المبتدأة وطبقاً لأحكام قانون المرافعات وقدمت الشركة صورة من السجل التجارى تفيد صفتها فتكون الدعوى أقيمت من ذى صفة ويكون الدفع على غير سند من الواقع والقانون ، وكان هذا الذى خلص إليه الحكم في حدود سلطته التقديرية سائغاً وله مرده الثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه فإن النعى لا يعدو كونه مجرد مجادلة في سلطة محكمة الموضوع فيما استخلصته تنأى عنه رقابه هذه المحكمة .
وحيث إن حاصل نعى الطاعن بالوجه الثانى من سبب الطعن الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع الذى أبداه بتقادم المطالبة بقالة تحقق شروط قواعد الإثراء بلا سبب وفقاً لنص المادة ٥٣٢ من قانون التجارة في حين أن هذه القواعد يمتنع تطبيقها حال وجود علاقة تعاقد بين الطرفين وتمثل ذلك في تحرير المطعون ضدها لفواتير وأذون استلام مرتبطة بشيكات التداعى ورفضها تقديمها للخبير المنتدب في الدعوى بما لا محل معه لتطبيق قواعد الإثراء بلا سبب التى أقام عليها الحكم قضاءه بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في أساسه سديد ، ذلك أن المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم بل هو واجب القاضى الذى عليه من تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وأن ينزل هذا الحكم عليها أياً كان النص القانونى الذى يستند إليه الخصوم في تأييد طلباتهم أو دفاعهم أو دفوعهم ، وأن المقرر – وفقاً لما جرى عليه ذات القضاء – أنه لا يجوز الحكم برد ما أثرى به الساحب بغير حق وفقاً لنص المادة ٥٣٢ من قانون التجارة إلا بعد صدور حكم نهائى بسقوط حق حامل الشيك في الرجوع عليه بدعوى الصرف . وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها أقامت دعواها ابتداء مطالبة بمديونيتها تأسيساً على دعوى الصرف بتقديمها الشيكات سند التداعى راجعة بها على الساحب – الطاعن – وتمسك هذا الأخير بتقادمها وهو سبب قائم بنص المادة ٥٣١ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ يسمح له بالامتناع عن الوفاء لهذا السبب إذا ما تحقق في الواقع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وساير المطعون ضدها في تعديل سبب دعواها بالاحتكام لقواعد الإثراء بلا سبب بدون أن يصدر حكم قضائى نهائى بسقوط حقها في الرجوع على الساحب بدعوى الصرف مما يمتنع معه تطبيق هذه القاعدة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث البقية الباقية من أوجه الطعن .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، وكان الثابت أن الشيكات سند التداعى حق أولها في ٣٠ / ١ / ٢٠٠٦ وآخرها في ١٥ / ٤ / ٢٠٠٦ بينما تقدمت المستأنف ضدها بطلب استصدار أمر الأداء بتاريخ ٦ / ١ / ٢٠٠٩ أى بعد انقضاء المدة المقرر بنص المادة ٥٣١ / ١ من قانون التجارة فإن دعواها تكون قد سقطت بالتقادم ويضحى دفع المستأنف قائماً على سنده الصحيح من القانون حرى بالقبول وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فيجدر القضاء بإلغائه والقضاء بما تقدم .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى