عالم بلا أوراق

بقلم: محمد حسن
انطلقت الثورة المعلوماتية عندما استحال على ذاكرة الإنسان، وما لديه من وسائل تقليدية استيعاب واسترجاع الكم الهائل من المعلومات المدونة فى المستندات، والأوراق، والملفات دون بذل جهد ووقت فوجد الإنسان فى التكنولوجيا الحديثة ضالته المنشودة، وقد كان لتلك الثورة المعلوماتية أثرها البالغ على التقاليد والمبادئ الراسخة فى الفكر القانوني، ولا سيما فى وسائل الإثبات بإستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة بدلاً من وسائل الإثبات التي تعتمد على الماديات؛ فإن مسألة البحث عن الحقيقة، ومن ثم إثباتها تبقى الهدف الأسمى لتحقيق العدالة ومع تطور التكنولوجيا وإزدياد استخدامها ظهرت وسائل وأدوات تكنولوجية جديدة لإثبات التصرفات القانونية فأثرت فى نوع الدليل المقدم للإثبات، وغيرت من المفهوم التقليدى للإثبات الذى كان يعتمد على الكتابة الورقية كوسيلة للإثبات ومن هذه الوسائل ( الفاكس ، الإيميل البريد الإلكترونى ، الرسائل النصية المرسلة عبر الهاتف المحمول S MS ، الواتس اب، التسجيل الصوتى، التسجيل المرئي ، الكتابة الالكترونية ، التوقيع الالكترونى ، المحرر الالكترونى …. ).

فقد ارتبطت الكتابة بوجه عام بالورق حتى بات شائعًا وثابتًا فى الذهن الربط بين الكتابة والورق وهو الدعامة التى تثبت عليها هذه الوسيلة ولكنه بدأ فك الإرتباط بين الكتابة والورق إذ مصطلح الكتابة ينصرف أيضًا إلى المراسلات الموجهة فى شكل برقية أو تلكس أو فاكس أو إيميل وغيرها، وإزاء هذه الحقيقة فقد أخذ المشرع المصرى بهذا المنهج للإثبات بإستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة ومن هنا تم إصدار القانون رقم 15 لسنة 2004 بتنظيم التوقيع الالكترونى وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وعرف فى المادة الأولى منه.

” الكتابة الالكترونية ”
كل حروف أو أرقام أو رموز أو أى علامات أخرى تثبت على دعامة الكترونية أو رقمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة، وتعطى دلالة قابلة للإدراك.

” المحرر الالكترونى ”
رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج، أو تخزن، أو ترسل أو تستقبل كليًا أو جزئيًا بوسيلة الكترونية، أو رقمية، أو ضوئية، أو بأية وسيلة أخرى مشابهة.

” التوقيع الالكترونى ”
ما يوضع على محرر الكترونى ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره.

 

ولئن كانت الكتابة على الورق هي الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى، ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها، في الإثبات.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى