حكم مهم لمحكمة النقض بشأن أسباب بطلان بيع بالتوكيل منصوص فيه بالبيع للنفس والغير

أكدت محكمة النقض في حكم مهم لها، أنه إذا كان البيع بالتوكيل المنصوص فيه بالبيع للنفس والغير فلابد من ذكر ثمن المبيع في التوكيل وإلا ترتب على ذلك بطلان عقد البيع حتى ولو تم تسجيله، وأن التوكيلات الصادرة للبنوك بالبيع للنفس والغير ضماناً لمديونية لا ينعقد بها البيع.
الوقائع : الطاعنة تطالب ببطلان عقد بيع شقتها وعدم نفاذه في حقها
 تتحصل الوقائع في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى ٥٣١٦ لسنة ٢٠٠١ مدنى محكمة الجيزة الابتدائية – وفقاً لطلباتها الختامية – بطلب الحكم ” أصلياً ” ببطلان عقد البيع المسجل برقم ٧١٠ لسنة ١٩٩٩ شهر عقارى الجيزة ومحوه وشطبه ، ” واحتياطياً ” بعدم نفاذه في حقها.
وقالت بياناً لذلك إنها أصدرت للمطعون ضده الأول التوكيل الرسمي رقم ٢١٩١٢ لسنة ١٩٩٦ توثيق الأهرام ضماناً للوفاء بما قد تسفر عنه التسهيلات الائتمانية الممنوحة لها من البنك الذي يمثله من مديونية ، إلا أنها فوجئت بقيامه ببيع الشقة المملوكة لها – والمبينة بالصحيفة – لنفسه بموجب هذا التوكيل بالعقد المسجل سالف البيان .
ولما كان هذا البيع قد تم في غيبتها بثمن بخس لم يُتفق عليه صراحة أو ضمناً ، ودون أن تكون متعثرة في السداد فقد أقامت الدعوى ، كما أقام المطعون ضده الأول على الطاعنة الدعوى ٥٥٥٥ لسنة ٢٠٠٠ مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بتسليم الشقة المبيعة ، وبغرامة تهديدية مقدارها مائتا جنيه عن كل يوم تأخير في التسليم .
طعنت الطاعنة على العقد بالتزوير ، ومحكمة أول درجة بعد أن ضمت الدعويين حكمت برفض الطعن بالتزوير ، وفي الدعوى الأولى برفضها ، وفي الدعوى الثانية بالطلبات ، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف ٨٢٣٤ سنة ١٢٤ ق القاهرة ” مأمورية الجيزة ” وبتاريخ ١٠ / ٣ / ٢٠٠٨ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف .
طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني لرفعه على غير ذي صفة ، وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
محكمة النقض ترد على دفع النيابة 

وحيث إن الدفع المبدى من النيابة فى غير محله ، ذلك أن طلب الطاعنة شطب ومحو ما تم من تسجيلات بشأن شقة النزاع إنما هو موجه إلى مصلحة الشهر العقارى التى يمثلها وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لها وهى المنوط بها تنفيذ الحكم بشطبها ، مما يجعل المطعون ضده الثانى خصماً حقيقاً فى الدعوى يصح اختصامه فى هذا الطعن ، وبالتالى يكون الدفع على غير أساس .

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهى بمدوناته إلى عدم قبول الطعن بالتزوير ، ثم قضى فى منطوقه برفضه وفى الموضوع بحكم واحد ، وبذلك يكون قد خالف نص المادة ٤٤ من قانون الإثبات ، وتناقضت أسبابه مع منطوقه مما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن مؤدى نص المادة ٤٤ من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه يجب أن يكون الحكم بصحة المحرر أو برده وتزويره أو القضاء بسقوط الحق فى إثبات صحته سابقاً على الحكم فى موضوع الدعوى وذلك حتى لا يُحرم الخصم الذى تمسك بالمحرر الذى قُضى بتزويره من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى باعتبار أن الادعاء كان مقبولاً ومنتجاً فى النزاع ، أما فى حالة عدم قبوله حيث يكون غير منتج فى موضوع الدعوى فليس من حكمة للفصل بين الحكم فى الادعاء بالتزوير والحكم فى الموضوع ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هى قضت بعدم قبول الادعاء بالتزوير فى هذه الحالة وفى موضوع الدعوى بحكم واحد .

لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم قبول الإدعاء بالتزوير لكونه غير منتج فى النزاع ، وحكم برفضه وفى موضوع الدعوى فى ذات الوقت – وكان القضاء بالرفض يستوى فى نتيجته مع القضاء بعدم القبول – فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعى عليه بهذا السبب على غير أساس .
أبرمت الطاعنة وكالة لصالح المطعون ضده بصفته، ضماناً لوفائها بمديونيتها تجاهه، وليست ترخيصاً له بالبيع، إلا أنه قام بموجب هذه الوكالة ببيع شقة النزاع لنفسه قبل استقرار المديونية بينهما، وبثمن بخس لم يُتفق عليه صراحة أو ضمناً .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بباقى أوجه السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ، وفى بيان ذلك تقول ، إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن الوكالة التى أبرمتها لصالح المطعون ضده الأول بصفته هى فى حقيقتها ضماناً لوفائها بمديونيتها تجاهه ، وليست ترخيصاً له بالبيع ، إلا أنه قام بموجب هذه الوكالة ببيع شقة النزاع لنفسه بالعقد المسجل برقم ٧١٠ لسنة ١٩٩٩ شهر عقارى الجيزة قبل استقرار المديونية بينهما وبثمن بخس لم يُتفق عليه صراحة أو ضمناً ، بما يبطل هذا العقد لانعدام ركن الثمن بعدم تحديده ، وإذ أيد الحكم المطعون فيه قضاء أول درجة برفض دعواها وألزمها بتسليم شقة النزاع دون أن يواجه هذا الدفاع ، أو يُعنى بتحقيقه بما يقتضيه من البحث والتمحيص ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .

أسباب بطلان البيع بالتوكيل المنصوص فيه بالبيع للنفس والغير

وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن مفاد نصوص المواد ٤١٨ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ من القانون المدنى – وعلى ما جلته مذكرة المشروع التمهيدى – أنه إذا لم يتفق المتعاقدان صراحة ولا ضمناً على تحديد الثمن أو على جعله قابلاً للتحديد ببيان الأسس التى يُحدد بمقتضاها ، فإن البيع يكون باطلاً لفقده ركناً أساسياً من أركانه .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن على قاضى الموضوع التثبت من توافر ركن الثمن فى عقد البيع ، وأن يورد ما يجريه من هذا التثبت فى أسباب حكمه ليقوم هذا الإيراد شاهداً على أنه لم يُغفل أمر هذا الركن من أركان العقد المنازع فيه .
لما كان ذلك ، وكان الثابت من واقع الدعوى أن ركن الثمن فى البيع موضوع التداعى كان مثار منازعة من الطاعنة على النحو الوارد بوجه النعى ، لعدم الاتفاق عليه صراحة أو ضمناً ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد فى مدوناته فى معرض الرد على هذه المنازعة مجرد القول بأن الثابت من الاطلاع على التوكيل العام رقم ١٩١٢ / أ توثيق الأهرام النموذجى – سند الدعوى – الصادر من الطاعنة إلى البنك الذى يمثله المطعون ضده الأول بصفته ، أنه تضمن النص فى البند الثالث منه على أحقية الأخير فى البيع لنفسه وللغير ، وقبض الثمن لنفسه …. ، وأن الطاعنة لم تشترط فى هذا التوكيل ثمناً معيناً ، أو سبق موافقتها على البيع ، أو عدم إتمامه إلا إذا ثبتت مديونيتها للبنك ، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنة السالف بيانه ولا يصلح رداً عليه ، وإذ رتب الحكم على ذلك قضاءه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعواها ببطلان ذلك البيع على سند من أن تصرف البنك المطعون ضده الأول – كوكيل – ببيع الشقة المملوكة للطاعنة لنفسه ، كان فى حدود هذه الوكالة ، وأن العقد قد تم صحيحاً ، فإنه يكون قد ران عليه القصور المبطل ، بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص .

وحيث إن نقض الحكم فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنة ببطلان عقد البيع المسجل برقم ٧١٠ لسنة ١٩٩٩ شهر عقارى الجيزة ، يستتبع نقضه أيضاً فيما قضى به من إلزامها بتسليم شقة النزاع المبيعة بموجبه للمطعون ضده الأول بصفته ، لكونه مؤسساً عليه ، وعلى أن يكون مع النقض الإحالة .

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة – مأمورية استئناف الجيزة – وألزمت المطعون ضده الأول بالمصاريف ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى