حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩ لسنة ١٦ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩ لسنة ١٦ دستورية
تاريخ النشر : ١٧ – ٠٨ – ١٩٩٥

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة ٥٠ من قانون حماية القيم من العيب الصادر رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ وذلك فيما تضمنته من حظر الطعن – بغير طريق إعادة النظر – في الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم في شان المنازعات المحالة إلي قضاء القيم وفقاً لنص المادة ٦ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين عدلى محمود منصور أعضاء وحنفى على جبالى المفوض وحمدى أنور صابر أمين السر .

– – – ١ – – –
إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى وبالقدر اللازم للفصل فيها ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم أم كان قد وقع فعلاً . ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية عائداً فى مصدره إلى النص المطعون فيه ، إذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من إدعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد افاد من مزاياه أو كان الاخلال بالحقوق التى لا يدعيها لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . ذلك أن ابطال النص التشريعى لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ذلك أن ابطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها . ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن أرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام أو أن تكون نافذة يعرضون منها ألواناً من الصراع بعيداً عن مصالحهم الشخصية المباشرة أو شكلاً للحوار حول حقائق علمية يطروحونها لإثباتها أو نفيها أو طريقاً للدفاع عن مصالحهم بذواتها لا شأن للنص المطعون عليه بها بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها ـ التى كثيراً ما ثؤثر فى حياة الافراد وحرمانهم وحرياتهم وأموالهم ـ بما يكفل فعاليتها وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة فلا تقبل عليها اندفاعاً ولا تعرض عنها تراخياً ولا تقتحم بممارستها حدوداً تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذاً أخيراً ونهائياً وأن تدور وجوداً وعدماً مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها ويكون ممكناً إدراكها لتكون لها ذاتيتها ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهماً أو محتملاً أو مجرداً IN ABSTRACTO أو يقوم على الافتراض أو التخمين Conjectural
ولازم ذلك أن يقوم الدليل جلياً على اتصال الاضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه وأن يسعى المضرور لدفعها عنه لا ليؤمن بدعواه الدستورية وكأصل عام ـ حقوق الآخرين ومصالحهم بل ليكفل إنقاذ الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه in concreto والتزاماً بهذا الاطار جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازماً للفصل فى النزاع الموضوعى .

– – – ٢ – – –
إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى وبالقدر اللازم للفصل فيها ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم أم كان قد وقع فعلاً . ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية عائداً فى مصدره إلى النص المطعون فيه ، إذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من إدعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد افاد من مزاياه أو كان الاخلال بالحقوق التى لا يدعيها لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . ذلك أن ابطال النص التشريعى لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ذلك أن ابطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها . ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن أرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام أو أن تكون نافذة يعرضون منها ألواناً من الصراع بعيداً عن مصالحهم الشخصية المباشرة أو شكلاً للحوار حول حقائق علمية يطروحونها لإثباتها أو نفيها أو طريقاً للدفاع عن مصالحهم بذواتها لا شأن للنص المطعون عليه بها بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها ـ التى كثيراً ما ثؤثر فى حياة الافراد وحرمانهم وحرياتهم وأموالهم ـ بما يكفل فعاليتها وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة فلا تقبل عليها اندفاعاً ولا تعرض عنها تراخياً ولا تقتحم بممارستها حدوداً تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذاً أخيراً ونهائياً وأن تدور وجوداً وعدماً مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها ويكون ممكناً إدراكها لتكون لها ذاتيتها ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهماً أو محتملاً أو مجرداً IN ABSTRACTO أو يقوم على الافتراض أو التخمين Conjectural
ولازم ذلك أن يقوم الدليل جلياً على اتصال الاضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه وأن يسعى المضرور لدفعها عنه لا ليؤمن بدعواه الدستورية وكأصل عام ـ حقوق الآخرين ومصالحهم بل ليكفل إنقاذ الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه in concreto والتزاماً بهذا الاطار جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازماً للفصل فى النزاع الموضوعى .

– – – ٣ – – –
إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى وبالقدر اللازم للفصل فيها ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم أم كان قد وقع فعلاً . ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية عائداً فى مصدره إلى النص المطعون فيه ، إذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من إدعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد افاد من مزاياه أو كان الاخلال بالحقوق التى لا يدعيها لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . ذلك أن ابطال النص التشريعى لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ذلك أن ابطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها . ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن أرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام أو أن تكون نافذة يعرضون منها ألواناً من الصراع بعيداً عن مصالحهم الشخصية المباشرة أو شكلاً للحوار حول حقائق علمية يطروحونها لإثباتها أو نفيها أو طريقاً للدفاع عن مصالحهم بذواتها لا شأن للنص المطعون عليه بها بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها ـ التى كثيراً ما ثؤثر فى حياة الافراد وحرمانهم وحرياتهم وأموالهم ـ بما يكفل فعاليتها وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة فلا تقبل عليها اندفاعاً ولا تعرض عنها تراخياً ولا تقتحم بممارستها حدوداً تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذاً أخيراً ونهائياً وأن تدور وجوداً وعدماً مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها ويكون ممكناً إدراكها لتكون لها ذاتيتها ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهماً أو محتملاً أو مجرداً IN ABSTRACTO أو يقوم على الافتراض أو التخمين Conjectural
ولازم ذلك أن يقوم الدليل جلياً على اتصال الاضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه وأن يسعى المضرور لدفعها عنه لا ليؤمن بدعواه الدستورية وكأصل عام ـ حقوق الآخرين ومصالحهم بل ليكفل إنقاذ الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه in concreto والتزاماً بهذا الاطار جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازماً للفصل فى النزاع الموضوعى .

– – – ٤ – – –
إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى وبالقدر اللازم للفصل فيها ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم أم كان قد وقع فعلاً . ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية عائداً فى مصدره إلى النص المطعون فيه ، إذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من إدعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد افاد من مزاياه أو كان الاخلال بالحقوق التى لا يدعيها لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . ذلك أن ابطال النص التشريعى لا يعود اليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ذلك أن ابطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها . ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن أرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام أو أن تكون نافذة يعرضون منها ألواناً من الصراع بعيداً عن مصالحهم الشخصية المباشرة أو شكلاً للحوار حول حقائق علمية يطروحونها لإثباتها أو نفيها أو طريقاً للدفاع عن مصالحهم بذواتها لا شأن للنص المطعون عليه بها بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها ـ التى كثيراً ما ثؤثر فى حياة الافراد وحرمانهم وحرياتهم وأموالهم ـ بما يكفل فعاليتها وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة فلا تقبل عليها اندفاعاً ولا تعرض عنها تراخياً ولا تقتحم بممارستها حدوداً تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذاً أخيراً ونهائياً وأن تدور وجوداً وعدماً مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها ويكون ممكناً إدراكها لتكون لها ذاتيتها ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهماً أو محتملاً أو مجرداً IN ABSTRACTO أو يقوم على الافتراض أو التخمين Conjectural
ولازم ذلك أن يقوم الدليل جلياً على اتصال الاضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه وأن يسعى المضرور لدفعها عنه لا ليؤمن بدعواه الدستورية وكأصل عام ـ حقوق الآخرين ومصالحهم بل ليكفل إنقاذ الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه in concreto والتزاماً بهذا الاطار جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازماً للفصل فى النزاع الموضوعى .

– – – ٥ – – –
إن البين من الحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم رقم ٣٧ لسنة ٦ قضائية قيم عليا أنها تؤيد قضاء محكمة القيم فى الدعوى رقم ١٩ لسنة ٥ قضائية قيم بإلغاء عقد البيع المشهر فى ٥ / ٤ / ١٩٧٢ برقم ٢٢٣٥ توثيق القاهرة فى شأن العقار رقم ٩٢ شارع النيل بالجيزة ، بإستثناء حصتين مساحتهما ستة قراريط شائعتين فى كامل أرض وبناء هذا العقار للسيدتين إيفيت ولندا إلياس عبد الله مرشاق . وإذ فصل هذا الحكم بذلك فى مسألة كليه قوامها أن هاتين السيدتين لا تملكان هاتين الحصتين فإن قضاءها هذا لا بد أن يؤثر فى الدعوى رقم ١٤٢ لسنة ٦ قضائية قيم التى أقامتها الجهة الادارية أمام محكمة القيم للحصول على ريعهما ولا يكون أمام هاتين السيدتين من بعد ، من سبيل لرد دعواها الا ولوج طريق الطعن فى الحكم الصادر عن المحكمة العليا للقيم فى الطعن رقم ٣٧ لسنة ٦ قضائية قيم عليا وهو ما تقوم به المصلحة الشخصية المباشرة فى النعى على المادة ٥٠ من قانون حماية القيم من العيب مخالفتها للدستور فيما تنص عليه من عدم جواز الطعن فى الاحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم الا بطريق إعادة النظر .

– – – ٦ – – –
إن الرقابة القضائية علىالدستورية التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا إنما تنحصر فى إنزال حكم الدستور فى شأن النصوص القانونية التى تعرض عليها لقيام شبهة قوية فى مخالفتها لقواعده بما مؤداه أن المسائل الدستورية هى جوهر رقابتها وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها توكيداً للطبيعة العينية للدعوى الدستورية واستصحاباً لأصل الخصومة فيها ومناطها مقابلة النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور ، بالقيود التى فرضها لضمان النزول عليها ومن ثم يكون إهدار هذه النصوص بقدر تعارضها مع الدستور إطاراً وحيدا للخصومة الدستورية وهو كذلك موضوعها والغاية التى تبتغيها وقضاء المحكمة الدستورية العليا ببطلان هذه النصوص أو صحتها لا يعدو أن يكون تقريراً بتصادمها أو إتفاقها مع الدستور وليس لها بالتالى أن تفصل فى غير المسائل التى تثيرها الخصومة الدستورية وبقدر اتصالها بالنزاع الموضوعى

– – – ٧ – – –
إن إبطال المحكمة الدستورية العليا لنص المادة ٥٠ من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ ـ والتى لا تجيز الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العليا للقيم الا بطريق إعادة النظر ـ يعنى أن هذا الحظر يناقض الدستور ، وهو ما يفيد لزوماً انفتاح طريق الطعن فيها تصويباً لأخطائها القانونية إعمالاً لآثار الحكم الصادر فى المسائل الدستورية ولو كان إنقاذ هذه الآثار يقتضى تدخلاً تشريعياً لتحديد الجهة التى تفصل فى هذا الطعن وكيفية تشكيلها ذلك أن الحجية المطلقة التى أسبغها قانون المحكمة الدستورية العليا على أحكامها فى المسائل الدستورية ، لازمها تقيد الناس أجمعين بمضمونها ونزول الدولة بكامل سلطاتها وتنظيماتها عليها لتعمل بوسائلها وأدواتها ـ من خلال السلطة التشريعية كلما كان ذلك ضروريا ــ على تطبيقها .

– – – ٨ – – –
إن المادة ٦ من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة تقضى بأن تختص القيم المنصوص عنها فى قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المنصوص عليها من المادة السابقة وكذلك المنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التى فرضت قبل العمل بالقانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليا ، وتحال اليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها ….. وقد أحيل النزاع الموضوعى إلى محكمة القيم إعمالاً لنص المادة ٦ من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة ويثير هذا النزاع وفقاً لحكمها حقوقاً تدور حول الملكية التى تختص أصلاً جهة القضاء العادى بالفصل فيها ابتدائياً واستئنافياً .

– – – ٩ – – –
إن الدستور بما نص عليه فى المادة ٦٨ منه من ضمان حق كل مواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى لرد ما قد يقع من عدوان على الحقوق التى يدعيها قد دل على أمرين :
أولهما : أن لكل مواطن أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعتها وعلى ضوء مختلف العناصر التى لابستها مهيأ دون غيره للفصل فيها .
ثانيهماً :أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الاجرائية والموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية عينها ، ولا فى فعالية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور والمشرع للحقوق التى يدعونها ، ولا فى اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها ، ولا فى طرق الطعن التى تنتظمها بل يجب أن يكون للحقوق عينها قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها أو الدفاع عنها او استئدائها أو الطعن فى الأحكام التى تتعلق بها . ولا يجوز بالتالى أن يقيم المشرع فيما بين المواطنين ، تمييزاً غير مبرر فى شأن إعمال هذه القواعد ، بما يعطلها لفريق من بينهم أو يقيدها وبوجه خاص على صعيد الفصل بطريقة منصفة فى حقوقهم المدنية والتزاماتهم يؤيد ذلك أن طرق الطعن فى الاحكام لا تعتبر مجرد وسائل إجرائية ينشئها المشرع ليوفر من خلالها سبل تقويم اعوجاجها بل هى فى واقعها أوثق اتصالاً بالحقوق التى تتناولها سواء فى مجال إثباتها أو نفيها أو توصيفها ليكون مصيرها عائداً أساساً إلى انفتاح هذه الطرق أو إنغلاقها وكذلك إلى التمييز بين المواطنين المتحدة مراكزهم القانونية idenically situated فى مجال النفاذ إلى فرصها .

– – – ١٠ – – –
إن السلطة التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، وإن كان الأصل فيها هو إطلاقها الا أن القيود التى قد يفرضها الدستور لصون هذه الحقوق من صور العدوان المحتمل عليها ، هى التى تبين تخوم الدائرة التى لا يجوز أن يتداخل التنظيم التشريعى فيها هادماً للحقوق التى يكفلها الدستور أو مؤثراً فى محتواها بما ينال منها ومن ثم تمثل هذه الدائرة مجالاً حيوياً لا يتنفس الحق الا من خلالها ولا يكون تنظيم هذا الحق ممكناً من زاوية دستورية الا فيما وراء حدودها الخارجية ليكون اقتحامها مجانياً لتنظيمه وعدواناً عليه أدخل إلى مصادرته أو تقييده كذلك لا يجوز أن تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها بل يجب أن تكون هذه النصوص مدخلاً اليها وموطئاً لاشباع مصلحة عامة لها اعتبارها aooropriate means to justifiable ends . ومرد ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يصدر عن فراغ ولا يعتبر مقصوداً لذاته بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها وتعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التى أقام المشرع عليها هذا التنظيم بإعتباره أداة تحقيقها ، وطريق الوصول اليها .

– – – ١١ – – –
إن ما نص عليه الدستور فى المواد ١و٣و٤ من قيام نظام الحكم على أساس ديوقراطى ومباشرة الشعب لحقوق السيادة فى الحدود التى نص عليها ، قد دل على أنه فى مجال حقوق المواطنين وحرياتهم فإن مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها وتتقيد هى بها إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى التزمتها الدول الديموقراطية بإطراد فى مجتمعاتها واستقر العمل فيما بينها على انتهاجها فى مختلف مظاهر سلوكها ، بإعتبار أن التقيد بها مفترض أولى لتوكيد خضوعها للقانون ، وبما لا إخلال فيه بتلك الحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية ـ و وفقاً لمعايير تطبيقها لديها ـ معبراً عن إقرارها لضماناتها ، ونزولها بالقيود عليها إلى الحدود التى تقتضيها الضرورة وبما لا يعطل جوهرها essential core إنقاذاً لفاعليتها واستيفاء لدورها فى مجال إشباع المصالح المرتبطة بها ويندرج تحتها أن يكون لكل شخص حق مكتمل ومتكافئ مع غيره فى محاكمة علنية ومنصفة تقوم عليها محكمة مستقلة محايدة ، تتولى الفصل فى حقوقه والتزاماته المدنية ، بما يعكس المقاييس المعاصرة التى تلتزمها الأمم المتحضرة فى تنظيماتها وبوجه خاص تلك التى تتصل بتشكيل محاكمها وقواعد إدارتها والأشكال الاجرائية المعمول بها أمامها ، وكيفية تطبيقها عملاً والتكلفة المطلوبة لخدماتها وبما لا يخل فى إطارها بضمانة الدفاع التى تتكافأ للخصوم معها أسلحتهم equality of arms ويؤمن المحامون على ضوئها مصالح موكليهم ويرعون حدودها وفق أصول المهنة ومتطلباتها وبما لا ينحدر بضوابط ممارستها إلى حد إهدار مستوياتها الموضوعية التى يفترض أن يكون التقيد بها كافلاً لدورهم بوصفهم شركاء للسلطة القضائية فى النهوض برسالتها .

– – – ١٢ – – –
وإذ كان الدستور ـ بالنصوص التى صاغها لارساء ضمانة الدفاع يفترض ألا يكون دور المحامين شكلياً أو رمزياً متخاذلاً أو قاصراً عن أن يقدموا لموكليهم تلك المعاونة الفعالة التى يقتضيها صون حقوقهم فإن التدخل تشريعياً بما يعوق إنفاذ موجباتها ــ كإغلاق طريق الطعن بالنسبة إلى فئة ممن يملكون وحرمان أفرادها بالتالى من فرض الدفاع عن حقوقهم أو من بعض جوانبها ـ يكون كذلك ممتنعاً دستورياً .

– – – ١٣ – – –
إن الدستور ـ إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة ، وتوكيداً لإسهامها فى صون الأمن الإجتماعى ـ كفل بالمادتين ٣٢و٣٤ حمايتها لكل فرد ـ وطنياً كان أم أجنبياً ـ ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء ، وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها ، بإعتبارها عائدة ـ فى الأعم من الأحوال ـ إلى جهد صاحبها ، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال ، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها معبداً بها الطريق إلى التقدم ، كافلاً للتنمية أهم أدواتها ، محققاً من خلالها إرادة الإقدام ، هاجعاً إليها لتوفر ظروفاً أفضل لحرية الاختيار والتقرير ، مطمئناً فى كنفها إلى يومه وغده مهيمناً عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها فلا يرده عنها معتد ، ولا يناجز سلطته فى شأنها خصيم ليس بيده سند ناقل لها ، ليعتصم بها من دون الآخرين ، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التى تعينها على أداء دورها وتقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بإنتقاصها من أطرافها . ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع من عناصرها ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية . دون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية ويكون العدوان عليها غصباً وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها . وبقدر إتساع قاعدة الملكية تتعدد روافدها وتتنوع استخداماتها لتشكل نهر يتدفق بمصادر الثروة القومية التى لا يجوز إهدارها أو التفريط فيها أو بعثرتها تبديداً لقيمتها ، ولا تنظيمها بما يخل بالتوازن بين نطاق حقوق الملكية المقررة عليها وضرورة تقييدها نأياً بها عن الانتهاز ، أو الإضرار بحقوق الآخرين . ذلك أن الملكية ـ فى إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة ـ لم تعد حقاً مطلقاً ، ولا هى عصية على التنظيم التشريعى وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها .

– – – ١٤ – – –
جواز تحميلها بالقيود التى تتطلبها وظيفتها الاجتماعية . وهى وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ ، ولا تفرض نفسها تحكماً بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية والأغراض التى ينبغى رصدها عليها محددة على ضوء واقع اجتماعى معين فى بينة بذاتها لها توجهاتها ومقوماتها ، وبمراعاة أن القيود التى يفرضها الدستور على حق الملكية ، للحد من إطلاقها ، لا تعتبر مقصودة لذاتها ، بل غايتها خير الفرد والجماعة .

– – – ١٥ – – –
إن البين من اختصاص محكمة القيم ـ محدداً وفقاً لنص المادة ٦ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة ـ أن الحقوق المثارة فى الدعاوى التى يتعلق بها هذا الاختصاص تدور جميعها حول الملكية الفردية التى كفل الدستور صونها واختصها بالحماية المنصوص عليها فى المادتين ٣٢ و ٣٤ ، ذلك أن المنازعات التى تنشأ عن الحراسات المفروضة قبل العمل بالقانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ ـ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب ـ أو المترتبة عليها ، محورها أموال الأشخاص الذين أخضعتهم أوامر الجهة الادارية الصادرة عنها وفقاً لقانون الطوارئ ، لتلك التدابير ليقع عبؤها عليهم تارة ، أو عليهم مع عائلاتهم بالتبعية طوراً آخر . وقد صدرالقرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ آنف البيان ، بعد أن كانت جهات القضاء على اختلافها قد استقر أمرها على انهدام الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين استناداً إلى أحكام القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ فى شأن حالة الطوارئ وانعدام آثارها وإذ كان إعمال آثار هذه الأحكام فى شأن تلك الأوامر مؤداه أن ترد الأموال التى تناولتها ـ وبأكملها ـ إلى أصحابها عيناً ، وكان استئثارهم بها قد انطوى ـ فى تقدير المشرع ـ على الاضرار بأخرين ظلوا يحوزونها مدداً طويلة رتبوا خلالها ـ وعلى أساسها ـ حقهم فى العيش والحياة الآمنة ، فقد تدخل المشرع للحد من جريان هذه الآثار على إطلاقها ، ضماناً للسلام الاجتماعى ، وصوناً لبعض الأوضاع السياسية والاقتصادية القومية . واقتضاه ذلك أن يلجأ ـ استثناء ـ إلى تعويضهم عن بعض أموالهم وفق معايير قدر ألا يكون تطبيقها منطوياً على مصادرة كلية أو جزئية للحق فى التعويض . وهو استثناء ظل قائماً فى الحدود التى بينها المشرع ، ومرتبطاً بأموال بذواتها لا يتعداها إلى غيرها . ومن ثم كان منطقياً أن يرد هذا القرار بقانون ، الأصل العام فى شأن أموال الخاضعين لتلك التدابير ، ممثلاً فى ردها عيناً اليهم وأن ينص فى مادته الأولى واستصحاباً لهذا الأصل ـ على أن ” تعتبر كأن لم تكن الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على الاشخاص الطبيعيين وعائلاتهم و ورثتهم استناداً إلى أحكام القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ فى شأن حالة الطوارئ ، وتتم إزالة الآثار المترتبة على ذلك على الوجه المبين فى هذا القانون ” مقنناً بذلك ما استقر عليه القضاء من قبل من إعتبار هذه الأوامر متضمنة عيبا جسيماً يفقدها مقوماتها لصدورها عارية عن سندها من خلال عدوانها على الملكية الخاصة التى عنى الدستور بصونها وهو ما ينحدر لتلك الأوامر إلى مرتبة الأعمال المادية عديمة الأثر قانوناً ويجردها من محتواها ومن مشروعيتها الدستورية ، لتنحل عدماً . ولئن صح القول بأن جانباً من الأموال التى شملتها التدابير المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا القرار بقانون قد استثنتها مادته الثانية من قاعدة الرد العينى مع تعويض أصحابها عنها وفقاً للأسس التى حددتها الا أن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن هذا الاستثناء ـ وعلى ما يبين من حكمها الصادر فى الدعويين رقمى ١٣٩ و ١٤٠ لسنة ٥ قضائية ” دستورية ” ـ جاء قاطعاً بأن التعويض المقرر عن الأموال التى تناولها ، ليس معادلاً لقيمتها الحقيقية ، وهو ما يعنى بالضرورة ، رد تلك الأموال إلى أصحابها دون قيد .

– – – ١٦ – – –
إن ما تقدم مؤداه ، أن اختصاص محكمة القيم ـ محدداً على ضوء نص المادة ٦ من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ المشار اليه ـ لا يتعلق الا بالملكية الخاصة فصلاً فى ثبوتها أو انتفاء الحق فيها ، وكان الأصل فى الملكية أنها تعتبر حقاً دائماً ، فلا تزول بالتراخى فى استعمالها أمداً ولو كان بعيداً ، بل يظل صاحبها متمتعاً بالحق فى حمايتها ، وأن ترد اليه عند اغتصابها ، غير مقيد فى ذلك بزمن معين ، الا إذا آل الحق فيها إلى غيره وفقاً للقانون ، وكان من المقرر كذلك أن الحماية التى أضفاها الدستور على الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان ، لا تنحصر فى الملكية الفردية كحق عينى أصلى تتفرع عنه الحقوق العينية جميعها ، ويعتبر أوسعها وجماعها ، بل تمتد هذه الحماية إلى الأموال كلها ـ ودون تمييز بينها ـ باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية ، سواء أكان هذه الحق شخصياً أم عينياً ، أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية متى كان ذلك فإن حقوق الملكية فى مختلف صورها ـ وأيا كان سبب نشوئها أو انتقالها إلى الغير ـ تشملها الحماية الدستورية المنصوص عليها فى المادتين ٣٢ و ٣٤ وهى فى مجال اختصاص قضاء القيم بالفصل فيها يتعين أن تحكمها القواعد القانونية عينها عند توافر شروط تطبيقها وبوجه خاص على صعيد الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم ، إذ لا يجوز أن يكون هذا الطريق مفتوحاً لفئة ممن يملكون ، ومحجوباً عن نظرائهم .

– – – ١٧ – – –
إن ما تقدم مؤداه ، أن اختصاص محكمة القيم ـ محدداً على ضوء نص المادة ٦ من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ المشار اليه ـ لا يتعلق الا بالملكية الخاصة فصلاً فى ثبوتها أو انتفاء الحق فيها ، وكان الأصل فى الملكية أنها تعتبر حقاً دائماً ، فلا تزول بالتراخى فى استعمالها أمداً ولو كان بعيداً ، بل يظل صاحبها متمتعاً بالحق فى حمايتها ، وأن ترد اليه عند اغتصابها ، غير مقيد فى ذلك بزمن معين ، الا إذا آل الحق فيها إلى غيره وفقاً للقانون ، وكان من المقرر كذلك أن الحماية التى أضفاها الدستور على الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان ، لا تنحصر فى الملكية الفردية كحق عينى أصلى تتفرع عنه الحقوق العينية جميعها ، ويعتبر أوسعها وجماعها ، بل تمتد هذه الحماية إلى الأموال كلها ـ ودون تمييز بينها ـ باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية ، سواء أكان هذه الحق شخصياً أم عينياً ، أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية متى كان ذلك فإن حقوق الملكية فى مختلف صورها ـ وأيا كان سبب نشوئها أو انتقالها إلى الغير ـ تشملها الحماية الدستورية المنصوص عليها فى المادتين ٣٢ و ٣٤ وهى فى مجال اختصاص قضاء القيم بالفصل فيها يتعين أن تحكمها القواعد القانونية عينها عند توافر شروط تطبيقها وبوجه خاص على صعيد الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم ، إذ لا يجوز أن يكون هذا الطريق مفتوحاً لفئة ممن يملكون ، ومحجوباً عن نظرائهم .

– – – ١٨ – – –
إنه لا ينال مما تقدم ، قالة : أن المحكمة العليا للقيم ـ بوصفها درجة استئنافية لمحكمة القيم ـ إنما تفصل فى أنواع بذاتها من المنازعات التى تستقل بخصائصها التى تمنحها ذاتيتها ، وتتمثل فى انصرافها إلى الأشخاص الطبيعيين المشمولين بتلك التدابير الاستثنائية التى فرضتها الدولة عليهم لإخضاع أموالهم لحراستها ، وأنهم بسببها ــ وترتيباً عليها ــ يعتبرون فى مركز قانونى مغاير لمن لم تشملهم هذه التدابير ، ويدعون ملكية أموال يقيمون دعوى الاستحقاق لطلبها ، لا محل لما تقدم ، ذلك أن هؤلاء وهؤلاء يطلبون رد أموالهم اليهم ـ أيا كان سبب تملكهم لها ـ ولا يتمايزون عن بعضهم البعض الا فى واقعة بعينها تعد منعدمة فى ذاتها من زاوية دستورية ، هى تلك التى تتعلق بخضوع الأولين لتلك التدابير التى فرضتها الجهة الإدارية فى شأنهم نكالاً ، لإخراج بعض أموالهم من أيديهم ختالاً ، وهو ما يندرج تحت اغتصابها . ومن غير المتصور أن تكون الواقعة المنعدمة ، مرتبة لأية آثار فى محيط العلائق القانونية ، ذلك أن انعدامها إفناء لذاتيتها من منابتها ، يجتثها من قواعدها ليحيلها هباء منثوراً ، فلا تولد حقاً ، ولا يتعلق لها التزاماً ، بعد أن هدمها الدستور وجردها من كل أثر ، لتكون هشيماً . ولا يسوغ بالتالى أن تؤول واقعة أعدمها الدستور ، إلى الانتقاص من حقوق هؤلاء الذين ناءوا بعبئها . إذا كان ذلك ، وكان التمييز بين المراكز القانونية بعضها البعض ، بفرض تغاير ـ ولو فى بعض جوانبها ـ لتتنافر أجزاؤها ، فلا تتخذ العناصر التى تكونها ، وكان من المقرر قانوناً أن كل واقعة منعدمة لا استواء لها ، فليس لها من عمد ترفعها ، ولا من كيان يقيمها ولا قرار لها بل تنهدم من أساسها لتفقد وجودها من مبدئها ، إذ هى ساقطة فى ذاتها ، فلا وضع لها ، ولا اعتداد بها ، وحسبها أنها غير شيئ ؛ متى كان ذلك ، فإن مثل هذه الواقعة التى تقوم ـ فى إطار النزاع الراهن ـ على فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم وفقاً لأحكام قانون الطوارئ ، ولا تدخل فى تكوين المراكز القانونية التى لا تعتبر كذلك الا بإفتراض مشروعية عناصرها جميعاً . ولا يتصور بالتالى أن يستقيم بها التباين بين مركزين قانونيين ، وذلك أن انعدامها لا يضيفها إلى أيهما ، ولا يحول أحداً أن ينتقض من القواعد الاجرائية والموضوضوعية التى حددها الدستور لإسباغ الحماية الواجبة لحق الملكية ، وذلك لأمرين :
أولهما : أن صون الملكية من زاوية القواعد الاجرائية والموضوعية التى بسطها الدستور والمشرع عليها لا ينفصل عن مبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه فى المادة ٦٥ من الدستور محدداً وفق المقاييس المعمول بها فى الدول الديمقراطية ، معززاً بإستقلال القضاة وحصانتهم كضمانين أساسيين يكفلان حقوق المواطنين وحرياتهم ، ذلك أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها بقواعد تعلو عليها ، وتكون بذاتها ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها لتهيمن عليها محددة طرائقها ومضموناتها . يؤيد ذلك ، أن السلطة ـ أيا كان موقعها أو توجهها ـ لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد يمارسها تعالياً أو استبداداً بل يباشرها من يتقلدها نيابة عن الجماعة ولصالحها وتقيداً بقيمها . وكان من الحتم بالتالى أن يقوم بنيان الدول جميعها ـ ومن خلال التزامها بالمفهوم المعاصر للديمقراطية وسعيها لبناء الشخصية المتكاملة لمواطنيها ـ على مبدأ مشروعية السلطة The Principle of Jure Legitimat authority معززاً بمبدأ الخضوع المتكافئ للقانون Equal subjection to the rule of law ليعملا معاً كمبدأين متكاملين متساندين ، ضماناً لتنظيم السلطة وفق أسس محددة ، لا تخرج بها عن أهدافها انحرافاً ، ولا تميل بممارستها عدواناً لتظل القاعدة القانونية محوراً لكل عمل ، وإطارا يبين حدود الدائرة التى لا يجوز لأحد أن ينال منها ورادعاً ضد العدوان ولأن الدولة القانونية دون غيرها هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها ـ ومن خلال نظمها ـ الضمانة الأولية والمبدئية ، لصون الحقوق والحريات التى كفلها الدستور والقانون فلا تختص فئة ممن يملكون بحقوق يستقلون بها ، ولو كان من حرموا منها يساوونهم فيها .
ثانيهما : أن مبدأ المساواة أمام القانون ، أساس للعدل ، وهو أدخل إلى جوهر الحرية ، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعى . ولئن جاز القول بأن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطوياً على تقسيم أو تصنيف Classification أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها علىالبعض أو المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها الا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها ليكون اتصال الأغراض التى توخاها بالوسائل اليها ، منطقياً ، وليس واهيا أو واهناً بما يخل بالاسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستورياً .
Classification is inherent in legislation in legislators may select different person or groups for difrernt treatment However ,the state may not rely on Classification whose relationship to an asserted goal is so attenuateed as to render the distinction arbitrary or irrational .
كذلك فإن صور التمييز التى تناقض مبدأ المساواة أمام القانون ، وإن تعذر حصرها ، الا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو من خلال تقييد آثارها بما يحول مباشرتها على قدم من المساواه الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها Equality before the law requires an abscence of discriminatory treatment except for those in different circumstances .

– – – ١٩ – – –
إنه لا ينال مما تقدم ، قالة : أن المحكمة العليا للقيم ـ بوصفها درجة استئنافية لمحكمة القيم ـ إنما تفصل فى أنواع بذاتها من المنازعات التى تستقل بخصائصها التى تمنحها ذاتيتها ، وتتمثل فى انصرافها إلى الأشخاص الطبيعيين المشمولين بتلك التدابير الاستثنائية التى فرضتها الدولة عليهم لإخضاع أموالهم لحراستها ، وأنهم بسببها ــ وترتيباً عليها ــ يعتبرون فى مركز قانونى مغاير لمن لم تشملهم هذه التدابير ، ويدعون ملكية أموال يقيمون دعوى الاستحقاق لطلبها ، لا محل لما تقدم ، ذلك أن هؤلاء وهؤلاء يطلبون رد أموالهم اليهم ـ أيا كان سبب تملكهم لها ـ ولا يتمايزون عن بعضهم البعض الا فى واقعة بعينها تعد منعدمة فى ذاتها من زاوية دستورية ، هى تلك التى تتعلق بخضوع الأولين لتلك التدابير التى فرضتها الجهة الإدارية فى شأنهم نكالاً ، لإخراج بعض أموالهم من أيديهم ختالاً ، وهو ما يندرج تحت اغتصابها . ومن غير المتصور أن تكون الواقعة المنعدمة ، مرتبة لأية آثار فى محيط العلائق القانونية ، ذلك أن انعدامها إفناء لذاتيتها من منابتها ، يجتثها من قواعدها ليحيلها هباء منثوراً ، فلا تولد حقاً ، ولا يتعلق لها التزاماً ، بعد أن هدمها الدستور وجردها من كل أثر ، لتكون هشيماً . ولا يسوغ بالتالى أن تؤول واقعة أعدمها الدستور ، إلى الانتقاص من حقوق هؤلاء الذين ناءوا بعبئها . إذا كان ذلك ، وكان التمييز بين المراكز القانونية بعضها البعض ، بفرض تغاير ـ ولو فى بعض جوانبها ـ لتتنافر أجزاؤها ، فلا تتخذ العناصر التى تكونها ، وكان من المقرر قانوناً أن كل واقعة منعدمة لا استواء لها ، فليس لها من عمد ترفعها ، ولا من كيان يقيمها ولا قرار لها بل تنهدم من أساسها لتفقد وجودها من مبدئها ، إذ هى ساقطة فى ذاتها ، فلا وضع لها ، ولا اعتداد بها ، وحسبها أنها غير شيئ ؛ متى كان ذلك ، فإن مثل هذه الواقعة التى تقوم ـ فى إطار النزاع الراهن ـ على فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم وفقاً لأحكام قانون الطوارئ ، ولا تدخل فى تكوين المراكز القانونية التى لا تعتبر كذلك الا بإفتراض مشروعية عناصرها جميعاً . ولا يتصور بالتالى أن يستقيم بها التباين بين مركزين قانونيين ، وذلك أن انعدامها لا يضيفها إلى أيهما ، ولا يحول أحداً أن ينتقض من القواعد الاجرائية والموضوضوعية التى حددها الدستور لإسباغ الحماية الواجبة لحق الملكية ، وذلك لأمرين :
أولهما : أن صون الملكية من زاوية القواعد الاجرائية والموضوعية التى بسطها الدستور والمشرع عليها لا ينفصل عن مبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه فى المادة ٦٥ من الدستور محدداً وفق المقاييس المعمول بها فى الدول الديمقراطية ، معززاً بإستقلال القضاة وحصانتهم كضمانين أساسيين يكفلان حقوق المواطنين وحرياتهم ، ذلك أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها بقواعد تعلو عليها ، وتكون بذاتها ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها لتهيمن عليها محددة طرائقها ومضموناتها . يؤيد ذلك ، أن السلطة ـ أيا كان موقعها أو توجهها ـ لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد يمارسها تعالياً أو استبداداً بل يباشرها من يتقلدها نيابة عن الجماعة ولصالحها وتقيداً بقيمها . وكان من الحتم بالتالى أن يقوم بنيان الدول جميعها ـ ومن خلال التزامها بالمفهوم المعاصر للديمقراطية وسعيها لبناء الشخصية المتكاملة لمواطنيها ـ على مبدأ مشروعية السلطة The Principle of Jure Legitimat authority معززاً بمبدأ الخضوع المتكافئ للقانون Equal subjection to the rule of law ليعملا معاً كمبدأين متكاملين متساندين ، ضماناً لتنظيم السلطة وفق أسس محددة ، لا تخرج بها عن أهدافها انحرافاً ، ولا تميل بممارستها عدواناً لتظل القاعدة القانونية محوراً لكل عمل ، وإطارا يبين حدود الدائرة التى لا يجوز لأحد أن ينال منها ورادعاً ضد العدوان ولأن الدولة القانونية دون غيرها هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها ـ ومن خلال نظمها ـ الضمانة الأولية والمبدئية ، لصون الحقوق والحريات التى كفلها الدستور والقانون فلا تختص فئة ممن يملكون بحقوق يستقلون بها ، ولو كان من حرموا منها يساوونهم فيها .
ثانيهما : أن مبدأ المساواة أمام القانون ، أساس للعدل ، وهو أدخل إلى جوهر الحرية ، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعى . ولئن جاز القول بأن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطوياً على تقسيم أو تصنيف Classification أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها علىالبعض أو المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها الا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها ليكون اتصال الأغراض التى توخاها بالوسائل اليها ، منطقياً ، وليس واهيا أو واهناً بما يخل بالاسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستورياً .
Classification is inherent in legislation in legislators may select different person or groups for difrernt treatment However ,the state may not rely on Classification whose relationship to an asserted goal is so attenuateed as to render the distinction arbitrary or irrational .
كذلك فإن صور التمييز التى تناقض مبدأ المساواة أمام القانون ، وإن تعذر حصرها ، الا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو من خلال تقييد آثارها بما يحول مباشرتها على قدم من المساواه الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها Equality before the law requires an abscence of discriminatory treatment except for those in different circumstances .

– – – ٢٠ – – –
إنه لا ينال مما تقدم ، قالة : أن المحكمة العليا للقيم ـ بوصفها درجة استئنافية لمحكمة القيم ـ إنما تفصل فى أنواع بذاتها من المنازعات التى تستقل بخصائصها التى تمنحها ذاتيتها ، وتتمثل فى انصرافها إلى الأشخاص الطبيعيين المشمولين بتلك التدابير الاستثنائية التى فرضتها الدولة عليهم لإخضاع أموالهم لحراستها ، وأنهم بسببها ــ وترتيباً عليها ــ يعتبرون فى مركز قانونى مغاير لمن لم تشملهم هذه التدابير ، ويدعون ملكية أموال يقيمون دعوى الاستحقاق لطلبها ، لا محل لما تقدم ، ذلك أن هؤلاء وهؤلاء يطلبون رد أموالهم اليهم ـ أيا كان سبب تملكهم لها ـ ولا يتمايزون عن بعضهم البعض الا فى واقعة بعينها تعد منعدمة فى ذاتها من زاوية دستورية ، هى تلك التى تتعلق بخضوع الأولين لتلك التدابير التى فرضتها الجهة الإدارية فى شأنهم نكالاً ، لإخراج بعض أموالهم من أيديهم ختالاً ، وهو ما يندرج تحت اغتصابها . ومن غير المتصور أن تكون الواقعة المنعدمة ، مرتبة لأية آثار فى محيط العلائق القانونية ، ذلك أن انعدامها إفناء لذاتيتها من منابتها ، يجتثها من قواعدها ليحيلها هباء منثوراً ، فلا تولد حقاً ، ولا يتعلق لها التزاماً ، بعد أن هدمها الدستور وجردها من كل أثر ، لتكون هشيماً . ولا يسوغ بالتالى أن تؤول واقعة أعدمها الدستور ، إلى الانتقاص من حقوق هؤلاء الذين ناءوا بعبئها . إذا كان ذلك ، وكان التمييز بين المراكز القانونية بعضها البعض ، بفرض تغاير ـ ولو فى بعض جوانبها ـ لتتنافر أجزاؤها ، فلا تتخذ العناصر التى تكونها ، وكان من المقرر قانوناً أن كل واقعة منعدمة لا استواء لها ، فليس لها من عمد ترفعها ، ولا من كيان يقيمها ولا قرار لها بل تنهدم من أساسها لتفقد وجودها من مبدئها ، إذ هى ساقطة فى ذاتها ، فلا وضع لها ، ولا اعتداد بها ، وحسبها أنها غير شيئ ؛ متى كان ذلك ، فإن مثل هذه الواقعة التى تقوم ـ فى إطار النزاع الراهن ـ على فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم وفقاً لأحكام قانون الطوارئ ، ولا تدخل فى تكوين المراكز القانونية التى لا تعتبر كذلك الا بإفتراض مشروعية عناصرها جميعاً . ولا يتصور بالتالى أن يستقيم بها التباين بين مركزين قانونيين ، وذلك أن انعدامها لا يضيفها إلى أيهما ، ولا يحول أحداً أن ينتقض من القواعد الاجرائية والموضوضوعية التى حددها الدستور لإسباغ الحماية الواجبة لحق الملكية ، وذلك لأمرين :
أولهما : أن صون الملكية من زاوية القواعد الاجرائية والموضوعية التى بسطها الدستور والمشرع عليها لا ينفصل عن مبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه فى المادة ٦٥ من الدستور محدداً وفق المقاييس المعمول بها فى الدول الديمقراطية ، معززاً بإستقلال القضاة وحصانتهم كضمانين أساسيين يكفلان حقوق المواطنين وحرياتهم ، ذلك أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها بقواعد تعلو عليها ، وتكون بذاتها ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها لتهيمن عليها محددة طرائقها ومضموناتها . يؤيد ذلك ، أن السلطة ـ أيا كان موقعها أو توجهها ـ لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد يمارسها تعالياً أو استبداداً بل يباشرها من يتقلدها نيابة عن الجماعة ولصالحها وتقيداً بقيمها . وكان من الحتم بالتالى أن يقوم بنيان الدول جميعها ـ ومن خلال التزامها بالمفهوم المعاصر للديمقراطية وسعيها لبناء الشخصية المتكاملة لمواطنيها ـ على مبدأ مشروعية السلطة The Principle of Jure Legitimat authority معززاً بمبدأ الخضوع المتكافئ للقانون Equal subjection to the rule of law ليعملا معاً كمبدأين متكاملين متساندين ، ضماناً لتنظيم السلطة وفق أسس محددة ، لا تخرج بها عن أهدافها انحرافاً ، ولا تميل بممارستها عدواناً لتظل القاعدة القانونية محوراً لكل عمل ، وإطارا يبين حدود الدائرة التى لا يجوز لأحد أن ينال منها ورادعاً ضد العدوان ولأن الدولة القانونية دون غيرها هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها ـ ومن خلال نظمها ـ الضمانة الأولية والمبدئية ، لصون الحقوق والحريات التى كفلها الدستور والقانون فلا تختص فئة ممن يملكون بحقوق يستقلون بها ، ولو كان من حرموا منها يساوونهم فيها .
ثانيهما : أن مبدأ المساواة أمام القانون ، أساس للعدل ، وهو أدخل إلى جوهر الحرية ، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعى . ولئن جاز القول بأن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطوياً على تقسيم أو تصنيف Classification أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها علىالبعض أو المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها الا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها ليكون اتصال الأغراض التى توخاها بالوسائل اليها ، منطقياً ، وليس واهيا أو واهناً بما يخل بالاسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستورياً .
Classification is inherent in legislation in legislators may select different person or groups for difrernt treatment However ,the state may not rely on Classification whose relationship to an asserted goal is so attenuateed as to render the distinction arbitrary or irrational .
كذلك فإن صور التمييز التى تناقض مبدأ المساواة أمام القانون ، وإن تعذر حصرها ، الا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو من خلال تقييد آثارها بما يحول مباشرتها على قدم من المساواه الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها Equality before the law requires an abscence of discriminatory treatment except for those in different circumstances .

– – – ٢١ – – –
إنه لا ينال مما تقدم ، قالة : أن المحكمة العليا للقيم ـ بوصفها درجة استئنافية لمحكمة القيم ـ إنما تفصل فى أنواع بذاتها من المنازعات التى تستقل بخصائصها التى تمنحها ذاتيتها ، وتتمثل فى انصرافها إلى الأشخاص الطبيعيين المشمولين بتلك التدابير الاستثنائية التى فرضتها الدولة عليهم لإخضاع أموالهم لحراستها ، وأنهم بسببها ــ وترتيباً عليها ــ يعتبرون فى مركز قانونى مغاير لمن لم تشملهم هذه التدابير ، ويدعون ملكية أموال يقيمون دعوى الاستحقاق لطلبها ، لا محل لما تقدم ، ذلك أن هؤلاء وهؤلاء يطلبون رد أموالهم اليهم ـ أيا كان سبب تملكهم لها ـ ولا يتمايزون عن بعضهم البعض الا فى واقعة بعينها تعد منعدمة فى ذاتها من زاوية دستورية ، هى تلك التى تتعلق بخضوع الأولين لتلك التدابير التى فرضتها الجهة الإدارية فى شأنهم نكالاً ، لإخراج بعض أموالهم من أيديهم ختالاً ، وهو ما يندرج تحت اغتصابها . ومن غير المتصور أن تكون الواقعة المنعدمة ، مرتبة لأية آثار فى محيط العلائق القانونية ، ذلك أن انعدامها إفناء لذاتيتها من منابتها ، يجتثها من قواعدها ليحيلها هباء منثوراً ، فلا تولد حقاً ، ولا يتعلق لها التزاماً ، بعد أن هدمها الدستور وجردها من كل أثر ، لتكون هشيماً . ولا يسوغ بالتالى أن تؤول واقعة أعدمها الدستور ، إلى الانتقاص من حقوق هؤلاء الذين ناءوا بعبئها . إذا كان ذلك ، وكان التمييز بين المراكز القانونية بعضها البعض ، بفرض تغاير ـ ولو فى بعض جوانبها ـ لتتنافر أجزاؤها ، فلا تتخذ العناصر التى تكونها ، وكان من المقرر قانوناً أن كل واقعة منعدمة لا استواء لها ، فليس لها من عمد ترفعها ، ولا من كيان يقيمها ولا قرار لها بل تنهدم من أساسها لتفقد وجودها من مبدئها ، إذ هى ساقطة فى ذاتها ، فلا وضع لها ، ولا اعتداد بها ، وحسبها أنها غير شيئ ؛ متى كان ذلك ، فإن مثل هذه الواقعة التى تقوم ـ فى إطار النزاع الراهن ـ على فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم وفقاً لأحكام قانون الطوارئ ، ولا تدخل فى تكوين المراكز القانونية التى لا تعتبر كذلك الا بإفتراض مشروعية عناصرها جميعاً . ولا يتصور بالتالى أن يستقيم بها التباين بين مركزين قانونيين ، وذلك أن انعدامها لا يضيفها إلى أيهما ، ولا يحول أحداً أن ينتقض من القواعد الاجرائية والموضوضوعية التى حددها الدستور لإسباغ الحماية الواجبة لحق الملكية ، وذلك لأمرين :
أولهما : أن صون الملكية من زاوية القواعد الاجرائية والموضوعية التى بسطها الدستور والمشرع عليها لا ينفصل عن مبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه فى المادة ٦٥ من الدستور محدداً وفق المقاييس المعمول بها فى الدول الديمقراطية ، معززاً بإستقلال القضاة وحصانتهم كضمانين أساسيين يكفلان حقوق المواطنين وحرياتهم ، ذلك أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها بقواعد تعلو عليها ، وتكون بذاتها ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها لتهيمن عليها محددة طرائقها ومضموناتها . يؤيد ذلك ، أن السلطة ـ أيا كان موقعها أو توجهها ـ لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد يمارسها تعالياً أو استبداداً بل يباشرها من يتقلدها نيابة عن الجماعة ولصالحها وتقيداً بقيمها . وكان من الحتم بالتالى أن يقوم بنيان الدول جميعها ـ ومن خلال التزامها بالمفهوم المعاصر للديمقراطية وسعيها لبناء الشخصية المتكاملة لمواطنيها ـ على مبدأ مشروعية السلطة The Principle of Jure Legitimat authority معززاً بمبدأ الخضوع المتكافئ للقانون Equal subjection to the rule of law ليعملا معاً كمبدأين متكاملين متساندين ، ضماناً لتنظيم السلطة وفق أسس محددة ، لا تخرج بها عن أهدافها انحرافاً ، ولا تميل بممارستها عدواناً لتظل القاعدة القانونية محوراً لكل عمل ، وإطارا يبين حدود الدائرة التى لا يجوز لأحد أن ينال منها ورادعاً ضد العدوان ولأن الدولة القانونية دون غيرها هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها ـ ومن خلال نظمها ـ الضمانة الأولية والمبدئية ، لصون الحقوق والحريات التى كفلها الدستور والقانون فلا تختص فئة ممن يملكون بحقوق يستقلون بها ، ولو كان من حرموا منها يساوونهم فيها .
ثانيهما : أن مبدأ المساواة أمام القانون ، أساس للعدل ، وهو أدخل إلى جوهر الحرية ، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعى . ولئن جاز القول بأن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطوياً على تقسيم أو تصنيف Classification أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها علىالبعض أو المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها الا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها ليكون اتصال الأغراض التى توخاها بالوسائل اليها ، منطقياً ، وليس واهيا أو واهناً بما يخل بالاسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستورياً .
Classification is inherent in legislation in legislators may select different person or groups for difrernt treatment However ,the state may not rely on Classification whose relationship to an asserted goal is so attenuateed as to render the distinction arbitrary or irrational .
كذلك فإن صور التمييز التى تناقض مبدأ المساواة أمام القانون ، وإن تعذر حصرها ، الا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو من خلال تقييد آثارها بما يحول مباشرتها على قدم من المساواه الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها Equality before the law requires an abscence of discriminatory treatment except for those in different circumstances .

– – – ٢٢ – – –
إن من يملكون يجب أن يكونوا جميعا محاطين بالوسائل الإجرائية عينها التي يقتضيها الدفاع عن حقوقهم ذلك أن حرمان بعضهم منها دون مسوغ عدوان علي حق الملكية من خلال تقليص فرص حمايتها .

[الطعن رقم ٩ – لسنــة ١٦ ق – تاريخ الجلسة ٠٥ / ٠٨ / ١٩٩٥ – مكتب فني ٧ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ١٠٦ – تم قبول هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن رئيس الجمهورية كان قد أصدر القرار رقم ١٤٠ لسنة ١٩٦١ بفرض الحراسة على مورث المدعيات المرحوم إلياس عبدالله مرشاق، فأقمن – أمام محكمة القضاء الإدارى – الدعوى رقم ٢٤٩٢ لسنة ٣٥ قضائية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ هذا القرار، وفى الموضوع بالغائه، مع مايترتب على ذلك من آثار، وعلى الأخص عدم الاعتداد بالتصرفات التى قد تكون الجهة الإدارية قد أبرمتها فى شأن الأموال التى تناولها هذا القرار. وإذ صدر القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، مخولا قضاء القيم الفصل فى هذا النوع من المنازعات، فقد أحالت محكمة القضاء الإدارى الدعوى المنظورة أمامها إلى محكمة القيم، لاختصاصها بالفصل فيها، حيث قيدت أمامها برقم ٨٠ لسنة ٢ قضائية قيم. وحيث إن البين من الأوراق، أن المدعيات كن قد أقمن كذلك الدعوى رقم ١٩ لسنة ٥ قضائية قيم، بطلب الحكم بإلغاء عقد البيع المشهر برقم ٢٢٣٥ فى ٥ / ٤ / ١٩٧٢ توثيق القاهرة، والصادر عن جهاز تصفية الحراسات لشركة مصر للتأمين فى شأن العقار رقم ٩٢ شارع النيل بالجيزة، وبتسليمهن عقود الإيجار التى تتعلق بهذا العقار، مع إلزام شركة مصر للتأمين بغرامة تهديدية عن كل يوم تأخير، مما حدا بتلك الشركة إلى أن تقيم ضدهن الدعوى رقم ٤٨ لسنة ٤ قضائية قيم، بطلب الحكم برد هذا العقار إليها لسبق شهر عقده، ولاكتسابها ملكيته بالتقادم الخمسى . وحيث إن محكمة القيم، أصد رت فى ٢٨ / ٩ / ١٩٨٦ حكمها فى الدعويين المقيدتين بجدولها برقمى ٤٨ لسنة ٤ قضائية و١٩ لسنة ٥ قضائية قيم، متضمنا أولا: فى الدعوى رقم ١٩ لسنة ٥ قضائية قيم بإلغاء عقد البيع المشهر فى ٥ / ٤ / ١٩٧٢ برقم ٢٢٣٥ توثيق القاهرة الصادر لشركة مصر للتأمين . وثانيا: فى الدعوى ٤٨ لسنة ٤ قضائية قيم برفضها . وكانت الجهة الإدارية، وشركة مصر للتأمين كلتاهما، قد طعنتا فى هذا الحكم بالطعنين رقمى ٣٧ و٣٨ لسنة ٦ قضائية قيم عليا، على التوالى وإذ خلص قضاء المحكمة العليا للقيم بصددهما، إلى رفض ثانيهما [الطعن رقم ٣٨ لسنة ٦ قضائية قيم عليا] وإلغاء الحكم في أولهما [الطعن رقم ٣٧ لسنة ٦ قضائية قيم عليا] فيما قضى به فى الدعوى رقم ١٩ لسنة ٥ قضائية قيم ، من إلغاء عقد البيع المشهر فى ٥ / ٤ / ١٩٧٢ برقم ٢٢٣٥ توثيق القاهرة، وذلك بالنسبة لحصتى السيدتين إيفيت ولندا عبدالله مرشاق – ومساحتهما ستة قراريط شيوعا فى كامل أرض وبناء العقار رقم ٩٢ شارع النيل بالجيزة – وإذ كان وزير المالية ورئيس جهاز تصفية الحراسات – بصفتيهما – قد أقاما الدعوى رقم ١٤٢ لسنة ٦ قضائية قيم أمام محكمة القيم، بطلب الحكم بتثبيت ملكية الدولة لهاتين الحصتين، مع تسليمهما، وأداء ريعهما إليهما، ثم عدلا من طلباتهما لتقتصر على الحكم باستحقاقها لهذا الريع. وإذ دفعت المدعيات أمام محكمة القيم بعدم دستورية نص المادة ٥٠ من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ التى تقضى بعدم جواز الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العليا للقيم عدا إعادة النظر، وكانت محكمة القيم قد صرحت لهن برفع الدعوى الدستورية – بعد تقديرها لجدية دفعهن – فقد أقمن الدعوى الماثلة . وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول هذه الدعوى، استنادا إلى انتفاء مصلحة المدعيات فى رفعها، باعتبار أن غايتها تجويز الطعن بطريق النقض فى الأحكام الصادرة من المحكمة العليا للقيم، حال أن النزاع الموضوعى لازال مرددا أمام محكمة القيم التى يجوز الطعن فى أحكامها أمام المحكمة العليا للقيم . وليس للمدعيات بالتالى – “وإلى هذا الحد من النزاع الموضوعى” – مصلحة شخصية ومباشرة يثرن بها ادعاء مخالفة النص المطعون فيه للدستور . وحيث إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة. وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها. فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها. ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذاالضرر وشيكا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلا. ويتعين دوما أن يكون هذا الضرر منفصلا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلا بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنا تحديده وتسويته بالترضية القضائىة، عائدا فى مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلا على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لايعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك إن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية ، عما كان عليه قبلها. ولايتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية، أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام، أو أن تكون نافذة يعرضون منها ألوانا من الصراع بعيدا عن مصالحهم الشخصية المباشرة، أو شكلا للحوار حول حقائق علمية يطرحونها لإثباتها أو نفيها، أو طريقا للدفاع عن مصالح بذواتها لاشأن للنص المطعون عليه بها . بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها – التى كثيراً ما تؤثر فى حياة الأفراد وحرماتهم وحرياتهم وأموالهم – بما يكفل فعاليتها. وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة، فلا تقبل عليها اندفاعا، ولا تُعْرض عنها تراخيا، ولا تقتحم بممارستها حدودا تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية . بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذا أخيرا ونهائيا، وأن تدور وجودا وعدما مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها،ويكون ممكنا إدراكها، لتكون لها ذاتيتها. ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهما أو منتحلا أومجرداً in abstracto أو يقوم على الافتراض أو التخمين conjectural ولازم ذلك، أن يقوم الدليل جليا على اتصال الأضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه، وأن يسعى المضرور لدفعها عنه، لا ليؤمن بدعواه الدستورية – وكأصل عام – حقوق الآخرين ومصالحهم، بل ليكفل إنفاذ تلك الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه . in concreto .والتزاما بهذا الإطار، جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة، شرط لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية. وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازما للفصل فى النزاع الموضوعى. وحيث إن البين من الحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم رقم ٣٧ لسنة ٦ قضائية قيم عليا، أنها تؤيد قضاء محكمة القيم فى الدعوى رقم ١٩ لسنة ٥ قضائية قيم بإلغاء عقد البيع المشهر فى ٥ / ٤ / ١٩٧٢ برقم ٢٢٣٥ توثيق القاهرة فى شأن العقار رقم ٩٢ شارع النيل بالجيزة، باستثناء حصتين مساحتهما ستة قراريط شائعتين فى كامل أرض وبناء هذا العقار للسيدتين إيفيت ولندا إلياس عبدالله مرشاق . وإذ فصل هذا الحكم بذلك فى مسألة كلية قوامها أن هاتين السيدتين لاتملكان هاتين الحصتين، فإن قضاءها هذا لابد أن يؤثر فى الدعوى رقم ١٤٢ لسنة ٦ قضائية قيم التى أقامتها الجهة الإدارية أمام محكمة القيم للحصول على ريعهما، ولايكون أمام هاتين السيدتين من بعد، من سبيل لرد دعواها، إلا ولوج طريق الطعن فى الحكم الصادر عن المحكمة العليا للقيم فى الطعن رقم ٣٧ لسنة ٦ قضائية قيم عليا، وهو ما تقوم به المصلحة الشخصية المباشرة فى النعى على المادة ٥٠ من قانون حماية القيم من العيب، مخالفتها للدستور، فيما تنص عليه من عدم جواز الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم، إلا بطريق إعادة النظر. وحيث إنه لاينال مما تقدم ، قالة أن الطعن بطريق النقض محدد فى أحوال بذواتها بينها قانون المرافعات المدنية والتجارية حصرا، ولا يندرج تحتها الطعن فى الأحكام الصادرة من المحكمة العليا للقيم، وذلك لأمرين: أولهما: أن الرقابة القضائية على الدستورية التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا، إنما تنحصر فى إنزال حكم الدستور فى شأن النصوص القانونية التى تعرض عليها لقيام شبهة قوية فى مخالفتها لقواعده، بما مؤداه أن المسائل الدستورية هى جوهر رقابتها، وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها، توكيدا للطبيعة العينية للدعوى الدستورية، واستصحابا لأصل الخصومة فيها، ومناطها مقابلة النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، بالقيود التى فرضها لضمان النزول عليها . ومن ثم يكون إهدار هذه النصوص بقدر تعارضها مع الدستور، إطارا وحيدا للخصومة الدستورية، وهو كذلك موضوعها، والغاية التى تبتغيها. وقضاء المحكمة الدستورية العليا ببطلان هذه النصوص أو صحتها، لايعدو أن يكون تقريرا بتصادمها أو اتفاقها مع الدستور. وليس لها بالتالى أن تفصل فى غير المسائل التى تثيرها الخصومة الدستورية، وبقدر اتصالها بالنزاع الموضوعى. ثانيهما: أن إبطال المحكمة الدستورية العليا لنص المادة ٥٠ من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ – والتى لاتجيز الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العليا للقيم إلا بطريق إعادة النظر – يعنى أن هذا الحظر يناقض الدستور، وهو ما يفيد لزوما انفتاح طريق الطعن فيها تصويبا لأخطائها القانونية، إعمالاً لآثار الحكم الصادر فى المسائل الدستورية، ولو كان إنفاذ هذه الآثار بمقتضى تدخلا تشريعيا “لتحديد الجهة التى تفصل فى هذا الطعن وكيفية تشكيلها”. ذلك أن الحجية المطلقة التى أسبغها قانون المحكمة الدستورية العليا على أحكامها فى المسائل الدستورية، لازمها تقيد الناس أجمعين بمضمونها. ونزول الدولة بكامل سلطاتها وتنظيماتها عليها، لتعمل بوسائلها وأدواتها – من خلال السلطة التشريعية كلما كان ذلك ضروريا – على تطبيقها . وحيث إن المادة ٦ من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، تقضى بأن “تختص محكمة القيم المنصوص عنها فى قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ دون غيرها، بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المنصوص عليها فى المادة السابقة . وكذلك المنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التى فرضت قبل العمل بالقانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليا، وتحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها…………” وحيث إن المناعى التى يثيرها الطعن الراهن، تتحصل فى إهدار النص المطعون فيه مبدأ المساواة أمام القانون، والإخلال بضمانة الدفاع ، وحق التقاضى، واستقلال السلطة القضائية، وما يجب الالتزام به فى شأن تحديد اختصاص محاكمها، ذلك أن النزاع الموضوعى أحيل إلى محكمة القيم إعمالا لنص المادة ٦ من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، ويثير هذا النزاع وفقا لحكمها حقوقا تدور حول الملكية التى تختص أصلا جهة القضاء العادى بالفصل فيها ابتدائيا واستئنافيا، وكذلك من خلال تقعيد مسائل القانون بصددها . إذ كان ذلك، وكان عرض النزاع على محكمة القيم ثم المحكمة العليا للقيم – وأن جاز أن يُحْمَل على أنهما درجتان من درجات التقاضى، أولاهما ابتدائية وثانيتهما استئنافية – إلا أن إنغلاق طريق الطعن – على صعيد مسائل القانون – فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم، يعنى أن من تحملوا بالتدابير التى فرضتها الدولة عليهم لإخضاع أموالهم لحراستها، أسوأ حالا ممن انحسرت عنهم هذه التدابير، وإن كانوا جميعا يملكون أموالا، ويسعون لرد العدوان عليها. وحيث إن المواثيق الدولية – وفى مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة – تؤكد عزم الدول على إرساء مفهوم للعدالة لاينفصل عن محتواها، ويكون كافلا لملامحها، لازما لإنفاذ متطلباتها، ضمانا لحقوق مواطنيها وتأمينا لحرياتهم. كذلك فإن الأسس الموضوعية لقواعد إدارتها، ينافيها كل تمييز ينال منها . وحيث إن الدستور بما نص عليه فى المادة ٦٨ منه، من ضمان حق كل مواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى لرد ما قد يقع من عدوان على الحقوق التى يدعيها، قد دل على أمرين. أولهما: أن لكل مواطن أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعتها، وعلى ضوء مختلف العناصر التى لابستها، مهيأ دون غيره للفصل فيها. ثانيهما: أن الناس جميعا لايتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية عينها، ولا فى فعالية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور والمشرع للحقوق التى يدعونها، ولا فى اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، ولا فى طرق الطعن التى تنتظمها . بل يجب أن يكون للحقوق عينها، قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها ، أو الدفاع عنها، أو استئدائها، أو الطعن فى الأحكام التى تتعلق بها. ولايجوز بالتالى أن يقيم المشرع فيما بين المواطنين، تمييزا غير مبرر فى شأن إعمال هذه القواعد، بما يعطلها لفريق من بينهم أو يقيدها، وبوجه خاص على صعيد الفصل بطريقة منصفة فى حقوقهم المدنية والتزاماتهم . يؤيد ذلك أن طرق الطعن فى الأحكام لاتعتبر مجرد وسائل إجرائية ينشئها المشرع ليوفر من خلالها سبل تقويم اعوجاجها، بل هى فى واقعها أوثق اتصالا بالحقوق التى تتناولها، سواء فى مجال إثباتها أو نفيها أو توصيفها ، ليكون مصيرها عائدا أساسا إلى انفتاح هذه الطرق أو انغلاقها، وكذلك إلى التمييز بين المواطنين المتحدة مراكزهم القانونية identically situated فى مجال النفاذ إلى فرصها. وحيث إن السلطة التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، وإن كان الأصل فيها هو إطلاقها، إلا أن القيود التى قد يفرضها الدستور لصون هذه الحقوق من صور العدوان المحتمل عليها، هى التى تبين تخوم الدائرة التى لايجوز أن يتداخل التنظيم التشريعى فيها هادماً للحقوق التى يكفلها الدستور، أو مؤثراً فى محتواها بما ينال منها . ومن ثم تمثل هذه الدائرة مجالاً حيوياً لايتنفس الحق إلا من خلالها، ولايكون تنظيم هذا الحق ممكناً من زاوية دستورية إلا فيما وراء حدودها الخارجية، ليكون اقتحامها مجانبا لتنظيمه، وعدوانا عليه أدخل إلى مصادرته أو تقييده . كذلك لايجوز أن تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعا محدداً عن أهدافها، بل يجب أن تكون هذه النصوص مدخلاً إليها، وموطئاً لأشباع مصلحة عامة لها اعتبارها. appropriate means to justifiable ends ومرد ذلك، أن كل تنظيم تشريعى لايصدر عن فراغ، ولايعتبر مقصوداً لذاته. بل مرماه إنفاد أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التى أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها. وحيث إن ما نص عليه الدستور فى المواد ١ و ٣ و ٤ من قيام نظام الحكم على أساس ديموقراطى، ومباشرة الشعب لحقوق السيادة فى الحدود التى نص عليها، قد دل على أنه فى مجال حقوق المواطنين وحرياتهم، فإن مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها، و تتقيد هى بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى التزمتها الدول الديمقراطية باطراد فى مجتمعاتها، واستقر العمل فيما بينها على انتهاجها فى مختلف مظاهر سلوكها، باعتبار أن التقيد بها مفترض أولى لتوكيد خضوعها للقانون ، وبما لا إخلال فيه بتلك الحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية – ووفقاً لمعايير تطبيقها لديها – معبراً عن إقرارها لضماناتها، ونزولها بالقيود عليها إلى الحدود التى تقتضيها الضرورة، وبما لايعطل جوهرها essential core ، إنفاذاً لفعاليتها، واستيفاءً لدورها فى مجال إشباع المصالح المرتبطة بها . ويندرج تحتها أن يكون لكل شخص حق مكتمل ومتكافئ مع غيره، فى محاكمة علنية ومنصفة، تقوم عليها محكمة مستقله محايدة، تتولى الفصل فى حقوقه والتزاماته المدنية، بما يعكس المقاييس المعاصرة التى تلتزمها الأمم المتحضرة فى تنظيماتها، وبوجه خاص تلك التى تتصل بتشكيل محاكمها، وقواعد إدارتها، والأشكال الإجرائية المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها عملاً، والتكلفة المطلوبة لخدماتها، وبما لايخل فى إطارها بضمانة الدفاع التى تتكافأ للخصوم معها أسلحتهم، equality of arms ، ويؤمن المحامون على ضوئها مصالح موكليهم ، ويرعون حدودها، وفق أصول المهنة ومتطلباتها، وبما لاينحدر بضوابط ممارستها إلى حد إهدار مستوياتها الموضوعية التى يفترض أن يكون التقيد بها، كافلاً لدورهم بوصفهم شركاء للسلطة القضائية فى النهوض برسالتها . وإذ كان الدستور – بالنصوص التى صاغها لإرساء ضمانة الدفاع – يفترض ألا يكون دور المحامين شكلياً أو رمزياً، متخاذلاً أو قاصراً عن أن يقدموا لموكليهم تلك المعاونة الفعالة التى يقتضيها صون حقوقهم، فإن التدخل تشريعياً بما يعوق إنفاذ موجباتها – كإغلاق طريق الطعن بالنسبة إلى فئة ممن يملكون، وحرمان أفرادها بالتالى من فرص الدفاع عن حقوقهم أو من بعض جوانبها – يكون كذلك ممتنعاً دستورياً . وحيث إن الدستور – إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيداً لإسهامها فى صون الأمن الاجتماعى – كفل بالمادتين ٣٢ و ٣٤ حمايتها لكل فرد – وطنياً كان أم أجنبياً – ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها، باعتبارها عائدة – فى الأعم من الأحوال – إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها، معبداً بها الطريق إلى التقدم، كافلاً للتنمية أهم أدواتها، محققاً من خلالها إرادة الإقدام، هاجعاً إليها لتوفر ظروفاً أفضل لحرية الاختيار والتقرير، مطمئناً فى كنفها إلى يومه وغده، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولايناجز سلطته فى شأنها خصيم ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التى تعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها . ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها، أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية . ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها . وبقدر اتساع قاعدة الملكية تتعدد روافدها، وتتنوع استخداماتها، لتشكل نهراً يتدفق بمصادر الثروة القومية التى لايجوز إهدارها، أو التفريط فيها أو بعثرتها تبديداً لقيمتها، ولاتنظيمها بما يخل بالتوازن بين نطاق حقوق الملكية المقررة عليها، وضرورة تقييدها نأيا بها عن الانتهاز، أو الإضرار بحقوق الآخرين . ذلك أن الملكية – فى إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة – لم تعد حقا مطلقاً، ولا هى عصية على التنظيم التشريعى . وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها . ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التى تتطلبها وظيفتها الاجتماعية . وهى وظيفة لايتحدد نطاقها من فراغ، ولاتفرض نفسها تحكماً، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التى ينبغى رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعى معين، فى بيئة بذاتها لها توجهاتها ومقوماتها، وبمراعاة أن القيود التى يفرضها الدستور على حق الملكية، للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والجماعة . وحيث إن البين من اختصاص محكمة القيم – محدداً وفقا لنص المادة ٦ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة – أن الحقوق المثارة فى الدعاوى التى يتعلق بها هذا الاختصاص، تدور جميعها حول الملكية الفردية التى كفل الدستور صونها، واختصها بالحماية المنصوص عليها فى المادتين ٣٢ و٣٤، ذلك أن المنازعات التى تنشأ عن الحراسات المفروضة قبل العمل بالقانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ – بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب – أو المترتبة عليها، محورها أموال الأشخاص الذين اخضعتهم أوامر الجهة الإدارية الصادرة عنها وفقا لقانون الطوارئ، لتلك التدابير، ليقع عبؤها عليهم تارة، أو عليهم مع عائلاتهم بالتبعية طوراً آخر. وقد صدر القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ آنف البيان، بعد أن كانت جهات القضاء على اختلافها قد استقر أمرها على انهدام الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين استناداً إلى أحكام القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ فى شأن حالة الطوارئ، وانعدام آثارها . وإذ كان إعمال آثار هذه الأحكام فى شأن تلك الأوامر، مؤداه أن ترد الأموال التى تناولتها – وبأكملها – إلى أصحابها عيناً، وكان استئثارهم بها قد انطوى – فى تقدير المشرع – على الإضرار بأخرين ظلوا يحوزونها مدداً طويلة رتبوا خلالها – وعلى أساسها – حقهم فى العيش والحياة الآمنة، فقد تدخل المشرع للحد من جريان هذه الآثار على إطلاقها، ضماناً للسلام الاجتماعى، وصوناً لبعض الأوضاع السياسية والاقتصادية القومية . واقتضاه ذلك أن يلجأ – استثناء – إلى تعويضهم عن بعض أموالهم وفق معايير قدر ألا يكون تطبيقها منطوياً على مصادرة كلية أو جزئية للحق فى التعويض . وهو استثناء ظل قائما فى الحدود التى بينها المشرع، ومرتبطاً بأموال بذواتها لا يتعداها إلى غيرها. ومن ثم كان منطقياً أن يردد هذا القرار بقانون، الأصل العام فى شأن أموال الخاضعين لتلك التدابير، ممثلاً فى ردها عيناً إليهم، وأن ينص فى مادته الأولى – واستصحاباً لهذا الأصل – على أن “تعتبر كأن لم تكن الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم وورثتهم استناداً إلى أحكام القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ فى شأن حالة الطوارئ، وتتم إزالة الآثار المترتبة على ذلك على الوجه المبين فى هذا القانون” . مقننا بذلك مااستقر عليه القضاء من قبل من اعتبار هذه الأوامر متضمنة عيباً جسيماً يفقدها مقوماتها لصدورها عارية عن سندها من خلال عدوانها على الملكية الخاصة التى عنى الدستور بصونها، وهو ما ينحدر بتلك الأوامر إلى مرتبة الأعمال المادية عديمة الأثر قانوناً، ويجردها من محتواها، ومن مشروعيتها الدستورية، لتنحل عدما . ولئن صح القول بأن جانبا من الأموال التى شملتها التدابير المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا القرار بقانون، قد استثنتها مادته الثانية من قاعدة الرد العينى مع تعويض أصحابها عنها وفقاً للأسس التى حددتها، إلا أن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن هذا الاستثناء – وعلى مايبين من حكمها الصادر فى الدعويين رقمى ١٣٩ و ١٤٠ لسنة ٥ قضائية “دستورية ” جاء قاطعاً بأن التعويض المقرر عن الأموال التى تناولها، ليس معادلا لقيمتها الحقيقية، وهو مايعنى بالضرورة، رد تلك الأموال إلى أصحابها دون قيد . ثانيها: أن اختصاص محكمة القيم – محدداً على ضوء نص المادة ٦ من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ المشار إليه – لايتعلق إلا بالملكية الخاصة فصلاً فى ثبوتها أو انتفاء الحق فيها، وكان الأصل فى الملكية أنها تعتبر حقاً دائما، فلا تزول بالتراخى فى استعمالها أمداً ولو كان بعيداً، بل يظل صاحبها متمتعاً بالحق فى حمايتها، وأن ترد إليه عند اغتصابها، غير مقيد فى ذلك بزمن معين، إلا إذا آل الحق فيها إلى غيره وفقاً للقانون، وكان من المقرر كذلك أن الحماية التى أضفاها الدستور على الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان، لاتنحصر فى الملكية الفردية كحق عينى أصلى تتفرع عنه الحقوق العينية جميعها، ويعتبر أوسعها وجماعها، بل تمتد هذه الحماية إلى الأموال كلها – ودون تمييز بينها – بإعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية، سواء أكان هذه الحق شخصياً، أم عينيا،ً أم كان من حقوق الملكية الإدبية أو الفنية أو الصناعية . متى كان ذلك، فإن حقوق الملكية فى مختلف صورها – وأيا كان سبب نشوئها أو انتقالها إلى الغير – تشملها الحماية الدستورية المنصوص عليها فى المادتين ٣٢ و٤٣، وهى فى مجال اختصاص قضاء القيم بالفصل فيها، يتعين أن تحكمها القواعد القانونية عينها عند توافر شروط تطبيقها، وبوجه خاص على صعيد الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم، إذ لايجوز أن يكون هذا الطريق مفتوحاً لفئة ممن يملكون، ومحجوباً عن نظرائهم. وحيث إنه لا ينال مما تقدم، قالة أن المحكمة العليا للقيم – بوصفها درجة استثنافية لمحكمة القيم – إنما تفصل فى أنواع بذاتها من المنازعات التى تستقل بخصائصها التى تمنحها ذاتيتها، وتتمثل فى انصرافها إلى الأشخاص الطبيعيين المشولين بتلك التدابير الاستثنائية التى فرضتها الدولة عليهم لإخضاع أموالهم لحراستها، وأنهم بسببها – ترتيباً فيها – يعتبرون فى مركز قانونى مغاير لمن لم تشملهم هذه التدابير، ويدعون ملكية أموال يقيمون دعوى الاستحقاق لطلبها، لامحل لما تقدم، ذلك أن هؤلاء وهؤلاء يطلبون رد أموالهم إليهم – أيا كان سبب تملكهم لها – ولايتمايزون عن بعضهم البعض إلا فى واقعة بعينها تعد منعدمة فى ذاتها من زاوية فى شأنهم نكالا، لإخراج بعض أموالهم من أيدهم ختالاً، وهو ما يتدرج تحت اغتصابها. ومن غير المتصور أن تكون الواقعة المنعدمة، مرتبة لأية آثار فى محيط العلائق القانونية، ذلك أن انعدامها إفناء لذاتيتها يقتلعها من منابتها، ويجتثها من قواعدها، ليحيلها هباء منثوراً، فلا تولد حقا، ولايتعلق بها التزام، بعد أن هدمها الدستور، وجردها من كل أثر، لتكون هشيماً. ولايسوغ بالتالى أن تؤول واقعة أعدمها الدستور، إلى الانتقاص من حقوق هؤلاء الذين ناءوا بعبئها . إذ كان ذلك، وكان التمييز بين المراكز القانونية بعضها البعض، يفترض تغايرها – ولو فى بعض جوانبها – لتتنافر أجزاؤها، فلا تتحد العناصر التى تكونها، وكان من المقرر قانوناً أن كل واقعة منعدمة لا استواء لها، فليس لها من عُمد ترفعها، ولا من كيان يُقيمها، ولاقرار لها، بل تنهدم من أساسها لتفقد وجودها من مبدئها، إذ هى ساقطة فى ذاتها، فلا وضع لها، ولا اعتداد بها، وحسبها أنها غير شيئ. متى كان ذلك، فإن مثل هذه الواقعة التى تقوم – فى إطار النزاع الراهن – على فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم وفقا لأحكام قانون الطوارىء، لا تدخل فى تكوين المراكز القانونية التى لاتعتبر كذلك “إلا بافتراض مشروعية عناصرها جميعاً”. ولايتصور بالتالى أن يستقيم بها التباين بين مركزين قانونيين، ذلك أن انعدامها لايُضيفها إلى أيهما، ولايخول أحداً أن ينتقص من القواعد الإجرائية والموضوعية التى حددها الدستور لإسباغ الحماية الواجبة لحق الملكية وذلك لأمرين . أولهما: أن صون الملكية من زاوية القواعد الإجرائية والموضوعية التى بسطها الدستور والمشرع عليها، لاينفصل عن مبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه فى المادة ٦٥ من الدستور محدداً وفق المقاييس المعمول بها فى الدول الديمقراطية، ومعززاً باستقلال القضاة وحصانتهم كضمانين أساسيين يكفلان حقوق المواطنين وحرياتهم، ذلك أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها بقواعد تعلو عليها، وتكون بذاتها ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها، لتهيمن عليها محددة طرائقها ومضموناتها. يؤيد ذلك، أن السلطة – أيا كان موقعها أو توجهها – لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد يمارسها تعالياً أو استبداداً، بل يباشرها من يتقلدها نيابة عن الجماعة ولصالحها، وتقيداً بقيمها، وكان من الحتم بالتالى أن يقوم بنيان الدول جميعها – ومن خلال التزامها بالمفهوم المعاصر للديمقراطية، وسعيها لبناء الشخصية المتكاملة لمواطنيها – على مبدأ مشروعية السلطة ُThe principle of de jure legitimate authority، معززاً بمبدأ الخضوع المتكافىء للقانونEqual subjection to the rule of law، ليعملا معاً كمبدأين متكاملين متساندين، ضمانا لتنظيم السلطة وفق أسس محددة، لاتخرج بها عن أهدافها انحرافا، ولاتميل بممارستها عدواناً، لتظل القاعدة القانونية محوراً لكل عمل، وإطارا يبين حدود الدائرة التى لايجوز لأحد أن ينال منها، ورادعا ضد العدوان . ولأن الدولة القانونية دون غيرها، هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها – ومن خلال نظمها – الضمانة الأولية والمبدئية، لصون الحقوق والحريات التى كفلها الدستور والقانون، فلا تختص فئة ممن يملكون بحقوق يستقلون بها، ولو كان من حرموا منها يساوونهم فيها . ثانيهما: أن مبدأ المساواة أمام القانون، أساس للعدل، وهو أدخل إلى جوهر الحرية، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعى. ولئن جاز القول بأن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطويا على تقسيم أو تصنيف Classification أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها على البعض، أو المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها ؛ إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور، يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعا محددا، عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التى توخاها، بالوسائل إليها، منطقيا، وليس واهيا أو واهنا، بما يخل بالأسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريا. Classification is inherent in legislation in that legislators may select different persons or groups for different treatment . However, the state may not rely on a classification whose relationship to an asserted goal is so attenuated as to render the distinction arbitrary or irrational كذلك فإن صور التمييز التى تناقض مبدأ المساواة أمام القانون، وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد، ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بأنكارأصل وجودها، أو من خلال تقييد آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها . Equality before the law requires an abscence of discriminatory treatment except for those in different circumstances . ولا شبهة فى أن من يملكون، يجب أن يكونواً جميعا محاطين بالوسائل الإجرائية عينها التى يقتضيها الدفاع عن حقوقهم، ذلك أن حرمان بعضهم منها دون مسوغ، عدوان على حق الملكية من خلال تقليص فرص حمايتها . وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه، قد اختص الفئه التى تعلق بها مجال تطبيقه، بمعاملة استثنائية جائرة تفتقر إلى الأسس الموضوعية التى تسوغها، بأن حرمها من فرص الطعن فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم، لتقويم مايكون قد اختل من قضائها فى مجال تطبيقها للقانون على النزاع المعروض عليها، وكان انغلاق طريق الطعن فيها بالنسبة إلى هذه الفئة، مؤداه تجريد أموالها من صورة بذاتها من صور الحماية التى كان ينبغى بسطها عليها، ليكون المتماثلون فى مراكزهم القانونية، متمتعين بالحقوق عينها، وكان النص المطعون فيه – فوق هذا – قد أخل بضمانة الدفاع فى بعض جوانبها، وبضرورة الفصل فى حقوق المواطنين والتزاماتهم المدنية وفق قواعد تكون منصفة فى ذاتها، وبمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، وبخضوع الدولة لأحكامه ، فإن هذا النص ، يكون مخالفاً لأحكام المواد ٣٢ و ٣٤ و ٤٠ و ٦٤ و ٦٥ و ٦٨ و ٦٩ و ١٦٥ من الدستور. فهلذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة ٥٠ من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ وذلك فيما تضمنته من حظر الطعن – بغير طريق إعادة النظر – فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا للقيم فى شأن المنازعات المحالة إلى قضاء القيم وفقاً لنص المادة ٦ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة. وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى