حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦٣ لسنة ١٧ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦٣ لسنة ١٧ دستورية
تاريخ النشر : ١٦ – ٠٥ – ١٩٩٦

منطوق الحكم : عدم قبول دستورية

مضمون الحكم : بشأن عدم قبول دعوى طلب الحكم بعدم دستورية المادة ٢٨٠ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بالمرسوم بقانون رقم ٧٨ لسنة ١٩٣١

الحكم

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت ٤ مايو سنة ١٩٩٦ الموافق ١٦ ذو الحجة سنة ١٤١٦ه·
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله.
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٦٣ لسنة ١٧ قضائية دستورية ·
المقامة من

– السيدة / وفاء اسماعيل بدر الدين
ضد
– السيد / رئيس الوزراء
– السيدة / نائلة عبد الحميد
الإجراءات

بتاريخ ٢٣ اكتوبر سنة ١٩٩٥ أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة الحكم بعدم دستورية المادة ٢٨٠ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم ٧٨ لسنة ١٩٣١·
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها ·
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم·
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليها الثانية كانت قد أقامت الدعوى رقم ٣٦ لسنة ١٩٩٥ أمام محكمة الدقى الجزئية للأحوال الشخصية بطلب الحكم بإسقاط حضانة المدعية لصغيرها أحمد طارق شاكر وبأحقيتها فى حضانته، وقد دفعت المدعية – أثناء نظر الدعوى الموضوعية – بعدم دستورية المادة ٢٨٠ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية فقد صرحت لها برفع دعواها الدستورية ، فأقامت الدعوى الماثلة ·
وحيث إن المدعية تنعى على المادة ٢٨٠ من المرسوم بقانون رقم ٧٨ لسنة ١٩٣١ المشتمل على لائحة ترتيب المحاكم الشرعية و
الإجراءات
المتعلقة بها، أن إيجابها صدور الأحكام طبقا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة دون سواه، إنما يقع مخالفا لنص المادة الثانية من الدستور التى تلزم السلطة التشريعية بالتقيد بمبادى ء الشريعة الإسلامية فيما تقره من القواعد القانونية ، ويخل كذلك بنص المادة التاسعة من الدستور التى تقضى بأن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية ، كما يناقض نص المادة الحادية عشرة من الدستور التى تنص على كفالة الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها فى المجتمع ومساواتها بالرجل فى مبادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وذلك دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية ·
وحيث إن المادة ٢٨٠ من اللائحة المشار إليها، تنص على أن تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ، ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ، ماعدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة ، فيجب فيها أن تصدر تلك الأحكام طبقا لتلك القواعد·
وحيث إن موضوع هذا الطعن برمته سبق أن عرض على المحكمة العليا التى أصدرت فيه حكما برفض الدعوى رقم ١٠ لسنة ٥ ق دستورية بجلسة ٣ / ٤ / ١٩٧٦، ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ ٢٩ / ٧ / ١٩٧٦، وأقيم ذلك الحكم على نظر حاصله، أن المادة ٢٨٠ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تغلق باب الاجتهاد، بل انها تنص على وجوب إصدار الأحكام – فيما لا يرد فيه نص وضعى – وفقا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة · وليس من شأن هذه المادة منع المشرع من أن يستلهم من المذاهب الأربعة ومن غيرها ما يراه ملائما لزمانه وبيئته، باعتبار أن السياسة التشريعية تقتضى من المشرع أن يفتح باب الرحمة من الشريعة نفسها، وأن يرجع إلى آراء العلماء لمعالجة الأمراض الاجتماعية كلما استعصى مرض منها، حتى يشعر الناس بأن فى الشريعة مخرجا من الضيق، هذا فضلا عن أن تخير المشرع مذهبا دون مذهب أو أرجح الأقوال فى مذهب من المذاهب، وإلزام القضاء التقيد به، هو من المسائل التى يترخص فيها بسلطة تقديرية وفقا لما يراه ملائما لظروف المجتمع ·
وحيث إن قضاء
المحكمة الدستورية العليا
قد جرى على أن الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقرار بقانون رقم ٨١ لسنة ١٩٦٩، إذ نصت على أن تختص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل فى دستورية القوانين، وكانت المادة ٣١ من قانون
الإجراءات
والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقرار بقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٧٠ تقضى بأن ينشر فى الجريدة الرسمية منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل فى دستورية القوانين، وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء، فإن هاتين المادتين تكونان قد قطعتا بأن الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا فى الدعاوى الدستورية ، لا يقتصر أثرها على من كان طرفا فيها من الخصوم، بل ينصرف هذا الأثر كذلك إلى الناس أجمعين، وإلى الدولة بمختلف تنظيماتها، بما فى ذلك جهات القضاء على تشعبها، وذلك سواء كانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص المطعون عليه، ومن ثم بطلانه وزوال الآثار الناتجة عنه، أم إلى دستوريته وبالتالى براءته من المثالب الدستورية جميعها، وبقاءه نافذا فى الصورة التى أفرغها المشرع فيه · ذلك أن الخصومة فى الدعاوى الدستورية – وهى عينية بطبيعتها – تنصب على النصوص التشريعية ذاتها، تحريا لموافقتها أو مخالفتها للدستور، هذا فضلا علي أن الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية التى انفردت بها المحكمة العليا، هى رقابة شاملة قوامها هذه النصوص ذاتها أيا كانت الجهة التي أقرتها أو اصدرتها، ويمتد نطاقها إلى تجريدها من قوة نفاذها إذا ما قضى بعدم دستوريتها، أو إلى تقرير صحتها وانتفاء موجبات إبطالها، فلا يعرقل سريانها فى مواجهة المخاطبين بها أى عائق·
وحيث إن متى كان ما تقدم، وكان قضاء المحكمة العليا فيما فصل فيه فى الدعوى رقم ١٠ لسنة ٥ قضائية دستورية المشار إليها، إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الكافة ، وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها، وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة ، وهى حجية تعتبر بذاتها قولا فصلا لا يقبل تعقيبا، فإن الدعوى الدستورية الماثلة تكون غير مقبولة ·
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى