حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦٢ لسنة ١٧ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦٢ لسنة ١٧ دستورية
تاريخ النشر : ١٦ – ٠٥ – ١٩٩٦

منطوق الحكم : عدم اختصاص

مضمون الحكم : بشأن عدم اختصاص المحكمة في نظر دعوى الطعن بعدم دستورية قرار رئيس شركة طنطا للزيوت و الصابون ببيع أرض النزاع بالمزاد العلنى

الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت ٤ مايو سنة ١٩٩٦ الموافق ١٦ ذو الحجة سنة ١٤١٦هـ ·
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله·
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٦٢ لسنة ١٧ قضائية دستورية
بعد أن أحالت محكمة الاستئناف العالى بطنطا ملف الاستئناف رقم ١١٠٢ لسنة ٤٥ قضائية .
المقامة من

ورثة محمد عبدالحميد عبد السلام الدماطى وهم: –
١ – السيد / خالد محمد رضا محمد الدماطى ٢ – السيدة / نادية محمد عبد الحميد الدماطى
٣ – السيد / عمر محمد عبد الحميد الدماطى ٤ – السيدة / نبيله محمد عبد الحميد الدماطى
٥ – السيدة / كريمة محمد عبد الحميد الدماطى
٦ – السيدة / فاطمة الزهراء محمد عبد الحميد الدماطى
ضد
١ – السيد / وزير قطاع الأعمال العام
٢ – السيد / رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية
٣ – الممثل القانونى لشركة طنطا للزيوت والصابون
٤ – السيد / رئيس مجلس إدارة بنك مصر
الإجراءات

بتاريخ ١٨ أكتوبر سنة ١٩٩٥، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم ١١٠٢ لسنة ٤٥ قضائية استئناف طنطا بعد أن قضت محكمة الاستئناف العالى بطنطا – الدائرة الثانية المدنية – بإحالة الدعوى إلى
المحكمة الدستورية العليا
للفصل فى الطعن بعدم دستورية قرار شركة طنطا للزيوت والصابون ببيع أرض النزاع بالمزاد العلنى والمعلن عنها بجريدة الأهرام فى ٨ يوليو سنة ١٩٩٤·
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى ، واحتياطياً بعدم قبولها·
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها·
وقد نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم ·
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة ·
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المشرع كان قد أمم بعض الشركات والمنشأت بمقتضى القرار بقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٦٣، ومن بينها شركة مصر الأهلية لعصر الزيوت والتبريدات [الدماطى سابقا] وقد تم دمجها – بمقتضى القرار رقم ٨٨٩ لسنة ١٩٦٣ الصادر عن وزير الصناعة – فى شركة طنطا للزيوت والصابون لتملك بذلك كل أصول الشركة المؤممة ، وليكون لها حق التصرف فيها واستعمالها واستغلالها عملاً بالمادة ٨٠٢ من القانون المدنى · بيد أن السيد / خالد محمد رضا الدماطى وآخرين أقاموا ضدها – وأثر إعلانها عن بيعها بالمزاد العلنى لقطعة الأرض التى كان مصنع الدماطى مقاماً عليها مع الشونة التى تتبعها – الدعوى رقم ٢٦٨٥ لسنة ١٩٩٤ أمام محكمة طنطا الابتدائية ، تأسيسا على أنهم كانوا يمتلكون مع مورثهم هاتين القطعتين بمقتضى عقد مسجل قبل أن يتناولها التأميم الذى فقد مغزاه والأغراض التى يتوخاها بعد هدم مصنعهم المؤمم وتشريد عماله، والشروع فى بيع الأرض التى أقيم عليها والشونة الملحقة بها بالمزاد العلنى ، مما حملهم على اختصام شركة طنطا للزيوت والصابون بمقتضى هذه الدعوى لطلب الحكم أولا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيد قرارها ببيع هاتين القطعتين بالمزاد العلنى لحين الفصل فى الدعوى الموضوعية · ثانيا: إعادة هاتين القطعتين إليهم مع استعدادهم لرد ماقبضوه كتعويض عن التأميم· وإذ قضت محكمة طنطا الابتدائية بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الشق المستعجل، وبعدم اختصاصها ولائيا بنظر الموضوع استناداً إلى أن طلبات المدعين تتضمن إلغاء تأميم مصنعهم، وهو ما يمتنع على جهات القضاء النظر فيه· وإذ لم يرتض المدعون هذا الحكم فقد طعنوا عليه استئنافيا، وقيد استئنافهم برقم ١١٠٢ لسنة ٤٥ قضائية استئناف طنطا، وأثناء نظره دفعوا بعدم دستورية القرار الصادر عن شركة طنطا للزيوت ببيع أرض المصنع المؤمم والشونة الملحقة به· وإذ ارتأت محكمة استئناف طنطا – وعملاً بنص المادة ١٦ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ – أن الفصل فى هذا الدفع يثير مسائل دستورية – تنفرد
المحكمة الدستورية العليا
بالفصل فيها – فقد أحالتها إليها لتقول كلمتها بشأنها·
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت الدعوى الماثلة بعدم اختصاص
المحكمة الدستورية العليا
ولائيا بالفصل فيها·
وحيث إن الدستور قد عهد – بنص المادة ١٧٥ – إلى
المحكمة الدستورية العليا
دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون، وكان المشرع، – وبناء على هذا التفويض – قد أصدر قانون
المحكمة الدستورية العليا
، مبينا اختصاصاتها، محددا ما يدخل فى ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصها منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعا أى جهة من مزاحمتها فى ذلك، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، ومؤكداً ان اختصاص
المحكمة الدستورية العليا
– فى مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية – ينحصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها· متى كان ذلك، فان محل الرقابة القضائية على الدستورية ، إنما يتمثل فى القانون بمعناه الموضوعى الأعم، محددا على ضوء النصوص التشريعية التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى تقرها السلطة التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحيتها التى ناطها الدستور به ·
ذلك أن ما يميز نصوص هذه التشريعات جميعها، أن تطبيقاتها مترامية ، ودائرة المخاطبين بها غير متناهية ، والآثار المترتبة على إبطالها – إذا أهدرتها
المحكمة الدستورية العليا
– بعيدة فى مداها، وتدق دائما ضوابط الرقابة على مشروعيتها الدستورية ، وتقارنها محاذير واضحة · وكان لازما بالتالى أن يؤول أمر الرقابة القضائية فى شأنها إلى محكمة واحدة ، بيدها دون غيرها زمام إعمالها، كى تصوغ بنفسها معاييرها ومناهجها، وتوازن من خلالها بين المصالح المثارة على اختلافها، وتتولى وحدها بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تجانسها وتكاملها، ويحول دون تفرق وجهات النظر من حولها، وتباين مداخل وصور الاجتهاد فيها، وهو ما نحاه قانون
المحكمة الدستورية العليا
·
وحيث إن قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ قد غدا ساريا فى شأن شركة طنطا للزيوت والصابون التى تعتبر من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية ، عملاً بنص المادة الثانية من قانون إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام المشار إليه، التى تنص على أن تحل الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام الخاضعة لأحكام القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣، كما تحل الشركات التابعة محل الشركات التى كانت تشرف عليها هذه الهيئات، وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بقانون شركات الأعمال العام· وعملاً بنص المادة الأولى من قانون إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام، يقصد بهذا القطاع الشركات القابضة والشركات التابعة لها، وتتخذ هذه الشركات بنوعيها شكل الشركات المساهمة ، ويسرى عليها – فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى هذا القانون، وبما لا يتعارض مع أحكامه – نصوص قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١·
وحيث إنه على ضوء ما تقدم – وكانت شركة طنطا للزيوت والصابون – حتى بعد تبعيتها لشركة قابضة وفقاً لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام – تعتبر شركة مساهمة تتولى فى نطاق أغراضها، وعلى ضوء الوسائل التى تنتهجها، إدارة شئونها وفقاً لقواعد القانون الخاص التى تحكم علائقها بالعاملين فيها وبالغير، ولو كان المشرع قد تدخل لتنظيم بعض جوانبها بقواعد آمرة ضبطاً لها، وكان القرار المطعون فيه الصادر عن الشركة المدعى عليها والم تضمن إعلانها عن بيع أرض المصنع المؤمم والشونة الملحقة بها بالمزاد العلنى ، لا يعتبر قراراً تنظيمياً منشئاً لقواعد قانونية تتسم بالعمومية والتجريد، بل تصرفاً قانونيا متعلقا بأموالها الخاصة ، وواقعاً بالتالى فى نطاق القانون الخاص انطلاقا من سلطتها فى مجال إدارتها لشئونها وتصريفها لها وفقاً لقواعد هذا القانون، فإن عرضها بيع هاتين القطعتين بمقتضى القرار المطعون فيه، لا يعتبر من الأعمال التشريعية التى تتناولها الرقابة القضائية التى تباشرها
المحكمة الدستورية العليا
فى شأن النصوص القانونية جميعها، لتنحسر ولايتها عن الفصل فى هذا القرار·
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ·

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى