حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٤ لسنة ١٢ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٤ لسنة ١٢ دستورية
تاريخ النشر : ١٩ – ١٢ – ١٩٩١

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المعدل للقرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر وحضور محمد ابراهيم ابو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد الواحد أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
لما كان البين من إستقراء أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ الذى صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليه بعد الدستورية ، أنه أدخل تعديلاً جوهرياً على بعض أحكام القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات و تنظيم إستعمالها و الإتجار فيها ، و ذلك بأن إستعاض عن بعض مواده بنصوص أخرى ، فضلاً عن أضافة مواد جديدة إليه و إحلال جدول جديد يتضمن تعريفاً بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة محل الجدول رقم ١ الملحق بهذا القرار بقانون . و قدرت هى جديته ، قد أنصب على أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ دون غيرها ، و كان من المقرر أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – و هى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينهما و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية و ذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع ، لما كان ذلك ، و كانت الجريمة التى نسبتها النيابة العامة إلى المدعى هى احرازه بقصد الإتجار – و فى غير الأحوال المصرح بها قانونا – الجوهر المخدر المنصوص عليه فى البند رقم ٢ من القسم الأول من الجدول المشار إليه ، فإن المصلحة الشخصية و المباشرة للمدعى فى الدعوى الماثلة تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها ، دون غيرها من أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ التى لا صلة لها بها ، كذلك المتعلقة بانتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها أو فصلها أو صنعها ، أو زرع نباتاتها أو إحرازها بقصد التعاطى ، و من ثم يتحدد نطاق الدعوى الراهنة بالبند “أ” من الفقرة الأولى من المادة ٣٤ و البند السادس من فقرتها الثانية و بالفقرة الأولى من المادة ٤٢ من القرار بقانون المشار إليه و بما تضمنه البند رقم ٢ من القسم الأول من الجدول الملحق به ، و ذلك دون المواد ١ ، ٢ ، ١ / ٧ منه التى و أن تضمنها قرار الإتهام فى الدعوى الموضوعية ، و كانت متعلقة بالجريمة المنسوب إلى المدعى اقترافها ، إلا أن القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ لم يتناولها بالتعديل ، و بالتالى لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليها ، فلا تمتد إليها – فى الدعوى الماثلة – ولاية المحكمة الدستورية العليا التى لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المنصوص عليها فى البند “ب” من المادة ٢٩ من قانونها .

– – – ٢ – – –
لما كان البين من إستقراء أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ الذى صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليه بعد الدستورية ، أنه أدخل تعديلاً جوهرياً على بعض أحكام القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات و تنظيم إستعمالها و الإتجار فيها ، و ذلك بأن إستعاض عن بعض مواده بنصوص أخرى ، فضلاً عن أضافة مواد جديدة إليه و إحلال جدول جديد يتضمن تعريفاً بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة محل الجدول رقم ١ الملحق بهذا القرار بقانون . و قدرت هى جديته ، قد أنصب على أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ دون غيرها ، و كان من المقرر أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – و هى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينهما و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية و ذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع ، لما كان ذلك ، و كانت الجريمة التى نسبتها النيابة العامة إلى المدعى هى احرازه بقصد الإتجار – و فى غير الأحوال المصرح بها قانونا – الجوهر المخدر المنصوص عليه فى البند رقم ٢ من القسم الأول من الجدول المشار إليه ، فإن المصلحة الشخصية و المباشرة للمدعى فى الدعوى الماثلة تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها ، دون غيرها من أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ التى لا صلة لها بها ، كذلك المتعلقة بانتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها أو فصلها أو صنعها ، أو زرع نباتاتها أو إحرازها بقصد التعاطى ، و من ثم يتحدد نطاق الدعوى الراهنة بالبند “أ” من الفقرة الأولى من المادة ٣٤ و البند السادس من فقرتها الثانية و بالفقرة الأولى من المادة ٤٢ من القرار بقانون المشار إليه و بما تضمنه البند رقم ٢ من القسم الأول من الجدول الملحق به ، و ذلك دون المواد ١ ، ٢ ، ١ / ٧ منه التى و أن تضمنها قرار الإتهام فى الدعوى الموضوعية ، و كانت متعلقة بالجريمة المنسوب إلى المدعى اقترافها ، إلا أن القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ لم يتناولها بالتعديل ، و بالتالى لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليها ، فلا تمتد إليها – فى الدعوى الماثلة – ولاية المحكمة الدستورية العليا التى لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المنصوص عليها فى البند “ب” من المادة ٢٩ من قانونها .

– – – ٣ – – –
لما كان القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المدعى بطلانه تبعا لقالة بطلان القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ ، قد أعاد من جديد تنظيم الموضوع الذى تناولته النصوص التشريعية المطعون عليها ، و ذلك بأن أحل محل النصوص المقابلة لها التى كان يتضمنها القرار بقانون المشار إليه أحكاما جديدة استعاض بها كلية عنها ، و من ثم تكون هذه النصوص البديلة – و التى عمل بها اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشرها فى الجريدة الرسمية – ملغية ضمنا لما يقابلها من أحكام فى التشريع السابق عليها ، و تقوم بالتالى مستقلة عنها ، ذلك أن الأصل فى النصوص التشريعية هو سريانها بأثر مباشر من تاريخ العمل بها ما لم يلغها المشرع بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع . لما كان ذلك و كانت النصوص البديلة التى أحلها المشرع بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ محل النصوص السابقة عليها كتنظيم جديد لموضوعها هى التى جرى تطبيقها – و اعتبارا من تاريخ العمل بها – فى شأن الواقعة الاجرامية المنسوبة إلى المدعى ، فإن أى عوار يكون قد شاب النصوص الملغاة يظل مقصوراً عليها و لا يمتد بالتالى إلى النصوص التشريعية التى حلت محلها ، و ذلك أيا كان وجه الرأى فى شأن الأثار التى رتبها الدستور المؤقت الصادر سنة ١٩٥٨ على عدم عرض التشريعات التى يصدرها رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة ٥٣ منه على مجلس الأمة فور انعقاده .

– – – ٤ – – –
الأصل فى حقى الانتخاب و الترشيح أن القيود التى يفرضها المشرع على أيهما إنما تنعكس على الآخر و تؤثر فى مداه ، و قد كفلهما الدستور للمواطن لضمان أن تكون المجالس النيابية ممثلة لإرادة هيئة الناخبين تمثيلاً منصفاً و فعالاً ، و من ثم يكون الحق فى هذا التمثيل بشرائطه التى نص عليها الدستور ، عاصما من تكوين المجالس النيابية بالمخالفة لأحكامه ، فإذا وقع إخلال بهذا الحق آل ذلك إلى بطلان تكوينها ، و هو ما قررته هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة ١٩ مايو سنة ١٩٩٠ فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية ” دستورية ” و ذلك بتوكيدها أن حقى الإنتخاب و الترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما ، و لا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا هما أفرغا من المضمون الذى يكفل ممارستهما ممارسة جدية و فعالة ، و أنهما بوصفهما هذا لازمان لزوما حتميا لأعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستوريا ، و لضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ، و معبرة عنها تعبيراً صادقاً .

– – – ٥ – – –
الأصل فى حقى الانتخاب و الترشيح أن القيود التى يفرضها المشرع على أيهما إنما تنعكس على الآخر و تؤثر فى مداه ، و قد كفلهما الدستور للمواطن لضمان أن تكون المجالس النيابية ممثلة لإرادة هيئة الناخبين تمثيلاً منصفاً و فعالاً ، و من ثم يكون الحق فى هذا التمثيل بشرائطه التى نص عليها الدستور ، عاصما من تكوين المجالس النيابية بالمخالفة لأحكامه ، فإذا وقع إخلال بهذا الحق آل ذلك إلى بطلان تكوينها ، و هو ما قررته هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة ١٩ مايو سنة ١٩٩٠ فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية ” دستورية ” و ذلك بتوكيدها أن حقى الإنتخاب و الترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما ، و لا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا هما أفرغا من المضمون الذى يكفل ممارستهما ممارسة جدية و فعالة ، و أنهما بوصفهما هذا لازمان لزوما حتميا لأعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستوريا ، و لضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ، و معبرة عنها تعبيراً صادقاً .

– – – ٦ – – –
القضاء بعدم دستورية النص التشريعى الذى أجريت انتخابات مجلس الشعب بناء عليه ، و بطلان تكوين مجلس الشعب منذ انتخابه ، لا يستطيع لزوما اسقاط القوانين و القرارات التى أقرها و لا يمس الاجراءات التى اتخذها منذ انتخابه و حتى تاريخ نشر الحكم فى الجريدة الرسمية ، بل تظل جميعها محمولة على أصلها من الصحة و تبقى بالتالى نافذة مرتبة لكامل آثارها إلى أن يتقرر الغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً ، أو تقضى هذه المحكمة بعدم دستورية نصوصها التشريعية إن كان لذلك ثمة وجه آخر غير ما بنى عليه هذا الحكم .

– – – ٧ – – –
لما كان ما يتغياه المدعى فى الدعوى الماثلة من عدم دستورية النصوص المطعون عليها ترتيباً على قالة إنتفاء الصفة النيابية عن خمسة و سبعين من أعضاء مجلس الشعب الذى أقرها ، و زوال صفتهم بالتالى فى التعبير عن الارادة الشعبية ، مؤداه – و بفرض صحة الإستناد إلى الأحكام التى أصدرتها جهة القضاء الادارى فى شأنهم – أن المجلس النيابى الذى كان يضمهم قد أضحى باطل التكوين ، و إذ كانت هذه النتيجة عينها هى التى خلصت إليها هذه المحكمة و قررتها بالنسبة إلى المجلس ” ذاته ” و ذلك فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية ” دستورية ” – و حجيته مطلقة فى مواجهة الكافة و سلطات الدولة جميعاً – مستندة فى اقامتها على دعامة إخلال التنظيم الانتخابى المطعون عليه فى تلك الدعوى بالحق فى أن تكون المجالس النيابية كاشفة عن صفتها التمثيلية ، و معبرة بالتالى عن إرادة هيئة الناخبين ، و كان قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها يحول دون تقرير بطلان جديد فى شأن مجلس نيابى دمغته هذه المحكمة ” من قبل ” بالبطلان . ذلك أن تكوين المجالس النيابية ، إما أن يكون صحيحاً من البداية أو باطلاً . و لا ينحصر بطلان التكوين بالضرورة – فى وجه معين أو أوجه بذاتها ، و إنما قد تتعدد أوجهه تبعاً لتعدد روافدها ، و من ثم لا يتنوع هذا البطلان بتنوع المخالفة الدستورية التى تؤدى إليه ، و لا تتمايز أوجهه فيما بينها فى مجال الآثار التى رتبها الدستور عليها ، و إنما تتحد جميعها فى كونها مفضية إلى بطلان من نوع واحد سواء فى طبيعته أو درجته أو مداه ، و لا يتصور – و الحالة هذه – أن يرد أكثر من بطلان على محل واحد . إذ كان ذلك ، و كانت كل مخالفة دستورية يؤول أمرها إلى بطلان تكوين المجلس النيابى تعتبر من أوجهه ، و ذلك أيا كان مضمون المخالفة الدستورية أو الوقائع التى تقوم عليها ، و كان هذا البطلان بالتالى لا يتعدد بتعدد روافده ، فإنه سواء كانت المخالفة الدستورية المؤدية إلى ذلك البطلان مترتبة على ما ذهب اليه المدعى من زوال الصفة النيابية عن العديد من أعضاء المجلس النيابى بناء على أحكام جهة القضاء الادارى التى سلفت الاشارة إليها ، أم كانت هذه المخالفة ناشئة عن بطلان التنظيم الانتخابى الذى قام عليه هذا المجلس بأكمله ، و مؤدية – من ثم – إلى بطلان عضوية أعضائه جميعاً وفقاً لما قررته هذه المحكمة فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية ” دستورية ” آنفة البيان ، فان بطلان التكوين فى الصورة الأولى لا يكون مختلفا فى الخصائص التى يتسم بها و لا فى الآثار التى رتبها عن بطلانه فى الحالة الثانية ، و لا يجوز بالتالى الإستناد إلى ما يثيره المدعى فى منعاه لتقرير بطلان على بطلان ، و لا أن يعتبر نعيه وجهاً جديداً مغايراً فى محصلته النهائية للوجه الذى قام عليه قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها ، إذ لا يتغيا المدعى – فى حقيقة الأمر – إبطال مجلس نيابى لا زال قائماً ، و إنما إسباغ بطلان مبتدأ على مجلس نيابى سبق أن كشفت هذه المحكمة على أنه مشكل بالمخالفة للدستور ، و من ثم باطل التكوين بأثر رجعى يرتد إلى اللحظة التى ولد فيها ، و لا يتصور أن تكون الآثار القانونية التى قصد المدعى إلى ترتيبها على منعاه سابقة فى وجودها من حيث الزمان على هذه اللحظة ذاتها .

– – – ٨ – – –
لما كان ما يتغياه المدعى فى الدعوى الماثلة من عدم دستورية النصوص المطعون عليها ترتيباً على قالة إنتفاء الصفة النيابية عن خمسة و سبعين من أعضاء مجلس الشعب الذى أقرها ، و زوال صفتهم بالتالى فى التعبير عن الارادة الشعبية ، مؤداه – و بفرض صحة الإستناد إلى الأحكام التى أصدرتها جهة القضاء الادارى فى شأنهم – أن المجلس النيابى الذى كان يضمهم قد أضحى باطل التكوين ، و إذ كانت هذه النتيجة عينها هى التى خلصت إليها هذه المحكمة و قررتها بالنسبة إلى المجلس ” ذاته ” و ذلك فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية ” دستورية ” – و حجيته مطلقة فى مواجهة الكافة و سلطات الدولة جميعاً – مستندة فى اقامتها على دعامة إخلال التنظيم الانتخابى المطعون عليه فى تلك الدعوى بالحق فى أن تكون المجالس النيابية كاشفة عن صفتها التمثيلية ، و معبرة بالتالى عن إرادة هيئة الناخبين ، و كان قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها يحول دون تقرير بطلان جديد فى شأن مجلس نيابى دمغته هذه المحكمة ” من قبل ” بالبطلان . ذلك أن تكوين المجالس النيابية ، إما أن يكون صحيحاً من البداية أو باطلاً . و لا ينحصر بطلان التكوين بالضرورة – فى وجه معين أو أوجه بذاتها ، و إنما قد تتعدد أوجهه تبعاً لتعدد روافدها ، و من ثم لا يتنوع هذا البطلان بتنوع المخالفة الدستورية التى تؤدى إليه ، و لا تتمايز أوجهه فيما بينها فى مجال الآثار التى رتبها الدستور عليها ، و إنما تتحد جميعها فى كونها مفضية إلى بطلان من نوع واحد سواء فى طبيعته أو درجته أو مداه ، و لا يتصور – و الحالة هذه – أن يرد أكثر من بطلان على محل واحد . إذ كان ذلك ، و كانت كل مخالفة دستورية يؤول أمرها إلى بطلان تكوين المجلس النيابى تعتبر من أوجهه ، و ذلك أيا كان مضمون المخالفة الدستورية أو الوقائع التى تقوم عليها ، و كان هذا البطلان بالتالى لا يتعدد بتعدد روافده ، فإنه سواء كانت المخالفة الدستورية المؤدية إلى ذلك البطلان مترتبة على ما ذهب اليه المدعى من زوال الصفة النيابية عن العديد من أعضاء المجلس النيابى بناء على أحكام جهة القضاء الادارى التى سلفت الاشارة إليها ، أم كانت هذه المخالفة ناشئة عن بطلان التنظيم الانتخابى الذى قام عليه هذا المجلس بأكمله ، و مؤدية – من ثم – إلى بطلان عضوية أعضائه جميعاً وفقاً لما قررته هذه المحكمة فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية ” دستورية ” آنفة البيان ، فان بطلان التكوين فى الصورة الأولى لا يكون مختلفا فى الخصائص التى يتسم بها و لا فى الآثار التى رتبها عن بطلانه فى الحالة الثانية ، و لا يجوز بالتالى الإستناد إلى ما يثيره المدعى فى منعاه لتقرير بطلان على بطلان ، و لا أن يعتبر نعيه وجهاً جديداً مغايراً فى محصلته النهائية للوجه الذى قام عليه قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها ، إذ لا يتغيا المدعى – فى حقيقة الأمر – إبطال مجلس نيابى لا زال قائماً ، و إنما إسباغ بطلان مبتدأ على مجلس نيابى سبق أن كشفت هذه المحكمة على أنه مشكل بالمخالفة للدستور ، و من ثم باطل التكوين بأثر رجعى يرتد إلى اللحظة التى ولد فيها ، و لا يتصور أن تكون الآثار القانونية التى قصد المدعى إلى ترتيبها على منعاه سابقة فى وجودها من حيث الزمان على هذه اللحظة ذاتها .

[الطعن رقم ٤٤ – لسنــة ١٢ ق – تاريخ الجلسة ٠٧ / ١٢ / ١٩٩١ – مكتب فني ٥ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٧٤ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة اتهمت المدعى بأنه فى يوم ١٨ يناير سنة ١٩٩٠ بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ” هيروين ” فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وأحالته إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم ١٠ لسنة ١٩٩٠ جنايات مخدرات الرمل ( ٨٦ كلى مخدرات ) طالبة معاقبته بالمواد ١ ، ٢ ، ٧ / ١ ، ٣٤ فقرة ١ بند أ وفقرة ٢ بند ٦ والمادة ٤٢ / ١ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم ٢ من القسم الأول من الجدول رقم ١ الملحق بالقرار بقانون المشار إليه . وبجلسة ٦ مايو سنة ١٩٩٠ دفع الحاضر عن المتهم بعدم دستورية القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ فقررت محكمة جنايات الإسكندرية تأجيل نظر الدعوى لجلسة ٦ أكتوبر سنة ١٩٩٠ ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية خلال شهر ، فأقام الدعوى الماثلة . وحيث إن البين من استقراء أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ الذى صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليه بعدم الدستورية ، انه أدخل تعديلاً جوهرياً على بعض أحكام القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ، وذلك بأن استعاض عن بعض مواده بنصوص أخرى ، فضلاً عن إضافة مواد جديدة إليه وإحلال جدول جديد يتضمن تعريفاً بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة محل الجدول رقم ١ الملحق بهذا القرار بقانون . وحيث إن الدفع بعدم الدستورية الذى أثاره المدعى أمام محكمة الموضوع وقدرت هى جديته ، قد انصب على أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ دون غيرها ، وكان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكانت الجريمة التى نسبتها النيابة العامة إلى المدعى هى إحرازه بقصد الاتجار – وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً الجوهر المخدر المنصوص عليه فى البند رقم ٢ من القسم الأول من الجدول المشار إليه ، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة للمدعى فى الدعوى الماثلة تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها ، دون غيرها من أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ التى لا صلة لها بها كتلك المتعلقة بإنتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها أو فصلها أو صنعها ، أو زرع نباتاتها أو إحرازها بقصد التعاطى ، ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى الراهنة بالبند (أ) من الفقرة الأولى من المادة ٣٤ والبند السادس من فقرتها الثانية وبالفقرة الأولى من المادة ٤٢ من القرار بقانون المشار إليه وبما تضمنه البند رقم ٢ من القسم الأول من الجدول الملحق به ، وذلك دون المواد ١ ، ٢ ، ٧ / ١ منه التى وإن تضمنها قرار الاتهام فى الدعوى الموضوعية ، وكانت متعلقة بالجريمة المنسوب إلى المدعى إقترافها ، إلا أن القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ لم يتناولها بالتعديل ، وبالتالى لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليها ، فلا تمتد إليها – فى الدعوى الماثلة – ولاية المحكمة الدستورية العليا التى لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المنصوص عليها فى البند (ب) من المادة ٢٩ من قانونها . وحيث إن الفقرة الأولى من المادة ٣٤ المشار إليها تنص على أن ” يعاقب بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه : (أ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطى جوهراًُ مخدراً ، وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيه وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانونا …….. ” ” وينص البند السادس من الفقرة الثانية من ذات المادة على أن ” تكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها فى هذه المادة الإعدام والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه فى الأحوال الآتية : …………………………………………………………………. ٦ – إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أى من المواد الواردة فى القسم الأول من الجدول رقم ١ المرفق …… ” وتنص الفقرة الأولى من المادة ٤٢ على أنه ” مع عدم الإخلال بعقوبة الغير حسن النية يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة …….. وينص البند الثانى من القسم الأول من الجدول المشار إليه الذى يتضمن بياناً بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة على أن كلمة هيروين تشمل : Heroin Diacetyimorphion – ( Acetomolphine – Diamolphine ثنائى ستيل مورفين .. وحيث إن المدعى ينعى على النصوص سالفة البيان بطلانها من الناحية الشكلية بمقولة أن القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المشار إليه أدخلها كتعديل على القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ الذى أصدره رئيس الجمهورية فى غيبة مجلس الأمة إعمالاً لنص المادة ٥٣ من الدستور المؤقت الصادر سنة ١٩٥٨ والتى كانت توجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات وفقاً لحكمها على مجلس الأمة فور انعقاده لإقرارها أو الاعتراض عليها ، وهو ما لم يتحقق بالنسبة إلى ذلك القرار بقانون الذى خلت مضابط المجلس مما يدل على عرضه عليه ، بما يترتب على ذلك من بطلانه وبطلان القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المعدل لبعض أحكامه والذى يدور وجوداً وعدماً وصحة وبطلاناً مع القانون الأصلى . وحيث إن هذا النعى مردود بأن القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المدعى بطلانه تبعاً لقالة بطلان القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ ، قد أعاد من جديد تنظيم الموضوع الذى تناولته النصوص التشريعية المطعون عليها ، وذلك بأن أحل محل النصوص المقابلة لها التى كان يتضمنها القرار بقانون المشار إليه أحكاماً جديدة استعاض بها كلية عنها ، ومن ثم تكون هذه النصوص البديلة – والتى عمل بها – اعتبارً من اليوم التالى لتاريخ نشرها فى الجريدة الرسمية – ملغية ضمناً لما يقابلها من أحكام فى التشريع السابق عليها ، وتقوم بالتالى مستقلة عنها ، ذلك أن الأصل فى النصوص التشريعية هو سريانها بأثر مباشر من تاريخ العمل بها ما لم يلغها المشرع بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع . لما كان ذلك وكانت النصوص البديلة التى أحلها المشرع بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ محل النصوص السابقة عليها كتنظيم جديد لموضوعها هى التى جرى تطبيقها – واعتباراً من تاريخ العمل بها فى شأن الواقعة الإجرامية المنسوبة إلى المدعى ، فإن أى عوار يكون قد شاب النصوص الملغاة يظل مقصوراً عليها ولا يمتد بالتالى إلى النصوص التشريعية التى حلت محلها ، وذلك أياً كان وجه الرأى فى شأن الآثار التى رتبها الدستور المؤقت الصادر سنة ١٩٥٨ على عدم عرض التشريعات التى يصدرها رئيس الجمهورية وفقاً لنص المادة ٥٣ منه على مجلس الأمة فور انعقاده . وحيث إن المدعى ينعى على النصوص التشريعية المطعون عليها عدم دستوريتها بمقولة أن مجلس الشعب الذى أقرها باطل فى تكوينه بطلاناً ينحدر به إلى درجة الانعدام وذلك ترتيباً على الأحكام التى أصدرتها محكمة القضاء الإدارى فى العديد من الدعاوى من بينها الدعاوى أرقام ٣٣٨٥ ، ٣٤٥٣ ، ٣٤٨٣ لسنة ٤١ قضائية ، بوقف تنفيذ كل من قرار لجنة إعداد نتيجة الانتخابات وقرار وزير الداخلية بإعلان النتيجة ، فيما تضمناه من عدم إعلان فوز المحكوم لصالحهم فى تلك الدعاوى بعضوية مجلس الشعب ، تلك الأحكام التى أيدتها المحكمة الإدارية العليا بقضائها قبول الطعون المقامة عنها شكلاً ورفضها موضوعاً – فضلاً عما قضى به فيما بعد من إلغاء القرارين المشار إليهما – مما مؤداه انتفاء الصفة النيابية لعدد من أعضاء مجلس الشعب بلغ خمسة وسبعين عضواً على حد قول المدعى – ليفقد المجلس بذلك ولايته التشريعية التى افترض الدستور لجواز ممارستها أن تكون عضوية أعضاء المجلس ثابتة وفقاً لأحكامه ، ومن ثم تكون النصوص المطعون عليها مخالفة للمادة ٨٦ من الدستور التى تنص على أن ” يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ….. ” ولنص المادة ٨٧ من الدستور التى تقضى بأن ” يحدد القانون الدوائر الانتخابية التى تقسم إليها الدولة وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضواً ، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين ، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السرى العام ….” ولنص المادة ٨٨ من الدستور التى ناطت بالمشرع تحديد الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجلس الشعب وبيان أحكام الانتخاب والاستفتاء ، وتقع مخالفة كذلك للمادة ١٠٧ من الدستور التى تنص على أنه ” لا يكون انعقاد المجلس صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه ، ويتخذ المجلس قراراته بالأغلبية المطلقة للحاضرين ، وذلك فى غير الحالات التى تشترط أغلبية خاصة ….. ” . وحيث إن الأصل فى حقى الانتخاب والترشيح أن القيود التى يفرضها المشرع على أيهما إنما تنعكس على الآخر وتؤثر فى مداه ، وقد كفلهما الدستور للمواطن لضمان أن تكون المجالس النيابية ممثلة لإرادة هيئة الناخبين تمثيلاً منصفاً وفعالاً ، ومن ثم يكون الحق فى هذا التمثيل بشرائطه التى نص عليها الدستور ، عاصماً من تكوين المجالس النيابية بالمخالفة لأحكامه ، فإذا وقع إخلال بهذا الحق آل ذلك إلى بطلان تكوينها ، وهو ما قررته هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة ١٩ مايو سنة ١٩٩٠ فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية ” دستورية ” وذلك بتوكيدها أن حقى الانتخاب والترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما ، ولا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا هما أفرغا من المضمون الذى يكفل ممارستهما ممارسة جدية وفعالة ، وأنهما بوصفهما هذا لازمان لزوماً حتمياً لأعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستورياً ، ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ، ومعبرة عنها تعبيراً صادقاً . وحيث إن هذه المحكمة – انطلاقاً من الأبعاد التى حددتها لهذين الحقين – قد انتهت فى الدعوى المشار إليها ، وبعد استعراضها للنظام الانتخابى الذى تضمنته المادة الخامسة من القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١٨٨ لسنة ١٩٨٦ ، إلى إخلاله بحق المستقلين فى الترشيح على قدم المساواة وعلى أساس من تكافؤ الفرص مع باقى المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية ، إخلالاً أدى إلى التمييز بين هاتين الفئتين فى المعاملة القانونية وفى الفرص المتاحة للفوز بالعضوية ، وآل بالتالى إلى بطلان تكوين مجلس الشعب – المطعون عليه فى الدعوى الماثلة – منذ انتخابه . وحيث إن هذه المحكمة – وبوصفها الجهة التى حملها الدستور أمانة صون أحكامه – قد قررت فى حكمها فى الدعوى المشار إليها – وحجيته مطلقة فى مواجهة الكافة وسلطات الدولة جميعها – أن بطلان تكوين هذا المجلس لا يستتبع لزوماً إسقاط القوانين والقرارات التى أقرها ولا يمس الإجراءات التى اتخذها منذ انتخابه وحتى تاريخ نشر الحكم فى الجريدة الرسمية ، بل تظل جميعها محمولة على أصلها من الصحة ، وتبقى بالتالى نافذة مرتبة لكامل آثارها إلى أن يتقرر الغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو تقضى هذه المحكمة بعدم دستورية نصوصها التشريعية إن كان لذلك ثمة وجه آخر غير ما بنى عليه هذا الحكم ، إذا كان ذلك كذلك ، وكان ما ينعاه المدعى فى الدعوى الماثلة من عدم دستورية النصوص المطعون عليها ترتيباً على قالة انتفاء الصفة النيابية عن خمسة وسبعين من أعضاء مجلس الشعب الذى أقرها وزوال صفتهم بالتالى فى التعبير عن الإرادة الشعبية ، مؤداه – وبفرض صحة الاستناد إلى الأحكام التى أصدرتها جهة القضاء الإدارى فى شأنهم – أن المجلس النيابى الذى كان يضمهم قد أضحى باطل التكوين ، وإذ كانت هذه النتيجة عينها هى التى خلصت إليها هذه المحكمة وقررتها بالنسبة إلى المجلس ” ذاته ” وذلك فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية مستندة فى إقامتها على دعامة إخلال التنظيم الانتخابى المطعون عليه فى تلك الدعوى بالحق فى أن تكون المجالس النيابية كاشفة عن صفتها التمثيلية ، ومعبرة بالتالى عن إرادة هيئة الناخبين ، وكان قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها يحول دون تقرير بطلان جديد فى شأن مجلس نيابى دمغته هذه المحكمة ” من قبل ” بالبطلان ، ذلك أن تكوين المجالس النيابية إما أن يكون صحيحاً من البداية أو باطلاً . ولا ينحصر بطلان التكوين – بالضرورة – فى وجه معين أو أوجه بذاتها ، وإنما قد تتعدد أوجهه أو روافده ، ومن ثم لا يتنوع هذا البطلان بتنوع المخالفة الدستورية التى تؤدى إليه ، ولا تتمايز أوجهه فيما بينها فى مجال الآثار التى يرتبها الدستور عليها ، وإنما تتحد جميعها فى كونها مفضية إلى بطلان من نوع واحد سواء فى طبيعته أو درجته أو مداه ، ولا يتصور – والحالة هذه – أن يرد أكثر من بطلان على محل واحد . وحيث إنه إذا كان ما تقدم ، وكانت كل مخالفة دستورية يؤول أمرها إلى بطلان تكوين المجلس النيابى تعتبر من أوجهه أو روافده وذلك أياً كان مضمون المخالفة الدستورية أو الوقائع التى تقوم عليها ، وكان هذا البطلان بالتالى لا يتعدد بتعدد روافده ، فإنه سواء كانت المخالفة الدستورية المؤدية إلى ذلك البطلان مترتبة على ما ذهب إليه المدعى من زوال الصفة النيابية عن العديد من أعضاء المجلس النيابى بناء على أحكام جهة القضاء الإدارى التى سلفت الإشارة إليها ، أم كانت هذه المخالفة ناشئة عن بطلان التنظيم الانتخابى الذى قام عليه هذا المجلس بأكمله ، ومؤدية – من ثم – إلى بطلان عضوية أعضائه جميعاً وفقاً لما قررته هذه المحكمة فى حكمها فى الدعوى رقم ٣٧ لسنة ٩ قضائية آنفة البيان ، فإن بطلان التكوين فى الصورة الأولى لا يكون مختلفاً فى الخصائص التى يتسم بها ولا فى الآثار التى يرتبها عن بطلانه فى الحالة الثانية ، ولا يجوز بالتالى الاستناد إلى ما يثيره المدعى فى منعاه لتقرير بطلان على بطلان ، ولا أن يعتبر نعيه وجهاً جديداً مغايراً فى محصلته النهائية للوجه الذى قام عليه قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها ، إذ لا يتغيا المدعى – فى حقيقة الأمر – إبطال مجلس نيابى لازال قائماً ، وإنما إسباغ بطلان مبتدأ على مجلس نيابى سبق أن كشفت هذه المحكمة عن أنه مشكل بالمخالفة للدستور ، ومن ثم باطل التكوين بأثر رجعى يرتد إلى اللحظة التى ولد فيها ، ولا يتصور أن تكون الآثار القانونية التى قصد المدعى إلى ترتيبها على منعاه ، سابقة فى وجودها من حيث الزمان على هذه اللحظة ذاتها ، الأمر الذى يصبح معه هذا الشق من الطعن أيضاً على غير أساس حرياً بالالتفات عنه . وحيث إن النصوص المطعون عليها فى الدعوى الراهنة لا تنطوى على مخالفة لأى حكم فى الدستور من أوجه أخرى . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى