حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٣ لسنة ٢١ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٣ لسنة ٢١ دستورية
تاريخ النشر : ٠٤ – ١١ – ٢٠٠٠

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة ٦٥ من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨.

الحكم

برئاسة محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة وعضوية حمدى محمد على وعبد الرحمن نصير وعبد المجيد فياض وماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين وناصر امام محمد حسن امين السر

– – – ١ – – –
ان الملكية وان كفلها الدستور الا ان تنظيمها – بما لا يعطل فحواها او يهدر اصلها او يفرق اجزاءها او يعطل الحقوق المتفرعة عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية – انما يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق تقديرا بان الاصل هو اطلاقها الا اذا قيدها الدستور بضوابط تحد منها .

– – – ٢ – – –
اصدر المشرع القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقارى ناصا على اخضاع الحقوق العينية العقارية الاصلية سواء فى مجال انشائها او نقلها او تغييرها او زوالها لنظام التسجيل وكذلك الاحكام النهائية المثبتة لشئ من ذلك فاذا لم تسل احصرت اثارها فى مجرد التزامات شخصية ترتبها فيما بين ذوى الشأن فيها كما جعل لتسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد – كلما كان محلها احد الحقوق العينية العقارية الاصلية – اثرا هاما بحيث اذا ما تقرر حق المدعى بحكم واشار به عليها طبقا للقانون صار هذا الحق حجة على كل من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى او التأشير بها باعتبار ان انتقال تلك الحقوق الى الاسبق الى اتمام اجراءات شهرها لا يعدو ان يكون ترتيبا منطقيا وعادلا فيما بين المتزاحمين عليها لتقرير أولاهم وأحقهم فى مجال طلبها واقتضائها وحمايتها .

– – – ٣ – – –
اظهر التطبيق العملى قصور القانون عن تحقيق اهدافه لاحجام الكثير من اصحاب الحقوق العينية العقارية عن شهرها اكتفاء باللجوء الى طريق دعاوى صحة التعاقد دون تسجيلهات ولما كان المشرع ما قرر نظم الشهر الا كفالة للاطمئنان فى مجال التعامل فى العقار تحقيقا للحماية التى يكفلها الدستور لحق الملكية وما يتفرع عنه من حقوق عينية نافذة بطبيعتها فى حق الكافة فقد غدا لازما – بالتالى – ان يسير تعتبر مصدرا لا اثباتا لحقائقها وبياناتها الجوهرية فلا يكون امرها خافيا على اولئك المتعاملين ومن ثم فقد كان لزاما على المشرع تأكيدا لهذه الحماية ان يتدخل مرة اخرى بالنص المطعون فيه الذى علق قبول دعوى صحة التعاقد على شهر صحيفتها .

– – – ٤ – – –
تستهدف دعوى صحة التعاقد مواجهة تقاعس المدعى عليه عن تسجيل حق من الحقوق العينية العقارية بتمكين المدعى من الحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد الاصلى فلا يكون النص الطعين (الفقرة الثانية من المادة ٦٥ من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨) – وقد الزمه بشهر صحيفة تلك الدعوى – قد سلبه حق المفاضلة بين تسجيل العقد او الابقاء عليه بغير تسجيل ومن ثم فان القول بانه يفرض قيدا على ارادة المتعاقدين يكون وهما .

– – – ٥ – – –
من المقرر – وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – ان لحق التقاضى غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التى يناضل المتقاضون من اجل الحصول عليها لجبر الاضرار التى اصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها فاذا ارهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها او تحول دونها كان ذلك اخلالا بالحماية التى كفلها الدستور لهذا الحق وانكارا لحقائق العدل فى جوهر ملامحها ولما كانت شروط قبول الدعوى وثيقة الصلة بلحق فى رفعها وغايتها الا تقبل الخصومة القضائية قبل اوانها او بعد انتهاء النزاع فى موضوعها او قبل استيفائها لعناصر تكفل نضجها وتماسكها واسوائها على سوقها بحيث تضحى جديرة بتحقيق الغاية المرجوة لحق التقاضى فان تدخل المشرع باعتبار شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد شرطا لقبولها بهدف الوصول بهذه الدعوى الى غايتها وحصول المدعى على الترضية القضائية المرجوة المتمثلة فى كفالة الحماية القانونية للحقوق العينية الى يعيها لا يصام حق التقاضى الذى كفله الدستور بالمادة ٦٧ منه .

– – – ٦ – – –
يخاطب النص المطعون عليه كل من يلجأ الى رفع دعوى صحة التعاقد عن حق من الحقوق العينية العقارية ولا يقيم تمييزا بين مراكز قانونية تتحد العناصر التى تكونها او يناقض ما بينها من اتساق بل يظل المخاطبون به ملتزمين بقواعد موحدة فى مضمونها واثرها كما لا صلة له بفرص قائمة تقدمها الدولة يجرى التزاحم عليها وبالتالى فان قاله مناقضته لمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص تكون لغوا .

– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة . حيث إن الوقائع – حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ٧٢١ لسنة ١٩٩٥ مدنى البلينا ضد المدعى عليه الأول، ابتغاء الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع أرض زراعية مؤرخ ١ / ٨ / ١٩٨٩، وقد تدخلت المدعى عليها الثانية خصماً فى الدعوى طالبة رفضها باعتبارها مالكة لذات العقار. وبتاريخ ٢٨ / ٥ / ١٩٩٧ قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى الأصلية لعدم إشهار صحيفتها إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة ٦٥ من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وبتثبيت ملكية المدعى عليها الثانية لقطعة الأرض موضوع النزاع، فأقام كل من المدعى والمدعى عليه الأول الاستئنافين رقمى ١٤٦، ١٦٤ لسنة ١٩٩٧ جرجا حيث دفع المدعى فى صحيفة استئنافه بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة ٦٥ المشار إليها، وإذ قدرت محكمة الاستئناف جدية دفعه وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة . وحيث إن المادة ٦٥ من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ – قبل تعديلها بالقانون رقم ١٨ لسنة ١٩٩٩ – كانت تنص على أن [ على المدعى عند تقديم صحيفة دعواه أن يؤدى الرسم كاملا وأن يقدم لقلم كتاب المحكمة صوراً من هذه الصحيفة بقدر عدد المدعى عليهم وصورة لقلم الكتاب وعليه أن يرفق بصحيفة الدعوى جميع المستندات المؤيدة لدعواه ومذكرة شارحة ] . ثم صدر القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١ بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه ونص فى المادة الخامسة منه على أن [ تضاف إلى كل من المادتين (٦٥) ، (١٠٣) من قانون المرافعات المدنية والتجارية فقرة جديدة نصها الآتى : مادة [٦٥ فقرة ثانية ] : ” ولاتقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا شُهرت صحيفتها ” ] . وحيث إن المدعى ينعى على نص الفقرة الثانية من المادة ٦٥ المشار إليها أنه قد وضع قيداً على حق المواطن فى اللجوء إلى القضاء بالمخالفة للمادة ٦٨ من الدستور، فضلاً عن أنه يمس الحرية الشخصية ويناقض مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون . وحيث إن الملكية وإن كفلها الدستور، إلا أن تنظيمها – بما لايعطل فحواها، أو يهدر أصلها، أو يفرق أجزاءها، أو يعطل الحقوق المتفرعة عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية – إنما يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق تقديراً بأن الأصل هو إطلاقها إلا إذا قيدها الدستور بضوابط تحد منها؛ وكان المشرّع قد أصدر القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦بتنظيم الشهر العقارى ناصاً على إخضاع الحقوق العينية العقارية الأصلية سواء فى مجال إنشائها أو نقلها أو تغييرها أو زوالها لنظام التسجيل، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشئ من ذلك، فإذا لم تسجل انحصرت آثارها فى مجرد التزامات شخصية ترتبها فيما بين ذوى الشأن فيها . كما جعل لتسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد – كلما كان محلها أحد الحقوق العينية العقارية الأصلية – أثراً هاماً بحيث إذا ماتقرر حق المدعى بحكم وأشر به عليها طبقاً للقانون صار هذا الحق حجة على كل من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى أو التأشير بها، باعتبار أن انتقال تلك الحقوق إلى الأسبق إلى إتمام إجراءات شهرها لايعدو أن يكون ترتيباً منطقياً وعادلاً فيما بين المتزاحمين عليها لتقرير أولاهم وأحقهم فى مجال طلبها واقتضائها وحمايتها . وحيث إن التطبيق العملى أظهر قصور القانون عن تحقيق أهدافه لإحجام الكثير من أصحاب الحقوق العينية العقارية عن شهرها اكتفاء باللجوء إلى طريق دعاوى صحة التعاقد دون تسجيلها، وكان المشرع ماقرر “نظم الشهر إلا كفالة للاطمئنان فى مجال التعامل فى العقار تحقيقا للحماية التى يكفلها الدستور لحق الملكية ومايتفرع عنه من حقوق عينية، نافذة بطبيعتها فى حق الكافة؛ فقد غدا لازماً – بالتالى – أن ييسر المشرع على من يتعاملون فيها العلم بوجودها من خلال شهر الأعمال القانونية التى تعتبر مصدراً لها، إثباتاً لحقائقها وبياناتها الجوهرية، فلا يكون أمرها خافياً على أولئك المتعاملين؛ ومن ثم فقد كان لزاماً على المشرع تأكيدا لهذه الحماية أن يتدخل مرة أخرى بالنص المطعون فيه الذى علق قبول دعوى صحة التعاقد على شهر صحيفتها . وحيث إن من المقرر – وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – أن لحق التقاضى غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التى يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التى أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها، فإذا أرهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها، أو تحول دونها، كان ذلك إخلالاً بالحماية التى كفلها الدستور لهذا الحق، وإنكاراً لحقائق العدل فى جوهر ملامحها؛ ولما كانت شروط قبول الدعوى وثيقة الصلة بالحق فى رفعها، وغايتها ألا تُقبل الخصومة القضائية قبل أوانها، أو بعد انتهاء النزاع فى موضوعها، أو قبل استيفائها لعناصر تكفل نضجها وتماسكها واستوائها على سوقها، بحيث تضحى جديرة بتحقيق الغاية المرجوة لحق التقاضى، فإن تدخل المشرع باعتبار شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد شرطاً لقبولها بهدف الوصول بهذه الدعوى إلى غايتها وحصول المدعى على الترضية القضائية المرجوة المتماثلة فى كفالة الحماية القانونية للحقوق العينية التى يديعها، لايصادم حق التقاضى الذى كفله الدستور بالمادة ٦٨ منه . وحيث إن دعوى صحة التعاقد تستهدف مواجهة تقاعس المدعى عليه عن تسجيل حق من الحقوق العينية العقارية، بتمكين المدعى من الحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد الأصلى، فإن النص الطعين وقد ألزمه بشهر صحيفة تلك الدعوى لايكون قد سلبه حق المفاضلة بين تسجيل العقد أو الإبقاء عليه بغير تسجيل ومن ثم فإن القول بأنه يفرض قيداً على إرادة المتعاقدين يكون وهما . وحيث إن النص المطعون عليه يخاطب كل من يلجأ إلى رفع دعوى صحة التعاقد عن حق من الحقوق العينية العقارية ولايقيم تمييزاً بين مراكز قانونية تتحد العناصر التى تكونها، أو يناقض مابينها من اتساق، بل يظل المخاطبون به ملتزمين بقواعد موحدة فى مضمونها وأثرها؛ كما لاصلة له بفرص قائمة تقدمها الدولة يجرى التزاحم عليها؛ فإن قالة مناقضته لمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص تكون لغواً .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى