حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٤ لسنة ١٥ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٤ لسنة ١٥ دستورية
تاريخ النشر : ١٩ – ٠٣ – ١٩٩٨

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة أولاً بعدم دستورية ما نصت عليه المادة التاسعة من القرار بقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها، من أن يكون لمن تستولي الحكومة على أرضه وفقا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض نقدي يعادل سبعين مثل الضريبة العقارية الأصلية المربوطة بها الأرض في تاريخ الإستيلاء الاعتباري. ثانياً: بسقوط نص المادة العاشرة من هذا القرار بقانون في مجال تطبيقها بشأن التعويض المقدر على أساس العقارية

الحكم

برياسة عوض محمد عو ض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين أعضاء وحنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين وحمدى أنور صابر أمين السر .

– – – ١ – – –
النصوص القانونية المطعون عليها ، ليس لازماً أن يكون تعيينها مباشراً ، وإنما يكفى لتحديدها أن يكون المدعى قد أبان عنها بطريق غير مباشر ، وكان المدعى قد نازع بدعواه الموضوعية فى مقدار التعويض المقدر عن الأراضى المستولى عليها ” وفقاً للضريبة العقارية المربوطة بها ” ، فإن النصوص القانونية التى حدد بها المشرع مقدار هذا التعويض والأحكام التى تنظمه ، تكون هى محل الخصومة الدستورية ، وبها يتحدد نطاق المصلحة الشخصية المباشرة فيها .

– – – ٢ – – –
إن السلطة التى يملكها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق ، حدها قواعد الدستور باعتبارها قيد عليها ، فلا يجوز تخطيها ، وكان المشرع وإن جاز أن يعيد تنظيم أوضاع قائمة بما يكفل للمواطنين مصالحهم المباشرة ، كذلك التى يقتضيها بناء مجتمعهم وتطويره ليكون أكثر أمناً ورقياً وجمالاً ووعياً ونظاماً وأفضل بيئة ، إلا أن كل تغيير يتصل بالملكية الخاصة بما يفقدها محتواها ، ينبغى أن يقابل بتعويض عادل عنها ، ذلك أن الملكية لا يجوز نزعها قسراً بغير تعويض ، كذلك فإن كل تنظيم للملكية لا يجوز أن يصل مداه إلى ما يعتبر عقلاً إفتئاتاً عليها من خلال تقويض عناصرها ، وزوال المزايا التى تنتجها عملاً . إن كل قيد على إستعمال الملكية ، إنما ينال من حق يقابل هذا القيد ، ويقدره . كذلك فإن كل قيد عليها ينبغى أن يوازن بالأغراض التى يتوخاها ، وأن يتمحض وسيلة ملائمة لتحقيقها ، فلا يكون منفلتاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى أن يتخذها مضموناً وإطاراً . إن قضاء هذه المحكمة بحكمها الصادر فى الدعوى الدستورية رقم ٣ لسنة ١ قضائية ، كان قد خلص إلى أن الحق فى التعويض عن الأراضى الزراعية ، يعتبر مترتباً على نزع ملكيتها جبراً عن أصحابها وفقاً للقانون وفى الحدود التى بينها ، ولا يجوز بالتالى أن يكون محل نزاع ، ولا أن تكون المادة ٣٧ من الدستور التى لم تشر إلى الحق فى التعويض عن الأراضى الزراعية ، مدخلاً إلى إهداره . ذلك أن ما عناه الدستور بها ينحصر فى تقرير مبدأ جواز تحديد الملكية الزراعية توكيداً لاتجاه القضاء على الإقطاع ، وضمان مصالح العمال والفلاحين الذين أضيروا من السيطرة التى بسطها على الأراضى الزراعية . ولم يكن من شأنها بالتالى تنظيم القواعد التى يتم الاستيلاء على ضوئها ، ولا بيان أسس التعويض عنها ، إجتزاء بالقواعد الجوهرية التى يقوم الدستور عليها ، وأخصها أن صون الملكية الخاصة يقتضى إمتناع نزعها جبراً عن أصحابها لغير منفعة عامة ودون تعويض ، وأن مصادرتها مصادرة خاصة لا تجوز بغير حكم قضائى ، وجميعها أحكام إنتظمتها المواد ٣٢ و ٣٤ و ٣٦ من الدستور .

– – – ٣ – – –
مشروعية المصلحة فى مجال نزع الملكية ، حدها إحتمال الضرر الأقل دفعاً لضرر أكبر ، وكان صون الدستور للملكية الزراعية مقيداً بألا تكون موطئاً لإقطاع يمتد عليها ، ويحيط بها بما يهدد من يعملون فيها من العمال والفلاحين ، وكان ضمان مصلحتهم هذه ــ التى ترتكن لنصوص الدستور ذاتها ــ وإن كان شرطاً مبدئياً لمباشرة المشرع لسلطته فى مجال تحديد الملكية الزراعية ، إلا أن تحديد أقصى ما يجوز تملكه منها ، مؤداه تجريد الأراضى المستولى عليها ــ فيما يجوز هذا الحد ــ من ملكية أصحابها ، مستوجباً تعويضهم عنها بما يتكافأ وقيمتها السوقية فى تاريخ الاستيلاء عليها ، ودون ذلك تفقد الملكية الخاصة مقوماتها ، بغير تعويض عادل يقابلها . ما يعتبر عادلاً ومنصفاً فى مجال التعويض ، لا يتحدد على ضوء معايير جامدة أو مقاييس تحكمية يتم تطبيقها بآلية عمياء . وكلما تعلق الأمر بأراضى زراعية جرد المشرع أصحابها منها ، فإن إفتراض تساويها جميعها أو حتى تقاربها فى قيمتها ، يكون وهماً . وإنما يجب أن يتحدد لكل منها ــ وإستقلالاً عن غيرها ــ ما يقابل قيمتها السوقية من التعويض ، على ضوء العناصر التى ترتبط بمقوماتها ، ويندرج تحتها فرص إستثمارها التى كان يمكن توقعها عقلاً ، وحقوق الارتفاق التى تثقلها ، وموقعها من العمران ، وإتصالها بالطرق الرئيسية والفرعية أو نأيها عنها ، وخصائص تربتها ، ونطاق الأعمال المرصودة على خدمتها وتطويرها ، ونوع المحاصيل التى تنبتها ، ووسائل ريها وتكلفتها ومصارفها ، وأشجارها ومبانيها ، إلى غير ذلك من العناصر التى لا تنفصل عنها ، فلا يكون تحريها تصورياً أو جزافياً بعيداً عن حقائقها ، بل واقعياً قدر الإمكان Essentially ad Hoc factual inquiries . وبذلك وحده يتوازن الحق المجرد لكل فرد فى إستعمال الأموال التى يملكها فى الأغراض التى يستهدفها ، بضرورة التخلى عنها لمصلحة محددة ملامحها ولها شأنها ، يقتضيها خير الجماعة وضمان تطورها Clear and significant public benefit . ما تقدم مؤداه ، أن التعويض عن الأراضى الزراعية الزائدة على الحد الأقصى ، لا يتحدد على ضوء الفائدة التى تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها ، وإنما الشأن فى هذا التعويض إلى ما فاتهم من مغانم ، وما لحقهم من خسران من جراء أخذها عنوة منهم ، تقديراً بأن هذه وتلك ، تمثل مضار دائمة لا موقوتة ، ثابتة لا عرضية ، ناجمة جميعها عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها ، فلا يجبها إلا تعويض يكون جابراً لها ، ولا ينحل بالتالى تفريطاً أو تقديراً .

– – – ٤ – – –
مشروعية المصلحة فى مجال نزع الملكية ، حدها إحتمال الضرر الأقل دفعاً لضرر أكبر ، وكان صون الدستور للملكية الزراعية مقيداً بألا تكون موطئاً لإقطاع يمتد عليها ، ويحيط بها بما يهدد من يعملون فيها من العمال والفلاحين ، وكان ضمان مصلحتهم هذه ــ التى ترتكن لنصوص الدستور ذاتها ــ وإن كان شرطاً مبدئياً لمباشرة المشرع لسلطته فى مجال تحديد الملكية الزراعية ، إلا أن تحديد أقصى ما يجوز تملكه منها ، مؤداه تجريد الأراضى المستولى عليها ــ فيما يجوز هذا الحد ــ من ملكية أصحابها ، مستوجباً تعويضهم عنها بما يتكافأ وقيمتها السوقية فى تاريخ الاستيلاء عليها ، ودون ذلك تفقد الملكية الخاصة مقوماتها ، بغير تعويض عادل يقابلها . ما يعتبر عادلاً ومنصفاً فى مجال التعويض ، لا يتحدد على ضوء معايير جامدة أو مقاييس تحكمية يتم تطبيقها بآلية عمياء . وكلما تعلق الأمر بأراضى زراعية جرد المشرع أصحابها منها ، فإن إفتراض تساويها جميعها أو حتى تقاربها فى قيمتها ، يكون وهماً . وإنما يجب أن يتحدد لكل منها ــ وإستقلالاً عن غيرها ــ ما يقابل قيمتها السوقية من التعويض ، على ضوء العناصر التى ترتبط بمقوماتها ، ويندرج تحتها فرص إستثمارها التى كان يمكن توقعها عقلاً ، وحقوق الارتفاق التى تثقلها ، وموقعها من العمران ، وإتصالها بالطرق الرئيسية والفرعية أو نأيها عنها ، وخصائص تربتها ، ونطاق الأعمال المرصودة على خدمتها وتطويرها ، ونوع المحاصيل التى تنبتها ، ووسائل ريها وتكلفتها ومصارفها ، وأشجارها ومبانيها ، إلى غير ذلك من العناصر التى لا تنفصل عنها ، فلا يكون تحريها تصورياً أو جزافياً بعيداً عن حقائقها ، بل واقعياً قدر الإمكان Essentially ad Hoc factual inquiries . وبذلك وحده يتوازن الحق المجرد لكل فرد فى إستعمال الأموال التى يملكها فى الأغراض التى يستهدفها ، بضرورة التخلى عنها لمصلحة محددة ملامحها ولها شأنها ، يقتضيها خير الجماعة وضمان تطورها Clear and significant public benefit . ما تقدم مؤداه ، أن التعويض عن الأراضى الزراعية الزائدة على الحد الأقصى ، لا يتحدد على ضوء الفائدة التى تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها ، وإنما الشأن فى هذا التعويض إلى ما فاتهم من مغانم ، وما لحقهم من خسران من جراء أخذها عنوة منهم ، تقديراً بأن هذه وتلك ، تمثل مضار دائمة لا موقوتة ، ثابتة لا عرضية ، ناجمة جميعها عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها ، فلا يجبها إلا تعويض يكون جابراً لها ، ولا ينحل بالتالى تفريطاً أو تقديراً .

– – – ٥ – – –
ما تنص عليه المادة ٩ المطعون عليها ، من أن مقدار التعويض عن الأراضى المستولى عليها يتحدد بما يعادل سبعين مثل الضريبة العقارية الأصلية المربوطة بها الأرض فى تاريخ الاستيلاء الاعتبارى عليها ، لا يعدو أن يكون تقديراً جزافياً منفصلاً عن قيمتها السوقية ، وذلك من وجوه متعددة .
أولها : أن الضريبة العقارية المشار إليها لا شأن لها بأصول الأموال محلها ، وإنما يتعلق فرضها بتقدير تصوره المشرع لإيراد نجم عن إستغلالها ، فلا يكون هذا الإيراد إلا وعاء لها .
وثانيها : أن الأموال المحملة بهذه الضريبة تتباين قيمتها فيما بينها على ضوء ظروفها وخصائص بنيانها حتى داخل المحافظة الواحدة ، ولا يمكن بالتالى أن يجمعها معيار واحد ينفصل عن أوضاع عرضها وطلبها التى تؤثر فيها إلى حد كبير عناصر متعددة تتداخل فى مجال تقييمها ، من بينها ما إذا كان أصحابها يزرعونها بأنفسهم أم يؤجرونها لغيرهم .
وثالثها : إن الضريبة العقارية المشار إليها – وحتى بفرض جواز الرجوع إليها لتحديد التعويض المستحق – لا يعاد النظر فيها سنوياً ، وإنما يمتد تقديرها فى شأن الأراضى الزراعية جميعها ــ أيا كان موقعها وبغض النظر عن خصائصها – سنين عشراً ، مدها المشرع بعدئذ لمدد تماثلها ، فلا يكون التعويض المقدر على أساسها إلا تصورياً .

– – – ٦ – – –
قالة أن اللجان القضائية التى عهد إليها المشرع بمقتضى نص المادة الثالثة عشرة المطعون عليها ، بالفصل فى المسائل التى ناطها بها ، تعد لجاناً إدارية لا يلتئم تكوينها ومفهوم القاضى الطبيعى ، مردود بما جرى عليه قضاء المحكمة العليا فى القضية المقيدة بجدولها برقم ٩ لسنة ٧ قضائية ” دستورية ” ثم هذه المحكمة فى القضية المقيدة بجدولها برقم ٤ لسنة ٨ قضائية ” دستورية ” من أن هذه اللجان تعد جهة قضائية إختصها المشرع بالفصل دون سواها فى المنازعات الناشئة عن قوانين الإصلاح الزراعى ، وأن قرارتها تعتبر بالتالى أحكاماً قضائية يجوز الطعن فيها ــ وعملاً بنص المادة الثالثة عشرة المشار إليها ــ أمام المحكمة اللإدارية العليا التى لا تنحصر ولايتها فى مجال نظر الطعون المعروضة عليها فى مجرد تطبيق صحيح حكم القانون فى شأنها ، ولكنها تمتد إلى تقدير ما إذا كان الدليل فى شأن الوقائع المتنازع عليها ، مستمداً من أصول لها مصدرها من الأوراق ، محمولاً عقلاً عليها ، ومنتجاً فى إثباتها .

– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى – وبصفته مصفيا لتركة المرحومة جليلة بولس داوود – كان قد أقام الدعوى رقم ١١٥١٨ لسنة ١٩٩٢ ضد المدعى عليهم أمام محكمة جنوب القاهرة الدائرة رقم ١٦ مدنى كلى طالبا الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ أربعمائة وستين ألف جنيه وفوائده القانونية مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلاكفالة . وقال شرحا لها أن الإصلاح الزراعى كان قد استولى منها على القدر الزائد على خمسين فدانا للفرد – ومقداره ثلاثة وعشرون فدانا من أجود الأراضى الزراعية – وقد أخطرها صندوق الأراضى الزراعية بأن التعويض المقدر لها مقداره ٠٩٤ر٣٨٧٤ جنيها ، وهو تعويض غير عادل ، ولايمثل إيرادا حقيقيا لفدان واحد ، ويعتبر بالتالى مصادرة لأموالها لاتجوز بغير حكم قضائى . وأثناء نظر هذا النزاع ، دفع المدعى بعدم دستورية أحكام المواد ٩و ١٠ و ١٣ من المرسوم بقانون رقم ١٨٧ لسنة ١٩٥٢ بشأن الإصلاح الزراعى . وقد أجلت المحكمة القضية لجلسة ٧ / ١٠ / ١٩٩٣ ليتخذ المدعى إجراءات الطعن بعدم الدستورية ، فأقام الدعوى الماثلة . وحيث إن المدعى ، وإن دفع بعدم دستورية المواد ٩و١٠و١٣ من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بشأن الإصلاح الزراعى ؛ وكانت هذه المواد لاصلة لها بالنزاع الموضوعى باعتبار أن أولاهما تنظم كيفية توزيع الأراضى المستولى عليها على صغار الفلاحين ؛ وأن ثانيتهما تتعلق بإدارة أراضى الحدائق المستولى عليها واستغلالها ؛ وأن ثالثتهما تنظم عمل اللجان التى شكلها القانون لمباشرة المهام التى حددتها ، ويندرج تحتها فحص ملكية وتحديد مايجب الاستيلاء عليه من الأراضى ؛ وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه فى مجال بيان النصوص القانونية المطعون عليها ، ليس لازما أن يكون تعيينها مباشرا ، وإنما يكفى لتحديدها أن يكون المدعى قد أبان عنها بطريق غير مباشر ؛ وكان المدعى قد نازع بدعواه الموضوعية فى مقدار التعويض المقدر عن الأراضى المستولى عليها << وفقا للضريبة العقارية المربوطة بها >> ؛ فإن النصوص القانونية التى حدد بها المشرع مقدار هذا التعويض والأحكام التى تنظمه ، تكون هى محل الخصومة الدستورية ، وبها يتحدد نطاق المصلحة الشخصية المباشرة فيها . وحيث إن النصوص القانونية المدعى إضرارها بالمرحومة جليله بولس داوود فى شأن الأموال المستولى عليها منها ، هى التى حددها مصفى تركتها ، ورددتها – بعباراتها – صحيفة دعواه الدستورية ، وجميعها تضمنها القرار بقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأراضى الزراعية ومافى حكمها ؛ وكان هذا القرار بقانون بعد أن حظر على أى فرد أن يمتلك من الأراضى الزراعية ومافى حكمها من الأراضى البور والصحراوية أكثر من خمسين فدانا ؛ وقرر كذلك ألا تزيد على مائة فدان من تلك الأراضى جملة ماتمتلكه هذه الأسرة ومع مراعاة الحد الأقصى لملكية كل فرد منها ؛ قد حدد فى مادتيه التاسعة والعاشرة ، مقدار التعويض المستحق عن القدر الزائد على هذا الحد الأقصى ، وكذلك كيفية أداء هذا التعويض ؛ وكانت مادته الثالثة عشرة تعهد إلى اللجان القضائية للإصلاح الزراعى بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق ذلك القانون ، فإن هذه المواد تكون هى المطعون عليها ، وبها يتحدد نطاق المسائل الدستورية التى تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها . وحيث إن المواد المطعون عليها من القرار بقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ المشار إليه ، نصها الآتى : – مادة ٩ : يكون لمن تستولى الحكومة على أرضه – وفقا لأحكام هذا القانون – الحق فى تعويض نقدى يعادل سبعين مثل الضريبة العقارية الأصلية المربوطة بها الأرض فى تاريخ الاستيلاء الاعتبارى عليها مضافا إليه قيمة المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار الكائنة بها مقدرة كلها وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ المشار إليه . فإذا كانت الأرض غير مربوطة بضريبة عقارية لبوارها أو كانت مربوطة بضريبة عقارية لاتجاوز فئتها جنيها واحدا ، يتم تقدير ثمنها بمعرفة اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضى الدولة ، ويعتبر هذا التقدير نهائيا فور اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى. مادة ١٠ : يؤدى التعويض النقدى المشار إليه فى المادة السابقة إلى المستولى لديه على عشرة أقساط سنوية تبدأ من تاريخ انقضاء سنة زراعية كاملة على تاريخ التسليم الفعلى للأرض – ولاتستحق أية فوائد عن هذا التعويض . مادة ١٣ : تختص اللجان القضائية للإصلاح الزراعى المنصوص عليها فى المادة ١٣ مكررا من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ المشار إليه بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون . واستثناء من أحكام قانون السلطة القضائية يمتنع على المحاكم النظر فى المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها أو التى تكون محلا للاستيلاء وفقا للإقرارات المقدمة من الملاك تطبيقا لأحكام هذا القانون – وتحال فورا جميع القضايا المنظورة حاليا أمام جهات القضاء إلى اللجان المذكورة مادام باب المرافعة لم يقفل فيها . ويكون الطعن فى قرارات اللجان القضائية المشار إليها – خلال ستين يوما من تاريخ صدور القرار – أمام إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة التى عليها أن تصدر حكمها خلال فترة لاتجاوز الستين يوما من تاريخ تقديم الطعن إليها . وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون عليها ، تقديرها لتعويض عن الأراضى الزراعية المستولى عليها ، منبت الصلة بقيمتها الحقيقية ، ذلك أن التعويض المطعون عليه مقدر على أساس سبعين مثل الضريبة العقارية ؛ وهى ضريبة قديمة تمثل تقديرا جزافيا وعشوائيا لقيمة الأراضى ، غير معاصر لتاريخ الاستيلاء عليها ؛ ومقسطا على آجال طويلة تفقد معها النقود قوتها الشرائية ؛ ويستحق قسطها الأول بعد انقضاء سنة زراعية كاملة على تاريخ الاستيلاء الفعلى على الأرض ؛ فلايكون التعويض المقدر لها حالا ، بل متراخيا ورمزيا مجانبا الأسس التى ينبغى أن يقوم عليها التعويض العادل ، ومخالفا بالتالى للمادتين ٣٢ و٣٤ من الدستور التى كفل بها صون الملكية الخاصة المبرأة من شبهة الاستغلال، ولم يجز نزع ملكيتها إلا وفقا لقانون ومقابل تعويض ، وهى قاعدة ينبغى تطبيقها فى شأن الأراضى المستولى عليها ، لأنها تخرجها من ملك أصحابها بعمل من أعمال السلطة شأنها فى ذلك شأن نزع الملكية . وماتقرر بنص المادة العاشرة المطعون عليها من أن التعويض المقدر وفقا للقانون لاتستحق عنه أية فوائد ، مؤداه امتناع جبر الأضرار الناجمة عن التأخير فى أداء التعويض أيا كانت مدة هذا التأخير . فضلا عن أن اللجان القضائية التى عهد إليها المشرع بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق قوانين الإصلاح الزراعى ، لاتعتبر غير مجرد لجان إدارية لاحصانة لأعضائها ، ولا استقلال ، بما يباعد بينها ومفهوم القاضى الطبيعى . ولئن أجاز المشرع الطعن فى قراراتها أمام المحكمة الإدارية العليا ، إلا أن جهة الطعن هذه لاتعتبر محكمة موضوع ، بل تنحصر مهمتها فى تطبيق حكم القانون فى شأن الحقوق الموضوعية التى يعتبر فصل اللجان فيها نهائيا ، بما يناقض حكم المادة ٦٨ من الدستور ، ويحول دون مباشرة السلطة القضائية لولايتها التى كفلها بنص المادة ١٦٥ ، والتى حجبها المشرع عنها بالنصوص المطعون عليها ، بعد أن سلبها بها سلطة الفصل فى منازعات تدخل أصلا فى اختصاصها . وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة تأسيسا على سبق الفصل فى موضوعها بالحكمين الصادرين عن المحكمة العليا بجلستها المعقودة فى ٥ / ٤ / ١٩٧٥ فى الدعويين رقمى ٩ و ١٣ لسنة ٤ قضائية عليا << دستورية >> . وحيث إن هذا الدفع مردود أولا : بأن مناعى المدعين – سواء فى الدعوى الدستورية رقم ٩ لسنة ٤ قضائية عليا، أم فى الدعوى الدستورية رقم ١٣ لسنة ٤ قضائيا عليا – لم يكن لها من صلة بما إذا كان التعويض المقدر فى شأن الأراضى المستولى عليها وفق أحكام القرار بقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ بتعيين حد أقصى لملكية الفرد والأسرة ، يعتبر عادلا فى مقداره متكافئا مع القيمة السوقية للقدر المستولى عليه من هذه الأراضى وقت إخراجها من ملكية أصحابها ، بل تنحصر مناعيهم فى أن المشرع ماكان يجوز أن يتدخل لتحديد الملكية الزراعية سواء للفرد أو للأسرة ، وأن الاستيلاء على القدر الزائد على الحد الأقصى الذى عينه المشرع، يعتبر مصادرة منهيا عنها دستوريا . ومردود ثانيا : بأن المحكمة العليا – فى ردها على مناعيهم هذه – كان قضاؤها واضحا فى أن الدستور فوض المشرع فى تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية دون قيد ولاشرط ؛ وأن المشرع أعمل هذا التفويض ، بما تولاه من تحديد لهذه الملكية ضمانا لإنهاء الإقطاع ، وإرساءً لقواعد النظام الاشتراكى ؛ وأن ما ينعاه المدعون من مصادرة المشرع للقدر الزائد على الحد الأقصى ، غير صحيح بعد أن قرر المشرع تعويض من يستولى منه على أراضى زراعية تزيد على هذا الحد ، وفق الأسس التى حددها . ومردود ثالثا : بأن المصادرة التى نفتها المحكمة العليا فى شأن الأراضى المستولى عليها لمجاوزتها الحد الأقصى للملكية الزراعية ، أساسها أن المصادرة التى يعنيها الدستور ، هى التى ينتقل بها المال إلي الدولة دون مقابل . ولاكذلك نزاع فى شأن مقدار التعويض المستحق عن الأراضى المستولى عليها ، إذ يتعلق هذا النزاع – لا بأموال آلت إلى الدولة دون تعويض يقابل حق أصحابها فيها ، بل بما إذا كان التعويض عنها يعد عادلا قائما بالقسط وفقا للدستور ، فلايخسرون ؛ أو منخسفا متدنيا ، فلايستوفون . وحيث إن السلطة التى يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق ، حدها قواعد الدستور باعتبارها قيد عليها ، فلايجوز تخطيها ؛ وكان المشرع وإن جاز أن يعيد تنظيم أوضاع قائمة بما يكفل للمواطنين مصالحهم المباشرة ، كتلك التى يقتضيها بناء مجتمعهم وتطويره ليكون أكثر أمنا ورقيا وجمالا ووعيا ونظاما وأفضل بيئة ؛ إلا أن كل تغيير يتصل بالملكية الخاصة بما يفقدها محتواها ، ينبغى أن يقابل بتعويض عادل عنها ؛ ذلك أن الملكية لايجوز نزعها قسرا بغير تعويض ، كذلك فإن كل تنظيم للملكية لايجوز أن يصل مداه إلى مايعتبر عقلا افتئاتا علىها من خلال تقويض عناصرها ، وزوال المزايا التى تنتجها عملا . وحيث إن كل قيد على استعمال الملكية ، إنما ينال من حق يقابل هذا القيد ، وبقدره . كذلك فإن كل قيد عليها ينبغى أن يوازن بالأغراض التى يتوخاها ، وأن يتمحض وسيلة ملائمة لتحقيقها ، فلايكون منفلتا عن الحدود المنطقية التى ينبغى أن يتخدها مضمونا وإطارا . وحيث إن قضاء هذه المحكمة بحكمها الصادر فى الدعوى الدستورية رقم ٣ لسنة ١ قضائية ، كان قد خلص إلى أن الحق فى التعويض عن الأراضى الزراعية ، يعتبر مترتبا على نزع ملكيتها جبرا عن أصحابها وفقا للقانون وفى الحدود التى بينها ، ولايجوز بالتالى أن يكون محل نزاع ؛ ولاأن تكون المادة ٣٧ من الدستور التى لم تشر إلى الحق فى التعويض عن الأراضى الزراعية ، مدخلا إلى إهداره . ذلك أن ماعناه الدستور بها ينحصر فى تقرير مبدأ جواز تحديد الملكية الزراعية توكيدا لاتجاه القضاء على الإقطاع ، وضمان مصالح العمال والفلاحين الذين أضيروا من السيطرة التى بسطها على الأراضى الزراعية . ولم يكن من شأنها بالتالى تنظيم القواعد التى يتم الاستيلاء على ضوئها ، ولا بيان أسس التعويض عنها ، اجتزاء بالقواعد الجوهرية التى يقوم الدستور عليها ، وأخصها أن صون الملكية الخاصة يقتضى امتناع نزعها جبرا عن أصحابها لغير منفعة عامة ودون تعويض ؛ وأن مصادرتها مصادرة خاصة لاتجوز بغير حكم قضائى ، وجميعها أحكام انتظمتها المواد ٣٢ و ٣٤ و ٣٦ من الدستور . وحيث إن الاستيلاء على الأراضى الزائدة على الحد الأقصى للملكية الزراعية ، إما أن يكون استيلاء اعتباريا ، أو فعليا . وقد انحاز القرار بقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأراضى الزراعية ومافى حكمها ، إلى المفهوم الأول بما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته السادسة التى تقضى بأن الاستيلاء على القدر الزائد من هذه الأراضى ، وكذلك أيلولتها إلى الدولة ، يعتبر متحققا قانونا من وقت نفاذ هذا القانون ، أيا كان تاريخ الاستيلاء الفعلى عليها . وحيث إن مشروعية المصلحة فى مجال نزع الملكية ، حدها احتمال الضرر الأقل دفعا لضرر أكبر ؛ وكان صون الدستور للملكية الزراعية مقيداً بألاتكون موطئا لاقطاع يمتد عليها ويحيط بها بما يهدد من يعملون فيها من العمال والفلاحين ؛ وكان ضمان مصلحتهم هذه – التى ترتكن لنصوص الدستور ذاتها – وإن كان شرطا مبدئيا لمباشرة المشرع لسلطته فى مجال تحديد الملكية الزراعية ، إلا أن تحديد أقصى مايجوز تملكه منها ، مؤداه تجريد الأراضى المستولى عليها – فيما يجاوز هذا الحد – من ملكية أصحابها ، مستوجبا تعويضهم عنها بما يتكافأ وقيمتها السوقية فى تاريخ الاستيلاء عليها ؛ ودون ذلك تفقد الملكية الخاصة مقوماتها ، بغير تعويض عادل يقابلها . وحيث إن مايعتبر عادلا ومنصفا فى مجال التعويض ، لايتحدد على ضوء معايير جامدة أو مقاييس تحكمية يتم تطبيقها بآلية عمياء . وكلما تعلق الأمر بأراض زراعية جرد المشرع أصحابها منها ، فإن افتراض تساويها جميعا أو حتى تقاربها فى قيمتها ، يكون وهما . وإنما يجب أن يتحدد لكل منها – واستقلالا عن غيرها – مايقابل قيمتها السوقية من التعويض ، على ضوء العناصر التى ترتبط بمقوماتها ؛ ويندرج تحتها فرص استثمارها التى كان يمكن توقعها عقلا ؛ وحقوق الارتفاق التى تثقلها ؛ وموقعها من العمران ؛ واتصالها بالطرق الرئيسية والفرعية أو نأيها عنها ؛ وخصائص تربتها ،ونطاق الأعمال المرصودة على خدمتها وتطويرها ؛ ونوع المحاصيل التى تنبتها ؛ ووسائل ريها وتكلفتها ومصارفها ؛ وأشجارها ومبانيها ، إلى غير ذلك من العناصر التى لاتنفصل عنها ، فلايكون تحريها تصوريا أو جزافيا بعيدا عن حقائقها ، بل واقعيا قدر الإمكان Essentially ad hoc factual inquiries وبذلك وحده يتوازن الحق المجرد لكل فرد فى استعمال الأموال التى يملكها فى الأغراض التى يستهدفها ، بضرورة التخلى عنها لمصلحة محددة ملامحها ولها شأنها ، يقتضيها خير الجماعة وضمان تطورها Clear and significant public benefit وحيث إن ماتقدم مؤداه ، أن التعويض عن الأراضى الزراعية الزائدة على الحد الأقصى، لايتحدد على ضوء الفائدة التى تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها ، وإنما الشأن فى هذا التعويض إلى مافاتهم من مغانم ، ومالحقهم من خسران من جراء أخذها عنوة منهم ، تقديرا بأن هذه وتلك ، تمثل مضار دائمة لاموقوتة ، ثابتة لاعرضية، ناجمة جميعها عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها ، فلايجبها إلا تعويض يكون جابرا لها ، ولاينحل بالتالى تفريطا أو تقتيرا . وحيث إن ماتنص عليه المادة ٩ المطعون عليها ، من أن مقدار التعويض عن الأراضى المستولى عليها يتحدد بما يعادل سبعين مثل الضريبة العقارية الأصلية المربوطة بها الأرض فى تاريخ الاستيلاء الاعتبارى عليها ، لايعدو أن يكون تقديرا جزافيا منفصلا عن قيمتها السوقية ، وذلك من وجوه متعددة : أولها : أن الضريبة العقارية المشار إليها لاشأن لها بأصول الأموال محلها ، وإنما يتعلق فرضها بتقدير تصوره المشرع لإيراد نجم عن استغلالها ، فلايكون هذا الإيراد إلا وعاء لها . وثانيها : أن الأموال المحملة بهذه الضريبة تتباين قيمتها فيما بينها على ضوء ظروفها وخصائص بنيانها حتى داخل المحافظة الواحدة ، ولايمكن بالتالى أن يجمعها معيار واحد ينفصل عن أوضاع عرضها وطلبها التى تؤثر فيها إلى حد كبير عناصر متعددة تتداخل فى مجال تقييمها ، من بينها ما إذا كان أصحابها يزرعونها بأنفسهم أم يؤجرونها لغيرهم . وثالثها : أن الضريبة العقارية المشار إليها – وحتى بفرض جواز الرجوع إليها لتحديد التعويض المستحق – لايعاد النظر فيها سنويا ، وإنما يمتد تقديرها فى شأن الأراضى الزراعية جميعها – أيا كان موقعها وبغض النظر عن خصائصها – سنين عشرا ، مدها المشرع بعدئذ لمدد تماثلها ، فلايكون التعويض المقدر على أساسها إلا تصوريا . وحيث إن الخوض فى دستورية بعض النصوص القانونية ، يفترض ابتداء انتفاء ارتباطها ارتباطا لايقبل التجزئة بنصوص أبطلتها هذه المحكمة لمخالفتها الدستور ، فإذا كان ارتباطها بها قائما ، فإن الحكم بسقوطها يكون مقدما على الفصل فى دستوريتها ، إذ لامحل للخوض فى اتفاقها أو مخالفتها للدستور بعد انغلاق مجال عملها ، ترتيبا على زوال النصوص القانونية التى كانت تستند إليها . وحيث إن مقدار التعويض المستحق عن الأرض الزراعية المستولى عليها ، محددة عناصره بنص المادة ٩ من القانون ؛ وكانت مادته العاشرة التى نعى عليها المدعى مخالفتها للدستور لتقسيطها هذا التعويض على آجال طويلة ودون أن تستحق أية فوائد عن التأخير فى أدائه ، ترتبط ارتباطا لايقبل التجزئة بنص المادة ٩ السابقة عليها ؛ فإن إبطال هذه المحكمة لنص هذه المادة التى يتعلق حكمها بأصل الحق فى التعويض ، يفيد بالضرورة سقوط المادة التى تليها والتى تنظم شروط اقتضائه ، ويندرج تحتها أن يكون أداؤه متراخيا إلى مابعد انتهاء سنة زراعية كاملة على الاستيلاء الفعلى على الأرض محل التعويض ، ومقسطا ، وبلا فوائد عن مدد التأخير ، ولو استطال زمنها . وحيث إن ماينعاه المدعى من أن اللجان القضائية التى عهد إليها المشرع بمقتضى نص المادة الثالثة عشرة المطعون عليها ، بالفصل فى المسائل التى ناطها بها ، تعد لجانا إدارية لايلتئم تكوينها ومفهوم القاضى الطبيعى ، مردود بما جرى عليه قضاء المحكمة العليا فى القضية المقيدة بجدولها برقم ٩ لسنة ٧ قضائية << دستورية >> ثم هذه المحكمة فى القضية المقيدة بجدولها برقم ٤ لسنة ٨ قضائية << دستورية >> من أن هذه اللجان تعد جهة قضائية اختصها المشرع بالفصل دون سواها فى المنازعات الناشئة عن قوانين الإصلاح الزراعى ، وأن قراراتها تعتبر بالتالى أحكاما قضائية يجوز الطعن فيها – وعملا بنص المادة الثالثة عشرة المشار إليها – أمام المحكمة الإدارية العليا التى لاتنحصر ولايتها فى مجال نظر الطعون المعروضة عليها فى مجرد تطبيق صحيح حكم القانون فى شأنها ، ولكنها تمتد إلى تقدير ماإذا كان الدليل فى شأن الوقائع المتنازع عليها مستمدا من أصول لها مصدرها من الأوراق ، محمولا عقلا عليها ، ومنتجا فى إثباتها .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى