حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٣ لسنة ١٤ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٣ لسنة ١٤ دستورية
تاريخ النشر : ٠٣ – ٠٣ – ١٩٩٤

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ من الإعتداد بملاءة الموكل كأحد العناصر التي تدخل في تقدير أتعاب محاميه، وكذلك ما قررته من ألا تقل الأتعاب المستحقة عن ٥% من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل موضوع طلب التقدير.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض أعضاء ونجيب جمال الدين علما المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر

– – – ١ – – –

جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا، على أن الشرعية الدستورية التى تقوم بمراقبة التقيد بها، غايتها ضمان أن تكون النصوص التشريعية المطعون عليها أمامها مطابقة لأحكام الدستور . ذلك أن لهذه الشرعية – فى موقعها من البنيان القانونى فى الدولة _ مقام الصدارة وانفاذها وبلوغ مقاصدها فرع من خضوع الدولة _ بكافة تنظيمهاتها – للقانون والتزامها بمضمونه وفحواه ولا يجوز بالتالى لأية محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى، إعمال نص تشريعى لازم للفصل فى النزاع المعروض عليها إذا بدالها مصادمته للدستور من وجهة مبدئية قوامها ظاهر الأمر فى المطاعن الدستورية الموجهة إليه دون انزلاق إلى أغوارها، وذلك أن قيام هذه الشبهة لديها، يلزمها أن تستوثق من صحتها عن طريق عرضها على المحكمة الدستورية العليا وفقا لنص المادة ٢٩ من قانونها، لتتولى دون غيرها الفصل فى المسائل الدستورية المطروحة عليها، متقصية أبعادها، محيطة بجوانبها ، متعمقة دخائلها، بالغة ببحثها منتهاه، بما مؤداه أنه لا يجوز لأية جهة تتولى الفصل فى الخصومة القضائية المطروحة عليها، أن تتجاهل مظنة الخروج على أحكام الدستورية، ولا أن تنحيها جانبا، بل يتعين عليها أن تنزل القواعد الدستورية المنزلة الأعلى التى تتبوؤها، وإلا آل أمر الإعراض عنها إلى إعمالها لنصوص تشريعية لأزمة للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها، ولو داخلتها شبهة ترجح مخالفتها للدستور بخروجها على زواجره ونواهية وهو ما يناقض سيادة القانون – والدستور على القمة من مدارجه – ويخل كذلك بضرورة أن تكون الشرعية الدستورية راسية أساسها ، تتكامل عناصرها، وتتواصل حلقاتها دون حلقاتها دون انقطاع، وينقض من جهة أخرى دور المحكمة الدستورية العليا فى مباشرة رقابتها على هذه الشرعية، بوصفها أمينة عليها حافظة لها، غير مجاوزة لتخومها، لتفرض بأحكامها كلمة الدستور على المخاطبين بها، فلا ينسلخون منها أو يحيدون عنها . متى كان ذلك ، وكان الدفع بعدم دستورية نص تشريعى يطرح بالضرورة – ومن أجل الفصل فى هذا الأدعاء – ما بين القانونية من تدرج ، يفرض عند تعارضها، وإهدار القاعدة الأدنى تغليبا للقاعدة التى تعلوها، وكان من المقرر – وعلى ما سلف البيان _ أن القواعد الدستورية تحتل من القواعد القانونية مكانا عليا، لأنها تتوسد بعدم المقام السمى كقواعد آمرة لا تبديل فيها إلا بتعديل الدستورية ذاته، فإن مضمونه ومرماه، مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور ترجيحا لها على ما عداها وتوكيدا لصلتها الوثقى بالنظام العام، وهى أجدر قواعده وأولاها بالإعمال ، بما مؤداه جواز إثارة هذا الدفع فى أية حالة تكون عليها الدعوى، وأمام أية محكمة أيا كان موقعها من التنظيم القضائى الذى يضمنها

– – – ٢ – – –

المصلحة الشخصية المباشرة _ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لآزما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع

– – – ٣ – – –

لا مصلحة للمدعيين فى الطعن على الفقرة الأولى من المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنه ١٩٨٣، وذلك إنها تقرر أمرين . أولهما حق المحامى فى الحصول على أتعاب عن أعمال المحاماة التى قام بها وثانيهما الحق فى أن ترد إليه المصروفات التى يكون قد أنفقها فى سبيل مباشرة العمال التى وكل فيها الأمرين لا خلاف عليه فى النزاع الراهن، ذلك أن العمال القانونية التى يقوم بها المحامى ممثلا فيها لموكله، تعتبر من أعمال الوكالة وتسرى عليها _ وكاصل عام _ احكامها وقد يقوم المحامى إلى جانبها ببعض الأعمال المادية، ويظل كذلك – حتى فى هذه الحالة – خاضعا لقواعد الوكالة ملتزما ضوابطها كلما كان العنصر الأغلب فى هذين النوعين من العمال، متصلا بالأعمال القانونية والأصل المقرر فى شأن الوكالة، أنها تبرعية ما لم يوجد اتفاق على الأجربين كل من الموكل والوكيل سواء كان هذا الأتفاق صريحا أم كان ضمنيا وتكون الوكالة ما جورة ضمنا إذا كان الوكيل ممن يحترفون مهنة يتكسبون منها، وكان العمل الموكل فيه، يقع فى نطاقها والوكالة المأجورة هى الأكثر وقوعا فى العمل، ذلك ان الوكيل لا يقوم بأعمال الوكالة تفضلا أو مجاملة إلا بدليل قاطع من الظروف المحيطة بها، وهو يؤجر على ما بذل من جهة فى تنفيذ أعمال الوكالة، ولو لم يكن قد بلغ نتيجة بذاتها وسواء قام الطرفان بتعيين أجر الوكالة ابتداء أم أغفلا تحدده ،فإن تقديره فى النهاية مروده إلى القاضى عند الخلاف على مقداره وهو ما لا يتصور إذا كان الجر الوكالة قد عرض أمرها على مجلس النقابة الفرعية إعمالا لنص المادة ٨٤ من قانون المحاماة الذى يسرى عند وقوع خلاف بشأنها بين الموكل ومحامية، ولا يكون مقدارها محددا بالأتفاق عليها كتابة، وكان المدعيان قد نعيا على هذا المحاماة، فى إطلاق لا يعتد بما قد يكون المحامى قد أقتضاه من المادة ٨٢ من قانون المحاماة، فى إطلاق لا يعتد بما قد يكون المحامى قد أقتضاه بالفعل من موكلة من مبالغ يتعين خصمها من الأتعاب المحكوم بها فإن المدعيين يكونان قد اقرا بأن الوكالة الماثلة غير تطوعية، وليس لهما من بعد أن يتنازعا فى أصل الحق فى الأجر عن العمال القانونية التى قام بها الوكيل، ولا أن يعارضا حق الوكيل فى أن ترد إليه المصروفات التى يكون قد أنفقها فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها، ذلك أن العمال القانونية التى يقوم بها المحامى فى إطار مهنته تعتبر أعمالا مأجورة ولو لم تكن متعلقة بخصومة قضائية، بل منصرفة إلى غيرها من العمال التى يفيد منها الموكل وتكون ضرورية لتأمين الأغراض النهائية للوكالة . أما المصروفات التى يكون قد أنفقها، بما لا يجاوز متطلبات تنفيذ الأعمال التى وكل فيها، فإن حجمها عنه، يعتبر إفقارا له بمقدارها، دون مسوغ من اتفاق أو من نص فى القانون وهو ما لا يجوز باعتباره إثراء يصيب الموكل بلاسبب

– – – ٤ – – –

لا مصلحة للمدعين كذلك فى الطعن على الفقرة الثانية من المادة ٨٢ من قانون المحاماة، ذلك أن ما تنص عليه من أن للمحامى أن يتقاضى أتعابه وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله، وانه إذ تفرغت عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى، كان للمحامى أن يحصل على أتعابه عنها، مؤداه أن الأصل هو ألا يتقاضى المحامى أكثر من الأتعاب التى تم الاتفاق عليها كتابة، فإذا لم يكن ثمة أتفاق، أو كان الاتفاق قد تناول دعوى بذاتها، ولكن أعمالا أخرى غير التى ورد الانفاق بشأنها قد تفرغت عنها، فإن اتعاب المحامى – فى هاتين الحالتين – تقدر على ضوء العناصر التى حددتها الفقرة الثالثة من المادة ٨٢ المطعون عليها وهذه العناصر وحدها هى التى ينحصر نطاق الطعن فيها بالنظر إلى تعلقها بموضوعه بالأضافة إلى أن ذلك أكفل لمقاصد المدعيين اللذين ركزا مناعيهما عليها بمقولة إطلاقها دون قيد وأن الغاية منها هى تمكن المحامين من الضغط على موكليهم، وتطويعهم لمصالحهم بالمخالفة للواقع والقانون

– – – ٥ – – –

لا مصلحة أيضا للمدعيين فى اطراح الفقرة الرابعة من المادة ٨٢ من قانون المحاماة المطعون عليهما، ذلك أن نهيها عن أن تكون أتعاب المحامى حصة عينية من الحقوق المتنازع عليها، إنما يتمحض عن مزية تعود فائدتها – فى الحدود التى قررتها هذه الفقرة – عليهما إذ كان ذلك، وكان من المقرر أن الدعوى الدستورية ينبغى أن تؤكد بماهية الخصومة التى تتناولها، التعارض بين المصالح المثارة فيها، بما يعكس حدة التناقض بينها، ويبلور من خلال تصادمها ومجابهتها لبعض، حقيقة المسألة الدستورية التى تدعى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها، وكان من المسلم أن الحقوق الدستورية ليس لها قيمة مجردة فى ذاتها ولا يتصور أن تعمل فى فراغ، وإنه أيا كان وزنها أو دورها أو أهميتها فى بناء النظام القانونى للدولة، ودعم حرياته المنظمة، فإن تقريرها تغيا دوما توفير الحماية التى تقضيها مواجهة الضرار الناشئة عن الإخلال بها، يستوى فى ذلك أن تكون هذه الحقوق من طبيعة موضوعية أو إجرائية ولا يكفى بالتالى لتوافر المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، مجرد إنكار أحد الحقوق المنصوص عليها فى الدستور، أو محض الخلاف حول مضمون هذا الحق، بل يجب أن يكون للخصم الذى أقامها، أو محض الخلاف حول مضمون هدا الحق بل يجب أن يكون للخصم الذى أقامها، مصلحة واضحة فى اجتناء الفائدة التى يتوقعها منها، بأعتبارها الترضية القضائية التى يرد بها عن الحقوق التى يدعيها مضار فعلية أصابتها، أو تهدها من جراء ترتيب النص التشريعى المطعون عليه لآثار قانونية بالنسبة إليه ولا كذلك إفادة المدعيين من مزايا نص تشريعى المطعون عليه، لآثار قانونية بالنسبة إليه ولا كذلك إفادة المدعيين من مزايا نص تشريعى معين، إذ يكون الطعن عليه من قبلهما غير جائز

– – – ٦ – – –

نظم الدستور حق الدفاع محددا بعض جوانبه، مقررا كفالته كضمانه مبدئية أوليه لعدم الإخلال بالحرية الشخصية، ولصون الحرية فى مظاهرها المختلفة ودعم الحقوق جميعها، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها الدستور، أو التى كفلتها النظم المعمول بها، فأورد فى شأن هذا الحق حكما قاطعا، حين نص فى الفقرة الأولى من المادة ٦٩ منه، على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، وكان ضمان هذا الحق يفترض أن يكون الدفاع فعالا، محيطا بالخصومة التى يتناولها التوكيل، فلا تكون المعاونة التى يقدمها المحامى لموكله دون مستوباتها الموضوعية التى يمليها التبصر، وتفرضها العناية الواجبة، ولا ينزلق المحامى بتقصيره فى آدائها إلى اخطاء مهنية، لو كان قد تداركها فى حينها، لكان من الأرجح أن تتخذ الخصومة مسارا مختلفا، وكان الدستور تعزيرا منه الضمانة الدفاع على هذا النحو، لم يجز للسلطة التشريعية إهدار هذا الحق أو تقليص محتواه، بما يعطل من فعاليته أو يحد منها، كاشفا بذلك عن أن ضمانة الدفاع لم تعد ترفا يمكن التجاوز عنه، وأن التعلق بأهدابها الشكلية دون تعمق فى حقائقها الموضوعية، يعتير تراجعا عن مضمونها الحق، مصادما لمعنى العدالة منافيا لمتطلباتها، عن إنكار ضمانه الدفاع أو تقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها ، ليس إلا هدما للعدالة ذاتها، بما يحول دون وقوعها سرية على قدميها، سواء كان نقضها أو إعاقتها منصرفا إلى حق الدفاع بالأصالة، بما يقوم ضمان حق كل فرد فى أن يعرض وجهة نظره فى شأن الواقعة محل التداعى مبينا حكم القانون بصددها، أم كان متعلقا بالدفاع بالوكالة، حين يقيم الشخص باختياره محاميا يطمئن إليه لخبرته وقدراته، ويراه لثقته فيه، أقدر على تأمين المصالح التى يرمى إلى حمايتها، وكان الدستور بعد أن قرر أصل الحق فى ضمانة الدفاع – أصالة أو بالوكالة – قد خطا خطوة أبعد بإقراره الفترة الثانية من المادة ٦٩، التى تنص على ان تكفل الدولة لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء إلى القضاء، والدفاع عن حقوقهم، مخولا المشرع بموجهها تقرير الوسائل الملائمة التى يعين بها المعوزين على صون حقوقهم وحرياتهم من خلال تأمين ضمانه الدفاع عنها، وكان المدعيان لا يقولان بإنكار حقهما فى اللجوء إلى القضاء للحصول على الترضية القضائية التى يقتضيها رد العدوان الذى ذهبا إلى وقوعه على حقوقهما المالية، ولا يدعيان أنهما من المعوزين الذين يلوذون بالمعونة القضائية لتأمين ضمانه الدفاع عن حقوقهم هذه، وكانت الوكالة بالخصومة غايتها أن يقوم محام من اختيارهما بأدارة الدفاع عنهما وتوجيهه، وتفترض هذه الوكالة أنها مأجورة لا تبرعية باعتبارأن العمال موضوعها تدخل فى إطار مهنة المحاماة التى أحترفها وكيلهما، وكان المدعيان قد أيدا ذلك بإقرارهما انهما دفعا لهذا الوكيل جزاءا من مقدم أتعابه، فإن قالة سريان الفقرة من المادة ٦٩ من الدستور فى حقهما – وقوامها معاونه الدولة للمعسرين وفقا للقانون وبما لا يجاوز الحق فى تمثيل ملائم يرعى مصالحهم ويرد غائلة العدوان عنها عن طريق من يندبون المحامين لهذا الغرض – لا يكون لها محل

– – – ٧ – – –

إن الأصل المقرر قانونا هو أن تتكافأ الأتعاب التى يحصل عليها المحامى تنفيذا لعقد الوكالة فى قيمة العمال التى أداها فى نطاقها، ذلك أن الوكالة من عقود القانون الخاص التى تتوازن المصالح فيها، ولا تميل الحقوق الناشئة عنها فى اتجاه أحد طرفيها، ويتعين بالتالى أن يكون تقدير أجر المحامى عن الأعمال التى قام بها – فى إطار عقد الوكالة وتنفيذا لمقتضاها – معقولا، فلا يكون أجر الوكيل عنها مبالغا فيه، مرهقا الموكل فى غير مقتضى، وإلا كان تقديره تحكميا مجاوزا الأسس الموضوعية التى يتعين أن يتحدد على ضوئها، توصلا إلى تقديره دون زيادة أو نقصان، وبعيدا عن شبهة الممالأة أو التحامل ولازم ذلك أن يكون أجر المحامى متناسبا مع الأعمال التى أداها، وأن يقدر بمراعاة أهميتها، وعلى ضوء مختلف الظروف ذات العلاقة المحيطة بها، ويندرج تحتها بوجه خاص القيمة الفنية لهذه العمال، والجهد الذى بذله المحامى فى إنجازها عمقا وزمنا والعوارض الاستثنائية التى تكون قد واجهته فى تنفيذها، وصعوبة أو تعقد العمال التى أداها ومظاهر تشعبها، والنتائج التى حققها من خلالها، وما عاد على الوكيل منها من فائدة ومن ثم تكون حقيقة العمال التى قام بها المحامى هى ذاتها مناطا لتحديد أجرة، ويتعين بوجه عام أن يكون مرد الاعتداد بها عائدا إلى العناصر الواقعية المختلفة التى يتحدد بها نطاقها ووزنها، وبما لا إخلال فيه بالظروف الموضوعية المتصلة بها ودون ذلك، فإن تقدير أجر المحامى يكون منطويا على عدوان على الحقوق المالية للموكل، وهى حقوق حرص الدستور على صونها، ومن ثم كان ضروريا أن يقدر أجر المحامى بمراعاة كل العوامل التى تعين على تحديده تحديدا منصفا، وهى بعد عوامل لا تستغرقها قائمة محددة ضبطا وحصرها، وإن جاز أن يكون من بينها أولا : حقيقة الجهد والزمن الذى بذله المحامى، وكان لازما لإنجاز العمال التى وكل فيها ثانيا : جدة المسائل التى قام ببحثها ودرجه تشابكها أو تعقدها ثالثا : ما اقتضاه تنفيذها بالدقة الكافية من الخبرة والمهارة الفنية رابعا : ما إذا كان تنفيذ الأعمال التى عهد إليه الموكل بها قد حال دون مزاولته لأعمال أخرى . خامسا : الأجر المقرر عرفا مقابلا لها . سادسا : القيود الزمنية التى يكون الموكل قد فرضها على المحامى لإنجاز الوكالة ، وكذلك تلك أملتها ظروفها . سابعا : النتائج التى يكون محامية قد بلغها فى شأن المبالغ التى يتردد النزاع حولها ثامنا : مكانه المحامى ومقدرته وشهرته العامة . تاسعا : طبيعة العلاقة المهنية بين الموكل ومحامية، وعمق امتدادها فى الزمان . عاشرا : الأتعاب التى تقررت لغيره من المحامين فى الدعاوى المماثلة حادى عشر : ما إذا كان المحامون يعرضون عادة عن قبول الدعوى التى وكل فيها بالنظر إلى ملابساتها

– – – ٨ – – –

إن الأصل المقرر قانونا هو أن تتكافأ الأتعاب التى يحصل عليها المحامى تنفيذا لعقد الوكالة فى قيمة العمال التى أداها فى نطاقها، ذلك أن الوكالة من عقود القانون الخاص التى تتوازن المصالح فيها، ولا تميل الحقوق الناشئة عنها فى اتجاه أحد طرفيها، ويتعين بالتالى أن يكون تقدير أجر المحامى عن الأعمال التى قام بها – فى إطار عقد الوكالة وتنفيذا لمقتضاها – معقولا، فلا يكون أجر الوكيل عنها مبالغا فيه، مرهقا الموكل فى غير مقتضى، وإلا كان تقديره تحكميا مجاوزا الأسس الموضوعية التى يتعين أن يتحدد على ضوئها، توصلا إلى تقديره دون زيادة أو نقصان، وبعيدا عن شبهة الممالأة أو التحامل ولازم ذلك أن يكون أجر المحامى متناسبا مع الأعمال التى أداها، وأن يقدر بمراعاة أهميتها، وعلى ضوء مختلف الظروف ذات العلاقة المحيطة بها، ويندرج تحتها بوجه خاص القيمة الفنية لهذه العمال، والجهد الذى بذله المحامى فى إنجازها عمقا وزمنا والعوارض الاستثنائية التى تكون قد واجهته فى تنفيذها، وصعوبة أو تعقد العمال التى أداها ومظاهر تشعبها، والنتائج التى حققها من خلالها، وما عاد على الوكيل منها من فائدة ومن ثم تكون حقيقة العمال التى قام بها المحامى هى ذاتها مناطا لتحديد أجرة، ويتعين بوجه عام أن يكون مرد الاعتداد بها عائدا إلى العناصر الواقعية المختلفة التى يتحدد بها نطاقها ووزنها، وبما لا إخلال فيه بالظروف الموضوعية المتصلة بها ودون ذلك، فإن تقدير أجر المحامى يكون منطويا على عدوان على الحقوق المالية للموكل، وهى حقوق حرص الدستور على صونها، ومن ثم كان ضروريا أن يقدر أجر المحامى بمراعاة كل العوامل التى تعين على تحديده تحديدا منصفا، وهى بعد عوامل لا تستغرقها قائمة محددة ضبطا وحصرها، وإن جاز أن يكون من بينها أولا : حقيقة الجهد والزمن الذى بذله المحامى، وكان لازما لإنجاز العمال التى وكل فيها ثانيا : جدة المسائل التى قام ببحثها ودرجه تشابكها أو تعقدها ثالثا : ما اقتضاه تنفيذها بالدقة الكافية من الخبرة والمهارة الفنية رابعا : ما إذا كان تنفيذ الأعمال التى عهد إليه الموكل بها قد حال دون مزاولته لأعمال أخرى . خامسا : الأجر المقرر عرفا مقابلا لها . سادسا : القيود الزمنية التى يكون الموكل قد فرضها على المحامى لإنجاز الوكالة ، وكذلك تلك أملتها ظروفها . سابعا : النتائج التى يكون محامية قد بلغها فى شأن المبالغ التى يتردد النزاع حولها ثامنا : مكانه المحامى ومقدرته وشهرته العامة . تاسعا : طبيعة العلاقة المهنية بين الموكل ومحامية، وعمق امتدادها فى الزمان . عاشرا : الأتعاب التى تقررت لغيره من المحامين فى الدعاوى المماثلة حادى عشر : ما إذا كان المحامون يعرضون عادة عن قبول الدعوى التى وكل فيها بالنظر إلى ملابساتها

– – – ٩ – – –

العوامل الموضوعية وحدها، هى التى يعتد بها فى تقدير أتعاب المحامى باعتبارها مرتبطة بطبيعة الأعمال التى أداها، ومبلغ أهميتها، ومحصلتها النهائية ، وغير ذلك من الظروف ذات العلاقة المحيطة بها وهى بذلك وثيقة الأتصال بالتالى بقيمة هذه الأعمال منظورا فى ذلك إلى عناصرها الواقعية، والجهد الذى لازمها، وكان يلزم عقلا أن يبذل فيها

– – – ١٠ – – –

لئن كانت الفقرة الثالثة من المادة ٨٢ من قانون المحاماة، قد أوردت ضمن العناصر التى تدخل فى تقدير أتعاب المحامى، أهمية الدعوى، والجهد الذى بذلة فى سبيلها، والنتيجة التى حققها، وأقدمية قيده – وجميعها عوامل موضوعية تعين على تقدير هذه التعاب تقديرا منصفا، إلا أن نص هذه الفقرة ذاتها إذ اعتقد بملاءة الموكل كأحد عناصر هذا التقدير، فإنه قد جاوز فى هذا النطاق الأسس المعقولة التى يتعين أن تتحدد الأتعاب على ضوئها، ذلك أن ثروة الموكل منقطعة الصلة بالأعمال التى باشرها الوكيل، ولا يجوز أن يكون لها من أثر على تقييمها وليس منطقيا أو معقولا أن تزيد قيمة هذه الأعمال، وأن تتصاعده أهميتها تبعا ليسار الموكل، وليس بالنظر إلى طبيعتها وفحواها يؤيد ذلك، أنه وإن صح القول بأن الأتعاب المتنازع عليها لا يجوز أن تنحدر على نحو يكون مثبطا لهمم الأكفاء من المحامين، فإن من الصحيح كذلك انها لا يجوز أن يكون مستعلية فى غير مقتض ، بافتقارها إلى العوامل الموضوعية اللازمة لحملها

– – – ١١ – – –

ما قررته الفقرة الثالثة من المادة ٨٢ المشار إليها، من أنه لا يجوز أن تقل أتعاب المحامى عن ٥ % من قيمة ما حققه من فائدة لموكله فى العمل موضوع طلب التقدير، مؤداه أنه أيا كان مقدار الجهد الذى بذلة المحامى فى أداء هذا العمل، فإن الحدود الدنيا لأتعابه لا يجوز أن تقل عن ٥ % من الفائدة التى حققها،وهو ما يخرج بتقييم العمال التى باشرها عن الأسس الموضوعية التى يجب أن تكون قواما لها

– – – ١٢ – – –

إن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان وفقا لنص المادة ٣٤ منه، لا تعتبر منحصرة فى الملكية الفردية كحق عينى أصلى تتفرع عنه الحقوق العينية جميعها، ويعتبر جماعها وأوسعها نطاقا، بل تمتد هذه الحماية إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق الأدبية أو الفنية أو الصناعية، وكان ما يميز الملكية الفردية عن الحقوق الشخصية، هو انه بينما تخول الملكية الفردية صاحبها السلطة المباشرة على الشىء محلها تصرفا واستغلالا واستعمالا، لتعود إليه دون غيره ثمارها ومنتجاتها يستخلصها منها دون وساطة أحد، فإن الحقوق الشخصية ترتبط بمدين معين أو بمدينين معينين وبوساطتهم يكون اقتضاء الدائن لها. وكان التمييز بين الملكية الفردية والحقوق الشخصية على هذا النحو، لا ينال من كونهما من الأموال ذلك أن الحقوق العينية التى تقع على عقار _ بما فى ذلك حق الملكية – تعتبر مالا عقاريا أما الحقوق العينية التى تقع على منقول، وكذلك الحقوق الشخصية – أيا كان محلها – فإنها تعد مالا منقولا ويتعين بالتالى أن تمتد الحماية المنصوص عليها فى المادة ٣٤ من الدستور، إلى الحقوق الشخصية والعينية على سواء، ذلك أن التمييز بينهما فى مجال الحماية، ينافى مقاصد الدستور فى سعيها لتامين الأموال جميعها من صور العدوان عليها، وبما يردع مغتصبيها متى كان ما تقدم وكان تعيين أتعاب المحامين على ضوء عنصرين غير موضوعيين _ أحدهما ملاءة الموكل، وثانيهما حد أدنى تقرر بقاعدة عامة مجردة، يلزم تطبيقها فى كل حال، لضمان عدم النزول بمبلغها عن قدر معين – مؤداه اعتبار ما يقابلهما من مبالغ التزاماغ مترتبا فى ذمة الموكل منذ نشوئه، وكان كل التزام يعتبر قيمة مالية سلبية، حال أن هذين العنصرين منفصمان عن حقيقة الأعمال التى قام بها الوكيل ولا يغلان بالتالى أية قيمة مالية يتصور معها أن يقعا عبئا من مال المدين، ولا أن يجردا بالتالى ذمته المالية – التى لا تتناول إلا مجموع الحقوق والديون التى تكون لها قيمة مالية – منم بعض العناصر الايجابية التى تكونها، وإذ كان ذلك، فإن النص التشريعى المطعون فيه يكون مخالفا من هذه الناحية للمادة ٣٤ من الدستور

– – – ١٣ – – –

إن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان وفقا لنص المادة ٣٤ منه، لا تعتبر منحصرة فى الملكية الفردية كحق عينى أصلى تتفرع عنه الحقوق العينية جميعها، ويعتبر جماعها وأوسعها نطاقا، بل تمتد هذه الحماية إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق الأدبية أو الفنية أو الصناعية، وكان ما يميز الملكية الفردية عن الحقوق الشخصية، هو انه بينما تخول الملكية الفردية صاحبها السلطة المباشرة على الشىء محلها تصرفا واستغلالا واستعمالا، لتعود إليه دون غيره ثمارها ومنتجاتها يستخلصها منها دون وساطة أحد، فإن الحقوق الشخصية ترتبط بمدين معين أو بمدينين معينين وبوساطتهم يكون اقتضاء الدائن لها. وكان التمييز بين الملكية الفردية والحقوق الشخصية على هذا النحو، لا ينال من كونهما من الأموال ذلك أن الحقوق العينية التى تقع على عقار _ بما فى ذلك حق الملكية – تعتبر مالا عقاريا أما الحقوق العينية التى تقع على منقول، وكذلك الحقوق الشخصية – أيا كان محلها – فإنها تعد مالا منقولا ويتعين بالتالى أن تمتد الحماية المنصوص عليها فى المادة ٣٤ من الدستور، إلى الحقوق الشخصية والعينية على سواء، ذلك أن التمييز بينهما فى مجال الحماية، ينافى مقاصد الدستور فى سعيها لتامين الأموال جميعها من صور العدوان عليها، وبما يردع مغتصبيها متى كان ما تقدم وكان تعيين أتعاب المحامين على ضوء عنصرين غير موضوعيين _ أحدهما ملاءة الموكل، وثانيهما حد أدنى تقرر بقاعدة عامة مجردة، يلزم تطبيقها فى كل حال، لضمان عدم النزول بمبلغها عن قدر معين – مؤداه اعتبار ما يقابلهما من مبالغ التزاماغ مترتبا فى ذمة الموكل منذ نشوئه، وكان كل التزام يعتبر قيمة مالية سلبية، حال أن هذين العنصرين منفصمان عن حقيقة الأعمال التى قام بها الوكيل ولا يغلان بالتالى أية قيمة مالية يتصور معها أن يقعا عبئا من مال المدين، ولا أن يجردا بالتالى ذمته المالية – التى لا تتناول إلا مجموع الحقوق والديون التى تكون لها قيمة مالية – منم بعض العناصر الايجابية التى تكونها، وإذ كان ذلك، فإن النص التشريعى المطعون فيه يكون مخالفا من هذه الناحية للمادة ٣٤ من الدستور

– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة حيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعيين أقاما هذه الدعوى بصحيفة خلصا فى ختامها إلى طلب الحكم بعدم دستورية المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ٧١ لسنة ١٩٨٣ ، وقالا شرحاً لذلك أنهما وكلاعنهما المدعى عليه الخامس محامياً لمباشرة بعض الدعاوى المتعلقة بهما ، إلا أنه اخل بواجباته المهنية وعرضهما لأخطار فادحة ٠ وإذ تقدما بشكوى ضده إلى النيابة العامة ، فقد استصدر ضدهما من نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة أمر تقدير لأتعابه بمبلغ خمسة وسبعين ألف جنيه مستغلاً فى ذلك الأوراق التى تحت يده ، وحضوره فى القضايا التى كان يقيمها لصالحهما والتى لم تستكمل اجراءاتها بعد ٠ وقد طعنا فى هذا الأمر كما طعن هو فيه وذلك امام محكمة استئناف القاهرة التى قررت ضم الاستئنافين إلى بعضهما ، وإذ دفع الحاضر عنهما بعدم دستورية المادة ٨٢ من قانون المحاماة المشار إليه ، وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية دفاعهما وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقاما الدعوى الماثلة ٠ وحيث إن المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ٧١ لسنة ١٩٨٣ تنص على مايأتى : – فقرة أولى :للمحامى الحق فى تقاضى أتعاب لمايقوم به من أعمال المحاماة والحق فى استرداد ماأنفقه من مصروفات فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها ٠ فقرة ثانية : ويتقاضى المحامى أتعابه وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله.وإذ تفرع عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى ، حق للمحامى أن يطالب بأتعابه عنها. فقرة ثالثة : ويدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى والجهد الذى بذله المحامى والنتيجة التى حققها وملاءة الموكل وأقدمية درجة قيد المحامى ، ويجب ألا تزيد الأتعاب على عشرين فى المائة وألاتقل عن خمسة فى المائة من قيمة ماحققه المحامى من فائدة لموكله فى العمل موضوع طلب التقدير ٠ فقرة رابعة : وفى جميع الأحوال لايجوز أن يكون أساس تعامل المحامى مع موكله أن تكون أتعابه حصة عينية من الحقوق المتنازع عليها ٠ وحيث إن المدعيين ينعيان على المادة ٢٨ المشار إليها مخالفتها للدستور بمقولة إن الدستور ضمن حق التقاضى للناس كافة فى المادة ٨٦ ، ونص فى المادة ٩٦ – التى كفل بها حق الدفاع أصالة أو بالوكالة – على أن يوفر المشرع لغير القادرين ماليا وسائل الإلتجاء إلى القضاء للدفاع عن حقوقهم ٠ غير أن النص التشريعى المطعون فيه أطلق لكل محام العنان فى إقتضاء أتعابه ، محدداً عناصر تقديرها بغير حساب ، ودون مااعتداد بمقدم الأتعاب أو غيره من المبالغ التى يكون قد تقاضاها أثناء نظر الدعوى ، وبغير تربص بالقضايا التى يكون الموكل قد أقامها ضده للفصل فيما هو منسوب إليه من الجرائم التى ارتكبها والمستوجبة لمسئوليته الجنائية والمدنية ، هذا بالإضافة إلى أن نقابة المحامين متعاطفه دائماً مع أعضائها مما يعد افتئاتاًعلى حقوق المواطنين مستوجباً تقرير الضوابط اللازمة لإعمال النص التشريعى المطعون عليه ٠ ومن حيث إن المدعى عليه الخامس دفع بعدم قبول الدعوى الدستورية بمقولة عدم اتصالها بالمحكمة الدستورية العليا وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها ارتكاناً من جانبه إلى أن الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعيان لاتجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافيه ، وكان يتعين – وباعتباره من الدفوع الإجرائية – أن يطرح أمام محكمة أول درجة ابتداء وقبل تعرضها لموضوع النزاع الذى تتولى الفصل فيه ٠ وحيث إن هذا الدفع مردود بما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن الشرعية الدستورية التى تقوم بمراقبة التقيد بها ، غايتها ضمان أن تكون النصوص التشريعية المطعون عليها أمامها مطابقة لأحكام الدستور ٠ ذلك أن لهذه الشرعية – فى موقعها من البنيان القانونى فى الدولة – مقام الصدارة ، وانفاذها وبلوغ مقاصدها فرع من خضوع الدولة – بكافة تنظيماتها – للقانون والتزامها بمضمونه وفحواه ٠ ولايجوز بالتالى لأية محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى – إعمال نص تشريعى لازم للفصل فى النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته للدستور من وجهة مبدئية قوامها ظاهر الأمر فى المطاعن الدستورية الموجهه إليه دون انزلاق إلى أغوارها ، ذلك أن قيام هذه الشبهه لديها ، يلزمها أن تستوثق من صحتها عن طريق عرضها على المحكمة الدستورية العليا وفقاً لنص المادة ٩٢ من قانونها لتتولى دون غيرها الفصل فى المسائل الدستورية المطروحة عليها ، متقصية أبعادها ، محيطه بجوانبها متعمقة دخائلها بالغه ببحثها منتهاه ، بمامؤداه إنه لايجوز لأية جهه تتولى الفصل فى الخصومة القضائية المطروحة عليها أن تتجاهل مظنه الخروج على أحكام الدستور ولا أن تنحيها جانباً ، بل يتعيين عليها أن تنزل القواعد الدستورية المنزلة الأعلى التى تتبوؤها ، وإلا آل آمر الإعراض عنها إلى إعمالها لنصوص تشريعية لازمة للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها ولو داخلتها شبهه ترجح مخالفتها للدستور بخروجها على زواجره ونواهيه ، وهو مايناقض سيادة القانون – والدستور على القمة من مدارجه – ويخل كذلك بضرورة أن تكون الشرعية الدستورية راسية آسسها تتكامل عناصرها ، وتتواصل حلقاتها دون إنقطاع ، وينقض من جهة اخرى دور المحكمة الدستورية العليافى مباشرة رقابتها على هذه الشرعية بوصفها امينة عليها حافظة لها ، غير مجاوزة لتخومها ، لتفرض بأحكامها كلمة الدستور على المخاطبين بها ، فلا ينسلخون منها أو يحيدون عنها ٠ متى كان ذلك ، وكان الدفع بعدم دستورية نص تشريعى يطرح بالضرورة – ومن أجل الفصل فى هذا الادعاء – مابين القواعد القانونية من تدرج يفرض عند تعارضها إهدار القاعدة الأدنى تغليباً للقاعدة التى تعلوها ، وكان من المقرر وعلى ماسلف البيان – أن القواعد الدستورية تحتل من القواعد القانونية مكانا علّيا لأنها تتوسد منها المقام الأسمى كقواعد آمره لاتبديل فيها إلا بتعديل الدستور ذاته ، فإن الدفع بعدم الدستورية لايكون من قبيل الدفوع الشكلية أو الإجرائية ، بل يتغيا فى مضمونه ومرماه مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور ترجيحالها على ماعداها وتوكيداً لصلتها الوثقى بالنظام العام ، وهى أجدر قواعده وأولاها بالإعمال ، بمامؤداه جواز إثارة هذا الدفع فى آية حالة تكون عليها الدعوى ، وأمام آية محكمة آيا كان موقعها من التنظيم القضائى الذى يضمها ٠ ومن حيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ان يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطه بها ، والمطروحة على محكمة الموضوع ٠ وحيث إنه لامصلحة للمدعيين فى الطعن على الفقرة الأولى من المادة ٢٨ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ٧١ لسنة ١٩٨٣ ، ولا على الفقرتين الثانية والرابعة منها،ذلك إن الفقرة الأولى من المادة ٢٨ المشار إليها تقرر امرين : أولهما حق المحامى فى الحصول على اتعاب عن اعمال المحاماة التى قام بها : وثانيهما الحق فى أن ترد إليه المصروفات التى يكون قد أنفقها فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها ٠وكلا الأمرين لاخلاف عليه فى النزاع الراهن ، ذلك أن الأعمال القانونية التي يقوم بها المحامى ممثلا فيها لموكله ، تعتبر من أعمال الوكالة وتسرى عليها أحكامها ، كأصل عام ٠ وقد يقوم المحامى إلى جانبها ببعض الأعمال المادية ، ويظل كذلك – حتى فى هذه الحالة – خاضعاً لقواعد الوكالة ملتزماً ضوابطها كلما كان العنصر الأغلب في هذين النوعين من الأعمال ، متصلاً بالأعمال القانونية والأصل المقرر فى الوكالة أنها تبرعية مالم يوجد اتفاق على الأجربين كل من الموكل والوكيل سواء كان هذا الاتفاق صريحاً أم كان ضمنياً ٠ وتكون الوكالة مأجورة ضمناً إذا كان الوكيل ممن يحترفون مهنة يتكسبون منها ، وكان العمل الموكل فيه يدخل فى إطار أعمال هذه المهنه ٠ويدل الواقع على أن الوكالة المأجورة هى الاكثر وقوعاً فى العمل ، وان الوكيل لايقوم بأعمال الوكالة تفضلاً أو مجاملة إلا بدليل قاطع من الظروف المحيطة بها ، وهو يؤجر على مابذل من جهد فى تنفيذ أعمال الوكالة ، ولو لم يكن قد بلغ نتيجة بذاتها ، باعتبار أن التزامه الناشئ عقد الوكالة لايعدوأن يكون التزاماً ببذل عناية، وليس بتحقيق غاية ٠ وسواء قام الطرفان بتعيين أجر الوكالة من البداية أم أغفلا تحديده ، فإن تقديره فى النهاية مرده الى القاضى عند الخلاف على مقداره ، وهو مالا يتصور إذا كان اجرالوكالة قد دفع تطوعاً بعد تنفيذها ٠متى كان كذلك ، وكانت الأتعاب التى طلبها محامى المدعيين قد عرض أمرها على مجلس النقابة الفرعية إعمالاً لنص المادة ٤٨ من قانون المحاماه الذى يسرى عند وقوع خلاف بشأنها بين الموكل ومحاميه ولايكون مقدارها محدداً بالاتفاق عليها كتابة ، وكان المدعيان قد نعيا على هذا التقدير ارتكانه الى عناصر بذواتها حددتها الفقرة الثالثة من المادة ٢٨ فى إطلاق لايعتد بما قد يكون المحامي قد اقتضاه بالفعل من موكله من مبالغ يتعين خصمها من الأتعاب المحكوم بها ، فإن المدعيين يكونان قد أقرا بأن الوكالة الماثلة غير تطوعية ، وليس لهما من بعد أن ينازعا فى أصل الحق فى الأجر عن الأعمال القانونية التى قام بها الوكيل ، ولا أن يعارضا حق الوكيل فى أن ترد إليه المصروفات التى يكون قد أنفقها فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها ، ذلك أن ألاعمال القانونية التى يقوم بها المحامى فى إطار مهنته تعتبر أعمالاً مأجورة ولولم تكن متعلقة بخصومة قضائية ، بل منصرفة إلى غيرها من الأعمال التى يفيد منها الموكل وتكون ضرورية لتأمين الأغراض النهائية للوكالة ٠ أما المصروفات التى يكون قد أنفقها بما لايجاوز متطلبات تنفيذ الأعمال التى وكل فيها ، فإن حجبها عنه يعتبر إفقاراً له بمقدارها دون مسوغ من اتفاق أو من نص فى القانون ، وهو مالا يجوز بإعتباره إثراء يصيب الموكل بلاسبب ٠ وحيث إنه لامصلحة أيضاً للمدعيين فى اطراح الفقرتين الثانية والرابعة من المادة ٢٨ من قانون المحاماة المطعون عليهما ، ذلك أن ماتنص عليه الفقرة الرابعة منها من أنه لايجوز فى أية حال أن يكون أساس تعامل المحامى مع موكله ، أن تكون أتعابه حصة عينية من الحقوق المتنازع عليها ، إنما يتمحض عن مزية تعود فائدتها – فى الحدود التى قررتها هذه الفقرة – عليهما ٠ اذ كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدعوى الدستورية ينبغى أن تؤكد بماهية الخصومة التى تتناولها ، التعارض بين المصالح المثارة فيها بما يعكس حدة التناقض بينها ، ويبلور من خلال تصادمها ومجابهتها لبعض ، حقيقة المسألة الدستورية التى تدعى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها ، اذ كان ذلك وكان من المسلم أن الحقوق الدستورية ليس لها قيمة مجردة فى ذاتها ، ولا يتصور أن تعمل فى فراغ ، وإنه أيا كان وزنها أو دورها أو أهميتها فى بناء النظام القانونى للدولة ودعم حرياته المنظمة ، فإن تقريرها تغيا دوماً توفير الحماية التى تقتضيها مواجهة الأضرار الناشئة عن الإخلال بها ، يستوى فى ذلك أن تكون هذه الحقوق من طبيعة موضوعية أو إجرائية ٠ ولايكفي بالتالى لتوافر المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية ، مجرد إنكار أحد الحقوق المنصوص عليها في الدستور أو محض الخلاف حول مضمون هذا الحق ، بل يجب أن يكون للخصم الذى أقامها مصلحة واضحة فى اجتناء الفائدة التى يتوقعها منها باعتبارها الترضية القضائية التى يرد بها عن الحقوق التى يدعيها مضار فعلية أصابتها أو تهددها من جراء إعمال النص التشريعى المطعون عليه فى حقه ، وترتيبه لاثار قانونية بالنسبه إليه ٠ ولاكذلك إفادة المدعيين من مزايا نص تشريعى معين ، إذ يكون الطعن عليه من قبلهما غير جائز ٠ وحيث إنه لامصلحة للمدعيين كذلك فى الطعن على الفقرة الثانية من المادة ٢٨ من قانون المحاماة ، ذلك أن ماتنص عليه من أن للمحامى ان يتقاضى أتعابه وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله ، وأنه إذ تفرعت عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال اخرى ، كان للمحامى أن يحصل على أتعابه عنها ، مؤداه أن الأصل هو ألايتقاضى المحامى أكثر من الاتعاب التى تم الاتفاق عليها كتابة ، فإذا لم يكن ثمة اتفاق ، او كان الاتفاق قد تناول دعوى بذاتها ، ولكن أعمالاً اخرى غير التى ورد الاتفاق بشأنها قد تفرعت عنها ، فإن أتعاب المحامى – فى هاتين الحالتين – تقدر على ضوء العناصرالتى حددتها الفقرة الثالثة من المادة ٢٨ المطعون عليها٠وهذه العناصر وحدها هى التى ينحصر نطاق الطعن فيها بالنظر إلى تعلقها بموضوعه ، بالإضافة إلى ان ذلك أكفل لمقاصد المدعيين اللذين ركزا مناعيهما عليها بمقولة إطلاقها دون قيد ، وأن الغاية منها هى تمكين المحامين من الضغط على موكليهم وتطويعهم لمصالحهم بالمخالفة للواقع والقانون ٠ وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة ٢٨ من قانون المحاماة – التى انحصر فيها نطاق الطعن على النحو المتقدم – تنص على أن يدخل فى تقدير أتعاب المحامى أهمية الدعوى والجهد الذى بذله المحامى والنتيجة التي حققها و ملاءة الموكل واقدمية درجة قيد المحامى ويجب ألا تزيد الأتعاب على عشرين فى المائه وألاتقل عن خمسة فى المائه من قيمة ماحققه المحامى من فائدة لموكله فى العمل موضوع طلب التقدير ٠ وحيث إن المدعيين ينعيان على الفقرة الثالثة من المادة ٢٨ من قانون المحاماة مخالفتها لنص المادة ٩٦ من الدستور ٠ وحيث إن هذا النعى مردود بأن الدستور نظم حق الدفاع محدداً بعض جوانبه مقرراً كفالته كضمانه مبدئية أولية لعدم الإخلال بالحرية الشخصيه ولصون الحرية فى مظاهرها المختلفة و الحقوق جميعها ، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها الدستور أو التى كفلتها النظم المعمول بها ، فاورد فى شأن هذا الحق حكماً قاطعاً حين نص فى الفقرة الأولى من المادة ٩٦ منه على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول ، وكان ضمان هذا الحق يفترض أن يكون الدفاع فعالاً محيطاً بالخصومة التى يتناولها التوكيل ، فلا تكون المعاونة التى يقدمها المحامى لموكله دون مستوياتها الموضوعية التى يمليها التبصر وتفرضها العناية الواجبة ، ولاينزلق المحامى بتقصيره فى آدائها إلى أخطاء مهنية لوكان قد تداركها فى حينها لكان من الأرجح أن تتخذ الخصومة مساراً مختلفاً ، وكان الدستور تعزيزاً منه لضمانه الدفاع علي هذا النحو ، لم يجز للسلطة التشريعية إهدار هذا الحق أو تقليص محتواه بما يعطل فعاليته أو يحد منها ، كاشفاً بذلك عن أن ضمانه الدفاع لم تعد ترفاً يمكن التجاوز عنه ، وأن التعلق بأهدابها الشكلية دون تعمق فى حقائقها الموضوعية ، يعتبر تراجعاً عن مضمونها الحق مصادماً لمعنى العدالة منافياً لمتطلباتها ، وان إنكار ضمانة الدفاع أو تقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها ،ليس إلا هدماً للعدالة ذاتها بما يحول دون وقوفها سوية على قدميها ، سواء كان نقضها أو إعاقتها منصرفاً إلى حق الدفاع بالأصالة بما يقوم عليه من ضمان حق كل فرد فى أن يعرض وجهه نظره فى شأن الواقعة محل التداعى مبيناً حكم القانون بصددها ، أم كان متعلقاً بالدفاع بالوكالة حين يقيم الشخص باختياره محامياً يطمئن إليه لخبرته وقدراته ويراه لثقته فيه أقدر على تأمين المصالح التى يرمى إلى حمايتها ، وكان الدستور بعد ان قرر أصل الحق فى ضمانة الدفاع – اصالة أو بالوكالة – قد خطا خطوة أبعد بإقراره الفقرة الثانية من المادة ٩٦ منه التى تنص على أن تكفل الدولة لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم مخولاً المشرع بموجبها تقرير الوسائل الملائمة التى يعين بها المعوزين على صون حقوقهم وحرياتهم من خلال تأمين ضمانة الدفاع عنها ، وكان المدعيان لايقولان بانكار حقهما في اللجوء إلى القضاء للحصول على الترضية القضائية التى يقتضيها رد العدوان الذى ذهبا إلى وقوعه على حقوقهما المالية ، ولا يدعيان أنهما من المعوزين الذين يلوذون بالمعونه القضائية لتأمين ضمانه الدفاع عن حقوقهم هذه ، وكانت الوكالة بالخصومة غايتها أن يقوم محام من اختيارهما بإدارة الدفاع عنهما وتوجيهه ، وتفترض هذه الوكالة أنها مأجورة لاتبرعيه باعتبار أن الأعمال موضوعها تدخل فى إطار مهنة المحاماة التى احترفها وكيلهما ، وكان المدعيان قد أيدا ذلك بإقرارهما انهما دفعا لهذا الوكيل جزءاً من مقدم اتعابه ، فإن قالة سريان الفقرة الثانية من المادة ٩٦ من الدستور فى حقهما وقوامها معاونة الدولة للمعسرين وفقاً للقانون وبما لايجاوز الحق فى تمثيل ملائم يرعى مصالحهم ويرد غائلة العدوان عنها عن طريق من يندبون المحامين لهذا الغرض لايكون لها محل ٠ وحيث إن المدعيين ينعيان كذلك علي الفقرة الثالثة من الماد ٢٨ من قانون المحاماة تحيفها ، وممالأتها لمصالح المحامين وتقريرها حقوقاً لهم تجاوز حد الاعتدال مما آل إلى الركون إليها للضغط من خلالها علي موكليهم وتطويعهم لإرادتهم بالمخالفة للقانون ٠ وحيث إن الأصل المقرر قانوناً هو أن تتكافأ الأتعاب التى يحصل عليها المحامي تنفيذاً لعقد الوكالة مع قيمة الأعمال التي أداها في نطاقها ، ذلك أن الوكالة من عقود القانون الخاص التي تتوازن المصالح فيها ، ولا تميل الحقوق الناشئة عنها فى اتجاه أحد طرفيها، ويتعين بالتالي أن يكون تقدير أجر المحامى عن الأعمال التي قام بها – في إطار عقد الوكالة وتنفيذا لمقتضاها – معقولاً ، فلا يكون اجر الوكيل عنها مبالغاً فيه مرهقاً الموكل في غيرمقتض وإلا كان تقديره تحكميا مجاوزاً الأسس الموضوعية التي يتعين أن يتحدد علي ضوئها توصلاً إلي تقديره دون زيادة أونقصان ، وبعيداً عن شبهة الممالأة أوالتحامل ٠ ولازم ذلك أن يكون أجر المحامى متناسباً مع الأعمال التي اداها ، وان يقدر بمراعاة أهميتها ، وعلى ضوء مختلف الظروف ذات العلاقة المحيطة بها ويندرج تحتها بوجه خاص القيمه الفنيه لهذه الأعمال ، والجهد الذي بذله المحامي فى انجازها عمقاً وزمناً ، والعوارض الاستثنائية التي تكون قد واجهته فى تنفيذها ، وصعوبة او تعقد الأعمال التي أداها ومظاهرتشعبها ، والنتائج التي حققها من خلالها ، وماعاد على الوكيل منها من فائدة ٠ ومن ثم تكون حقيقة الأعمال التي قام بها المحامي هي ذاتها مناطاً لتحديد أجره ، ويتعين بوجه عام أن يكون مرد الاعتداد بها عائداً إلى العناصر الواقعيه المختلفة التى يتحدد بها نطاقها ووزنها ، وبما لا إخلال فيه بالظروف الموضوعية المتصلة بها٠ ودون ذلك ، فإن تقدير أجرالمحامى يكون منطوياًعلي عدوان على الحقوق المالية للموكل ، وهي حقوق حرص الدستور على صونها ، ومن ثم كان ضرورياً أن يقدر أجر المحامى بمراعاة كل العوامل التي تعين على تحديده تحديداً منصفا ، وهى بعد عوامل لاتستغرقها قائمة محددة من أجل ضبطها وحصرها ، وإن جاز أن يكون من بينها : أولا : حقيقة الجهد والزمن الذى بذله المحامي وكان لازماً لإنجازالأعمال التي وكل فيها ٠ ثانياً : جدة المسائل التي قام ببحثها ودرجة تشابكها أو تعقدها ٠ ثالثا : ما اقتضاه تنفيذها بالدقة الكافية من الخبرة والمهارة الفنية ٠ رابعا : ما إذا كان تنفيذ الأعمال التي عهد إليه الموكل بها قد حال دون مزاولته لأعمال اخرى ٠خامسا : الأجر المقرر عرفاً مقابلاً معقولاً لها ٠ سادسا : القيود الزمنية التى يكون الموكل قد فرضها علي المحامى لإنجاز الوكالة وكذلك تلك التى أملتها ظروفها٠ سابعا : النتائج التي يكون محاميه قد بلغها فى شأن المبالغ التى يتردد النزاع حولها ٠ ثامنا : مكانةالمحامي ومقدرته وشهرته العامة ٠تاسعا: طبيعةالعلاقة المهنية بين الموكل ومحاميه وعمق امتدادها في الزمان٠عاشرا : الأتعاب التى تقررت لغيره من المحامين فى الدعاوي المماثلة ٠ حادي عشر : ماإذا كان المحامون يعرضون عادة عن قبول الدعوي التى وكل فيها بالنظر إلى ملابساتها ٠ وحيث إنه متي كان ما تقدم ، وكانت العوامل الموضوعية وحدها هى التي يعتد بها فى تقدير أتعاب المحامي باعتبارها مرتبطة بطبيعة الأعمال التي أداها ومبلغ أهميتها ومحصلتها النهائية وغير ذلك من الظروف ذات العلاقة المحيطة بها ، ووثيقة الاتصال بالتالى بقيمة هذه الأعمال منظوراً فى ذلك إلى عناصرها الواقعية والجهد الذى لازمها وكان يلزم عقلا ان يبذل فيها ، وجب استبعاد ماعداها مما لايندرج تحتها ٠ وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة ٢٨ من قانون المحاماة قد أوردت ضمن العناصر التي تدخل في تقدير أتعاب المحامي أهمية الدعوي والجهد الذى بذله فى سبيلها والنتيجه التي حققها واقدمية قيده – وجميعها عوامل موضوعية تٌعين علي تقدير هذه الأتعاب تقديراً منصفا،إلا أن نص هذه الفقرة ذاتها – إذ اعتد بملاءة الموكل كأحد عناصر هذا التقدير ، فإنه يكون قد جاوز في هذا النطاق الأسس المعقولة التى يتعين أن تتحدد الأتعاب على ضوئها ، ذلك أن ثروة الموكل منقطعة الصلة بالأعمال التى باشرها الوكيل ، ولا يجوز أن يكون لها من أثر على تقييمها ٠ وليس منطقياً أو معقولاً أن تزيد قيمة هذه الأعمال وأن تتصاعد اهميتها تبعاً ليسار الموكل وليس بالنظر إلى طبيعتها وفحواها ٠ يؤيد ذلك أنه وإن صح القول بأن الاتعاب المتنازع عليها لا يجوز أن تنحدر على نحو يكون مثبطاً لهمم الاكفاء من المحامين ، فإن من الصحيح كذلك أنها لا يجوز أن تكون مستعلية في غير مقتض بافتقارها إلى العوامل الموضوعية اللازمة لحملها ٠ وحيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم ، فإن ما قررته الفقرة الثالثة من المادة ٢٨ المشار إليها من أنه لايجوزأن تقل أتعاب المحامي عن ٥ % من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل موضوع طلب التقدير ، مؤداه انه أيا كان مقدارالجهد الذى بذله المحامى في أداء هذا العمل، فإن الحدود الدنيا لاتعابه لايجوز ان تقل عن ٥% من الفائدة التى حققها ، وهو مايخرج بتقييم الأعمال التي باشرها عن الأسس الموضوعية التى يجب أن تكون قواماً لها٠ وحيث إنه متى كان ذلك ، وكانت الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان وفقا لنص المادة ٤٣ منه ، لا تعتبر منحصرة في الملكية الفردية كحق عينى أصلى تتفرع عنه الحقوق العينية جميعها ويعتبر جماعهاوأوسعها نطاقا ، بل تمتد هذه الحماية إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها باعتبار ان المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصيا أم عينيا أم كان من حقوق الملكية الادبية أوالفنية أوالصناعية ، وكان ما يميز الملكية الفردية عن الحقوق الشخصية هو أنه بينما تخول الملكية الفردية صاحبها السلطة المباشرة علي الشىء محلها تصرفا واستغلالا واستعمالا لتعود اليه دون غيره ثمارهاومنتجاتها وملحقاتها يستخلصها منها دون وساطه أحد ، فإن الحقوق الشخصية ترتبط بمدين معين أو بمدينين معينين ، وبوساطتهم يكون اقتضاء الدائن لها ، وكان التمييز بين الملكية الفردية والحقوق الشخصية علي هذا النحو لاينال من كونهما من الاموال ، ذلك ان الحقوق العينية التى تقع علي عقار – بما في ذلك حق الملكية – تعتبر مالا عقاريا٠اما الحقوق العينية التي تقع على منقول وكذلك الحقوق الشخصية – ايا كان محلها – فانها تعد مالاً منقولا٠ ويتعين بالتالي ان تمتد الحماية المنصوص عليها في المادة ٤٣ من الدستور إلى الحقوق الشخصية والعينيه علي سواء، ذلك ان التمييز بينهما في مجال هذه الحماية ينافى مقاصد الدستور في سعيها لتأمين الأموال جميعها من العدوان عليها وبما يردع مغتصبيها ٠ متي كان ما تقدم ، وكان تعيين أتعاب المحامين على ضوء عنصرين غير موضوعيين – احدهما ملاءة الموكل وثانيهما حد أدنى تقرر بقاعدة عامة مجرده يلزم تطبيقها في كل حال لضمان عدم النزول بمبلغهاعن قدر معين – مؤداه اعتبار ما يقابلهما من مبالغ التزاماً مترتبا فى ذمة الموكل منذ نشوئه ، وكان كل التزام يعتبر قيمة مالية سلبية حال أن هذين العنصرين منفصمان عن حقيقة الأعمال التى قام بها الوكيل ولا يغلان بالتالى أية قيمة مالية يتصور معها ان يقعا عبئا في مال المدين بما يجرد ذمته المالية – وهي لا تتناول إلا مجموع الحقوق والديون التي تكون لها قيمة مالية – من بعض عناصرها الايجابية، إذ كان ذلك ، فإن النص التشريعى المطعون فيه يكون مخالفاً من هذه الناحية للمادة ٤٣ من الدستور٠ وحيث إن ما قرره المدعيان من أن الفقرة الثالثة من المادة ( ٢٨ ) آنفة البيان تسقط من حسابها مقدار المبالغ التي يكون قد دفعها مقدماً لمحاميه ، مردود بأن حكمها لايفيد ذلك ، إذ لا تتناول هذه الفقرة بالتنظيم غير الأسس التى قدر المشرع ضرورة تحديد أتعاب الوكيل علي ضوئها بافتراض عدم وجود إتفاق كتابى بشأنها والخلاف عليها ، ولايحول بذاته دون استنزال أية مبالغ منها يكون الموكل قد اداها للوكيل كلما قام الدليل عليها.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى