حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦٢ لسنة ٢١ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦٢ لسنة ٢١ دستورية

تاريخ النشر : ١٨ – ٠٣ – ٢٠٠٤

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : بشأن عدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة ١١ من القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ بأحكام الوقف فيما تضمنه من قصر حظر الرجوع او التغيير في وقف المسجد ابتداء او فيما وقف عليه ابتداء دون الكنيسة

الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ٧ مارس سنة ٢٠٠٤ م ، الموافق ١٦ من المحرم سنة ١٤٢٥ هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ١٦٢ لسنة ٢١ ق دستورية
المقامة من

قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ،
بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس .

المقامة من

قداسة البابا شنودة الثالث ــ بابا الاسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية .
بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة اوقاف الاقباط الارثوذكس .
ضد
١ السيد رئيس الجمهورية
٢ السيد رئيس مجلس الوزراء
٣ السيد رئيس مجلس الشعب
٤ السيد وزير العدل
٥ السيدة رئيس الإدارة المركزية لمصلحة الشهر العقارى والتوثيق
٦ السيد أمين عام مكتب شمال القاهرة للشهر العقارى والتوثيق
٧ السيد رئيس مأمورية الشهر العقارى لروض الفرج
٨ السيد المهندس / ميلاد جرجس سليمان المليح
٩ قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بصفته الممثل القانونى لمجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف قسم مدينة نصر بالقاهرة
الإجراءات

بتاريخ السادس من سبتمبر سنة ١٩٩٩ أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (١١) من القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٧ بأحكام الوقف .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث أن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ٨١٣ لسنة ١٩٩٨ أحوال شخصية كلى شمال القاهرة أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليهم من الرابع إلى التاسع ببطلان عقد الرجوع فى الوقف الخيرى المشهر برقم ٤٣٥ لسنة ١٩٩٨ وإلغاء ومحو هذا الشهر ، على سند من أنه بموجب عقد مشهر برقم ٢٥٠٢ لسنة ١٩٩٨ شهر عقارى شمال القاهرة أوقف المدعى عليه الثامن العقار رقم ٩ شارع السالمى سابقاً وحالياً ١٢ عوايد شارع جنينة الحجار شياخة جزيرة بدران قسم روض الفرج وقفاً خيرياً مؤبداً على مجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف مع احتفاظه بحق المنفعة طوال حياته إلا أنه بتاريخ ١٢ / ١ / ١٩٩٨ حصل الواقف على موافقة قداسة البابا على الرجوع فى الوقف المذكور وأشهر هذا العقد برقم ٤٣٥ لسنة ١٩٩٨ شهر عقارى شمال القاهرة بتاريخ ٢ / ٢ / ١٩٩٨ ، وقد أسس المدعى دعواه على أن الوقف الخيرى محل التداعى موقوف على دار عبادة ومن ثم لا يجوز العدول عنه ، وبجلسة ٢٧ / ٢ / ١٩٩٩ قضت المحكمة برفض الدعوى ، وإذ لم يرتض المدعى بهذا الحكم فقد طعن عليه بالاستئناف رقم ٣٧٢ لسنة ٣ قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (١١) من قانون الوقف رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى بإقامة دعواه الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (١١) من القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ بأحكام الوقف تنص على أن : – للواقف أن يرجع فى وقفه كله أو بعضه ، كما يجوز له أن يغير فى مصارفه وشروطه ولو حرم نفسه من ذلك ، على ألا ينفذ التغيير إلا فى حدود هذا القانون .
ولا يجوز له الرجوع ولا التغيير فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون ….
ولا يجوز الرجوع ولا التغيير فى وقف المسجد ابتداء ولا فيما وقف عليه ابتداء ولا يصح الرجوع أو التغيير إلا إذا كان صريحاً .
وينعى المدعى على النص الطعين أنه حظر الرجوع فى الوقف بالنسبة للمسجد دون باقى دور العبادة الأخرى المعترف بها فى مصر بحيث يحق لمن أوقف مالاً على كنيسة أن يرجع فى وقفه بعد أن يكون هذا المال قد خرج من ملكه إلى حكم ملك الله تعالى ، الأمر الذى يشكل مساساً بحرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية فضلاً عن إخلاله بالمساواة بين دور العبادة ، وإهداره لحق الملكية وذلك كله بالمخالفة لأحكام المواد (٢٩ ، ٣٤ ، ٤٠ ، ٤٦ ، ٦٥ ، ٦٨ ، ١٦٥ ) من الدستور .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها اتصالها عقلاً بالمصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول مدى جواز رجوع الواقف فيما وقفه على مجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف ، وذلك فى ضوء ما قرره المدعى من أن هذا المجمع ملك لتلك الكنيسة ولا ينفصل عنها ، وليست له ذمة مالية مستقلة وأنهما يمثلان شخصاً اعتبارياً واحداً ، وأن ريع الوقف على هذا المجمع يعود إلى الكنيسة ذاتها التى يمثلها البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، وأن نشاط هذا المجمع يدخل ضمن أنشطة الكنيسة الخيرية ، ومن ثم تتحقق مصلحة المدعى فى الطعن على نص الفقرة الثالثة من المادة (١١) من قانون أحكام الوقف متحققة باعتبار أن التكييف الحقيقى لطلباته والذى يتحدد به نطاق الدعوى الماثلة ، هو الحكم بعدم دستورية النص المذكور فيما تضمنه من حظر الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون مساواة الكنيسة بالمسجد فى هذا الحكم .
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون رددته الدساتير المصرية جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها ، وأساساً للعدل والسلام الاجتماعى ، غايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها ، أو تقيد ممارستها ، وباعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة للحقوق جميعها ، إلا أن مجال إعماله لا يقتصر على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات ، بل يمتد فوق ذلك إلى تلك التى يقدرها المشرع . وإذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون ، سواء بإنكار أصل وجودها ، أو تعطيل أو انتقاص آثارها ، بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها .
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة ، أن مناط دستورية أى تنظيم تشريعى ألا تنفصل نصوصه أو تتخلف عن أهدافها ، ومن ثم فإذا قام التماثل فى المراكز القانونية التى تنتظم بعض فئات المواطنين وتساووا بالتالى فى العناصر التى تكونها ، استلزم ذلك وحدة القاعدة القانونية التى ينبغى أن تنتظمهم ، ولازم ذلك ، أن المشرع عليه أن يتدخل دوماً بأدواته لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة ، أو لمداركة ما فاته فى هذا الشأن .
وحيث إنه تطبيقاً لما تقدم فإن قانون أحكام الوقف رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ وقد حظر بموجب النص المطعون عليه الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون إضافة الكنيسة لهذا الحكم رغم تساويها مع المسجد فى كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية ، فإنه من ثم يكون قد أقام فى هذا المجال تفرقة غير مبررة مخالفاً بذلك مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (٤٠) من الدستور .
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (١١) من القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ بأحكام الوقف فيما تضمنه من قصر حظر الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون الكنيسة ، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى