حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٣١ لسنة ٦ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٣١ لسنة ٦ دستورية
تاريخ النشر : ١٦ – ٠٥ – ١٩٨٧

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية المواد الخامسة مكرراً والسادسة “فقرة ١” والسابعة عشرة “فقرة١” من القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣.

الحكم

برياسة محمد على بليغ رئيس المحكمة وحضور محمود حمدى عبد العزيز وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
يشترط لقبول التدخل الإنضمامى طبقاً لما تقضى به المادة “١٢٦” من قانون المرافعات ، أن يكون لطالب التدخل مصلحة شخصية و مباشرة فى الإنضمام لأحد الخصوم فى الدعوى . و مناط المصلحة فى الإنضمام بالنسبة للدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين مصلحة الخصم المتدخل فى ذات الدعوى الموضوعية التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها و أن يؤثر الحكم فى هذا الدفع على الحكم فيها . لما كان ذلك و لم يكن أى من طالبى التدخل فى الدعوى الدستورية طرفاً أصيلاً أو متدخلاً فى الدعوى الموضوعية و لم تثبت لأيهم تبعاً لذلك صفة الخصم التى تسوغ اعتباره من ذوى الشأن فى الدعوى الدستورية ، فإنه لا تكون لهم مصلحة قائمة فى الدعوى و يتعين لذلك الحكم بعدم قبول تدخلهم .

– – – ٢ – – –
الدفع بعدم إختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيسا على أن العدول عن نظام الإنتخاب الفردى إلى نظام الإنتخاب بالقوائم الحزبية بموجب القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المطعون عليه المعدل للقانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب هو من المسائل السياسية إذ يتصل بالنظام السياسى الداخلى الذى أصبح بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور فى ٢٢ مايو ١٩٨٠ يقوم على أساس تعدد الأحزاب . و من ثم ينأى عن رقابة المحكمة الدستورية العليا ، و يخرج عن إختصاصها ، هو و ما إستتبعه من تعديل فى عدد الدوائر الإنتخابية و تنظيم عملية الترشيح و توزيع الأصوات و المقاعد فى المجلس النيابى وفقا لنتيجة الإنتخاب – هذا الدفع مردود بأن القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ بتعديل القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب و قد صدر فى شأن يتعلق بحق الترشيح لعضوية مجلس الشعب و هو الحق الذى عنى الدستور بالنص عليه و على كفالته و الذى ينبغى على سلطة التشريع ألا تنال منه و إلا وقع عملها مخالفا للدستور ، فإن القانون المذكور لا يكون قد تناول مسائل سياسية تنأى عن الرقابة الدستورية و يكون الدفع بعدم إختصاص المحكمة قائماً على غير أساس متعينا رفضه .

– – – ٣ – – –
إن الأوضاع الإجرائية المنصوص عليها فى المادة ٢٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ – سواء ما إتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو ميعاد رفعها تتعلق – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها و فى الموعد الذى حدده . لما كان ذلك ، و كانت محكمة الموضوع قد قصرت نطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى على القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ دون سواه . فإن الدعوى تكون غير مقبولة بالنسبة للطعن على الفقرة الخامسة من المادة ٢٤ من القانون رقم ٧٣ لسنة ١٩٥٦ بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية إذ لم يتحقق إتصال المحكمة بهذا الشق من الطلبات إتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً .

– – – ٤ – – –
الحقوق السياسية المنصوص عليها فى المادة ٦٢ من الدستور ، و من بينها حق الترشيح الذى عنى الدستور بالنص عليه صراحة مع حقى الإنتخاب و إبداء الرأى فى الإستفتاء ، اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التى حرص على كفالتها و تمكين المواطنين من ممارستها ، لضمان إسهامهم فى إختيار قياداتهم و ممثليهم فى إدارة دفة الحكم و رعاية مصالح الجماعة . و لم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى ممارسة تلك الحقوق ، و إنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لإتصالها بالسيادة الشعبية .

– – – ٥ – – –
لا يجوز أن تؤدى القواعد التى يضعها المشرع تنظيما للحقوق العامة – و منها الحقوق السياسية – إلى مصادرتها أو الإنتقاص منها ، و يشترط ألا تخل القيود التى يفرضها فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص و المساواة اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه فى المادة ٨ من أن ” تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ” و فى المادة ٤٠ من أن ” المواطنون لدى القانون سواء ، و هم متساوون فى الحقوق و الواجبات العامة ، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ” .

– – – ٦ – – –
أن مؤدى المواد الخامسة مكرراً و السادسة ” فقرة ١” و السابعة عشر ” فقرة ١ ” من القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المطعون عليها أن المشرع حين نص على أن يكون إنتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الإنتخاب بالقواعد الحزبية و ما إستتبع ذلك من النص على إعتبار صورة قائمة الحزب الذى ينتمى إليه المرشح المثبت بها إدراجه فيها شرطاً حتمياً لقبول طلب ترشيحه يكون قد قصر حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب على المنتمين إلى الأحزاب السياسية المدرجة أسمائهم بقوائم هذه الأحزاب و حرم بالتالى غير هؤلاء من ذلك الحق دون مقتض من طبيعته و متطلبات مباشرته . و لما كان حق الترشيح من الحقوق العامة التى كفلها الدستور للمواطنين فى المادة ٦٢ منه ، و من ثم فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق ينطوى على إهدار لأصله و إخلال بمبدأى تكافؤ الفرص و المساواة لدى القانون و يشكل بالتالى مخالفة للمواد ٨ ، ٤٠، ٦٢ من الدستور .

– – – ٧ – – –
الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بقيود محددة ، و إن الرقابة على دستورية القوانين لا تمتد إلى ملاءمة إصدارها ، إلا أن هذا لا يعنى اطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود و الضوابط التى نص عليها الدستور و من ثم فإن تنظيم المشرع لحق المواطنين فى الترشيح ينبغى ألا يعصف بهذا الحق أو ينال منه على نحو ما سلكته النصوص المطعون فيها إذ حرمت غير المنتمين إلى الأحزاب من حق الترشيح ، و من ثم تكون هذه النصوص قد تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور و حرمت منها طائفة من المواطنين ، فجاوز المشرع بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق الأمر الذى يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية .

– – – ٨ – – –
استهدف الدستور من النص على تعدد الأحزاب العدول عن صيغة التنظيم السياسى الوحيد المتمثلة فى الأتحاد الإشتراكى العربى الذى يضطلع بمسئوليات العمل الوطنى فى المجالات المختلفة دون أن يجاور ذلك إلى المساس بالحقوق و الحريات العامة التى كفلها الدستور و من بينها حق المواطن فى الترشيح المنصوص عليها فى المادة ٦٢ منه باعتبار أن نصوص الدستور لا تنفصل عن أهدافها و يتعين تطبيقها مترابطة متكاملة .

[الطعن رقم ١٣١ – لسنــة ٦ ق – تاريخ الجلسة ١٦ / ٠٥ / ١٩٨٧ – مكتب فني ٤ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٣١ – تم قبول هذا الطعن]

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ٣٦٠٨ لسنة ٣٨ قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨٤ بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب وقرار وزير الداخلية رقم ٢٩٣ لسنة ١٩٨٤ بفتح باب الترشيح لعضوية مجلس الشعب وقرار مدير أمن القاهرة فى ١٤ / ٤ / ١٩٨٤ برفض قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب، والحكم فى الموضوع أصلياً بإلغاء القرارات الثلاثة المطعون عليها لبطلانها واحتياطياً بوقف القرار الصادر بقبول القوائم الحزبية للمرشحين وبإجراء الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية طبقاً للقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المشار إليه، وبجلسة ٨ مايو سنة ١٩٨٤ حكمت محكمة القضاء الإدارى أولاً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن فى قرار رئيس الجمهورية رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨٤ وثانياً بالنسبة لباقى الطلبات برفض طلب وقف تنفيذها، فطعن المدعى على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم ١٩٣٩ لسنة ٣٠ قضائية ودفع بعدم دستورية القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤لسنة ١٩٨٣ فرخصت له المحكمة فى رفع دعواه بعدم الدستورية فأقام الدعوى الماثلة، كما أقام بعد ذلك الدعوى رقم ٢٣١٩ لسنة ٤١ قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له تعويضاً قدره مائة ألف جنيه جبراً للأضرار التى حاقت به بسبب القرارات المطلوب إلغائها. وحيث إن الأستاذ …… المحامى قدم أثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين طلباً بقبول تدخله فى الدعوى الدستورية خصماً منضماً للمدعى فى طلباته وبجلسة ٣ يناير سنة ١٩٨٧ طلب كل من الأساتذة المحامين……………………………. قبول تدخلهم منضمين للمدعى فى طلباتهم. وحيث إنه يشترط لقبول التدخل الانضمامى طبقاً لما تقضى به المادة ١٢٦ من قانون المرافعات أن يكون لطالب التدخل مصلحة شخصية ومباشرة فى الانضمام لأحد الخصوم فى الدعوى. ومناط المصلحة فى الانضمام بالنسبة للدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين مصلحة الخصم المتدخل وذلك فى ذات الدعوى الموضوعية التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها وأن يؤثر الحكم فى هذا الدفع على الحكم فيها. لما كان ذلك ولم يكن أى من طالبى التدخل فى الدعوى الدستورية طرفاً أصيلا أو متدخلاً فى الدعوى الموضوعية ولم تثبت لأيهم تبعاً لذلك صفة الخصم التى تسوغ اعتباره من ذوى الشأن فى الدعوى الدستورية فإنه لا تكون لهم مصلحة فى الدعوى الماثلة ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول تدخلهم. حيث إنه عن الطلب العارض المبدى من المدعى للحكم بعدم دستورية القانون رقم ١٨٨ لسنة ١٩٨٦ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب وتعديلاته، وطلبه الثانى للحكم بوقف سريان هذا القانون ووقف انتخابات مجلس الشعب التى كان محدداً لها يوم ٦ أبريل لسنة ١٩٨٧ إلى حين الفصل فى طلبه الأول فإنه لما كانت ولاية هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً قانونياً طبقاً للأوضاع المقررة فى المادة ٢٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨لسنة ١٩٧٩ التى رسمت سبل التداعى فى شأن الدعاوى الدستورية وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التى تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً فى دستورية التشريعات، وكان الطلبان المشار إليهما قد أثار المدعى أولهما فى مذكرته المقدمة فى ١١فبراير سنة ١٩٨٧ وثانيهما فى مذكرته المقدمة لجلسة ٧ / ٣ / ١٩٨٧ كطلبين عارضين ينطويان على طعن مباشر بعدم دستورية القانون رقم ١٨٨ لسنة ١٩٨٦ وهو ما لا يقبل منه على ما سلف بيانه، ومن ثم يتعين الالتفات عنهما. وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن العدول عن نظام الانتخاب الفردى إلى نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية بموجب القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المطعون عليه المعدل للقانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب هو من المسائل السياسية إذ يتصل بالنظام السياسى الداخلى الذى أصبح بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور فى ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ يقوم على أساس تعدد الأحزاب ومن ثم ينأى هذا العدول عن رقابة المحكمة الدستورية العليا ويخرج عن اختصاصها هو وما استتبعه من تعديل فى عدد الدوائر الانتخابية وتنظيم عملية الترشيح وتوزيع الأصوات وتوزيع المقاعد فى المجلس النيابى وفقاً لنتيجة الانتخاب. وحيث إن هذا الدفع مرود بأن القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ بتعديل القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب وقد صدر فى شأن يتعلق بحق التشريح لعضوية مجلس الشعب، وهو الحق الذى عنى الدستور بالنص عليه وعلى كفالته والذى ينبغى على سلطة التشريع ألا تنال منه وإلا وقع عملها مخالفاً للدستور، فإن القانون المذكور لا يكون قد تناول مسائل سياسية تنأى عن الرقابة الدستورية على نحو ما ذهبت إليه الحكومة، ويكون الدفع المبدى منها بعدم اختصاص المحكمة قائماً على غير أساس متعيناً رفضه. وحيث إن الحكومة طلبت فى مذكرتها الختامية الحكم بانتهاء الخصومة تأسيساً على أن المدعى إذ يستهدف من دعواه الموضوعية قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب الذى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم ٤٦ لسنة ١٩٨٧ بتاريخ ١٤ فبراير سنة ١٩٨٧ بحله فإن الدعوى الموضوعية بعد حل هذا المجلس تصبح غير ذات موضوع وتكون الخصومة فى الدعوى الدستورية بالتالى منتيهة. وحيث إن تعديل بعض أحكام القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ – المطعون فيه – بمقتضى القانون رقم ١٨٨لسنة ١٩٨٦ ، الذى تلاه صدور قرار رئيس الجمهورية رقم ٤٦ لسنة ١٩٨٧ بحل مجلس الشعب، لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم القانون رقم ١١٤لسنة ١٩٨٣ المعدل للقانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم وبالتالى توافرت لهم مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن بعدم دستوريته، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها،وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل القانون القديم تخضع لحكمه وحده. لما كان ذلك وكان القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المطعون فيه قد طبق على المدعى وأعملت فى حقه أحكامه إذ حرمه من حق التشريح لعضوية مجلس الشعب وظلت آثاره وهى بقاؤه محروماً من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب – قائمة بالنسبة إليه طوال مدة نفاذه. وكانت الدعوى الموضوعية لازالت مطروحة أمام محكمة القضاء الإدارى بما تضمنته من طلبات ترتكز جميعها على الطعن بعدم دستورية القانون ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المعدل للقانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ ويعتبر هذا الطعن أساساً لها. ومن ثم فإن مصلحة المدعى فى الدعوى الدستورية الماثلة تظل قائمة، ويكون طلب الحكم باعتبار الخصومة الدستورية منتهية فى غير محله. وحيث إنه عن طعن المدعى بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة ٢٤ من القانون رقم ٧٣ لسنة ١٩٥٦ بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٨٤، فإنه لما كانت الأوضاع الإجرائية المنصوص عليها فى المادة ٢٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨لسنة ١٩٧٩ – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها، تتعلق – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها وفى الموعد الذى حدده، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد قصرت نطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى على القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ دون سواه، فإن الدعوى الماثلة تكون غير مقبولة بالنسبة للطعن على الفقرة الخامسة من المادة ٢٤ من القانون رقم ٧٣ لسنة ١٩٥٦ المشار إليه إذ لم يتحقق اتصال المحكمة بهذا الشق من الطلبات اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً. وحيث إن الدعوى فى شقها الخاص بالطعن على القانون رقم ٣٨لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ قد استوفت أوضاعها القانونية. وحيث إنه يبين من صحيفة الدعوى أن المدعى وإن كان قد طعن على المواد الثالثة والخامسة مكرراً والسادسة والتاسعة والخامسة عشر والسادسة عشر والسابعة عشر والثامنة عشر من القانون رقم ٣٨لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ والجدول المرافق له، إلا أنه لما كان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن يتوافر للطاعن مصلحة شخصية ومباشرة فى طعنه، ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته فى دعوى الموضوع التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتى يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وكان ما استهدفه المدعى من دعواه الموضوعية هو إلغاء قرار مدير أمن القاهرة فى ١٤ أبريل سنة ١٩٨٤ برفض قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب لعدم أرفاقه بها صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مثبتاً بها إدراجه فيها، لما كان ذلك وكانت المواد الخامسة مكرراً والسادسة ” فقرة ١” والسابعة عشر “فقرة ١” هى التى تضمنت أحكامها وجوب استيفاء هذا الشرط، فإن مصلحة المدعى فى دعواه الماثلة إنما تقوم على الطعن بعدم دستورية هذه المواد فحسب، بتقدير أن الحكم له فى الطلبات الموضوعية يتوقف على ما يسفر عنه القضاء فى الطعن بعدم دستوريتها، أما باقى مواد القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المطعون فيها والجدول المشار إليه فى المادة الثالثة منه فلا مصلحة شخصية ومباشرة للمدعى فى الطعن بعدم دستوريتها إذ ليس ثمة أثر لها على طلباته أمام محكمة الموضوع، ذلك أن المادة الثالثة تقضى بتقسيم الجمهورية إلى عدد معين من الدوائر الانتخابية وبوجوب تمثيل المرأة فى بعضها، وتقضى المادة التاسعة بعرض كشف يتضمن قوائم المرشحين فى الدائرة الانتخابية بالطريقة التى يعينها وزير الداخلية خلال أجل معين وتبين طريقة تصحيح هذا الكشف والاعتراض على ما أدرج به من أسماء، وتعالج المادة الخامسة عشر حالة تقديم قائمة حزبية واحدة فى الدائرة الانتخابية، وتجابه المادتان السادسة عشر والثامنة عشر حالة خلو مكان أحد المرشحين بعد الترشيح وقبل إجراء الانتخابات وحالة خلو مكان أحد الأعضاء قبل انتهاء مدة عضويته فى مجلس الشعب، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذه المواد لانتفاء مصلحة المدعى فى الطعن عليها. وحيث إن المواد الخامسة مكرراً والسادسة “فقرة ١” والسابعة عشر “فقرة ١” من القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ المعدل بالقانون رقم ١١٤لسنة ١٩٨٣ كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم ١٨٨ لسنة ١٩٨٦ على ما يأتي: المادة الخامسة مكرراً: “يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية ويكون لكل حزب قائمة خاصة به، ولا يجوز أن تتضمن القائمة الواحدة أكثر من مرشحى حزب واحد. ويحدد لكل قائمة رمز يصدر به قرار من وزير الداخلية،ويجب أن تتضمن كل قائمة عدداً من المرشحين مساوياً للعدد المطلوب انتخابه فى الدائرة وعدداً من الاحتياطيين مساوياً له طبقاً للجدول المرفق على أن يكون نصف المرشحين أصلياً واحتياطياً على الأقل من العمال والفلاحين بحيث يراعى أن ترتب أسماء المرشحين بالقوائم المقدمة من الأحزاب بحيث تبدأ بمرشح من الفئات ثم مرشح من العمال والفلاحين أو العكس وهكذا بذات الترتيب. وعلى الناخب أن يبدى رأيه باختيار إحدى القوائم بأكملها دون إجراء أى تعديل فيها. وتبطل الأصوات التى تنتخب أكثر من قائمة أو مرشحين من أكثر من قائمة أو تكون معلقة على شرط أو إذا أثبت الناخب رأيه على قائمة غير التى سلمها إليه رئيس اللجنة أو على ورقة عليها توقيع الناخب أو أية إشارة أو علامة أخرى تدل عليه، كما تبطل الأصوات التى تعطى لأكثر من العدد الوارد بالقائمة أو لأقل من هذا العدد فى غير الحالات المنصوص عليها فى المادة السادسة عشر من هذا القانون”. المادة السادسة “فقرة ١”: “يقدم المرشح طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التى يرشح فى دائرتها مرفقاً به صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مثبتاً بها إدراجه فيها، وذلك خلال المدة التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه على ألا تقل عن عشرة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح”. المادة السابعة عشر “فقرة ١”: “ينتخب أعضاء مجلس الشعب طبقاً لنظام القوائم الحزبية بحيث يعطى لكل قائمة عدد من مقاعد الدائرة بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التى حصلت عليها وتعطى المقاعد المتبقية بعد ذلك للقائمة الحائزة أصلاً على أكثر الأصوات”. وحيث إن مما ينعاه الطاعن على هذه المواد أنها إذ قصرت حق التشريح لعضوية مجلس الشعب على المنتمين إلى الأحزاب السياسية فإنها تكون قد حرمت طائفة من المواطنين وهم غير المنتمين إلى الأحزاب من حق كفله لهم الدستور فى المادة ٦٢ منه وأخلت بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما فى المادتين ٨، ٤٠ من الدستور. وحيث إن المادة ٦٢ من الدستور التى وردت فى الباب الثالث منه الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة تنص على أن “للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون. ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطني”. ومؤدى ذلك أن الحقوق السياسية المنصوص عليها فى هذه المادة. ومن بينها حق الترشيح الذى عنى الدستور بالنص عليه صراحة مع حقى الانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء، اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التى حرص على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها، لضمان إسهامهم فى اختيار قادتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة. ولم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى ممارسة تلك الحقوق وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية، ومن ثم فإن القواعد التى يتولى المشرع وضعها تنظيماً لهذه الحقوق يتعين ألا تؤدى إلى مصادرتها أو الانتقاص منها، وأن لا تخل القيود التى يفرضها المشرع فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه فى المادة ٨ من أن ” تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين” وفى المادة ٤٠ من أن ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة. لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”. وحيث إنه لما كان مؤدى المواد الخامسة مكرراً والسادسة “فقرة ١” والسابعة عشر ” فقرة ١” من القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣ المطعون عليها أن المشرع حين نص على أن يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية وما استتبع ذلك من النص على اعتبار صورة قائمة الحزب الذى ينتمى إليه المرشح المثبت بها إدراجه فيها شرطاً حتمياً لقبول طلب ترشحيه يكون قد قصر حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب على المنتمين إلى الأحزاب السياسية المدرجة أسمائهم بقوائم هذه الأحزاب وحرم بالتالى غير هؤلاء من ذلك الحق دون مقتض من طبيعته ومتطلبات مباشرته. لما كان ذلك، وكان حق الترشيح من الحقوق العامة التى كفلها الدستور للمواطنين فى المادة ٦٢ منه وفقاً لما سبق بيانه، ومن ثم فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق على ما سلف ينطوى على إهدار لأصله وإخلال بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون ويشكل بالتالى مخالفة للمواد ٨، ٤٠، ٦٢ من الدستور. وحيث إنه لا يقدح فى هذا النظر ما ذهبت إليه الحكومة من أن المشرع يملك بسلطته التقديرية وضع شروط يحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى فيها الأفراد أمام القانون, وأنه وقد جعل الانتماء إلى الأحزاب السياسية شرطاً لممارسة حق الترشيح فإنه يكون قد استعمل سلطته التقديرية المخولة له إعمالاً للتفويض الدستورى الذى تضمنته المادة ٦٢ من الدستور حين أحالت فى تنظيم مباشرة المواطن للحقوق الدستورية الواردة فيها إلى القانون دون وضع قيود محددة لهذا التنظيم، ذلك أنه وإن كان الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بقيود محددة وأن الرقابة على دستورية القوانين لا تمتد إلى ملائمة إصدارها، إلا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور ومن ثم فإن تنظيم المشرع لحق المواطنين فى الترشيح ينبغى ألا يعصف بهذا الحق أو ينال منه على نحو ما سلكته النصوص المطعون فيها إذ حرمت غير المنتمين إلى الأحزاب من حق الترشيح. ومن ثم تكون هذه النصوص قد تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور وحرمت منها طائفة من المواطنين، فجاوز المشرع بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق الأمر الذى يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية. وحيث إنه لا ينال كذلك مما تقدم ما أثارته الحكومة من أن مباشرة الحقوق السياسية ومن بينها حق الترشيح أصبح غير جائز إلا من خلال الانتماء إلى الأحزاب السياسية بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور ونصها على أن النظام السياسى يقوم على أساس تعدد الأحزاب، ذلك أن الدستور إنما استهدف من النص على تعدد الأحزاب العدول عن صيغة التنظيم السياسى الوحيد المتمثلة فى الاتحاد الاشتراكى العربى الذى يضطلع بمسئوليات العمل الوطنى فى المجالات المختلفة دون أن يجاوز ذلك إلى المساس بالحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور ومن بينها حق المواطن فى الترشيح المنصوص عليها فى المادة ٦٢ منه باعتبار أن نصوص الدستور لا تنفصل عن أهدافها ويتعين تطبيقها مترابطة متكاملة. وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية المواد الخامسة مكرراً والسادسة ” فقرة ١” والسابعة عشرة ” فقرة ١” من القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣. “لهذه الأسباب” حكمت المحكمة: – أولاً: بعدم قبول تدخل الأساتذة……………… خصوماً فى الدعوى. ثانياً: بعدم دستورية المواد الخامسة مكرراً والسادسة “فقرة ١”و السابعة عشر “فقرة ١” من القانون رقم ٣٨لسنة ١٩٧٢ فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٨٣. ثالثا: إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى