حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٠٦ لسنة ١٨ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٠٦ لسنة ١٨ دستورية
تاريخ النشر : ٢٧ – ١١ – ١٩٩٧

منطوق الحكم : عدم اختصاص

مضمون الحكم : بشأن عدم اختصاص المحكمة في نظر دعوى طلب الحكم بعدم دستورية بالبند ثالثا من قرار الهيئة المصرية للبنرول الصادر برقم ١٩ لسنة ١٩٨٥

الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت ١٥ نوفمبر سنة ١٩٩٧ الموافق ١٥ رجب سنة ١٤١٨ هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: نهاد عبد الحميد خلاف وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر أحمد البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور.
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ١٠٦ لسنة ١٨ قضائية دستورية
المقامة من

السيد / جمال الدين أحمد سالم العطار
ضد
١ – السيد المحاسب / رئيس مجلس إدارة شركة الجمعية التعاونية للبترول
٢ – السيد الدكتور / وزير البترول
٣ – السيد المهندس / رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول
٤ – السيد الدكتور / رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات

بتاريخ ١٢ أكتوبر سنة ١٩٩٦، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبا الحكم بعدم دستورية البند ثالثا من قرار الهيئة المصرية العامة للبترول رقم ١٩ لسنة ١٩٨٥ الصادر بتاريخ ١٧ / ٩ / ١٩٨٥.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها القانونى .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان يعمل لدى المدعى عليها الأولى – الجمعية العامة للبترول – وأنهيت خدمته اعتبارا من ١ / ٥ / ١٩٩٥ لبلوغه سن الستين، وإذ صرفت الجمعية ما يستحقه من مكافأة الميزة الأفضل مقدرة على أساس أجره الأساسى فى ٣٠ / ٦ / ١٩٨٥ مضافا إليه متوسط الحافز الذى صرفه عن شهرى أكتوبر ونوفمبر سنة ١٩٨٢، وليس على أساس أجره الأخير، فقد أقام ضد المدعى عليهم الثلاثة الأولين، الدعوى رقم ٤٣١ لسنة ١٩٩١ أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية – دائرة العمال – بطلب الحكم بعدم الاعتداد بقرار الهيئة المصرية العامة للبترول رقم ١٩ لسنة ١٩٨٥ الصادر بتاريخ ١٧ / ٩ / ١٩٨٥، فيما تضمنه البند ثالثا منه من عدم احتساب مكافأة الميزة الأفضل على أساس أجره الأخير فى ٣٠ / ٤ / ١٩٩٥، مع أداء الفروق المالية التى يستحقها ومقدارها ٢٢ر٥٤٤٤٩ جنيها، فضلا عن التعويض عما لحق به من أضرار مالية ونفسية .
وإذ دفع المدعى – أثناء نظره دعواه الموضوعية – بعدم دستورية القرار رقم ١٩ لسنة ١٩٨٥ الصادر عن مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول بتاريخ ١٧ / ٩ / ١٩٨٥ ؛ وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعى ينعى على البند ثالثا من القرار المطعون عليه – وبه يتحدد نطاق المصلحة فى الدعوى الدستورية – أن ما قضى به من حساب مكافأة الميزة الأفضل فى حدود الربط الثابت للوظائف العليا والنهايات المعتمدة حتى تاريخ ٣٠ / ٦ / ١٩٨٥ لربط المستويات الأول والثانى والثالث، إنما ينطوى على عدوان على الملكية الخاصة التى كفل الدستور صونها، تأسيسا على أن حساب مكافأة الميزة الأفضل التى يستحقها كان ينبغى أن تتم وفقا لآخر أجر فعلى تقاضاه قبل إحالته إلى المعاش، وأن حسابها على أساس آخر قلل كثيرا من مقدارها، واغتال جانبا كبيرا من مبلغها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيا بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على تثبتها من توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها · كذلك فإن حكمها باختصاصها بنظر خصومة بذاتها، لا يمنعها من الفصل فى توافر الشرائط التى تطلبها القانون لقبولها، باعتبارها مدخلها للخوض فى موضوعها.
وحيث إنه عملا بنص المادة ٩ من القانون رقم ٢٠ لسنة ١٩٧٦ فى شأن الهيئة المصرية العامة للبترول، يختص مجلس إدارتها – ودون تقيد بالنظم الحكومية ، أو بأوضاع العاملين فى القطاع العام – بوضع لوائح تنظم شئون العاملين بها، ويندرج تحتها قواعد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم وبدلاتهم وغيرها من المزايا، مع جواز تطبيقها على غير هؤلاء من العاملين بقطاع البترول فيما تقرره من مزايا أفضل · وإعمالا لهذه المادة ، أصدر المجلس بتاريخ ١٧ / ٩ / ١٩٨٥ لائحة ضمنها تعديلا لأجور العاملين بالهيئة وعلاواتهم وفق الأسس التى حددها، ومن بينها القيد المقرر بالبند ثالثا منها – وهو النص المطعون عليه – ومؤداه ألا يعتد على الإطلاق بالزيادات التى تترتب على تطبيق هذه التعديلات على ما يصرف للعامل عند انتهاء خدمته نتيجة تطبيق أنظمة خاصة كالميزة الاضافية أو الاستثنائية أو أى ميزات أخرى مقررة ببعض الشركات، ويظل حسابها على ذات الأسس السارية حاليا ؛ وهو مايعنى حسابها فى حدود الربط الثابت للوظائف العليا والنهايات المالية لربط المستويات الأول والثانى والثالث والمعتمدة حتى تاريخ ٣٠ / ٦ / ١٩٨٥.
وحيث إن وزير البترول والثروة المعدنية – إعمالا للسلطة التى يباشرها بمقتضى المادة ١١ من القانون المشار إليه – اعتمد هذه اللائحة ، وأجاز تطيبقها فى شأن من يرغب من شركات القطاع العام، وبموافقة مجلس إدارتها، وبشرط عدم تعديل القواعد التى تضمنتها.
وحيث إن مجلس إدارة الجمعية التعاونية للبترول، كان قد أصدر القرار رقم ٨٩ بتاريخ ١٩ / ٩ / ١٩٨٥ بإعمال تلك اللائحة بكافة بنودها على عما لها · غير أن مجلس إدارة هذه الجمعية أصدر بعدئذ القرار رقم ٤٦ بتاريخ ٣٠ / ٨ / ١٩٨٧ قاضيا بأن يتم حساب الميزة الأفضل وفقا لآخر أجر حصل عليه العامل، وليس على أساس الربط المقرر بالبند ثالثا المشار إليه. بيد أن هذا المجلس نقض هذا القرار بقرار لا حق، وأبقى على هذا البند فى مجال تطبيقه بالنسبة إلى هذه الميزة .
وحيث إن المادتين ١ و٥ من القانون رقم ٢٠ لسنة ١٩٧٦ فى شأن الهيئة المصرية العامة للبترول، تقضيان بأنها هيئة عامة تستقل بشخصيتها الاعتبارية ، وأن موازنتها تعد على نمط الموازنات التجارية ، وتعتبر أموالها مملوكة للدولة ملكية خاصة .
وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٦٣ فى شأن تحويل الجمعية التعاونية للبترول بالقاهرة إلى شركة مساهمة ، تنص على أنه استثناء من أحكام القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٥٤ فى شأن الشركات المساهمة ، والقانون رقم ٣١٧ لسنة ١٩٥٦ بشأن إصدار قانون الجمعيات التعاونية ، تحول الجمعية التعاونية للبترول إلى شركة مساهمة يطلق عليها اسم [الجمعية التعاونية للبترول ] تتبع المؤسسة المصرية العامة للبترول، ويصدر بنظامها الأساسى قرار من مجلس إدارة هذه المؤسسة · ووفقا للمادة ٣ من هذا القرار بقانون، يكون لحامل كل سهم من أسهم الجمعية سهم من أسهم الشركة الجديدة بنفس قيمته الاسمية ، كذلك نصت المادة ٦على أن تحل هذه الشركة محل الجمعية المذكورة فى حقوقها والتزاماتها.
وحيث إن مفاد ماتقدم، أن الهيئة المصرية العامة للبترول، وإن كانت من أشخاص القانون العام باعتبارها من الهيئات العامة التى كفل المشرع استقلالها ماليا وإداريا، إلا أن الجمعية التعاونية للبترول تعمل بوصفها شركة مساهمة من أشخاص القانون الخاص، ويتعلق نشاطها بتطبيق قواعد هذا القانون، وبالوسائل التى ينتهجها · ومن ثم لا يعتبر العاملون فيها موظفين عامين يرتبطون بها بعلاقة تنظيمية ، بل يعملون لديها باعتبارها ربا للعمل، ووفقا للشروط التى يرتضونها، وعلاقتهم بها بالتالى – أيا كان موقعهم – عقدية بطبيعتها، وتحكمها قواعد القانون الخاص.
وحيث إن اللائحة المطعون عليها، وإن كانت قد صدرت عن مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول، متوخيا بها – أصلا – فتح نهاية الربط للمستويات الوظيفية المختلفة ، وبما يسمح باستمرار منح العلاوات السنوية لجميع العاملين فيها، ودون ما اعتداد بالزيادة المترتبة على تطبيق هذه التعديلات فيما يصرف للعامل من مكافأة الميزة الأفضل عند انتهاء خدمته، والتى يظل حسابها على ذات الأسس السارية فى تاريخ العمل بهذه اللائحة ؛ إلا أن سريان هذه اللائحة على عمال الجمعية التعاونية للبترول بمقتضى القرار رقم ٨٩ الصادر عن مجلس إدارتها فى ١٩ / ٩ / ١٩٨٥، مؤداه أن الجمعية – وبوصفها من أشخاص القانون الخاص – هى التى قررت تطبيقها على عمالها الخاضعين كذلك لقواعد هذا القانون، بما يخرجها عن الحدود التى تباشر هذه المحكمة فى نطاقها رقابتها على الشرعية الدستورية ، لأمرين:
أولهما: أن الدستور خول هذه المحكمة بنص المادة ١٧٥، أن تباشر – دون غيرها – رقابتها على دستورية القوانين واللوائح وذلك على الوجه المبين فى القانون · وبناء على هذا التفويض، أصدر المشرع قانونها، محددا نطاق ولايتها فى مجال صون الشرعية الدستورية ، فاختصها بها دون غيرها ؛ وجعل محلها منصبا على النصوص القانونية أيا كان موضعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها ؛ وغايتها ضمان اتفاق هذه النصوص مع القيم التى احتضنها الدستور ؛ بما مؤداه تعلق رقابتها بالقانون بمعناه الموضوعى الأعم، محددا على ضوء كل قاعدة قانونية تضمنها تنظيم تشريعى ، أصليا كان أم فرعيا ·
ثانيهما: أن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول وكذلك على الجمعية التعاونية للبترول – فى آن واحد – لا يعنى فصم الحدود الفاصلة بين كل من الهيئة والجمعية ، فلا تزال لكل منها شخصيتها القانونية ودائرة نشاطها، ونظامها القانونى الخاص بها · وفى نطاق الدائرة التى تخص كلا منهما، تتحدد علاقتها بالعاملين فيها.
وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكان النزاع الراهن يتعلق بلائحة أقرها مجلس إدارة الجمعية التعاونية للبترول، منظما بها أوضاع عما لها فيما يتعلق بمرتباتهم وعلاواتهم ومكافأة الميزة الأفضل التى يستحقونها وأسس حسابها؛ فإن أحكامها – ويندرج تحتها البند ثالثا المطعون عليه – لا تعتبر تشريعا بالمعنى الموضوعى ، ولا تمتد إليها بالتالى الرقابة التى تتولاها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية .
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى