«حديث النقيب اليومي».. كشف عن الإجراءات المتخذة في أزمة محامي الإسكندرية.. وأوضح الفارق بين الحصانة والضمانة.. وتناول جرائم التزوير و«الدفع بالتناقض» موجهًا نصائح مهمة بشأنهما
تقرير: محمد علاء
يوجه نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، حديثًا يوميًا يتحدث فيه في شتى شئون رسالة المحاماة، ومبادئ وأحكام القانون، وإجراءات الدعاوى وأوجه النقض في الأحكام، كما يتحدث فيه في مجالات الثقافة والفكر والآداب بعامة، وكافة العلوم الإنسانية التي تمثل عُدّة المحامي والمحاماة، وكل ما يعن للأساتذة المحامين معرفته والإحاطة به، وخلال الأسبوع المنصرم وجه نقيب المحامين أربع كلمات جاءت كالآتي:
28 أغسطس 2021
تناول نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، خلال حديثه اليومي، الإجراءات المتخذة في أزمة محامي الإسكندرية، موجهًا عدة رسائل مهمة للجمعية العمومية، وذلك عبر بثٍ مباشر السبت، من مكتبه بمقر النقابة العامة.
واستهل نقيب المحامين كلمته قائلًا: «هناك أسباب كثيرة تدعوني للاعتذار عن هذا البث لولا ارتباطي بأن أتحدث إليكم يوميًا، فابني في أزمة صحية خطيرة تستدعي أن أذهب إليه فورًا، بالإضافة إلى أنني في واقع الأمر حزين جدًا مما جرى بأمس، وعن ابني فهو بين يد الله سبحانه وتعالى ولكن عما أحزنني فأحب أن أوضحه لكم».
وذكر نقيب المحامين: «من حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم الخميس الماضي كان نقيب المحامين بالإسكندرية الأستاذ عبد الحليم علام على اتصال لحظة بلحظة بي فيما يخص الأزمة التي شجرت في قسم أول المنتزه بين زميل محام وضابط ضاق صدره بطلب الزميل؛ وآثر مشادة كلامية اعتدى الضابط وأعوانه على الزميل المحامي اعتداءً جسيمًا نقل على آثره للمستشفى واستبان بالإشاعة أنه قد أصيب بشرخ في الجمجمة».
وأوضح النقيب العام، أنه لم تمضي دقائق إلا وأصدر السيد وزير الداخلية قرارًا بوقف الضابط المعتدي وناب المأمور، كما بدأت النيابة في القيام بواجبها على خير ما يكون، وانتقل رئيس النيابة إلى المستشفى لسماع أقوال الزميل فيما أصابه وحدث له، مؤكدًا أن الزميل يتلقى الرعاية الطبية على أعلى مستوى.
وأضاف: «بدأت بعدها أصوات منادية بما سمته التصعيد، ولم يفيدني أحد بكيفية هذا التصعيد؟، وخاصة إذا كانت الأطراف جميعها قائمة بواجبها، وبدأت شتائم منحطة وتجاوزات في حقي، فأنا تعلمت أن أنقد العمل ولا أصف الشخص، والبعض يواسيني ويبرر بأن هؤلاء أصحاب مصالح ومحرضين وأن هذا هو عبء العمل العام، ولكني أرى أن هذا لا يجوز أن يكون عبء العمل العام، فنحن مجتمع خاص فالجمعية العمومية تتكون من المحامين، والمحامي صاحب علم وثقافة ودرجة علمية وأدب وما قد يجوز من الفئات الدنيا لا يجوز من المحامي، كما أن من لا يحترم كبيره لا احترام له، وليس معنى أن لديك هدف ومأرب أنك تتطاول على نقيب المحامين وتسبه سبًا قبيحًا».
وردًا على البعض، أوضح نقيب المحامين، أنه يوم الخميس كان على اتصال دقيقة بدقيقة مع نقيب الإسكندرية يتابع الموقف أولًا بأول، كما أصدر ثلاثة قرارات إصلاحية كبرى ليست حبر على ورق، ولكنها نتيجة تفكير عميق للغاية بذل فيه جهود ليقيم بناء لنقابة المحامين، وجميعها نشرت عبر موقع النقابة.
وأشار: «هناك قرار تصديت فيه للعيوب الموجودة في إدارة العمل النقابي وهيكل النقابة، وتحدثت أنه وقت إنشائها عام 1912 لم يكن يتعدى أعضائها 1000 عضو، بينما الآن تقترب من نصف مليون إضافة إلى المعاشات ومليارات تصرف بين العلاج والمعاش والعلاج والأندية وأراضيها وصيانتها، ولم يعد الهيكل الذي كان قائمًا صالحًا لإدارة النقابة».
وأكد نقيب المحامين، أن هناك أوجه فساد عارمة دخلت في كل مجال، وفكر كثيرًا في كيفية تصحيح هذا الانحراف البشع في المال العام واستقر رأيي على إنشاء ثلاث إدارات هي: التعاقدات – التحصيل – المراجعة، مشيرًا إلى أن القرار موضح به هدف كل منها والمهام الموكلة إليها.
ونوه نقيب المحامين، إلى أن هناك أخطاء كثيرة حدثت ولا تزال تحدث نتيجة قلة الخبرة وأحيانًا نتيجة رغبة البعض في انحراف، وهو ما أوضحته تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي سجلت مخالفات غاية في الجسامة وإهدار للمال العام، من بينها سفينة أطلق عليها فرعون النيل واحد، استبان أنها صندل لنقل البطاطس البصل وذكرت سابقًا الملاحظات الواردة بتقرير الجهاز بشأنها.
وشدد: «آن الأوان أن نستعين بشخص صاحب خبرة وعلم واستقامة، فبعد مشاورات كثيرة قررت الاستعانة بوكيل الجهاز المركزي للمحاسبات بعد استئذان السيد رئيس الجهاز كي يكون مستشارًا ماليًا ومحاسبيًا لنقابة المحامين لتصحيح الأخطاء الجارية، إضافة لمهما أخرى قومت بها الخميس الماضي كاستقبال النقابات الفرعية، والمحامين الذين يتقدمون بطلبات لي».
وجدد نقيب المحامين تأكيده بأنه قضى أمس يوم غاية في الحزن والأسف مما دعاه للتفكير في الاعتذار عن هذا البث، وزاد هذا أن أبنه عمرو مصاب بحالة خطيرة استدعت أن يتصل تليفونيًا بأستاذ جراحة المخ والأعصاب ويغالب نفسي للذهاب للاطمئنان عليه، ومع هذا أثر احترامًا لعمله ولوعده للمحامين بأن يحدثهم يوميًا ألا يغادر قبل أن يجري البث.
ووجه نقيب المحامين نصيحة قائلًا: «تستطيع أن تنال ما تحب بالحسنى، فالأدب مطلوب سيما ونحن نعمل في رسالة مهمتها الإقناع، فالمحاماة إقناع وبلا إقناع تخفق في تحقيق غايتها، ومن قرا القانون ولديه خبرة يعلم أن محكمة الموضوع وشأنها في تقدير الأدلة فهي سيدة دعواها تستطيع أن تأخذ بأقوال شاهد وأن تطرح بأقوال 100 شاهد دون أن تكون ملزمة ببيان السبب -كما قالت لمحكمة النقض-، لأنه معروف وهو أنها اطمأنت لأقوال الشاهد الذي أخذت به ولم تطمأن لأقوال الـ 100 الذين أطرحت أقوالهم».
وشدد: «مهمتك أمام المحكمة والنيابة أن تحدث إقناعًا وتقنع المحكمة بأن أقوال هذا الشاهد هي الصادقة والأقوال الأخرى هي الكاذبة وإقامة الدليل بأن أقوال المتهم هي التي تطابق الواقع والحقيقة».
وقال نقيب المحامين، إنه يعلم أن هذا ليس سلوك الجمعية العمومية، إنما هم قلة صوتها عالي واعتادت هذا السلوك الوقح؛ يشتمون ويسبون ويعتدون عليه بأفظع الألفاظ، وهذا انحطاط وقلة أدب وتربية، مؤكدًا أن الذين يفعلون هذا يسيئون للمحاماة ولا يجوز أن يستمروا فيها، ويمنعون حصول المحامين عن الحصانة الواجب إعطائها لهم.
وذكر نقيب المحامين: «لا أستطيع أن أحاجي السلطة التشريعية بإعطائنا الحصانة عندما يكون هذا هو أسلوب البعض بالتشاتم والسباب ومفارقة الأدب»، مشيرًا إلى أنه أصدر قرارًا في 28 يوليو الماضي بتشكيل لجنة تقوم بحصر ما ينشر على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أو في أي مطبوعات ورقية أو صوتية من بذاءات وشتائم وسباب وقذف في حق أحد أو آخر من المحامين والمحاميات أو آحاد الناس.
وأكد نقيب المحامين، أن مجالس النقابات الفرعية عليها واجب بمحاسبة هؤلاء من خلال اتخاذ الإجراءات التأديبية وفقًا للقانون، متابعًا: «لو أجرينا هذا سينصلح حال المحاماة ولن يصلح ونحن نمضي في هذا المسلك».
وأختتم حديثه قائلًا: «أنا ليس بيني وبين أحد عداوة، ولست إلا محام يسعى بإخلاص للإصلاح وسوف استمر فيه ما دمت حيًا وما دمت أتبوء هذا الموقع، مهما تلقيت من سهام وطعنات وإساءات وشتائم، فأنني مع الله أرضي ربي وأطبق حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه ومن أرضى الله في سخط الناس رضى الله عنه وأرضى عنه من أسخطهم في رضاه -صدق رسول الله-، أطيب أمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح والسعادة».
30 أغسطس 2021
تناول نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، خلال حديثه اليومي، جرائم التزوير شارحًا شرط جوهري من الشروط التي يجب أن تلتزم بها المحاكم بالنسبة للقضايا المطروحة عن جريمة التزوير بكل صورها مادام أن التزوير واقع في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون، وذلك عبر بث مباشر من مكتبه بالنقابة العامة، الإثنين.
وذكر نقيب المحامين، أن هذه المحررات دائما ما تأتي محرزة أمام الدوائر المختلفة، والقانون وقضاء محكمة النقض يوجبان فض الأحراز وعرض المحررات الموجودة فيها، وإطلاع المحكمة عليها بنفسها محررًا محررًا، وتمكين الدفاع الحاضر من الاطلاع على هذه المحررات وإبداء ملاحظاته في محضر الجلسة.
ونوه نقيب المحامين، إلى أن قضاء محكمة النقض استقر على أن مخالفة هذا الإجراء يؤدي إلى نقض الحكم، كما أنه لا يشفع للمحكمة أن تكون الدائرة السابقة عليها قد قامت بفض الأحراز، لأن المشرع اشترط أن تطلع المحكمة التي تفصل في الدعوى على هذه المحررات بنفسها، مضيفًا: «قد يتصور البعض أن هذا محض إجراء شكلي وهذا خطأ، وإنما هو إجراء لفحص جسم الجريمة».
وتساءل: «هل تتصوروا قضية قتل تنظر ويبت في الدعوى الجنائية دون أن تُشرح جثة القتيل وكتابة تقرير الصفة التشريحية ليبين أماكن الإصابات وشكلها وأن ينتهي إلى النتائج وسبب الوفاة؟، بالتأكيد لا؛ لأن ذلك يساعد القاضي والدفاع أيضًا، وكما نعرف جميعًا أن هناك الأدلة القولية التي تتمثل في شهادة الشهود، والأدلة الفنية التي تتمثل أحيانًا في تقرير الصفة التشريحية، التقارير الطبية، تقارير المعامل الجنائية، وتقرير مضاهاة البصمات وغيرها».
وتابع: «جرت التجارب على أن الشاهد القائل يمكن أن يكذب في شهادته وقد يستعصي على القاضي أحيانًا أن يتعرف على مقدار صدقه من كذبه، ولكن يقال دائمًا أن الدليل الفني لا يكذب أبدًا، ولذا فإن تلك الإجراءات لتوثيق الدليل وحمايته، وحماية الأبرياء من أخطاء أو افتراءات الشهود»، مشيرًا إلى أن جسم الجريمة في التزوير هو المحرر المزور.
وأوضح نقيب المحامين، أن التزوير ينقسم إلى معنوي ومادي، والأول يكون المحرر سليم لا عيب فيه ولا آثر فيه لأي تزوير يمكن أن ترصده العين، ضاربًا مثالًا بذلك للإيضاح، مردفًا: «التزوير المادي له طرق عديدة منها: الكشط، المحو، التحشير، المسح، وكذا الاصطناع الكامل بتزوير المحرر كاملًا فتشمل في ثناياها عدة أفعال قد يكفي أحدها لوقوع جريمة التزوير».
وعن حكمة ضرورة الاطلاع على هذا المحرر، أفاد نقيب المحامين، بأن هناك ما يسمى التزوير المفضوح وله صور عديدة وتكشف بالعين المجردة، ضاربًا أمثله به، مشيرًا إلى أنه حال ثبوته فإنه لا عقاب على التزوير المفضوح لأنه سهل على من يتلقى المحرر كشفه فور الاطلاع عليه، فيرد على الجاني قصده ولا تحقق الجريمة هدفها.
وأوضح نقيب المحامين، أن أركان جريمة التزوير تتضمن تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون وأن يكون من شأن هذا التزوير إحداث ضررًا، مشيرًا إلى أن المواد من 211 إلى 215 من قانون العقوبات تناولت الأمر.
كما بين نقيب المحامين الفارق بين المحرر العرفي والمحرر الرسمي، قائلا إن الضرر مفترض في المحررات الرسمية، فكل صور التزوير للمحرر الرسمي يترتب عليها ضرر محقق ألا وهو الإخلال بالثقة الواجب أن تتوفر في المحررات الرسمية، أما إذا كان المحرر عرفيًا تقول محكمة النقض إنه يكون من شأن التزوير إحداث ضررًا ويكون ذلك محل بحث من المحكمة.
وأردف: «لذا اشترطت محكمة النقض أن تطلع المحكمة على المحرر خلال الجلسة، وأن يطلع المتهم والدفاع عليه، وذلك لاكتشاف نوع التزوير وإن كان مفضوحًا أم لا، ويمكن كشفه بالاطلاع بالعين المجردة أم لا، ودراسة جسم الجريمة مثلما يدرس جسم القتيل من خلال تقرير الصفة التشريحية».
وصرح نقيب المحامين، بأن القصد العام في جرائم التزوير يعني علم الجاني بأنه يغير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون، وأن من شأن هذا التزوير إحداث ضرر مفترض في المحررات الرسمية ومثبت في المحررات العرفية، بينما القصد الخاص يعني نية استخدام المحرر المزور فيها زور من أجله، فالقانون لا يعاقب على العبث وإنما يعاقب على نية استخدام المحرر المزور فيما زور من أجله، ضاربًا مثالًا على ذلك لإيضاح الأمر.
وأكد أن سلطة الاتهام عليها أن تثبت في حق المتهم العلم بتزوير المحرر المستعمل، مشيرًا إلى أن صور الاستعمال متعددة والذي يجمع بينها هو أن الاستعمال هو الاحتجاج بالمحرر سواء لدى الأشخاص أو جهة من الجهات، مضيفًا: «ما ذكرته هو حصاد وحصيلة تجارب السنين وتعدد القضايا والدراسة والتأمل، فإذا ما اقترنت القراءة بالتجربة والتأمل كان حصادهم أوسع بالتأكيد».
وأختتم نقيب المحامين كلمته قائلًا: «المحاماة رسالة عظيمة للغاية وهي معشوقة المحامي المحب للمحاماة، فكلما أحببت المحاماة كلما أحببت ما فيها من قدرة على الإيضاح والإقناع، وقدرة على درء المظالم على الناس، وكل واحد فينا عليه أن يفخر بأنه محامي، ولكن يبقى علينا أن نرتفع إلى المحاماة ونتقدم إليها.. أطيب أمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح».
31 أغسطس 2021
استهل نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، حديثه اليومي، والذي وجهه للجمعية العمومية عبر بثٍ مباشر من مكتبه بالنقابة العامة، الثلاثاء، قائلًا: «القضية الكبرى التي تشغلنا منذ سنوات وستظل تشغلنا طيلة عملنا بالمحاماة؛ ما نعانيه من احتكاكات في كافة الميادين التي نعمل بها ابتداء من سلطات الاستدلال، ومرورًا بالنيابة العامة، وانتهاءً بهيئات المحاكم».
وأضاف نقيب المحامين: «نحن نعاني على الدوام ونشكو على الدوام شكوى حقيقية وذلك نتيجة الجور على حقوقنا، فما نتلقاه في هذه الميادين أحيانًا فيه تجاوز لحقوقنا، وهذا الأمر معاناة للمحامين في العالم بأجمعه وليس في مصر فقط، فالمحامون في العالم بآسره يعانون من الاحتكاك مع كافة السلطات الاستدلالية والتحقيقية والقضائية، وهذا بسبب التكوين المختلف؛ فرجل الاستدلال والنيابة والقضاء في موقع سلطة، والسلطة إغراء ونحن بشر والمكوث في السلطة على الاعتياد يربي في الماكث الإحساس بهذه السلطة، وهذه السمة موجودة في هؤلاء ولن تتغير».
وذكر نقيب المحامين، أن غاية ما يستطيعه رجل الاستدلال أو رجل النيابة أو رجل القضاء أن يخفف من إحساسه بالسلطة ولكنها راقدة في أعماقه، وصاحب الضمير يخفضها وهذا يحدث مع التقدم في السن، وزيادة النضح والرؤية، والإحساس بالآخرين وتقديرهم، ولكن هذه قضية عالمية وادرسوا ما كُتب عن المحاماة حول العالم وسوف تجدون صدامات حدثت بين المحاماة والقضاء بكل فروعه.
وأشار إلى هذه المسألة أثارت ولا تزال تثير حق المحامين في الضمانة أو الحصانة لأن هناك فارق بينهما، فالحصانة المتعارف عليها لم تعطى قط للمحامين، وأعطيت للقضاء وأعضاء البرلمان، وهذه الحصانة تمنع من المسئولية إلا إذا حصلت السلطة على تصريح من مجلس القضاء الأعلى أو رئاسة البرلمان على مساءلة عضو الهيئة القضائية أو عضو البرلمان.
كما أوضح نقيب المحامين، الفارق بين تلك الحصانة ولكن المناعة البرلمانية، منوهًا إلى أن ما يحدث خارج البرلمان أو العمل في القضاء هذه جريمة عادية ولكن الحصانة تمنع من المساءلة إلا تحت رقابة السلطة القضائية أو البرلمانية تحسبًا لاحتمال الكيد وليس لتقرير البراءة أو الإدانة، ويحدث أحيانًا أن تتعصب سلطة من السلطات للمنتمين إليها فترفض رفض الحصانة، وحدث هذا مرارًا في الدورة السابقة لمجلس النواب وآثار تساؤلات عديدة، وظني أن البرلمان لم يكن موفقًا في الحالات التي رفض فيها عدة مرات رفع الحصانة استجابة لمطالبات أتت إليه من النيابة العامة ومن النائب العام، فكل ما للبرلمان أن يستوثق من عدم الكيد حتى يحمي عضو البرلمان وليس الدلوف إلى موضوع الشكوى ويحكم هو فيها.
وعن المناعة البرلمانية، أفاد نقيب المحامين، بأنها تمنع من المساءلة اليوم وغدا، فما يصدر من عضو البرلمان داخله أثناء قيامه بالوظيفة البرلمانية -باستثناء ارتكابه جريمة جنائية عادية داخل البرلمان-، وإنما كل ما يبديه من أراء يتمتع فيه بمناعة برلمانية تمنع مساءلته اليوم أو بعد انتهاء عضويته في البرلمان عنها.
وذكر النقيب العام، أن المحامين لم يمنحوا قط الحصانة، وإنما حصلوا قبل دستور 2014 على الضمانة، وهذه الضمانة تفرض أسلوب التعامل مع المحامي إذا نسب إليه أمر وهو ماثل يؤدي واجبه أمام المحكمة أو النيابة وتضمنت إجراءات نص عليها القانون يجب الالتزام بها، متابعًا: «للأسف أثناء وضع دستور 2014 مر على لجنة الدستور نص اشترط للتمتع بالضمانة ألا تكون المخالفة في حالة تلبس فأخذ باليسار ما أعطاه باليمين وصارت الضمانة بلا معنى وهي والعدم سواء، لأنننا في جميع الأحوال صح الادعاء أو لم يصح نحن في حالة تلبس سواء أمام المحكمة أو الممارسة أمام النيابة أو التعامل مع سلطات الاستدلال».
وأكد أنه لاستعادة الضمانة التي كانت متواجدة قبل دستور 2014 يجب حدوث تعديل دستوري للنص القائم، وفات على نقابة المحامين في التعديل الذي جرى للدستور في وقت سابق أن تطالب بتعديل هذا النص الذي وضع للأسف أثناء تمثيل نقابة المحامين في لجنة الدستور.
وشدد نقيب المحامين: «جميعا تائهون عن حصانة في يدنا ونفرط فيها، لعدم فهم مدى حقوقنا فيها، وتلك الحصانة متمثلة في محاضر التحقيقات ومحاضر الجلسات في المحاكمات، فهذه المحاضر تحرر لأغراض شتى منها أنها للتذكرة للنيابة والمحكمة وأطراف الخصومة بما دار في التحقيق أو دار في الدعوى، كما أنها مرآة لحماية أطراف الخصومة مما قد يحدث من تجاوز معهم سواء أمام النيابة أو المحكمة، لذا الأمر يتعلق بحصانات كفلها القانون بهذا المحضر لحماية أطراف الخصومة لأنه قد يحدث أن يجار على أحد أطراف الخصومة إلى درجة ارتكاب جريمة في حقه».
وأردف: «محضر الجلسة ضمانك الأساسي فلا تفرطوا في هذه الحصانة، وتمسكوا بتدوين ما يحدث به، فنحن نسلم بأن محضر التحقيق يدون تحت إشراف وكيل النيابة المحقق، وأن محضر جلسة المحاكمة يدون تحت إشراف رئيس المحكمة، ولكن هناك فارق بين الإشراف على التدوين وبين التدوين ذاته، فهو يملك الإشراف عليه ولكنه لا يملك منع التدوين، ويجب أن نعي ذلك».
وأشار نقيب المحامين، إلى أن قانون الطعن أمام محكمة النقض حماية لمحاضر الجلسات تضمن أن محضر الجلسة هو عنوان الحقيقة بما أُثبت فيه، وهو عنوان أن الإجراءات قد اتبعت، وأنه لا يجوز إثبات عكس هذا إلا بالطعن بالتزوير، مشددًا على ضرورة أن يتشبث كل محامي في التدوين دون أن يخطأ في حق المنصة ودون أن يتلفظ بلفظٍ لا يجوز أن يوجهه إليها، فاحترام المحكمة واجب واحترام المحقق واجب ولا بد للمحامي أن ينتقي عباراته، ساردًا مواقف حدثت معه أثناء مشوار عمله الطويل بالمحاماة للتدليل بها.
وأختتم نقيب المحامين كلمته قائلًا: «المحاماة رسالة عظيمة للغاية ومليئة بالكنوز وأهم ما فيها أنها انتصار للحق وللعدالة، وعلى كل منا أن يفخر بأنه محامي، ويتعين علينا لأداء هذه الرسالة على خير وجه أن نتقدم إلى المحاماة، وأن نلم بأسرارها، وأن نحترم تقاليدها.. أطيب أمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح».
1 سبتمبر 2021
استهل نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، حديثه اليومي، قائلًا: «اخترت أن أتحدث لكم اليوم عن الدفع بالتناقض سواءً التناقض فيما بين أقوال الشاهد ذاته، أو التناقض بين أقوال الشهود فيها ما لا يتسق مع قول الآخرين، أو التناقض بين أقوال الشهود والتحريات، أو التناقض بين الأدلة القولية والدليل الفني المتمثل ربما في تقرير الطب الشرعي أو غيره من التقارير الفنية»، وذلك عبر بثٍ مباشر الأربعاء من مكتبه بالنقابة العامة.
وقال نقيب المحامين، إن الأحكام درجت أن تقول لا يعيب الحكم تناقض أقوال الشهود بفرض وجوده مادام الحكم قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيها، وهو ظاهره صحيح ولكنه يحتاج إلى تحليل، مضيفًا: «الشرط الأول لانتهاء الحكم إلى أن الأقوال التي أوردها لا تناقض فيها أن يكون قد استدل استدلالًا صحيحًا على هذه الأقوال، فإذا ما بنى استدلاله على خطأ في الإسناد أو تحريف في أقوال الشهود بحيث تبدو على غير حقيقتها وتتحول عن معاناها الواضح إلى المعنى الذي أراده الحكم، فلن يسعف الحكم بأنه أورد الأقوال بما لا تناقض فيها إذا كان قد شابه في تحصيل الأقوال خطأ في الإسناد».
وأوضح أن الخطأ في الإسناد، هو أن ينسب إلى الشاهد أو المتهم أو القائل عمومًا ما يختلف عما أبداه الشاهد وأدلى به، متابعًا: «قائمة أدلة الثبوت التي تقدم إلى محكمة الجنايات تتضمن شهادات الشهود، ونجد على سبيل المثال أن الشاهد الثاني شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول، وشهد الشاهد الثالث بمضمون ما شهد بيه سابقيه، وتعزف النيابة عن إيراد هذه الأقوال».
وشدد نقيب المحامين، على أن مهمة كل محامي أن يراجع العناصر الجوهرية الواردة في أقوال الشاهد الأول المبني عليها الحكم، ويجب أن تثبت تلك العناصر في شهادة باقي الشهود وإلا يكون الحكم قد أسند لهم ما لم يشهدون به، ويكون بذلك انطوى على عيب هو الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق، مشيرًا إلى أنه لمعرفة ذلك يجب الرجوع إلى تحقيقات النيابة ومراجعة أقوال الشهود الواردة بها ومعرفة مدى اتساقها مع العناصر الجوهرية الواردة بشهادة الشاهد الأول.
وذكر نقيب المحامين: «يشترط ليستقيم القول بأن الحكم قد أورد الأقوال بما لا تناقض فيه، أن يكون قد بنى هذا على خطأ في الإسناد ومخالفة في الثابت بالأوراق وفساد الاستدلال بأن تستشهد بما لا يجوز الاستشهاد به لتنسب إلى الشاهد ما لم يقله، وكذا البتر والتحريف؛ فيجوز للمحكمة أن تجزأ أقوال الشاهد، وشرط هذا ألا تخرج بالشهادة عن معناها وعن عباراتها الواضحة، فإذا ما خرج فإن هذا يعيب البتر والتحريف في أقوال الشاهد وبالتبعية الفساد في الاستدلال».
وأشار نقيب المحامين، إلى أنه في معظم الأحيان ينطوي الدفع بالتناقض على تكذيب أقوال الشهود، وقضاء محكمة النقض استقر على أن الدفع بتكذيب أقوال الشهود أو التحريات أو بنفي حدوث الفعل، هذا دفع جوهري لا يجوز لمحكمة الموضوع مصادرته قبل أن ينحسم أمره بتحقيق تجريه بنفسها بلوغ إلى غاية الأمر فيه أو أن ترد عليه بما يدحضه.
وأردف: «التحقيق الذي تجريه المحكمة بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، رقعة يستطيع المحامي أن يبدع فيها فهو ليس مقيدًا بقائمة أدلة الثبوت التي تقدمها النيابة العامة، فيجب على المحامي أن يقرأ القضية برمتها ويستخرج منها ما يثبت به أن الدفع بتكذيب أقوال الشهود دفع صحيح، وله في هذه الحالة أن يتساند إلى أقوال المتهم، وتحريات ضابط أخر، وشاهد لم تدخله النيابة في قائمة أدلة الثبوت، وأقوال شاهد نفي، ومحرر رسمي أو عرفي يثبت عدم صدق الشاهد، ففي التحريات عندما توضح عنوان شخص ثم يستبين أنه مخالف لذلك فهو دليل قاطع على عدم جدية التحريات».
وعن الدفع بالتناقض بين الدليل الفني والدليل القولي؛ صرح نقيب المحامين: «هذا دفع بالغ الخصوصية يستوجب ما أسلفناه سابقًا إضافة إلى أن هذا الدفع في جميع الأحوال يستوجب من المحكمة إجراء تحقيق وعليها أن تلجأ إلى أهل الخبرة لاسيما إذا كان موضوع الدفع يتصل بمسألة فنية بحتة ليست من العلم العام الذي يتاح للقاضي أن يعرفه دون الرجوع إلى أهل الخبرة، وضرورة تحقيق هذا الدفع تعود إلى أن الدليل القولي خاضع لذمة الشاهد فهو نسبي خاضع لما يخضع له الإنسان من استقامة أو انحراف، وإنما الدليل الفني لا يكذب أبدًا فالبصمة على سبيل المثال ثبت أنها لا تتكرر في شخصين».
وأكمل: «عندما تكون قارأ جيد ستجد نفسك لديك قدرة إبداعية فكما قال عبد العزيز باشا فهمي أثناء احتفالية إنشاء محكمة النقض عام 1931 وكان أول رئيس لها، أن هناك فارق بين المبدع والمرجح فالمحامي مبدع والقاضي مرجح»، مضيفًا: «الطب الشرعي لا يدرس في كلية الحقوق مؤخرًا، ولكن المحامي المهتم يجب أن يقرأ في الطب الشرعي ومراجعه العلمية»، موجهًا نصائح مهمة في هذا الشأن.
وأفاد نقيب المحامين، بأن اطلاع المحامي وقراءة التقرير الفني بصفة عامة هي والعدم سواء إذا لم يكن ملمًا ومدركًا لما يقرأه، فالمحامي ليس من الأوساط ولن ينجح في المحاماة إذا كان من الأوساط، وهناك فارق بين المحامي وأي مهني أخر، فيجب على المحامي أن يكون ملمًا بعديد من المعارف والعلوم والأديان، لأنه كلما زادت الإحاطة واتسعت كلما كانت الرؤية أوسع وأشمل.
وقال نقيب المحامين، إن السعر المرتفع للكتاب مشكلة لكبار وشباب المحامين، فمهما كانت للمحامي ميزانية لن يستطيع أن يكون قادرًا على اقتناء كل الكتب، والمكتبات العامة تنقرض الآن، والحل يتمثل في شبكة الإنترنت وما يتوفر عليها من معلومات ومواقع كمحكمة النقض، ومجلس الدولة، وكليات الحقوق، إضافة للكتب المتوفرة بصيغة PDF، لتجد نفسك قادرًا على الاطلاع على ما تريد دون أن تنفق مليمًا واحدًا، إضافة لإمكانية طبع ما تريد.
وأختتم كلمته قائلًا: «مصمم على أن أعيد بكم الحياة إلى المحاماة، وأن أعيد لها الأمجاد التي كانت ولن تعود إلا بكم، أرجو أن تتقدموا وترتفعوا إلى المحاماة فهني رسالة عظيمة يكفينا فخرًا أننا نحمل عبئها ونؤدي ولو بعض رسالاتها.. أطيب أمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح».