تعليق على الحكم بعدم دستورية الفقرة الاخيرة من المادة 276 عقوبات



بقلم: فرج محمد فرج المحامي

صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر في الطعن رقم 248 لسنة 30 قضائية دستورية برئاسة المستشار سعيد مرعي عمرو،قاضيا بعدم دستورية ما تضمنه عجز (فحوى) نص المادة 276 من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة7 193 من “قصر الدليل الذي يُقبل ويكون حجة على المتهم في جريمة الزنا على حالة وجوده في منزل مسلم”.

وذكرت المحكمة في حكمها بالدعوى أن المادة تنص على أن ” الأدلة التي تُقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده في منزل مُسلم في المحل المخصص للحريم”.والمحكمة استندت في ذلك إلى أن النص المطعون عليه قد شرع حقًا إجرائيًّا لسلطة الاتهام، وللمحكمة الجنائية، في تحري أركان جريمة شريك الزوجة الزانية، وإقامة الدليل عليه وفقًا للقواعد العامة، متى وجُدِ في منزل مسلم، بما مؤداه – بدلالة مفهوم المخالفة – أن يكون ارتكابه الإثم في منزل غير المسلم غير منتج في إقامة الدليل على ارتكاب الجريمة عينها.وأضافت أن صدر هذه المادة يُشكِّل حائلًا إجرائيًّا يحول دون إدانته بالمساهمة في هذه الجريمة، وكان من شأن هذه التفرقة أن يضفي النص المطعون فيه على مسكن المُسلم حماية ينكرها على مسكن غير المسلم، ويقر لصاحب المسكن المُسلم بحرمة لا يسلم بها لمسكن غيره.وكان تمييز منزل المُسلم عن منزل غير المُسلم، في هذه الحالة، هو تمييز قائم على أساس الدين، دون مبرر موضوعي لهذه المفارقة. وكان الدستور قد حظر على نحو جازم كافة صور التمييز بين المواطنين، وخص من بينهــا التمييز بسبب الدين، أو العقيدة، لما لهذه الصورة أو تلك من أهمية عظمى تمثل إحدى القيم الجوهرية التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة، وأن النص في هذه الجزئية يخالف أحكام المواد (4، 53، 97) من الدستور.

هذا ونص المادة276عقوبات قبل الغاء هذه الفقرة كان يضع أدلة محددة لاثبات جريمة الزناوهي:

أولا : التلبس وقد تكفل قانون الاجراءات الجنائية بايضاح حالاته فنحيل اليها.ونشير إلى أن محكمة النقض قد قضت بأن( المادة 276 عقوبات قد أوردت القبض على المتهم بالزنا حين تلبسه بالفعل من بين الأدلة التي تقبل بها وتكون حجة عليه، ولا يشترط لتوافر التلبس بهذه الجريمة أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد ارتكبت بالفعل)
(نقض جلسة 19/5/1975 س26 ق104 ص447).

ثانيا : الاعتراف ويجب ان يكون من الشريك للزوجة نفسه اما ان كان صادرا من الزوجة نفسها أو من الزوج المجنى عليه أو من أي شخص آخر فأن هذا لا يعد اعترافا قانونيا يؤخذ به ويحاسب على أساسه الشريك فى الزنا.كما يجب ان يكون امام القضاء. ثالثا : الأوراق المكتوبة ويشترط أن تكون محررة من الشريك لذلك رفضت محكمة النقض قياس الصور الفوتوغرافية عليهاحيث قضت ان(الصحيح في القانون أن الصور الفوتوغرافية لا يمكن قياسها على المكاتيب المنصوص عليها في المادة 276 عقوبات والتي يشترط مع دلالتها على الفعل أن تكون محررة من المتهم نفسه)
(نقض جلسة 29/5/1962 س13 ق130 ص510)
رابعا : وجوده فى المحل المخصص للحريم .وقد قضت محكمة النقض بخصوص هذا الدليل الذى قضى بعدم دستوريته بأن (القانون في المادة 276 عقوبات قد بين على سبيل الحصر الأدلة التي تقبل لتكون حجة على الشريك في الزنا ومن هذه الأدلة وجود المتهم في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم، فإذا ما توافر هذا الدليل جاز للمحكمة أن تستند إليه في الاقتناع بوقوع الزنا فعلاً، وعلى الأخص إذا كان هو لم ينف القرينة المستمدة من هذا الظرف بل اكتفى بإنكار الجريمة وعجزت الزوجة من جانبها عن نفيها)
(جلسة 24/5/1937 مجموعة القواعد القانونية ج4 ق86 ص74)
ولما كان هذا الشرط كان من شأنه اعتبار وجود الشريك فى منزل مسلم دليلا عليه ولايعد كذلك إذا كان فى منزل غير مسلم وهو ما كان يقيم تفرقة بين اصحاب ذات المركز القانونى ومقترفى ذات الفعل وفى ذات الظرف المكانى، وهذه الادلة كانت محددة حصرا بالنسبة للشريك فى الجريمة بحيث لا يجوز الاثبات بالنسبة اليه الا بها اما الزوجة فيجوز الاثبات بالنسبة اليها بكافة الطرق وهذا ما اكدته محكمة النقض حيث قضت بأن(رأي الشارع في المادة 276 عقوبات أن يخص الرجل وحده الذي ارتكب الزنا مع المرأة المتزوجة بالأدلة المعينة المذكورة بها، بحيث لا تجوز إدانته إلا بناء على دليل منها، أما المرأة فإثبات الزنا عليها يصح بطرق الإثبات كافة وفقاً للقواعد العامة)
(نقض جلسة 19/5/1941 مجموعة القواعد القانونية ج5 ق259 ص471)
لذلك كان الحكم بعدم الدستورية ونرى أن أثار هذا الحكم يمكن اجمالها فى راينا فى الاتى :
اولا: بالنسبة لاثبات الجريمة. فقد ازيل القيد بخصوص اثبات هذه الجريمة بحيث اصبح الوجود فى منزل الغيرأى كانت ديانته، وفى المحل المخصص لحريم سواء اكان لمنزل مسلم ام غير مسلمفقد اصبح من الممكن ان يشكل اقتناع المحكمة كدليل ادانة ودون تفرقة بعد ان الغاها النص،لتعود للقاضى حريته فى تقدير دليل وجود الشريك فى المنزل المذكور.
ثانيا:وأما أثره بالنسبة للجرائم التى قضى فيها ،فهذا الحكم ليس من شانه تغيير المركز القانونى لمن قضي بادانته او نفذ العقوبة لان الالغاء ليس من شانه أخراج من ارتكب الجريمة فى هذا الظرف من نطاق التجريم بل بالعكس فقد اتسعت دائرته.

ثالثا:واما أثره بالنسبة للجرائم التي سوف ترتكب فى ظله فاعتبارا من تاريخ اليوم التالي لنشر الحكم وليس صدوره فان هذا القيد كما ذكرنا قد الغى واتسع نطاق التجريم ليمسك بتلابيب من كان يقترف الفعل وهو فى منزل غير مسلم. ويحكمنا نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 حيث ينص على أنه ” أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها فى الفقرة السابقة بالجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها ويترتب على الحكم بعدم الدستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم.

رابعا:وبالنسبة للاثر الشخصى لهذا الحكم فهو يسرى فقط على الشريك لانه بالبداهة وكما كان الوضع قبل الحكم الزوجة الاثبات لها مطلق وباى دليلا .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى