بيع ملك الغير.. كيف يتصرف المالك الحقيقي وما هو موقفه القانوني؟

طلب إبطال بيع ملك الغير حق للمشتري أم المالك الحقيقي؟ وكيف يتصرف المالك الحقيقي في حالة تسجيل العقد وفي حالة عدم تسجيله؟ وما هو الموقف القانوني للمشتري؟ أجابت محكمة النقض على هذه الأسئلة في حكمها بالنقض رقم لطعن رقم ٢٤٤٥ لسنة ٦٥ قضائية.

أكدت محكمة النقض أن طلب إبطال بيع ملك الغير جائز للمشتري دون البائع، وللمالك الحقيقي إن كان العقد قد سُجل التمسك بعدم نفاذ البيع في حقه، ويكفي طلب طرد المشترى عند عدم تسجيل العقد، وفقًا للمادة ٤٦٦ مدني.

وقالت إن :«النص في المادة ٤٦٦ من القانون المدني على أنه: ١ – إذا باع شخص شيئًا معينًا بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع، ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على العقار، سُجل العقد أو لم يسجل.  ٢ – وفي كلِّ حالٍ لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد. يدل على أنه وإن كان لا يجوز طلب إبطال بيع ملك الغير إلا للمشتري دون البائع له، إلا أن المالك الحقيقي يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف أصلًا في حقه إذا كان العقد قد سُجِّل».

وتابعت: «أمَّا إذا كانت الملكية ما زالت باقية للمالك الحقيقي لعدم تسجيل عقد البيع، فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشتري من ملكه لأن يده تكون يد غاصب، إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه».

واستكملت: «فإذا ما ثبت عدم ملكية البائع له للمبيع، فإنه لا يعدُّ مالكًا ولا يستند في وضع يده لتصرف نافذٍ في حق المالك الحقيقي».

الوقائع: بيع ملك الغير

تتحصل الوقائعَ في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الأولى والثالثة والأخير ومورث المطعون ضده الثاني الدعوى رقم ٦٢ لسنة ١٩٨٠ مدني شمال القاهرة الابتدائية ابتغاء الحكم ببطلان تصرفات المطعون ضدها الأولى على العقار ملكه والمتمثلة في تأجير جراج ووحدة سكنية للمطعون ضده الثاني وبيعها العقار المذكور لآخر، والذي قام بتأجير الشقة الكائنة بالدور الرابع للمطعون ضده الأخير مع عدم الاعتداد بتلك التصرفات، على سندٍ من أنه يمتلك ذلك العقار بموجب عقد بيع مؤرخ ١٢/٢/١٩٥٨ الذي يفيد بتملكه [ ثلاثة أرباع كامل أرض وبناء العقار محل التداعي والمقضي بصحته ونفاذه بالحكم رقم ٧٣٧٢٧ لسنة ١٩٧٧ مدني كلي شمال القاهرة] وباقي العقار بموجب الحكم رقم ١٤٧٤٠ لسنة ١٩٨٩ والمقضي بتثبيت ملكيته له.

وذكرت الوقائع: «وإذ قامت المطعون ضدها الأولى بإجراء التصرفات المشار إليها، ومن ثم كانت دعواه. ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى، بحكمٍ استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ٨١١ لسنة ١٠٤ ق القاهرة، والتي قضت بتاريخ ٢٨/١٢/١٩٩٤ بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنُ على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي ببطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعنُ على هذه المحكمة، في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها».

دفاع النيابة العامة

قالت محكمة النقض: «وحيثُ إنَّ مبنى الدفع المبدى من النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثاني لوفاته قبل صدور الحكم المطعون فيه وعدم إدراج ورثته في ديباجة الحكم، فهو سديدٌ، ذلك أن المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه وفقًا لنص المادة ١٧٨ من قانون المرافعات يجب أن يبين الحكم أسماء الخصوم وألقابهم وموطن كل منهم، والنقص والخطأ الجسيم في هذا البيان يترتب عليه بطلان الحكم، وهو بطلان متعلق بالنظام العام يجوز التمسك به أمام محكمة النقض. لمَّا كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني[ …….] قد تُوفي أثناء نظر الاستئناف، وتم تصحيح شكل الاستئناف باختصام ورثته، إلَّا أن ديباجة الحكم أوردت اسمه دون ذكر أسماء ورثته».

وتابعت: «وهو ما يؤدي إلى عدم التعرف على حقيقة الخصوم المحكوم لهم وصفاتهم واتصالهم بالخصومة المرددة، ولا يغني عن هذا البيان إمكان معرفة الخصوم من ورقة أخرى من أوراق الدعوى ولو كانت رسمية، ممَّا لا يكون الحكم بذاته دالًا على استكمال شروط صحته، وأغفل بيانًا جوهريًا من بياناته، وهو ما يبطله، ويتعين نقضه بالنسبة للمطعون ضده الثاني، وذلك بأن موضوع الدعوى محل الطعن الراهن قابل للتجزئة بحسب طبيعة المحل لكونها تضمنت عده طلبات منفصلة ببطلان تصرفات المطعون ضدها الأولى بتأجيرها الجراج ووحدة سكنية للمطعون ضده الثاني وبيعها كامل العقار لآخر، وهما طلبان يستقلان كلٌّ منهما عن الآخر، ومن ثم فالقضاء ببطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثاني لا يحول دون قيامه بالنسبة لباقي المطعون ضدهم».

الطاعن يدفع بالقصور في التسبيب

وقالت: «وحيثُ إنَّ حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعواه ببطلان تصرفات المطعون ضدها الأولى بتأجيرها وبيعها لعقار التداعي تأسيسًا على أن الطاعن باع العقار لها ولأبنائه، في حين أنه قدم أمام محكمة الاستئناف صورة رسمية من الحكم الصادر في الدعوى رقم ١٤٧٤٠ لسنة ١٩٨٤ مدني شمال القاهرة بثبوت ملكيته لربع العقار، والذي صار نهائيًا بعدم الطعن عليه بالاستئناف، وكذا صورة رسمية من الحكم الصادر في الدعوى ١٦٤٠٦ لسنة ٨٨ مدني كلي شمال القاهرة، والقاضي بصحة توقيع المطعون ضدها الأولى بإقرارها بملكية الطاعن كامل عقار التداعي، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا المستندات إيرادًا وردًّا، مما يعيبه بالقصور المبطل، مما يوجب نقضه».

النص في المادة ٤٦٦ من القانون المدني

واستكملت: «وحيثُ إنَّ هذا النعي في أساسه سديدٌ، ذلك أن النص في المادة ٤٦٦ من القانون المدني على أنه:- ” ١- إذا باع شخصٌ شيئًا معينًا بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع، ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على العقار، سُجِّل العقد أو لم يُسجَّل. ٢- وفي كلِّ حالٍ لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد” يدل على أنه وإن كان لا يجوز طلب إبطال بيع ملك الغير إلا للمشتري دون البائع له، إلا أن المالك الحقيقي يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف أصلًا في حقه إذا كان العقد قد سُجِّل، أمَّا إذا كانت الملكية ما زالت باقية للمالك الحقيقي لعدم تسجيل عقد البيع، فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشتري من ملكه لأن يده تكون يد غاصب، إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه.

إذا ما ثبت عدم ملكية البائع له للمبيع فإنه لا يعدُّ مالكًا ولا يستند في وضع يده لتصرفٍ نافذٍ في حق المالك الحقيقي.

وذكرت محكمة النقض: «فإذا ما ثبت عدم ملكية البائع له للمبيع، فإنه لا يعدُّ مالكًا ولا يستند في وضع يده لتصرفٍ نافذٍ في حق المالك الحقيقي. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالتصرفات الصادرة من المطعون ضدها الأولى لباقي المطعون ضدهم على سند ملكيته للمبيع وعدم تصرفه بالبيع للمطعون ضدها الأولى، واستدل على ذلك بالإقرار المؤرخ ١/١٠/١٩٨٨ الصادر من الأخيرة والمقضي بصحة التوقيع عليه بالدعوى ١٦٤٠٦ لسنة ١٩٨٨ شمال القاهرة والمتضمن أنها غير مالكة للعقار محل التداعي، وأن الطاعن هو المالك الحقيقي لكامل العقار، كما تمسك الطاعن بدلالة الحكم الصادر في الدعوى ١٤٧٤٠ لسنة ١٩٨٤ شمال القاهرة، والمقضي فيه بملكية الطاعن لربع العقار، ولم يطعن على هذا الحكم بالاستئناف، وصار باتًا».

وعن المطعون ضدها الأولى قالت المحكمة: «وقد أورد الحكم بمدوناته بأن المطعون ضدها الأولى لا تعد شارية حقيقية في العقد المؤرخ ٢٣/٨/١٩٥٨ الصادر من شركة …….عن الأرض المقام عليها عقار التداعي، وأن ورود اسم المطعون ضدها الأولى بالعقد كمشترية كان لتخفيض رسوم التسجيل ولم تدفع ثمة مبالغ ثمنًا لهذه الأرض، وأن الطاعن هو المشتري الحقيقي لتلك الأرض، وهو الأمر الذي أكده الإقرار المشار إليه الصادر من المطعون ضدها الأولى، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذه المستندات رغم دلالتها ولم يُعْنَ ببحث الدفاع الجوهري الذي يتغير به – إن صح- وجه الرأي في الدعوى، وأقام الحكم قضاءه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعوى الطاعن استنادًا إلى أن الحكم الصادر في الدعوى ٥٦٤٥ لسنة ١٩٧٧ شمال القاهرة المقضي فيه بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ٢٠/١/١٩٦٩ الصادر من الطاعن للمطعون ضدها الأولى، رغم أن البين من الأوراق أنه طُعن عليه بالاستئناف رقم ٣١٦١ لسنة ٩٦ ق القاهرة، إلا أن الحكم لم يحقق هذا الدفاع ودون أن يتبين ما آل إليه هذا الاستئناف، ممَّا يكون الحكم المطعون فيه معيبًا فضلًا عن الإخلال بحق الدفاع بالقصور في التسبيب، بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة».

الحكم

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وألزمت المطعون ضدهم – عدا الثاني – المصروفات ومبلغ مائتي جنيهٍ مقابل أتعاب المحاماة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى