«النقض»: تطبق اللائحة النموذجية لقانون العمل بالخصم 5 أيام عند الإعتداء البسيط على صاحب العمل.. والحيثيات تؤكد: التعدي الجسيم على صاحب العمل يعطيه الحق في فصل العامل

كتب: عبدالعال فتحي

أصدرت الدائرة العمالية – بمحكمة النقض – حكماَ مهماَ يتعلق بالقضايا العمالية، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن فصل العامل بسبب التعدي على صاحب العمل، قالت فيه: “لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيما منها إذا ثبت اعتداء العامل على صاحب العمل أو المدير العام”، وذلك في الوقت الذي نص فيه البند 55 من اللائحة النموذجية لقانون العمل على أن الاعتداء على الرؤساء عقوبته أول مرة 5 أيام ثم يتدرج الجزاء في حالة تكرار المخالفة حيث فرق الحكم بين التعدى الجسيم والتعدى البسيط على الرؤساء، صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 1613 لسنة 88 القضائية، لصالح المحامي بالنقض مصطفى زكى، برئاسة المستشار إسماعيل عبد السميع، وعضوية المستشارين حسام قرني، وسمير سعد، وطارق تميرك، وعادل فتحي، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض أحمد سيد على، وأمانة سر محمد إسماعيل.

متى يتحقق فصل العامل ومتى يتحقق جزاؤه بالخصم؟

الحكم تناول أزمة من أدق مواضيع القضايا العمالية ألا وهي فصل العامل بسبب التعدي على صاحب العمل حيث وضح كيفية وفرق عقوبة العامل حال التعدي لأول مرة ومتى تتحقق عملية الفصل والفرق بين التعدي البسيط والتعدي الجسيم والفرق بين صاحب العمل والمدير والمسئول في حالة التعدي.

المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن نص المادة 69 فقرة 8 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أنه لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيما،”إذا ثبت اعتداء العامل على صاحب العمل أو المدير العام، وكذلك إذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه”، كما نص البند 55 من اللائحة النموذجية لقانون العمل على أن الاعتداء على الرؤساء عقوبته أول مرة 5 أيام ثم يتدرج الجزاء في حالة تكرار المخالفة.

النقض تفرق بين التعدى على صاحب العمل والمدير والرئيس

وبحسب “المحكمة” – ظاهر الأمر أن هناك تعارض بين اللائحة والقانون لكن حقيقة الأمر أن المقصود بنص البند 55 هو التعدي البسيط وليس التعدي الجسيم حيث المقرر لدى محكمة النقض أنها فرقت بين “1-صاحب العمل، و2-المدير المسئول، و3-رئيس العمل من غير (1، 2)”، وانتهت إلى أن العامل يفصل بمجرد الاعتداء ولا يشترط أن يكون جسيما في حالة التعدي على 1 أو 2، أما 3 فيشترط أن يكون الاعتداء جسيما.

ووفقا لـ”المحكمة” – فإن مؤدى النص في المادتين 56، 69/8 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003- المنطبق على واقعة النزاع – أن من واجبات العامل التي حرص المشرع على النص عليها في قانون العمل احترام رؤسائه وزملائه في العمل والتعاون معهم بما يحقق مصلحة العمل وأن يكون سلوكه معهم لائقاً بما يحافظ على كرامة العمل، وأجاز المشرع فصل العامل إذا وقع منه اعتداء على صاحب العمل أو المدير المسئول ولم يشترط في هذه الحالة أن يكون الاعتداء جسيماً أو مادياً بل يكفى أن يمس الاعتبار بشرط أن تتوافر فيه صفة الاعتداء، ومن ثم فإن أي اعتداء من العامل على صاحب العمل أو المدير المسئول يكفى لفصله ولو كان يسيراً والمقصود بالمدير المسئول من أنابه صاحب العمل نيابة كاملة عنه في إدارة منشأته .

الشروط الواجبة في التحقيق الذي يصلح اتخاذه سند أساسيا للحكم

كما أوضحت محكمة النقض أيضا في الشروط الواجبة في التحقيق الذي يصلح اتخاذه سند اساسيا للحكم – ومن المقرر أيضاً أن التحقيق الذى يصلح اتخاذه سنداً أساسياً للحكم هو الذى يجري وفقاً للأحكام التي رسمها القانون لشهادة الشهود في المادة 68 وما بعدها من قانون الإثبات تلك الأحكام التي تقضي بأن التحقيق يحصل أمام المحكمة ذاتها وبمعرفة قاض يُندب لذلك، وتوجب أن يحلف الشاهد اليمين إلى غير ذلك من الضمانات المختلفة التي تكفل حسن سير التحقيق توصلاً إلى الحقيقة، أما ما يجرى سماعه من أقوال الخصوم أنفسهم أو من شهادة الشهود أمام الخبير أو في محضر الشرطة أو التحقيقات الإدارية فلا يعد تحقيقاً بالمعنى المقصود، إذ هو مجرد إجراء ليس الغرض منه إلا أن يستهدى به كقرينة تعزز أدلة أو قرائن أخرى.

هذا ولما كان مفاد نص المادة 69/8 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 – المنطبق على واقعة النزاع – أنه إذا ثبت اعتداء العامل على صاحب العمل أو المدير العام، وكذلك إذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه يكون ذلك من الأخطاء الجسيمة التي تبرر لصاحب العمل إنهاء عقد العمل بإرادته المنفردة أو طلب الحكم بفصله من المحكمة العمالية.

متى يكون فصل العامل باطلا؟

لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بفصل المطعون ضده من العمل بسبب اعتدائه بالسبب والقذف على المدير المالي والإداري لديها ومنعه بالقوة من مغادرة العمل وقدمت التحقيق الإداري الذى أجرته بخصوص هذه الواقعة، ولا ينال من حقها في ابداء هذا الطلب سبق إصدارها قرار بفصل المطعون ضده بإرادتها المنفردة رغم أنه عضو اللجنة النقابية الذى لا يجوز فصله إلا عن طريق المحكمة المختصة وفقاً لقانون النقابات العمالية، مما يجعل قرارها بفصله باطلاً ولا سبيل أمامها إلا في اللجوء إلى المحكمة المختصة طالبةً فصله للسبب المشار إليه آنفاً.

ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اطرح هذا الدفاع استناداً على أن محضر تحريات الشرطة لم يثبت صحة الواقعة، وعدم اطمئنانه لأقوال الشهود بمحضر التحقيق الإداري، وقضى باستمرار المطعون ضده في العمل، فإن المحكمة بذلك تكون قد جعلت من القرائن المستمدة من محضر تحريات الشرطة والتحقيق الإداري بمثابة الدليل المستمد من التحقيق الذى تجرية المحكمة بنفسها، ويكون الحكم قد شيد قضائه على دليل غير قائم في الواقع بما لا يصلح لإثبات عدم صحة السبب الذى ركنت إليه الطاعنة في طلب فصل المطعون ضده، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى