“النقض”: المحاكم الاقتصادية هى المختصة بنظر جرائم السب والقذف عبر الإنترنت.. ومحكمتان تتخليان عن الفصل في الدعوى بحجة عدم الاختصاص

كتب: عبدالعال فتحي

أصدرت الدائرة الجنائية الأحد “أ” بمحكمة النقض، حكماَ قضائياَ أرست فيه مبدأ قضائياَ جديداَ انهت به النزاع القائم منذ سنوات حول اختصاص نظر جرائم السب والقذف عبر الإنترنت، قالت فيه: “اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر الجرائم التي تقع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وليست محكمة الجنح”.

صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 7843 لسنة 87 القضائية برئاسة المستشار حمد عبد اللطيف، وعضوية المستشارين خالد مقلد، ومحمد قنديل، ومصطفى الدخيمى، ومحمد غانم، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض، وأمانة سر أحمد جوده.

الوقائع .. سيدة تنشر محادثات سرية لأحد الأشخاص

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها “نهال.م” لأنها فى يوم 8 أبريل سنة 2015 أسندت للمجنى عليه “سامى.ع”، بواسطة النشر عن طريق الإنترنت محادثات سرية خاصة به لو كانت صادقة لأوجبت احتكاره بين أبناء وطنه، وأذاعت تلك المحادثات عن طريق شبكة الانترنت بغير رضاء صاحب الشأن، وطلبت عقابه بالمواد 171/3 ،5، 203/1، 903 مكرراَ/1 ، 309 مكرراَ/1 من قانون العقوبات.

محكمة الجنح الجزئية والجنح الاقتصادية تتخليا عن نظر الدعوى

ومحكمة الجنح قضت غيابياَ فى 25 من فبراير سنة 2016 بعدم اختصاص المحكمة نوعياَ بنظر الدعوى وأحالتها بحالتها إلى المحكمة الاقتصادية بمحكمة استئناف القاهرة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياَ فى 24 من سبتمبر سنة 2016 حيث قيد بجداولها بعدم اختصاصها نوعياَ بنظر الدعوى وأحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها حيالها، فتقدمت النيابة العامة بطلب لتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى.

المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن مبنى طلب النيابة العامة أن كلاَ من محكمتي الجنح الجزئية ومحكمة جنح القاهرة الاقتصادية، قضت بعدم اختصاصها نوعياَ بنظر الدعوى موضوع الطلب، مما ينطوى على تنازع سلبي على الاختصاص ويستوجب الركون إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة طبقاَ لنص المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية.

كيف حدثت تلك الواقعة؟

ويبين من الإطلاع على الأوراق أن الدعوى أقيمت على المتهمة أمام محكمة جنح المعادى الجزئية بوصف أنها أسندت للمجنى عليه بواسطة النشر عن طريق الانترنت محادثات تليفونية خاصة به لو كانت صادقة لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه، ونقلت عن طريق شبكة الإنترنت محادثات تليفونية للمجنى عليه، وأذاعت تلك المحادثات عن طريق الإنترنت بغير رضاء صاحب الشأن، وطلبت عقابها بالمواد 171/3 ،5، 203/1، 903 مكرراَ/1 ، 309 مكرراَ/1 من قانون العقوبات، والمحكمة قضت غيابياَ بعدم الاختصاص بنظر الدعوى، وأحالتها لمحكمة القاهرة الاقتصادية، وبجلسة 29 سبتمبر 2016 قضت محكمة جنح القاهرة الاقتصادية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها، تأسيساَ على أن الواقعة مؤثمة بقانون العقوبات، فتقدمت النيابة العامة بالطلب الماثل لتعيين المحكمة المختصة على أساس توافر التنازع السلبى لتخلى كل محكمة عن نظر الدعوى.

النيابة العامة لم تستأنف ولم تطعن فى الحكمين

لما كان ذلك – وكانت النيابة العامة لم تطعن بالاستئناف، وبالتالي لم تطعن بالنقض فى كلا الحكمين، فقد أصبحت كلتا المحكمتين متخلية عن اختصاصها، وهو ما يتحقق به التنازع السلبى الذى رسم القانون الطريق لتلاقى نتائجه فناط بمحكمة النقض تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى عملاَ بنص المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية – لما كان ذلك – وكانت المادة 309 مكرراَ عقوبات تنص على أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الأتية فى غير الأحوال المصرح بها قانوناَ أو بغير رضاء المجنى عليه: أ-استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياَ كان نوعه محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون، بالتقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياَ كان نوعه صورة شخص فى مكان فى مكان خاص”.

كما نصت المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات على أنه: “مع عدم الإخلال بالحق فى التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 500 جنية ولا تجاوز 20 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: 1-استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات، 2- تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الإتصالات”، ولما كانت المادة 32 من قانون العقوبات فى فقرتها الأولى قد نصت على أنه: “إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد الحكم بعقوبتها دون غيرها”.

إذا كان للفعلة عدة أوصاف تأخذ العقوبة الأشد

فقد دلت بصريح عباراتها على أنه فى الحالة التى يكون للفعلة الواحدة عدة أوصاف وجب اعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف أو التكييف القانونى الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التى قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف التى لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجانى كأنه لم يرتكب غير هذه الجريمة الأخيرة، وذلك على خلاف التعدد الحقيقى للجرائم المرتبطة ارتباطاَ لا يقبل التجزئة التى اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالف الذكر، كل هذا مقتضاه اعتبار الجريمة ذات الوصف الأشد “، وهى تعمد إزعاج أو مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات”، هى مناط هذا الطلب المعروض والفصل فيه على هذا الأساس.

لما كان ذلك – كانت تلك جريمة الأخيرة معاقب عليها المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات، وهو أحد القوانين المنصوص عليها فى المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر بإنشاء المحاكم الاقتصادية، ومن ثم يكون قضاء محكمة جنح المعادى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى صحيحاَ في القانون، وتكون محكمة جنح القاهرة الاقتصادية قد أخطأت حين قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، ولهذا تقضى المحكمة بقبول طلب النيابة العامة وتعيين محكمة جنح القاهرة الاقتصادية للفصل فى الدعوى.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى