القانون والقضاء في عالم متغير.. الرموز التعبيرية

الدكتور أحمد عبد الظاهر – أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة – المستشار القانوني بدائرة القضاء – أبو ظبي

مقدمة

أدّى التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال إلى بروز أساليب تواصل جديدة، انتشرت بشكل خاص بين قطاع كبير من الشباب. وقد اقترنت هذه الأساليب أساساً بأشكال التواصل المكتوب، مثل الرسائل القصيرة (SMS) وتطبيقات الدردشة الآنية (Instant Messaging) والتغريدات والبوستات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرزت معها أنماط لغوية مستحدثة قد تبدو لغير المتمكن منها غريبة الشكل والمضمون.

وأحد الأنماط اللغوية أو أساليب التواصل المستحدثة والمستخدمة بكثرة في التواصل عبر العالم الافتراضي هو «الرموز التعبيرية» أو ما يطلق عليه باللغة الإنجليزية (Emoji) وباللغة الفرنسية (Émoji). والإيموجي هو مصطلح ياباني الأصل مكون من مقطعين هما: (e) وتعني صورة، و(moji) وتعني حرفاً أو رمزاً، وتم دمجهما معاً لتصبح كلمة واحدة، هي (Emoji)، أي الصورة الرمزية المستخدمة في كتابة الرسائل الإلكترونية اليابانية. ونظراً لاستخدامها الكثيف وتأثيرها على الثقافة الشعبية العامة، تم تسجيلها في قاموس أكسفورد الإنجليزي عام 2013م.

وعلى هذا النحو، يمكن تعريف «الرموز التعبيرية» بأنها صور تخيلية رقمية شائعة يمكن أن تظهر في النصوص والرسائل والبريد الإلكتروني، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، كما أنها شخصيات مصورة أو رسوم توضيحية تحظى بشعبية كبيرة في الاتصالات النصية، وهي أيضاً صور يمكن دمجها بشكل طبيعي مع نص عادي لإنشاء شكل جديد للغة.

وقد أصبح استخدام الرموز التعبيرية في المحادثات الرقمية أمراً شائعاً لدى الكثير من الأشخاص، نظراً لما تقدمه هذه الرموز من مزايا اتصالية مختلفة، إضافة إلى توفرها بأشكال وتصاميم متنوعة في العديد من المنصات الإعلامية الرقمية، مما أسهم في جعلها «عنصراً فاعلاً» في إكمال المعنى الناقص أو الذي لا تستطيع اللغة المكتوبة التعبير عنه. فاستخدام هذه الرموز يُمكِّن من اختزال الكثير من العواطف ومشاعر الحب والغضب برمز تعبيري واحد يُتيح نقل هذه المشاعر ببساطة وسرعة إلى المتلقي. فعلى سبيل المثال، تُتيح منصة «يونيكود» (Unicode) للمستخدم الاختيار من بين عدد هائل من الرموز، يبلغ عددها 3304 رمزاً، مما يجعل هذه الرموز قادرة على أن تعكس المشاعر، مهما كان نوع المحادثة، وسواء كانت محادثة رسمية أو غير رسمية.

ومن جهة أخرى، انتقلت الرموز التعبيرية من الشاشة الافتراضية إلى العالم الحقيقي عبر الحملات الإعلانية، فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سوقاً للشركات والمسوقين، تتيح مشاركة الرسائل الإعلانية وبشكل مباشر، كما أنها وفرت للشركات الاتصال بالمستهلكين بتكلفة منخفضة نسبيّاً وبكفاءة أعلى من الوسائل التقليدية، وأصبحت الرموز التعبيرية إحدى أدوات التسويق الهامة لما تتميز به من خصائص فريدة مثل شيوعها بين المستخدمين، وسهولة فهم الرسالة، مما جعلها في مقدمة أدوات التسويق الرقمي. وأظهرت دراسات إعلامية أن استخدام الرموز التعبيرية في الحملات التسويقية يُحقق عدة أهداف، منها زيادة مشاركة العملاء وكسب ولائهم، ومن أمثلة ذلك إطلاق شركة دوف المتخصصة في منتجات العناية الشخصية حملة إعلانية تسمح للعملاء بمشاركة إيموجي بشعر مجعد (curls) من خلال هاشتاج “love your curls”.

ويعد الرمز التعبيري من أبرز أشكال اختزال اللغة، سواء في العصور القديمة أو الحديثة. وللتدليل على ذلك، يكفي أن نشير إلى أن اللغة الهيروغليفية، أي اللغة المصرية القديمة، كانت تستخدم كتابة رمزية وحروفاً تصويرية تشبه في فكرتها «الإيموجي» (Emojis)، التي ظهرت متزامنة مع الإيقاع المتسارع لعصر التكنولوجيا والمعلومات، منظوراً إليها باعتبارها تختزل الكثير من اللغة، وتسرع الاتصال باستخدام مجموعة من الرموز والعلامات المعبرة عن العواطف والمشاعر والممارسات في منظومة تعبيرية متكاملة، وتشكل مفارقة بوصفها عودة إلى عصر ما قبل اللغة، بتفعيل الرموز والتخلص من الكتابة المجردة. وفي العصر الحالي، ثمة أمثلة أخرى للعديد من اللغات التي تعتمد على استخدام الرموز في الكتابة. ولعل أبرز مثال على ذلك يكمن في النوع المكتوب من اللغة الصينية التقليدية (中文 «جونجوين»)، والمبني على الرسم اللفظي للمقاطع الصينية (汉字/漢字). كذلك، فإن ثمة نظامان لكتابة اللغة اليابانية، هما: الكانجي، وهي رموز مأخوذة من اللغة الصينية تعبر عن كلمات كاملة، وكان عدد هذه الرموز قبل الحرب العالمية الثانية يفوق الأربعين ألف رمز، لكن الولايات المتحدة الأمريكية أجبرت اليابان على تقليص عددها إلى ما يفوق الألفين بقليل. والنظام الثاني هو نظام الكانا، وينقسم إلى فرع الهيراغانا، وهي أحرف لكتابة الكلمات القواعدية بالإضافة إلى الكلمات من أصل ياباني عوضاً عن الكلمات من أصل صيني. والفرع الثاني للكانا هو الكاتاكانا، وهي أحرف ذات أشكال مختلفة عن أحرف الهيراغانا، لكنها تلفظ مثلها تماماً، وتستعمل عادة لكتابة الكلمات من جذور غير يابانية، وأغلبها الكلمات الدخيلة من اللغة الإنجليزية.

وهكذا، إذا كان معظم الناس في منطقتنا العربية ما زالوا يستغربون طريقة الكتابة الصينية واليابانية، بسبب الرموز والرسوم المستخدمة فيهما، فإن استخدام الرموز في التواصل قد اقتحم عالم التواصل الاجتماعي عبر الفضاء الالكتروني، وغدا شائعاً ومستخدماً بكثرة، ولاسيما بين الشباب. وعلى حد قول البعض، إذا كانت البشرية قد اجتازت طريقاً صعباً ومعقداً من مرحلة التعبير عن الأفكار والكلمات المفردة بواسطة الرسوم إلى التمييز الواعي للمقاطع والأصوات، فإن الثورة التكنولوجية والتطور التقني أفرزت لغة جديدة أعادت البشرية إلى عصر تواصل «إنسان الكهف»، حيث أعيد الاحتفاء بالصورة بوصفها لغة جديدة تجمع بين كل البشر، متخطية فوارق القوميات والإثنيات واللغات، لغة لا تحتاج إلى قواعد الأبجديات، وقد اعتبرها كثيرون مشروع المستقبل لجمع العالم ضمن التطور العلمي للعولمة، متمثلاً في لغة «الإيموجي» (راجع: استخدام الرموز التعبيرية كوسيط اتصالي، مركز القرار للدراسات الإعلامية، 14 يونيو 2021م).

نطاق الدراسة

من خلال استقراء الوقائع المشاهدة، لا نغالي إذا قلنا إن استخدام الرموز التعبيرية في التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي صارت إحدى أدوات ووسائل التعبير الحديثة التي يستخدمها رواد هذه المواقع في التعبير عن إرادتهم الصريحة. ومن وجهة النظر القانونية، يرى البعض أن هذه الطريقة في التعبير الإرادة يمكن التعويل عليها في ترتيب بعض الآثار القانونية، طالما كان الإيموجي مفهوماً للطرف الآخر المتلقي، دون الحاجة إلى كتابة رد مفصل. إذ يمثل الإيموجي دمجاً لمجموعة تعبيرات صارت شائعة ومفهومة لدى الجميع وتنقل ذات المعنى إلى جميع الأفراد، وغير متصور الخطأ في فهم دلالتها، سواء كانت دلالة الإيموجي مستخدمة في التعبير عن المشاعر والانفعالات أو حتى في التعبير عن المعاملات والصفقات التجارية. وفي هذا الإطار، وفي حكم صادر عن إحدى المحاكم الكندية خلال شهر يونيو 2023م، وضع القاضي الإيموجي موضع اعتبار في مسائل القانون المدني، معتبراً أن الرد برمز تعبير دال على الموافقة بمثابة قبول للعرض المقدم إليه من الطرف الآخر، بما يمثل انعقاداً للإرادتين المعول عليه في انعقاد العقد وتمامه. والواقع أن الاعتداد بدلالة الرموز التعبيرية لا تقتصر على هذه الصورة من صور المعاملات المدنية التي يمكن أن تتم بين الأشخاص، وإنما تمتد إلى غيرها من المجالات الأخرى التي تحظى باهتمام المشرع. إذ يمكن أن تكون الرموز التعبيرية موضع اعتبار في مسائل القانون الجنائي.

 ومنظوراً إلى الأمور على هذا النحو، ينصب اهتمامنا في هذه الدراسة على بيان أوجه الأهمية التي يمكن أن تحظى بها الرموز التعبيرية في نظر التشريعات المنظمة لمختلف جوانب الحياة في المجتمع، سواء تعلقت هذه القوانين بالمعاملات المدنية والتجارية أو تعلقت بالسلوكيات الإجرامية والنموذج القانوني للجرائم المختلفة ذات الصلة.

خطة الدراسة:

 لإلقاء الضوء على الموضوع الذي نحن بصدده، وللإلمام به من مختلف جوانبه، نرى من الملائم تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة مباحث، كما يلي:

المبحث الأول: دور الرموز التعبيرية في المعاملات المدنية والتجارية.

المبحث الثاني: دور الرموز التعبيرية في السلوكيات الإجرامية.

المبحث الثالث: واقع الحال في دلالة الرموز التعبيرية.

المبحث الأول

دور الرموز التعبيرية في المعاملات المدنية والتجارية

تمهيد وتقسيم:

على حد علمنا، وفي سابقة قضائية هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، أصدرت إحدى المحاكم الكندية مؤخراً حكماً اعتبرت أن الرد بـ إيموجي 👍🏻 (لايك) موافقة على إبرام أي عقد.

وسنحاول فيما يلي إلقاء الضوء على هذا الحكم، متبعين ذلك ببيان خطة التشريعات العربية في هذا الشأن، وصولاً إلى محاولة الوقوف على ما يمكن أن يكون عليه موقف القضاء في الدول العربية بهذا الصدد، وذلك في مطلبين، كما يلي:

المطلب الأول

حكم القضاء الكندي بالتعويل على الرمز التعبيري في انعقاد العقد

في الثامن من شهر يونيو 2023م، أصدرت إحدى المحاكم الكندية حكمها بإلزام إحدى الشركات ذات المسئولية المحدودة بدفع مبلغاً مقداره 82 ألفاً ومائتي دولار كندي، لإحدى الشركات الأخرى، تعويضاً عن الأضرار التي سببتها لها نظير إخلالها بالعقد المبرم بينهما. وتتلخص وقائع هذا الحكم في أن الشركة المدعية أرسلت صورة من عقد شراء محصول كتان إلى الشركة المدعى عليها، لترد عليها الأخيرة بـ إيموجي 👍🏻 لكنها بعد ذلك لم تقم بتسليم المحصول.. فرفع المشتري دعوى ضد البائع، لخرقه العقد الذي وافق عليه بمجرد إرساله إيموجي 👍🏻.

وبعد نظر موضوع الدعوى، أصدرت المحكمة حكمها بإلزام المدعى عليها بدفع تعويض مقداره اثنين وثمانين ألفاً ومائتي دولار كندي، أي ما يعادل اثنين وستين ألف دولار أمريكي. وأشارت المحكمة في حكمها إلى ما وصفه القاضي بـ «الواقعية الجديدة في المجتمع الكندي»، مضيفاً أن المحكمة يجب أن تضع في الاعتبار الأساليب التي يتبعها أغلب الناس في التعبير والإشارات التي يستخدمونها مثل علامة القلب 💖 🤍💚 أو ابتسامة 😁 وكذا إيموجي الإثارة 🔥

لكن الشركة المدعى عليها دفعت بأن الرد بإيموجي 👍🏻 يعني استلام العقد، وليس الموافقة عليه. غير أن المحكمة رفضت هذا الدفع.

King’s Bench for Saskatchewan, South West Terminal LTD (plaintiff) and Achter Land & Cattle LTD (defendent), 2023 SKKB 116, June 8, 2023.

والواقع أن ما دفعت به الشركة المدعى عليها له ما يسوغه من خلال العديد من الوقائع المشاهدة وما نصادفه في العديد من الحالات التي يمكن أن تحدث مع معظمنا، خاصة إذا كان العقد المرسل عبارة عن ملف وليس رسالة مقروءة، ما يعني أنه وضع علامة الإيموجي دلالة على وصول الملف واستلامه، وأنه بصدد قراءته بعد. أما الموافقة على العقد فلابد أن تكون صريحة، أو حتى ضمنية لا لبس فيها.

ونعتقد من المناسب أيضاً بحث القرائن والملابسات التي تم خلالها ارسال الرمز التعبيري، مثل المدة الزمنية الفاصلة بين تلقي أو استقبال الملف وبين إرسال الرمز التعبيري. كذلك، قد يكون من الملائم أيضاً التعويل على عدد صفحات الملف أو العقد المرسل، وما هي المدة الزمنية اللازمة لقراءة بنوده. وقد يكون من المناسب كذلك تحديد ما إذا كان المتلقي أو مستقبل الرسالة قد اطلع على الملف أو العقد فعلاً قبل إرسال الرمز، أم أنه قام بإرسال الرمز بدون أن يكون قد اطلع عليه.

المطلب الثاني

الرموز التعبيرية في خطة التشريعات العربية

باستقراء تشريعات المعاملات المدنية في الدول العربية، يبدو سائغاً القول إن المشرع يعتد بما اصطلح على تسميته «الإشارة المعهودة عرفاً» في التعبير عن الإرادة. فعلى سبيل المثال، وفي جمهورية مصر العربية، وطبقاً للمادة التسعين من القانون المدني، الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948م، «(1) التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفا، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود. (2) ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا».

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، وطبقاً للمادة (132) من قانون المعاملات المدنية، الصادر بالقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 1985م، «التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة ويجوز أن يكونا بصيغة الماضي كما يكونان بصيغة المضارع أو الأمر إذا أريد بهما الحال أو بالإشارة المعهودة عرفاً ولو من غير الأخرس أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي أو باتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي». وتعليقاً على هذه المادة، أوردت المذكرة الإيضاحية لقانون المعاملات المدنية الإماراتي: «أخذ المشرع بما قال به جمهور الفقهاء من أن الأساس في صيغة العقد أن تكون دالة في عرف المتعاقدين على ارادتيهما انشاء العقد دلالة على بينة غير محتملة لمعنى آخر كالمساومة أو العدة أو ما أشبه ذلك، يستوي بعد ذلك أن تكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة أو بالفعل فقد قال مالك أن البيع يقع بما يعتقده الناس بيعا وقال أحمد بن حنبل البيع ما يعده الناس في عرفهم بيعا وكالبيع غيره في هذا الصدد.

وفي هاتين المادتين تناول المشرع حالة التعبير عن الايجاب والقبول فقرر بأن كل تعبير عن الارادة يستعمل لإنشاء العقد يعتبر كذلك، سواء أكان بلغة عربية أم بلغة أخرى يفهمها المتعاقدان، لا يشترط في ذلك لفظ معين ولا تركيب خاص.

ونص على أن ما يصدر أولا فهو الإيجاب وما يصدر ثانيا فهو القبول أخذا برأي الحنفية مخالفا رأي المالكية والحنابلة من أن الإيجاب ما صدر من المملك وإن تأخر والقبول ما صدر من المتملك وإن تقدم لأن رأي الحنفية أيسر.

وكما أن العقد ينعقد بصيغة الماضي مطلقا لأن هذه الصيغة تدل على إنشاء العقد وتحققه فعلا إذ هذه الصيغة وإن كانت للماضي وضعا لكنها جعلت ايجابا للحال في عرف أهل الفقه والشرع، والعرف قاض على الوضع. أما صيغة المضارع، فهي وإن كان الصحيح أنها للحال إلا أنه يحتاج إلى النية لأنه غلب استعمال هذه الصيغة للمستقبل أما حقيقة أو مجازا فوقعت الحاجة إلى التعيين فإذا وجدت نية العقد وانتفت إرادة المساومة والوعد والاستفهام ينعقد بها العقد.

وفي صيغة الأمر أخذ المشرع برأي مالك والشافعي ورواية عن أحمد أنه ينعقد بها العقد متى دل فعل الأمر على إرادة العاقد به إنشاء العقد دلالة ليست محلا لاحتمال الشك في عرف المتعاقدين وطرق مخاطبتهم ولم يأخذ برأي الحنفية من أنه لا ينعقد بها العقد.

وبهذا، تستوي صيغة المضارع وصيغة الأمر في أن ينعقد بهما العقد إذا توافرت النية إلى أنه أريد بهما الحال وأما الماضي فلا يحتاج الى البحث عن النية لأنها بطبيعة وضعها في عرف اللغة والشرع لفظ يتمخض للحال.

(يراجع في ذلك عند الحنفية: الكاساني، 5: 133- 134 وابن الهمام 5: 74- 75 والهندية 3- 4 والزيلعي، 4: 4، وعند المالكية: المدونة الكبرى 10: 51، والحطاب على خليل 4: 229- 230 و232 والدسوقي على الدردير 3: 3- 4 وعند الشافعية: الشيرازي، المهذب 1: 257 وعند الحنابلة: ابن قدامة للمغنى 4: 3- 4 والشعراني 2: 72- 73).

كما تناولت المادة (132) طرق التعبير الأخرى عن الارادة غير اللفظ فيجوز أن يكون الايجاب أو القبول أو هما معا بالمكاتبة بشرط أن تكون مستبينة كالكتابة على الورق أما إن كانت غير مستبينة كالكتابة في الهواء أو على الماء فلا اعتداد بها والمستبينة هي التي تبقى صورتها بعد الانتهاء منها.

وكذلك الإشارة عند المالكية يستوي في ذلك عندهم الأخرس وغير الأخرس (الحطاب: 4: 229) وقد صرح المالكية بأن العقد ينعقد بما يدل على الرضا عرفا سواء دل عليه لغة أو لم يدل كالقول والكتابة والاشارة والمعاطاة ولم تتقيد الاشارة بأن تكون من الأخرس (الدسوقي على الشرح الكبير 3: 3 والصاوي على الشرح الصغير 2: 3) على خلاف الحنفية فعندهم الاشارة لا تغني إذا كان العاقد قادرا على الكلام، فإن كان أخرسا فيجوز أن يتعاقد بإشارته المفهومة سواء كان خرسه أصليا منذ الميلاد أو كان عارضا ودام حتى وقع اليأس من كلامه (الكاساني 5: 135) وسواء كان قادرا على الكتابة أم غير قادر على الكتابة (ابن نجيم الاشباه والنظائر صفحة 188).

وكذا المبادلة الفعلية الدالة على التراضي ينعقد بها العقد عند الحنفية (الكاساني 5:134). والمالكية (الحطاب 4: 228 والدردير الشرح الكبير 3: 3 والحنابلة المغنى 4: 4) على خلاف الشافعية (الشيرازي 1: 257).

وكذا يكون الايجاب أو القبول باتخاذ أي مسلك آخر على الرضا وهو يستنتج من كتب الفقه الإسلامي (السرخسي 12: 150 والكاساني 5: 270 والزيلعي 4: 4 وابن عابدين 4: 9 والحطاب 4: 228 والمغنى 4: 4 وعلي الخفيف أحكام المعاملات الشرعية صفحة 225- 226).

وقد رؤي أن هذه المادة تغني عن إيراد ما نص عليه في المجلة (م 178) من أنه (تكفي موافقة القبول للإيجاب ضمنا).

وقد أعتمد أيضا على المواد (168 و170 و172 و173 و175) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من (345- 347) من مرشد الحيران والمبسوط 12: 108- 109 والبدائع 5: 133- 135 وبداية المجتهد 2: 141 والمغنى 4: 4- 5 والزرقاني 5: 4 فيما يتعلق بقبول الاشارة من الأخرس.

وهذه المادة تقابل المواد (91 و93) أردني.

 وبالمقارنة بين المادة (132) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة وبين المادتين الحادية التسعين والثالثة والتسعين من القانون المدني الأردني لسنة 1976م، يمكن القول إن ثمة تطابق شبه تام بينهما. إذ تنص المادة الحادية والتسعون البند الثاني من القانون المدني الأردني على أن «يكون الإيجاب والقبول بصيغة الماضي، كما يكونان بصيغة المضارع أو بصيغة الأمر إذا أريد بهما الحال». أما المادة الثالثة والتسعين من القانون ذاته، فتنص على أن «التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المعهودة عرفاً ولو من غير الأخرس وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي وباتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي».

وفي المملكة العربية السعودية، ووفقاً للمادة الثالثة والثلاثين من نظام المعاملات المدنية، الذي تمت الموافقة عليه بموجب المرسوم الملكي رقم (م/ 191) وتاريخ 29/ 11/ 1444هـ، «1- يكون الإيجاب والقبول بكل ما يدل على الإرادة. 2- يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المفهومة أو بالمعاطاة، وأن يكون صريحاً أو ضمنيّاً، وذلك ما لم تقتض النصوص النظامية أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة خلاف ذلك». وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه، وبموجب نص المادة الحادية والعشرون بعد السبعمائة منه، يتم العمل بالمرسوم الملكي رقم (م/ 191) وتاريخ 29/ 11/ 1444هـ بشأن الموافقة على نظام المعاملات المدنية بعد مضي مائة وثمانين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، علما بأن النشر تم في الجمعة 5 ذو الحجة 1444هـ الموافق 23 يونية 2023م.

في دولة الكويت، وطبقاً للمادة الرابعة والثلاثين من القانون المدني، الصادر بالمرسوم بقانون رقم 67 لسنة 1980م، «التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة الشائعة الاستعمال أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي أو باتخاذ أي موقف آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه، وذلك ما لم يتطلب القانون، في حالة خاصة حصول التعبير عن الإرادة على نحو معين».

وفي دولة قطر، ووفقاً للمادة الخامسة والستين من القانون المدني، الصادر بالقانون رقم (22) لسنة 2004م، «1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة الشائعة الاستعمال أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي، أو باتخاذ أي موقف آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه. 2- يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، ما لم يستلزم القانون أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة أن يكون صريحاً».

وفي مملكة البحرين، وطبقاً للمادة الثانية والثلاثين من القانون المدني، الصادر بالمرسوم بقانون رقم (19) لسنة 2001م، «التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة الشائعة الاستعمال أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود منه، وذلك ما لم يتطلب القانون في حالة خاصة حصول التعبير عن الإرادة على نحو معين. ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا، ما لم يستلزم القانون أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة أن يكون صريحا».

وفي سلطنة عمان، وطبقاً للمادة السبعين من قانون المعاملات المدنية، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/2013م، «التعبير عن الإرادة يكون بالكلام أو بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود منه».

ولم نقف على ثمة حكم قضائي صادر في أي من الدول العربية تناول حجية الإشارة المعهودة عرفاً في التعبير عن الإرادة.

المبحث الثاني

دور الرموز التعبيرية في السلوكيات الإجرامية

تمهيد وتقسيم:

«الرموز التعبيرية» – كما هو واضح من اسمها – هي إحدى وسائل التعبير. ووسائل وأساليب التعبير قد تقع تحت طائلة التجريم، متى رأى المشرع فيها ما يخل بالنظام العام أو الآداب العامة في المجتمع. وهكذا، ثمة طائفة من الجرائم يطلق عليها وصف «الجرائم التعبيرية» أو «جرائم النشر والتعبير». ومن ثم، يغدو من الطبيعي أن نحاول الوقوف على مدى انطباق النموذج القانوني لهذه الطائفة من الجرائم على الرموز التعبيرية. وبعبارة أخرى، يغدو من المستساغ أن نحاول تبيان ما إذا كانت الرموز التعبيرية يمكن أن تشكل السلوك الإجرامي في هذه الطائفة من الجرائم.

المطلب الأول

انطباق النموذج القانوني لجريمة الترويج للإرهاب على الرموز التعبيرية

طبقاً للمادة الثامنة والعشرين من قانون مكافحة الإرهاب، الصادر بالقرار بالقانون رقم 94 لسنة 2015م، «يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين كل من روج أو أعدَّ للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى.

ويُعد من قبيل الترويج غير المباشر، الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف. وذلك بأي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة من هذه المادة.

وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنين، إذا كان الترويج داخل دور العبادة، أو بين أفراد القوات المسلحة، أو قوات الشرطة، أو في الأماكن الخاصة بهذه القوات.

ويُعاقب بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية استعملت أو أعدت للاستعمال، ولو بصفة وقتية، بقصد طبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر».

 والبين من هذا النص أن محل التجريم هو «الترويج» أو الإعداد أو حيازة الأشياء التي تتضمن هذا الترويج أو إحرازها، وحيازة الوسائل التي استعملت أو أعدت للاستعمال لإحداث الترويج أو إحرازها. ومن ثم، فإن السلوك الإجرامي في هذه الجريمة يتوافر بأحد فعلين، هما: الترويج، وحيازة أي وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية أو إحرازها. وفيما يتعلق بالترويج، فإن المراد به هو النشر الذي ينطوي على الدعاية أو التحبيذ، وليس مجرد نقل الأخبار. ويستوي في هذا الترويج أن يكون بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى من طرق العلانية التي يكون من شأنها تحقيق الترويج، كما يستوي أن يكون الترويج بطريق مباشر أو غير مباشر. وينصب الترويج محل التجريم على ارتكاب جريمة إرهابية. وهو جريمة من جرائم الخطر، لما ينطوي عليه من الدعاية للأفكار الإرهابية التي تنصرف إليها هذه الأغراض. ويستوي أن يتمثل الفعل بالترويج التام أو الإعداد له. وقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة والعشرين من قانون مكافحة الإرهاب على أنه يعد من قبيل الترويج غير المباشر الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف، وذلك بأي من الوسائل، سواء بالقول أو الكتابة أو أي وسيلة أخرى (راجع: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الكتاب الأول، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة السادسة، 2016م، رقم 148، ص 200). ومن ثم، يتسع النموذج القانوني لهذه الجريمة لحالة استخدام الرموز التعبيرية في الترويج للإرهاب، متى كانت دلالة الرمز على تحبيذ الجريمة الإرهابية لا لبس فيها.

وتطبيقاً لذلك، فإن التحقيق في الجرائم الماسة بأمن الدولة من جهة الداخل قد ينصب على مجرد وضع علامة لايك 👍 على أي بوست منشور على الفيسبوك. وقد تتم إدانة المتهم عن جريمة الترويج للإرهاب، وإن دفع المتهم بأن استخدام هذا الرمز التعبيري قد جاء عن طريق الخطأ، وبدون الوقوف فعلاً على حقيقة المنشور أو حتى دون قراءة محتواه. ويتحقق النموذج القانوني للجريمة من باب أولى، إذا قام أحد الأفراد بمشاركة المنشور (Share).

المطلب الثاني

وقوع التحريض العلني على ارتكاب جناية أو جنحة من خلال الرموز التعبيرية

طبقاً للمادة 171 من قانون العقوبات المصري، «كل من حرض واحداً أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علناً أو بفعل أو إيماء صدر منه علناً أو بكتابة أو رسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكاً في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا التحريض وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل.

أما إذا ترتب على التحريض مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب على الشروع.

ويعتبر القول أو الصياح علنياً إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى.

ويكون الفعل أو الإيماء علنياً إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في أي مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان.

وتعتبر الكتابة والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان».

المطلب الثالث

انطباق النموذج القانوني لجريمة القذف على الرموز التعبيرية

طبقاً للمادة 302 من قانون العقوبات المصري، «يعد قاذفاً كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه». والبين من هذا النص أن السلوك الإجرامي في جريمة القذف يتحقق بفعل الإسناد، أي نسبة أمر ما إلى المجني عليه، متى تم هذا الإسناد بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من قانون العقوبات، وكان موضوع أو محل الإسناد هو واقعة من شأنها المساس بشرف المجني عليه أو اعتباره.

والوسائل المبينة بالمادة 171 من قانون العقوبات هي القول أو الصياح العلني أو الفعل أو الإيماء الصادر علناً أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو الصور الشمسية أو «الرموز» أو أي طريقة أخرى من طرق التمثيل العلنية أو بأي وسيلة أخرى من وسائل العلانية.

وعند تناول الركن المادي لجريمة القذف، وتحديداً ما يتعلق منه بماهية فعل الإسناد، يقول الفقه إن الإسناد هو تعبير عن فكرة أو معنى فحواه نسبة واقعة إلى شخص. ويتضح بذلك أن جوهر الإسناد أنه «تعبير»، ومن ثم وصف القذف بأنه «جريمة تعبير». والتعبير يعني الكشف عما يدور في الذهن كي يعلم به الغير. فهو وسيلة لنقل الفكر من شخص إلى آخر. ويفهم القانون الإسناد في مدلول متسع. فتستوي وسائل التعبير: أكانت القول أم الكتابة أم مجرد الإشارة. وتستوي وسائل التعبير: أكانت نسبة الواقعة إلى المجني عليه على سبيل اليقين أم على سبيل الشك؛ أكانت تصريحاً أم على وجه ضمني؛ أكانت سرداً لمعلومات شخصية أم مجرد نقل عن الغير.

وفيما يتعلق بوسائل التعبير، فقد تكون القول الشفوي أو الكتابة أو مجرد الإشارة. ويدخل في نطاق الكتابة الرموز والرسوم، وخاصة الرسوم الكاريكاتورية، والصور. ويراد بالرموز العلامات الاصطلاحية التي لها دلالة عرفية لدى فئة من الناس، وإن كانت محدودة. وأبرز مثال لها رموز الشفرة. أما الصور، فتتسع لكل ما تنتجه فنون التصوير. وتعد الإشارة من وسائل التعبير، ويراد بها أي إيماء يكشف بالنظر إلى ظروف معينة عن دلالة عرفية خاصة. فإذا كانت هذه الدلالة هي نسبة واقعة محقرة إلى شخص، قام بها القذف (راجع: د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الرابعة، سنة 2012م، رقما 838 و839، ص 704 وما بعدها).

المطلب الرابع

انطباق النموذج القانوني لجريمة خدش الحياء العام على الرموز التعبيرية

طبقاً للمادة 178 من قانون العقوبات المصري، «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر أو صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صوراً محفورة أو منقوشة أو رسوماً يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت خادشة للحياء العام».

والبين من هذا النص أن الركن المادي لهذه الجريمة يتطلب سلوكاً معيناً وموضوعاً أو محلاً لهذا السلوك. أما السلوك، فهو النشر أو الصنع أو الحيازة. أما محل أو موضوع هذا السلوك، فهو المطبوعات أو المخطوطات أو الرسومات أو الإعلانات أو الصور المحفورة أو المنقوشة أو الرسوم اليدوية أو الفوتوغرافية أو الإشارات الرمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة، متى كانت خادشة للحياء العام. وهكذا، فإن نشر الإشارات الرمزية يجوز أن تتحقق به جريمة خدش الحياء العام.

المطلب الخامس

مدى انطباق النموذج القانوني لجريمة الفعل الفاضح على الرموز التعبيرية

فيما يتعلق بجريمة الفعل الفاضح، وعند الحديث عن دلالة الفعل، يؤكد الفقه الجنائي المصري أن الفعل في مدلوله العام هو حركة عضوية إرادية. ووفق هذا المدلول، يعتبر القول المجرد والكتابة فعلاً. ولكن الشارع يعني بلفظ الفعل في جريمة الفعل الفاضح مدلولاً أضيق من ذلك. وهذا التحديد مستخلص من وجود نصوص أخرى تعاقب على الإخلال بالحياء العام عن طريق القول أو الكتابة أو الصور، مما يقتضي – تنسيقاً بين نصوص القانون – أن تستبعد الأفعال التي تجرمها النصوص السابقة من نطاق جريمتي الفعل الفاضح كي يكون لكل جريمة نطاقها الخاص. وأهم هذه النصوص هي المواد 178 و269 مكرراً و306 مكرراً من قانون العقوبات المصري.

وتطبيقاً لذلك، فإنه يخرج من نطاق الفعل الفاضح النطق بأقوال أياً كانت درجة فحشها وبذاءتها، سواء وجهت إلى شخص أو أشخاص معينين أو جهر بها الجاني بأي وسيلة فوجهها بذلك إلى أشخاص غير معينين. ويخرج من نطاق الفعل الفاضح كذلك توجيه رسالة تتضمن عبارات فاضحة أو تحتوي على قصص بذيئة أو تنطوي على حض على سلوك جنسي مناف للأخلاق. ولا تقوم هذه الجريمة كذلك برسم صور أو رسوم كاريكاتورية أو صنع تماثيل، أياً كانت درجة فحش ما تصوره أو ترمز إليه. ولا تقوم هذه الجريمة بعرض فيلم سينمائي أو تليفزيوني يتضمن مناظر فاحشة، وإنما تخضع هذه الأفعال لجريمة الإخلال بالآداب العامة (المادة 178 من قانون العقوبات المصري). ولكن، تقوم جريمة الفعل الفاضح بعرض مناظر فاحشة على المسرح ضمن رواية مسرحية أو برنامج استعراضي. وتقوم كذلك بعرض رقصات فاضحة أو مجرد ظهور شخص (في الغالب يكون امرأة) في مكان عام كملهى ليلي وهو عار كلياً أو جزئياً (راجع: د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، المرجع السابق، رقم 781، ص 659 و660).

المطلب السادس

أحكام عامة بشأن الجرائم التعبيرية الجائز ارتكابها بواسطة الرموز

تمهيد وتقسيم:

حرص المشرع الجنائي في الدول العربية على إيراد بعض الأحكام واجبة التطبيق على الجرائم التعبيرية، والتي يجوز ارتكابها بواسطة الرموز. وهذه الأحكام قد تتعلق بالمسئولية التتابعية في جرائم النشر، وقد تتعلق بعدم جواز الاعتذار بالنقل أو الترجمة عن الغير، وقد تنصرف إلى جواز ضبط الكتابات والرسوم والصور والرموز المعدة للبيع أو التوزيع، وقد تتعلق بعقوبة نشر الحكم.

المسئولية التتابعية في جرائم النشر

طبقاً للمادة 196 من قانون العقوبات المصري، «في الأحوال التي تكون فيها الكتابة أو الرسم أو الصور أو الصور الشمسية أو الرموز أو طرق التمثيل الأخرى التي استعملت في ارتكاب الجريمة قد نشرت في الخارج وفي جميع الأحوال التي لا يمكن فيها معرفة مرتكب الجريمة يعاقب، بصفتهم فاعلين أصليين، المستوردون والطابعون فإن تعذر ذلك فالبائعون والموزعون والملصقون، وذلك ما لم يظهر من ظروف الدعوى أنه لم يكن في وسعهم معرفة مشتملات الكتابة أو الرسم أو الصور أو الصور الشمسية أو الرموز أو طرق التمثيل الأخرى».

عدم جواز الاعتذار بالنقل أو الترجمة عن الغير

طبقاً للمادة 197 من قانون العقوبات المصري، «لا يقبل من أحد، للإفلات من المسئولية الجنائية مما نص عليه في المواد السابقة، أن يتخذ لنفسه مبررا أو أن يقيم لها عذرا من أن الكتابات أو الرسوم أو الصور أو الصور الشمسية أو الرموز أو طرق التمثيل الأخرى إنما نقلت أو ترجمت عن نشرات صدرت في مصر أو في الخارج أو أنها لم تزد على ترديد إشاعات أو روايات عن الغير».

جواز ضبط الكتابات والرسوم والصور والرموز المعدة للبيع أو التوزيع

طبقاً للمادة 198 الفقرات الأولى والثانية والثالثة من قانون العقوبات المصري، «إذا ارتكبت جريمة بإحدى الطرق المتقدم ذكرها جاز لرجال الضبطية القضائية ضبط كل الكتابات والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل مما يكون قد أعد للبيع أو التوزيع أو العرض أو يكون قد بيع أو وزع أو عرض فعلا وكذا الأصـول (الكليشهات) والألواح والأحجار وغيرها من أدوات الطبع والنقل.

ويجب على من يباشر الضبط أن يبلغ النيابة العمومية فوراً. فإذا أقرته فعليها أن ترفع الأمر إلى رئيس المحكمة الابتدائية أو من يقوم مقامه في ظرف ساعتين من وقت الضبط إذا كان المضبوط صحيفة يومية أو أسبوعية. وإذا كانت الصحيفة صباحية وحصل الضبط قبل الساعة السادسة صباحاً فيعرض الأمر على رئيس المحكمة في الساعة الثامنة، وفي باقي الأحوال يكون العرض في ظرف ثلاثة أيام ويصدر رئيس المحكمة قراره في الحال بتأييد أمر الضبط أو بإلغائه والإفراج عن الأشياء المضبوطة وذلك بعد سماع أقوال المتهم الذي يجب إعلانه بالحضور، ولصاحب الشأن أن يرفع الأمر لرئيس المحكمة بعريضة في نفس هذه المواعيد.

ويؤمر في الحكم الصادر بالعقوبة إذا اقتضى الحال بإزالة الأشياء التي ضبطت أو التي قد تضبط فيما بعد أو إعدامها كلها أو بعضها».

عقوبة نشر الحكم

طبقاً للمادة 198 الفقرتين الرابعة والخامسة من قانون العقوبات المصري، «للمحكمة أن تأمر أيضاً بنشر الحكم الصادر بالعقوبة في صحيفة واحدة أو أكثر أو بإلصاقه على الجدران أو بالأمرين معاً على نفقة المحكوم عليه.

فإذا ارتكبت الجريمة بواسطة جريدة وجب على رئيس تحريرها أو على أي شخص آخر مسئول عن النشر أن ينشر في صدر صحيفته الحكم الصادر بالعقوبة في تلك الجريمة في خلال الشهر التالي لصدور الحكم ما لم تحدد المحكمة ميعاداً أقصر من ذلك وإلا حكم عليه بغرامة لا تتجاوز مائة جنيه وبإلغاء الجريدة».

ويثور التساؤل بصدد هذه العقوبة عن الحكم القانوني واجب الاتباع في حالة وقوع الجريمة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وما إذا كان جائزاً أن تأمر المحكمة مدير الصفحة أو صاحبها بنشر الحكم الصادر ضده في صفحته، وبحيث يمكن لكل رواد الصفحة الاطلاع عليه. وفي الإجابة عن هذا التساؤل، تجدر الإشارة إلى أن بعض المحاكم الأجنبية قد ذهبت في هذا الاتجاه. أما فيما يتعلق بالقضاء الجنائي في الدول العربية، فلم يصل إلى علمنا أن محكمة ما تعرضت للإجابة عن هذا التساؤل، سواء بالسلب أو بالإيجاب.

المبحث الثالث

واقع الحال في دلالة الرموز التعبيرية

تقوم الرموز التعبيرية بالعديد من الوظائف التي تسهم في جعل المحادثات الرقمية أكثر سهولة من ناحية التعبير أو حتى من ناحية الرد والتجاوب، مشيرًا إلى ثلاث وظائف تقوم بها الرموز عند استخدامها في المحادثات النصية، وهي:

بدء للحديث: من خلال استخدام رمز تعبيري «وجوه مبتسمة مثلا» لبدء المحادثة بدلا من إلقاء التحية.

تجنب الصمت في المحادثة: ففجوة الصمت أمر شائع في المحادثات الكتابية، لذلك يتم استخدام الرموز التعبيرية حينما يرغب أحد أطراف المحادثة في معرفة معلومة محددة عن موضوع معين يحاول فيه الطرف الآخر تجنب الحديث عنه!

إنهاء المحادثة: فالرموز التعبيرية العاطفية مثل القلوب أو الوجوه المبتسمة تستخدم عادة في نهاية المحادثة بدلاً من العبارات الختامية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من تعدد المزايا والوظائف التي تقوم بها الرموز التعبيرية في التواصل الاجتماعي، فإن بعض الدراسات أشارت إلى أن استخدام هذه الرموز قد تكون له جوانب سلبية، منها:

صعوبة تحديد مشاعر أو انفعالات الشخص: فعلى الرغم من أن الصورة تغني عن ألف كلمة، فإن هذا يختلف عند استخدام الرموز التعبيرية، فالرمز قد يكون سبباً لاستنتاج ألف معنى! وقد يكون أيضاً عاملاً في وصول معلومة غير صحيحة، حيث يتوقف استيعاب وفهم الرسالة الرمزية على مجموعة من العوامل، منها استخدام نفس المنصة التقنية، إضافة إلى الكلمات المصاحبة التي تعزز المعنى الحقيقي لهذا الرمز.

اختلاف معنى الرمز وتصميمه من منصة إلى منصة أخرى: تعتبر من ضمن السلبيات البرمجية، فكل منصة تقوم بتصميم رموز تعبيرية متقاربة في التصميم العام، لكنها مختلفة في المعنى، مما يؤدي إلى اختلاف شكل الأيقونة بين المستخدمين، وقد بينت إحدى الدراسات أن لكل رمز تعبيري (إيموجي) 10 تصاميم مختلفة يختلف شكلها وطريقة ظهورها باختلاف المنصة أو اللغة البرمجية المستخدمة في الهاتف أو التطبيق، مما يجعل فهمها معقداً.

ضياع اللغة: على الرغم من ميزة الرموز التعبيرية المتمثلة في قدرة الجميع على فهمها، فإنها أصبحت بديلاً للرسائل النصية لدى الكثيرين، مما قد يضر بالنشء ويُهدد معرفة الأطفال باللغة. وفي هذا الصدد، خلصت دراسة أجرتها شركة جوجل إلى أن الوجوه التعبيرية ستمحو محتوى اللغة الإنجليزية لدى المراهقين في بريطانيا بسبب استخدامهم الكامل لها في التعبير عن حالاتهم. وأوضحت الدراسة أن الرموز التعبيرية قد تكون شكلاً ممتعاً من أشكال التواصل لكنها تدمر اللغة الإنجليزية، إذ يعتقد أكثر من ثلث البالغين البريطانيين أن الرموز التعبيرية هي سبب التدهور في استخدام اللغة المناسبة، وفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.

NICK ENOCH, Crying face: Emoji ‘are ruining the English language because young people use them to communicate and don’t bother with words’, Third of British adults believe emoji to blame for decline in English, study shows, Youngsters are considered the worst culprits, according to YouTube research, More than half of British adults not confident with their spelling and grammar, 75% of adults rely on emoji – and predictive text/spell checking – to communicate, MAILONLINE, 18 April 2018.

تؤثر على الحوار وتفسد العلاقات الاجتماعية في معظم الوقت: حيث أصبحت وسيلة للهروب السريع من المحادثة أثناء إجرائها مع الأهل والأصدقاء.

استخدام الرموز بمعان مغايرة: فعلى الرغم من تفضيل المستخدمين لهذه الرموز وتفاعلهم الإيجابي معها، فإنها يمكن أن تلعب دوراً سلبيّاً في حياتهم الاجتماعية، وذلك عند اختيارهم للرمز الخاطئ في التعبير عن حالة معينة خلال تواصلهم مع الآخرين (راجع: استخدام الرموز التعبيرية كوسيط اتصالي، مركز القرار للدراسات الإعلامية، 14 يونيو 2021م).

وفيما يتعلق بالرمز (👍) المستخدم بغزارة في وسائل التواصل الاجتماعي، وفيما يتعلق بالمدلولات المختلفة لهذا الرمز، وفي مقال منشور بجريدة أخبار الأدب، يقول المستشار الدكتور محمد خلف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة: لا يعلن الشخص عن إعجابه «لايك» بمنشور «بوست» على صفحات التواصل الاجتماعي دون سبب، كما لا يقدم إعجابه بالمجان، وإنما يصدر سلوكه عن دواعي كثيرة: منها أنني أعطي لايك لمن أعطاني إياها من قبل، أي من باب رد الجميل، وأعطي لايك لصديقي بغض النظر عن مضمون البوست الذي نشره، أي أمنحها من باب مؤازرة الصديق، وقد يعطيها رجل لامرأة جميلة تقديراً منه لجمالها لا اعترافا بجمال بوستها، وقد يعطي الناس لايك لبوست تقرباً لكاتبه بسبب منزلته أو مكانته، وليس إيماناً بسلامة ما كتبه، وقد يخسر اللايكات بوست قيم نادر في مضمونه وصياغته لأن كاتبه مغمور بينما تتزاحم اللايكات على بوست تافه لا قيمة له لأن كاتبه معروف، وقد يٌحرم بوست اللايكات رغم أن قلوب من قرأوه تلهج بالثناء عليه وعلى كاتبه ولكن تحجم أيديهم عن اللايكات خوفاً من المسئولية أو التصنيف أو الوضع في صف صاحبه، خاصة إذا كان البوست ذا صبغة سياسية، وقد يوزع شخص لايكاته على الجميع حتى يرضي الجميع، وقد يحجبها عن الجميع حتى يكون على مسافة واحدة من الجميع، وقد يتتبع شخص شخصاً آخر بالايكات إظهاراً لتقديره وحبه له، وقد يمنع شخص لايكاته عن شخص مهما كانت بوستاته قيمة كراهية له. وأخيراً، قد يمنح لايك بشكل موضوعي مجرد تأييداً لموقف اجتماعي أو سياسي أو ديني أو رأي علمي يعبر عنه البوست، دون نظر لشخص كاتبه أو موقفه من مانح اللايك، وهذا هو الوضع المثالي للايك.

إن متابعي وسائل التواصل الاجتماعي يرسلون رسائل شتى من خلال منح أو منع لايك، فليس ناشر البوست هو من يوجه الرسائل وحده، فالمتابع بمنحه ومنعه اللايك أو التعليق يوجه رسائله الخاصة أيضاً، ويعبر عن نفسه، وكما يمكنك أن تتعرف على ملامح شخصية ناشر البوست واتجاهاته من مضمون بوستاته، فإنه يمكنك أيضا أن تتعرف على بعض ملامح شخصية متابع مواقع التواصل الاجتماعي من مواضع لايكاته.

إن لايك هي مجرد علامة على بوست ولكن فيها قوة هائلة فمنحها يعطي دعما وتأييداً للفكرة المنشورة ويشجع كاتبها في حين يثبطه منعها، وهي كورقة التصويت في الانتخابات التي تعبر عن الثقة في المرشح والاقتناع ببرنامجه، ولكنها ورقة تصويت علنية يراها الجميع، نعرف من خلالها من قال نعم للبوست.

وقد منحت لايك الكتابة على الفيسبوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي قيمة كبيرة ومكنت الكاتب من الوقوف على قيمة ما يكتب في نفوس القراء وهو ما لا يتيسر لمن يكتب في الكتب أو صفحات الجرائد والمجلات.

إن لايك تكون في أوقات كثيرة هي علامة الجودة التي يمنحها الجمهور- صاحب الحق الأصيل في تقييم الإبداع، وإعطاء شهادة الجودة – لمن يستحقها (راجع: المستشار الدكتور محمد خلف، قانون «لايك»، جريدة أخبار الأدب، القاهرة، العدد 1435، 24 يناير 2021م، ص 19).

خاتمة

تناولنا في هذه الدراسة موضوع الرموز التعبيرية (Emoji)، حيث حاولنا عبر صفحات هذا البحث بيان الآثار والتبعات القانونية التي يمكن أن تترتب على استخدام هذه الرموز، سواء تم هذا الاستخدام بشكل مقصود أم لا.

وقد رأينا من خلال هذه الدراسة مدى الأهمية التي يحظى بها البحث في هذا الموضوع، وذلك بالنظر لندرة الدراسات الفقهية والأحكام القضائية ذات الصلة به، وبالنظر كذلك إلى الدور الذي تلعبه الرموز التعبيرية في التواصل الاجتماعي، ولاسيما من خلال تقنيات الاتصال الحديثة، وبحيث يبدو سائغاً القول إن الرموز التعبيرية شكّلت قفزة نوعية في مجال اللغة والاتصال، ووجدت مجالاً وانتشاراً واسعاً من حيث الاستخدام في العالم الرقمي بشكل أسهم في تكملة المعنى الناقص في الكلام المكتوب، بوصف تلك الرموز هي الوجه الآخر للاتصال غير اللفظي، أي أنها تعادل لغة الجسد من إيماءات وحركات وايحاءات. كذلك، أضفى استخدام الرموز التعبيرية في بعض الأحيان بُعد العاطفة والمشاعر الإنسانية على لغة التواصل الإلكتروني التي تتسم بالجفاء.

ولكنّ، في المقابل، ينبغي التنبيه إلى بعض الآثار الضارة والتبعات القانونية والسلوكيات الإجرامية التي يمكن أن تتحقق من خلال استخدام هذه الرموز. إذ ينبغي أن يكون استخدام الرموز بقدر معتدل، دون إفراط في الاعتماد عليها بشكل يلغي التواصل اللغوي، ويهدد اللغة لا سيما في المجتمعات العربية، حيث تواجه اللغة خطراً يتمثل في استخدام الشباب لغة تعرف باسم «الفرانكو آراب» للتواصل خلال الدردشات وتطبيقات التواصل الاجتماعي. يضاف إلى ذلك أن بعض الإيموجي تتضمن إيحاءات غير لائقة، وقد تقع تحت طائلة التجريم والعقاب، الأمر الذي يبدو معه من الضروري التأكيد على مراعاة استخدام الرموز التعبيرية التي تتوافق مع منظومة القيم والقانون في المجتمع، وفي سياقات تلائم استخدامها.

Ashraf

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى