العدل والمحاماة
كتبه: أحمد مختار
المحاماة من المهن المليئة بالإثارة والدهشة، وهي من المهن الحرة التي تسعى لإظهار الحقائق وإثباتها بالأدلة والشواهد، وتتشارك في هذا مع السلطات القضائية، كما أنّ المهمة الرئيسية لمهنة المحاماة هي التأكيد على سيادة القانون أولًا وأخيرًا، وتحقيق العدل، حيث يتولى المحامون الدفاع عن الأشخاص المتهمين، ومحاولة إثبات براءتهم من جهة، وإدانة آخرين من جهة أخرى من خلال رفع القضايا المتعلقة بالأمور الشخصية أو المالية أو غير ذلك من تسيير المعاملات في العمل وغيره، وذلك بحسب القوانين. مهنة المحاماة تُعدّ خير شاهدٍ على تطبيق القانون وتطبيق حق الدفاع، لأنّها تُتيح لأي شخص إبداء رأيه والدفاع عن نفسه وإيجاد الأدلّة التي تُثبت حقة، حتى لو كان ذلك الشخص مجرمًا، إذ إنّها تفتح الأبواب لتخفيف العقوبات عن الأشخاص المجرمين بإيجاد بعض الاسباب التي تخفف هذه العقوبات، وفي الوقت نفسه تُظهر مهنة المحاماة براءة الأشخاص الذين لم يقترفوا أي ذنب، ووقعوا في دائرة الاتهام، لذلك فإنّ هذه المهنة يجب أن يكون شعارها الشرف والأخلاق أولًا، ولا يجوز للمحامي إفشاء أسرار موكله بأي حالٍ من الأحوال؛ لأنّ مهنة المحاماة مهنة تستند إلى القانون أولًا وقبل كلّ شيء. مهنة المحاماة من المهن التي ظهرت منذ القدم وبصورٍ مختلفة، وهي اليوم من المهن المحترمة التي تملك وضعًا خاصًا في جميع الدول، وينضمّ جميع من يعمل بها تحت مظلّة نقابة المحامين التي تُنظمها وتضع لها بعض الشروط والقوانين اللازمة، خصوصًا أن المحاماة من ضرورات تحقيق العدالة، ولا تكون المحاكمة عادلة إلا بوجود من يُدافع عن المتهم ويتحدث بلسانه، ولهذا فإنّ نقابة المحامين تُراقب أداء أعضائها، وترفع من مستواهم الأخلاقي والمهني، وتُشرف عليهم، وترفع من مستوى هذه المهنة على جميع الأصعدة، مما يجعلها مهنة راقية تستند إلى المبادئ والإخلاص والأمانة، كما أنذها تحتاج إلى الحنكة والذكاء، والقدرة على ربط الأمور ببعضها البعض. تُتيح هذه المهنة اطّلاع المحامي على ملفات الدعوى والأراق القضائية، كما تسمح له بقراءة جميع البيانات المتعلقة بالقضايا التي سيباشر بالدفاع عنها، لهذا لا بدّ وأن يكون المحامي على قدر المسؤولية كي يكون ناجحًا في مهنته وقادرًا على مواكبة جميع الأحداث فيها، خصوصًا أنها مهنة متجددة، ولا يمكن أن تتشابه جميع القضايا مع بعضها، لذلك يجب أن يكون المحامي شخصًا يُمارس مهنته بشغف ورغبة كي يكون ناجحًا ومتميزًا، لأن الترافع في القضايا ليس أمرًا سهلًا، ويتطلب الجرأة والحزم أيضًا.