الصلاة.. بين الانتحار.. والتدين الزائف

كتبه: عصام الدين جاد

خرج الأخوة مدعو التدين أو أصحاب التدين الزائف علي خلاف العلم والمنطق، بل والدين الحقيقي أيضًا.. دين الرحمة.. أكد البعض ـ وبأغراض معظمها خبيث ـ حرمانية الصلاة في غير المساجد، وشحن الناس علي ذلك الفكر في هذا التوقيت الحرج.. هذا الفعل والإشارة إلى أننا في اخر الدنيا، وما إلى ذلك وهو في علم الله وحده، لكن اعتقادي فيما يسوقونه أنه غير صحيح، بل ومضلل، وعارٍ من الصحة تماما والله أعلم، ولست من أهل الاختصاص في الدين، ولن أدعي اني على علم بكل أركانه، ولكن نعلم جميعا مبادئ إسلامنا برسالته البسيطة، وأن الإسلام جاء مكملا للديانات الأخرى برسالته الرحيمة بالبشر أجمعين، وقد تعلمنا القياس في كليتنا الحقوق بجامعة القاهرة علي يد الأستاذ الدكتور محمد يوسف حفني .
فقد استنبط من هذا القياس بعض الأشياء منها أننا لسنا في آخر الدنيا وأن الله رحمن بعباده وأن إباحة الصلاة في البيوت أمر طبيعي لاقتراب خطر قد يهلك بالبشرية جميعها.
ودليلنا هو.. أن رسالة الاسلام جاءت سرية لمدة ثلاث سنوات في بدايتها، فلو اراد الله ان ينشر دينه الإسلامي لنشره بين ليلة وضحاها، فكانت غاية السرية الحفاظ علي أمة الإسلام من بطش الأعداء والمشركين وحفاظا علي أرواحهم،
فكانت الصلاة هي أول عبادة فُرضت على المسلمين في الدعوة السرية؛ حيث كانت الصلاة ركعتين قبل طلوع الشمس وركعتين قبل غروبها، وكان المسلمون يبتعدون عن أهل مكة ويختبئون عنهم عند أداء الصلاة.
ودليلنا الثاني هو رحمة الله في آياته سبحانه في قوله تعالي “صَبْراً آلَ ياسر، فإنَّ مَوْعِدَكُم الجَنَّة”.. فعندما قام أبو جهل بقتل سمية أم عمار بطريقة وحشية كانت أول شهيدة في الإسلام، كذلك استشهد والد عمار “ياسر” من قسوة التعذيب. وظل الكفار يعذبون عماراً حتى اضطروه أن يذكر آلهتهم بخير ويذكر محمداً صلى الله عليه وسلم بسوء، وذهب عمار إلى رسول الله وهو حزين يشكو إليه ما حدث وهو خائف أن يكون إسلامه قد مس بما قال، فقال له رسول الرحمة: أليس قلبك مطمئن بالإيمان؟ قال عمار: بلى يا رسول الله.
أما عن اقاويل غضب الله عز وجل علي عباده فاعتقد والله اعلم ان الله لطيف بالعباد ورحمن ويدعوك للاقتراب منه برحمته، فلا إكراه في الدين ولا إرغام فهو رحمن رحيم يعفو ويغفر ويسامح، فقواعد الرحمة في الذات الالهية لا توجد بها “السيئة تعم”.
وكان أعظم دليل علي ذلك في آياته سبحانه وتعالي من سورة البقرة:
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
وتفسيري: إن جاء البلاء يجب أن تمتنع عن متع الدنيا وتمشي وراء أولي الأمر منكم فهم أكبر دراية وفهم بالدين والدنيا وليس بمفهوم “الدكتاتورية” عند السياسيين المتفلسفين ولكن بمفهوم العقل والمنطق.
وعن رأي بعض الاخوة “المستشيخين” إن هذا بلاء وحل علينا جميعا وغضب من الله، فردنا القاطع ان الطاعون قد ضرب الأرض في عصر سيدنا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين (طاعون عمواس) الذي حدث في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك في العام الثامن عشر من الهجرة).
فلو كانت الأوبئة جاءت حسب تفسيركم لضربت الكفار والظالمين، فلمَ هلك أبو عبيدة بن الجرّاح، وهو أمير النَّاس، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان، والحارث بن هشام، وقيل: استشهد باليرموك، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل؟!
وانما جاء لحكمة من الله..
فكانت حكمة ولي الامر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان يمشي في إطار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون: «إِذا سمعتم به بأرضٍ؛ فلا تقدموا عليه، وإِذا وقع بأرضٍ، وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فراراً منه»، وهذا الحديث النبوي فيه إشارة واضحة إلى ما يطبق اليوم علمياً وعملياً من الحجر الصحي بهدف مواجهة الأوبئة المنتشرة.
فعندما سُئل سيدنا عمر من أحد الصحابة لماذا رجعت الي المدينة قائلاً: أفراراً من قدر الله؟، فأجاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو غيرك يقول هذا، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله.

الامر الان هو كيف نحافظ علي أنفسنا وكيف نحافظ علي دولتنا، فلن يستطيع أحد الآن أن ينكر ما تقوم به الدولة ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي والوزراء وعلي رأسهم الدكتور مصطفي مدبولي من جهد وتعب للحفاظ علي الشعب والدولة.
والآن.. فإن ما يقوم به “المستشيخون” والمنافقون ما هو إلا لعب علي اوتار سياسية لمصالحهم الشخصية.

حفظ الله مصر وشعبها وجيشها

زر الذهاب إلى الأعلى