الدوطة!

بقلم: تامر صادق المحامي

بيرتبط معنى وجود الرجل في حياة أي ست بالأمان لأن الراجل هو المعادل البديهي للاطمئنان والسكينة، وده بيساوي عند اي الست أنت معاياإذن أنا مطمئنة بس المعنى ده للأسف بيختل تماما وبيصبح غير مفهوم…. لما جوزات ممكن تبوظ في بعض الاسر يوم عقد القران أو قبلها بأيام بسبب كتابة ما يتعارف عليه بـ قائمة المنقولات الزوجية او انها تتحول لسلاح في الخلافات الزوجية في كتير من الحلات علي غير الحقيقي بغرض النكاية والانتقام من الزوج أو تتحول لوسيلة مشروعة لاخذ الحقوق من ازواج فقدو المروءة، بس خالينا نحط الكلام ده علي الميزان، ونشوف أصل الحكاية أيه وهل لسة الهدف من كتابة جهاز العروسة زي ماهو، ولا اتغير الهدف من الكتابة واصبح في عصرنا الحالي مسمار في اساس الاسرة من غير داعي اداه يمكن استخدمها في الحق والباطل؟ ولاده اصبح ضرورة في مجتمعنا حتي لو اتغيرت الهدفه من الكتابة ؟
وخاليني احكيلك من الأول في سنة 732 هـ 1332م، المؤرخ الشامي (خليل بن الصفدي)، حسب ما جاء في كتاب (الزواج والمال والطلاق في العصور الإسلامية)، للكاتب (يوسف رابوبورت بيحكى أنه كان موجود في القاهرة، وبيحضر حفل زفاف (ناصر الدين آنوك)، ولي العهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون….. وكانت العروسة بنت واحد من الأمراء راحت ومعاها (جهزها) اللي كان شيله 800 حامل، و 100 بغل، ووقف الصفدي زي كتير يتفرج علي الموكب الكبيييير اللي كان شايل الوسائد والمساند والكراسي، والااواني الفضية والنحاس والاطباق والسجاد….. واواني الفخار والاغطية والفرش…. ده غير الاصناف الاكثر نفاسة من الملابس والمجوهرات لدرجة ان أحد الكُتاب من الوفد المرافق لوالد العروس قال أن الذهب لوحده وصل وزنه 80 قنطار وهو ما يقدر ب 41 مليون و600 الف جنية، وكان اللي بيجيب الجهاز ده اهل الزوجة مش العريس اللي كان بيدفع مهر وبس.

والكلام ده كان بيحصل لان المجتمع المملوكي كان مجتمعا دوطيا بمعني ان العرف وقتها جرى علي ان العروسة بتقدم للعريس هديه تساوي المهر اللي بيدفعو العريس ممثله بجهزها
وكان في الغالب الصداق او المهر الواجب علي الزوج… بيكون اقل بكتير من كلفة شوار العروسة اللي بيجيبوه اهلها.
وكان اهل العروسة في بعض العائلات بيضطرو انهم يقترضو علشان يجبو الفرش لبنتهم لأنهم كانوا بيعتبروه فلوس الفرش ده ميراث البنات بيتوزع عليهم قبل الوفاة، بيستحق حصرا لبنات العائلة دون الذكور، وتفضل الفلوس دي الممثلة في جهزها تحت ملكيتها تتحكم بيه زي متحب اثناء الزواج او بعده خلال الترمل او الطلاق وليس للزوج اي حق فيه.
وكان تسجيل هدية الزوج المقدمة للعروسه … اللي هو الصداق او المهر  في عقود الزواج امر واجب وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية…. اما جهاز العروسة اللي بيجبوه اهلها لم يكن يسجل.
وده لان المفاهيم الشعبية اللي كانت سايدة عن الزواج في المجتمعات الاسلامية التقليدية انصب تركزهاعلي كتابته صداق الزوج (المهر يعني)
أما عند الجالية اليهودية اللي كانت عايشة في مصر في الوقت ده…. طبقا لوثائق الجنيزا القاهرية… ودي مجموعة من الاوراق عند اليهود… لا يجوز ابادتها او اهملها وفقا للديانتهم…. اللي بتحكي عن جهاز العروسة…. وفقا لاحكام الشريعة اليهودية…. واللي كانت علي النقيض من مثيلتها الاسلامية…. واللي بتسمح للزوج بحق الانتفاع بممتلكات عروسه…. علشان كده جري العرف بين اليهود ان تشتمل عقود زوجهم علي تقييم مبوب…. ومفصل…. للاصول والامتعة…. اللي جات بيها العروس وسلمتها للزوج.
وعلشان قيمة جهاز العروسة كانت كبيرة… ده خلا في خلافات كبيرة تحصل…. في حالة وفاة الزوجة العاقر( اللي مخلفتش)….
فاوفقا لاحكام المواريث في الاسلام…. بيئول نصف ما تركت الزوجه العاقر لجوزها…. وده كان بيتعارض بطبيعة الحال مع رغبة اهلها في استعادة جهاز بنتهم بالكامل بعد وفتها وبذات انها ماتت من غير متخلف…. واللي في ناس منهم استلفو علشان يجبوه… او علي اعتبار انو من ميرثهم اللي وزعوه علي بنتهم زي مقلتلك…
وعند اليهود المشكلة كانت اكبر…. لان بموجب الشريعة اليهودية…. بيعد الزوج…. هو الوريث الوحيد لزوجته العاقر….
فافضلو يفكرو ازاي يضمنوا رجوع جهاز بنتهم في الحالة دي….. لحد ما لقو فكرة…. حيلة شرعية…. الغرض منها تمكين الوالدين من استرداد هديتهم بالكامل… وهي ببساطة…. انهم يشهدو الناس…. انهم ادو الجهاز لبنتهم علي سبيل القرض…. بغرض المفاخرة والمباهاة…. وانتشرت الفكرة دي بين الناس….
بس اليهود تكلفت اكتر او زودت اكتر…. في الاشتراطات الخاصة بعقود الزواج بين اليهود….. لتامين عودة نصف جهاز الزوجة العاقر المتوفاه لاهلها…
وتفسير الكلام ده…. ان زيجات العصور الوسطي…. كانت اشبه بعملية نقل الملكية….. من الاهل لبنتهم…. بتمر بعدة مراحل….. لدرجة ان كان في عائلات بتسلم جهاز بنتهم لبيت الزوج….. بشرط الا تكتسب العروس ملكية جهازها….. بمعني انه لا يحق ليها التصرف فيه… وذلك كوضع مؤقت…. لحد ميتاكدو ان زواج بنتهم مستقر…. وكان الموضوع ده ممكن يعد سنين…. وبعد ما يتاكدو بالقدر الكافي…. من ثبات حياة بنتهم الجديدة…. واستقررها مع جوزها…. يقررو منحها الحق في ملكية جهزها…. ولحد ميتاكدو من ده…. كانت العيلة بتحتفظ بخيار…. استرداد الجهاز في اي وقت.
وده مكنش حرصا منهم علي منع الزوج من الاستيلاء علي جهاز زوجته او التخوين للزوج…. وانما…. كان سعي حثيث من الوالدين لاسترداد هديتهما……
اما اقباط مصر… ولحد النهردة…. العرف السائد بنهم…. هو مشاركة الزوج والزوجة في تجهيز منزلهما… من غير ميكتبو قائمة بالمنقولات…
وفضل موضوع الكتابة ده سائد بين المسلمين واليهود… كل واحد حسب نيته اللي شرحتهالك… وفضل يتوارث جيل بعد جيل…. لحد ما بقا عرف….
وكان سعتها مافيش عقوبة جنائية….. بتجرم النوع ده من العقود… ولا كان ليها اسم محدد… بس كانت كلها عقود مدنية….. بتخضع لمبادء الفقه الإسلامي بشكل كامل…. اللي مصر عرفته بعد الفتح العربي الإسلامي على يد عمرو بن العاص…. واستمر الوضع كده…. لحد أواخر القرن 19…. لما بدأت مصر تتأثّر بالقوانين الغربية….. خصوصًا القانون الفرنسي…. بعد الحملة الفرنسية…. فنقلت عنها القانون المدني والتجاري والجنائي وغيرها من القوانين الغربية…. ولم يتبقى إلا مسائل الأحوال الشخصية التي تطبّق عليها أحكام الشريعة الإسلامية للمسلمين ولوائح الأحوال الشخصية للأقباط…. وده لوجود قاعدة بتقضي بخضوع الشخص في مسائل الأحوال الشخصية لقانون دينه…. زي ماحكتلك في (حلقة انا عوزة اطلق)….
وفي سنة 1883 صدر قانون العقوبات الاهلية….. ونص في المادة 296 علي تجريم اختلاس او تبديد اي امتعة تكون سلمت لاي شخص علي سبيل عارية الاستعمال…. وجه من بعده قانون العقوبات الحالي الصادر سنة 1937 ونص علي نفس الشيء في المادة 341…. وجه من بعده القانون المدني سنة 1948 وعرفنا…. ايه هو العقد ده…. وايه هيا شروطة….
واللي الناس ابتدت تستخدمه في مسائل الزواج…. لانه بيجمع بين صفتين كونه عقد مدني غير مخالف لاحكام الشرائع…. وفي نفس الوقت محمي بعقوبة جنائية.
وفضل يستخدم لحد وقتنا الحالي… الا ان سبب استخدامه اتغير…. وده بعد ما ظروف مجتمعنا اتغيرت… وبالذات بعد الازمات الأقتصادية الطاحنة…. اللي مرت بيها بلدنا بسبب الحروب….. وبعدنا الحقيقي عن دينا اللي اصبح تاريخ…. بنتحاكي بيه وبس…..
فبقا الزوج مش بيدفع مهر كامل… وفي مقابل ده…. بقا بيساهم مع اهل الزوجه في تجهيز البيت.
واتغير سبب الكتابة…. من انها ورقة بتكتب كضمانه لاهل الزوجه لاسترداد الجهاز اللي جبوه لبنتهم…. لضمانه للزوجة نفسها…. علي اعتبار ان المنقولات اللي جبها الزوج…. من ضمن المهر اللي المفروض العروسة كانت تخده.
فـ قايمة المنقولات…. في الوقت الحالي…. عبارة عن صورة…. من صور عقد اسمة عقد عارية الاستعمال….. وده عقد شبه عقد الايجار….. بس مع الفرق طبعا …… والفرق بينهم…. ان عقد الايجار بيكون بمقابل…. اما عقد عارية الاستعمال بيكون من غير مقابل……
زي انك تاجر عربية مثلا لمدة يوم…. في عقد الايجار…. بتدفع ثمن اليوم ده… وتاخد العربية وترجعها اخر اليوم ….. انما لو رحت لنفس الراجل اللي اجرت منه العربيه…. وادهالك من غير متدفع بدل انتفاعك بيها…. هنا الموضوع بيتحول من عقد ايجار مدني…. الي عقد عاريه استعمال…. مدني بردو…. بس معاقب عليه جنائي…. لانه بيديك العربية علي سبيل الامانه…. بس….. سامحلك تستخدمها…
يعنيييييييي…… الزوجة بتسلم المنقولات للزوج علي سبيل الامانة….. بس مسموح ليه يستخدمها من غير ميدفع مليم واحد…. ولمده معينة او لغرض معين….. اللي هو (المفروض) طول العلاقة الزوجية …… ويرده بعد الاستخدام اوالطلب ( وهنا بتحصل اشكالية…. لما الست تطلب قيمتها…… وهي لسه علي ذمه جوزها)؟؟؟ (بس مش وقت الكلام ده)… خالينا نكمل…..
والعقد ده عقد من عقود الامانة….. منصوص عليه في القانون المدني في المادة من 635……. ومعاقب عليه بقانون العقوبات… وبتكون عقوبته الاخلال بيه… الحبس من 24 ساعة الي 3 سنين …. والنوع ده من الجرايم بيصنف كجريمة من جرائم الجنح……. وسايبلك لينك تحت الحلقة بالقوانين دي.
وهي دي حكاية قايمة المنقولات الزوجية…. اللي بدات من العصور الوسطي في العهد المملوكي… فكرة هدفها الحفاظ علي ممتلكات اهل العروسة في حالة وفتها من غير ما تخلف…
والتحول اللي حصل في العرف من العصور الوسطي لحد عصرنا الحالي…. من هدف وفكرة كتابة القائمة…. خلال كتير من المحاكم…. بعد صدور قانون 1 لسنة 2000 ( وده قلتهولك بردو الحلقة اللي فاتت)….. لما الزوجه بترفع دعوي الخلع وهي كتبه قائمة….. بتلزم الزوجه قبل الخلع…. برد المنقولات اللي جبها الزوج او ما يعادلها في حالة ثوبت ان الفرش اللي جابه الزوج جزء من المهر….. وبيحق للزوج…. لو المحكمة معملتش كده من تلقاء نفساها…. انو يطالب بده بدعوي استرداد اعيان.
وصدرت فتاوي شرعية من الازهر الشريف بنفس المضمون…. واللي قالت انو واجب على المرأة المختلعة…. ردُّ كلِّ ما يثبت أنه مهرٌ أو جزءٌ منه…. والحكم في قائمة المنقولات مرده إلى القاضي… فإن ثبت عنده كونها مهرًا أو جزءًا منه حكم بردِّها…. وإلَّا كانت حقًّا خالصًا للزوجة.

اللي عاوز اقولهولك ايه…..
قائمة منقولات الزوجية…. ليست ركنا أو شروطا من شروط الزواج… بل هي أمر مستحدث… تعارف علية الناس…. من العصور الوسطي… لحد النهردة…. مع اختلاف السبب او الهدف من كتابتها من عصر للتاني…. اللي كان في العصور الوسطي قائم… علي السعي الحثيث من الوالدين لاسترداد هديتهما للعروس علي اعتبار انها فلوسهم…… وفي عصرنا الحالي اصبح سبب الكتابة ضمانة لمهر الزوجة…. اللي الرجالة ما بقتش بتدفعه…. ده غير انو بقا اقل من زمان بكتير ….. وده بسبب التحولات الاقتصادية اللي حصلت في مجتمعنا…. ونوع من التيسير في الزواج…. بان الناس يسعدو بعض… فلا الاهل يدفعو اكتر من طقتهم … ولا الزوج يكلف اكتر من طقته في مقدم المهر….. علشان كده كلنا في الغالب بنكتب مقدم المهر واحد جنية..
اما اساءة استخدمها…. فده امر محدش هيقدر يحكم علي سببه الحقيقي بين الزوجين… لان العلاقات الزوجية فيها من التعقيد…. ما يصعب فهمه… وعوامل كتير بتاثر فيها… لانه من غير المعقول ان تجتمع في شخص كل القبائح…. بحيث يصبح البغض بين الزوجين بغض كلي…
واللي اقدر اقولهولك…. علشان متقعش في المشكلة دي… وتبقا قايمة المنقولات سبب في هدم البيوت قبل ما تبدء او حتي بعد ما تبدء…
اننا نفهم سبب كتبتها وده اللي حولت اشرحهولك…
فلو لسة بتكتبها اكتب اللي حصل ولا تزود ولا تنقص لان ده مهر زوجتك…. اما لو كتبتها… افتكرو…. ان نبينا قال…. اتقوا الله في النساء… فإنهن عوان عندكم…. وخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ… وعلى العاقل وأن يُحَكِّمَ دينَهُ وضميرَه…. قبل أن يحكم عاطفته ووجدانه…. فربما كرهت النفس ما هو أصلح لها في الدين…
وخاليك عارف ان العشرة بالمعروف اللي ربنا قال عليها هي المعاملة بالفضل مش بالعدل…. لان مش حسن الخلق كفُّ الأذى عنها…. بل احتمالُ الأذى منها…. والحِلم عن طيشها وغضبها.
ولزوجتنا نبينا قال خير النساء من اذا نظرت اليها اسرتك… او اذا امرتها اطعتك…. وإذا أقسمت عليها أبرتك… وإذا غبت عنها…. حفظتك في نفسها ومالك.
الصداقة بين الزوجين بتحوّل الزواج العادي إلى زواج جيّد…. والزواج الجيّد إلى زواج عظيم…. والزواج العظيم إلى زواج مالوش مثيل… وغياب الصداقة بيخالي العلاقة تمشي في العكس تماما… فبيتحول الجواز اللي ملوش مثيل لزواج جيّد… والجيّد إلى عادي…. والعادي إلى كارثة….
واذا كان الاصل في الاسلام هو كتابة الديون…. ودي هي المعاملة بالعدل…. فدينا بردو… بيحسنا علي المعملة بالفضل…. لو امنا بعض…
الموضوع مخش خلاف علي ورقة… او ان ورقة هي اللي بتضمن الحقوق ما بنا وبين بعض… الموضوع خلاف علي اخلاق…
لو عرفنا نتعامل بالرقي ده…. وبالمبادي والطريقة دي… ووصلنا لمرتبة التعامل بالفضل… سعتها مش هنكون محتاجين نكتب اي ورق بنا…. وهو ده اصل الاصول في دينا…. الامانة …
الاسرة في حقبة ما قبل الحداثة… كانت النواه المركزية للمجتمع… بيفترض في تلك المؤسسة الاجتماعية…. ان تكون محصنة ضد الاختراق الي اقصي حد ممكن…
الزواج في عصرنا الحالي اصبح مجالا للمصالح المتضاربة… عالم هش غير مستقر…. دابت فيه القوى علي التفاوض المستمر…. ولم يكن ابدا مجالا لتلك الاسر التي تخيلها الفقهاء.
وعلي الرغم من ذلك …. فان الزوجات في عصرنا الحالي… وازواجهن بالتبعية…. ساعدو في تحديد تراث يميزهم…. فاذا قورن بروايات جوفاء تتحدث عن قوامة الرجال… غدا اكثر توازنا… واكثر تعقيدا… وفي الاخير… اكثر صلابة…………………..
الجواز زي الطريق اللي بصور عليه الحلقة دي…. كل ماهتميت باساسة وسهلته اكتر…. كل موصلت اسرع واامن…

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى