“التَّحَرُّش” مدلول إعلامي

بقلم/ يوسف أمين حمدان

ظَهَرَ في ظلِ السَّنَواتِ الأخيرةِ مدلول التَّحَرُّش، وتحدث الإعلام عن حوادثِ التَّحَرُّش فهل يوجد في قانون العقوبات جريمه تُسَمَّى التَّحَرُّش؟، لم نجد في قانون العقوبات جريمة “التَّحَرُّش” ولكن الجرائم الجنسية أي جرائم هتك العرض وإفساد الأخلاق نص عليها قانون العقوبات ومسماه علي سبيل الحصر وليس المثال فهي جرائم قد تقع علي الأُنْثى وقد تقع على الذكر ويوجد جريمة تقع علي الذكر والأنثى وهي جريمة “هتك العرض”.

ولم نجد نص على جريمة تسمى التحرش فكلمة التحرش ليس لها إلا مدلول إعلامي، وينبغي علينا أن نسرد هذه الجرائم ونفرق بين الجريمة التي تقع علي أنثي فقط والجريمة التي تقع علي كلا من الذكر والأنثى وجريمة التحريض على الفسق وجريمة الفعل الفاضح المُخل بالحياء.

أولا: الجرائم التي تقع علي كلا من الذكر والأنثى هي جرائم هتك العرض والتي نص عليها قانون العقوبات في الماده رَقْم (268) و المادة رَقْم (269)
تنص المادة (268) علي أنه (كل من هتك إنسان بالقوة أو التهديد أو شروع في ذلك يعاقب بالسجن المشدد من ثلاث سنين إلى سبع وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشر سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 ويجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للسجن المشدد، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالسجن المؤبد)
وتنص المادة (269) علي أنه ( كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس وإذا كان سنه لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد)
هتك العرض هو فعل مخل بالحياء يقع على جسم مجني عليه معين ويكون درجة من الفُحْش وهو كل مساس بجزء من جسم الإنسان داخل فيما يعبر عنه بالعورات وهو يقع على الذكر والأنثى.

وتقضي الفقرة الثانية من المادة 269 بتغليظ العقاب في جريمة هتك العرض إذا وقعت ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 “حيث يكون الفاعل من أصول المجني عليهم أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادما بالاجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم” وهذا النص يدخل في متناوله الخادم بالاجرة الذي يقارف جريمته علي من يتولي مخدومه تربيته أو ملاحظته.

والأمثلة على ذلك كثيرة وهي:-
• تمزيق لباس غلام من الخلف
• تطويق كتفي إمرأه بذراعي المجرم لما في ذلك ملامسة جسم المتهم لجسم المجني عليها
• إمساك ثدي إمرأه إذ ثدي المرأه من العورات التي يجب عدم المساس بها
• ملامسة المتهم بعضو تناسله «دبر» المجني عليها
• قرص المتهم فخذ المجني عليها
• لمس المتهم فخذ المجني عليها
ويتضح من هذه الامثله حتميه حدوث الانتهاك أو الهتك بعورة من عورات الإنسان بحيث يخدش الحياء ولا يشترط أن يترك الفعل أثر بجسم المجني عليها.

من أحكام محكمة النقض في هذا الشأن:-

(صدر المرأة ونهدها كلاهما تعبير لمفهوم واحد ويعد من العورات التي تحرص دائما علي عدم المساس بها فإمساكه بالرغم عنها وبغير إرادتها بقصد الاعتداء علي عرضها هو مما يخدش حياءها ويمس عرضها ويعتبر هتك عرض)
(الطعن رقم 11107 لسنه 61 ق جلسة 10/2/2000)

(يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص علي صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في ذلك الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري -رغم صغر سنه- وأنه لا يشترط قانونا لتوافر جريمة هتك العرض أن يترك الفعل أثرًا في جسم المجني عليها وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذا بأقوال الشهود التي اطمأن إليها أن الطاعن أمسك بالمجني عليها وخلع عنها سروالها ووضع إصبعه في مواضع العفه منها ومن ثم فإن الحكم إذ استدل علي ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل المكون للجريمة التي دانه عنها بأقوال المجني عليها وباقي شهود الواقعة فإنه يكون قد أقام قضاءه علي ما يحمله ولا عبره عندئذ وبفرض حصته مما ورد بتقرير الطبيب الشرعي من أن جسم المجني عليها خاليا من أية آثار تدل علي وقوع الجريمة)
(الطعن رقم 7608 لسنه 61 ق جلسه 18/1/2000)

ثانيا: الجرائم التي تقع علي الأنثى وهي جريمة الاغتصاب والتي نص عليها قانون العقوبات في المادة رقم(267) على أنه (من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد)
وفي الفقرة الثانية يكون السجن المؤبد وهي (فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالسجن المؤبد)
وكلمة المواقعة هي المعنى المرادف لكلمة اغتصاب الأُنْثى.

واتفق معظم الفقهاء علي أن مواقعة إنما تعني اتصال رجل بامراة اتصالا جنسيا كاملا دون رضا صحيح منها
وينبغي لكي نكون بصدد اغتصاب أن تتوافر ثلاث شروط وهي:-
أ: حدوث مواقعهة جنسية فعلية أي وقاع تام (والوقاع أو الجماع هو إيلاج الرجل عضو التذكير في فرج الأُنْثى والجماع لا يقع إلا بين رجل وامرأة وعلى ذلك فما يقع بين رجل وآخر من أفعال الفجور، وما يقع من أُنْثى وأخرى من أفعال الفسق لا يُعْتَبَر جماعًا بالمعنى المعرف به قانونا.
ب: أن يتم الوقاع الجنسي بغير رضاء المجني عليها
ج: توافر القصد الجنائي في حق الجاني.
ماذا لو لم يتم الوقاع بسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه؟
في هذه الحاله نكون أمام شروعا في جريمة الاغتصاب.

من أحكام محكمة النقض في هذا الشأن:-
(أما إذا كان الجاني قد باغت المجني عليها وهي مستلقية في فراشها وكم فاها بيده وانتزع سروالها ثم اتصل بها اتصالا جنسيا بايلاج قضيبه فيها بغير رضاها منتهزا فرصة عجزها بسبب المرض عن المقاومة أو أتيان أيه حركة، فإن ذلك يعني تحقق الجريمة التامة)
(الطعن رقم 1743 لسنه 27 ق جلسه 27/1/1958)

• (أوضحت محكمة النقض أن الإكراه في جريمة اغتصاب الأُنْثى لا يلزم أن يكون إكراها ماديًا وإنما يمكن أن يتحقق ركن الإكراه ولو كان الإكراه قد تم بطريقة الخديعة والمكر فذهبت إلى أنه متى كانت الواقعة الثابتة هي أن المتهم إنما توصل إلى مواقعة المجني عليها بالخديعة بأن دخل سريرها علي صورة ظنته معها أنه زوجها فإنها إذا كانت قد سكتت تحت هذا الظن فلا تأثير لذلك علي توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الماده 267/1 من قانون العقوبات)
(الطعن رقم 166 لسنه 21 ق جلسه 14/5/1951)

من أحكام محكمة النقض في الشروع في الاغتصاب :-
(متى كان الحكم قد أثبت أن المجني عليها كانت تلبس قميص النوم فجلس بجانبها المتهم في غرفة نومها وراودها عن نفسها وأمسك بها ورفع رجليها يحاول مواقعتها فقاومته واستغاثت فخرج يجري فهذه الواقعة يصح في القانون عده شروعا في وقاع متى اقتنعت المحكمة بأن المتهم كان يقصد إليه إذ أن هذه أفعال من شأنها أن تؤدي إلى تحقيق ذلك القصد)
(الطعن رقم 1580 لسنه 19 ق جلسه 19/12/1949)

ثالثا: جريمة التحريض علي الفسق
وهي تحريض المارة ذكورا وإناثا ، في الطرق العامة أو في أي مكان مطروق علي الفسق بإشارات أو أقوال ووجه العلاقة بين هذه الجريمة وبين مقتضيات الحشمة أو الحياء العام واضح إذ تهدف هذه الجريمه إلى الضرب على كل إشارة إلى قول ينطوي على إيماءات جنسية منعكسة علي الممارسة الجنسية بمعناها الواسع لأن من شأن ذلك حين يقع في طريق عام أو مكان مطروق أن يخدش حياء العين بما تراه من إشارات أو حياء الأذن بما تسمعه من أقوال.
وقد نص عليها قانون العقوبات في المادة رقم(269) على انه(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي شهر كل من وجد في طريق عام يحرض المارة علي الفسق بإشارات أو أقوال فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم عليه في الجريمة الأولى فتكون العقوبة الحبس مدة لاتزيد علي ستة أشهر وغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها ويَسْتَتْبِع الحُكْم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة).
والتحريض المقصود هنا لا يعني أكثر من الدعوى إليه بأى قول أو إشارة تفيد بصرف النظر عن تأثير تلك الدعوة علي المارة إذ تقوم الجريمة بمجرد صدور الإشارة أو القول ولو لم ينتبه إليها أحد ولم يلتفت إليها وهذه الجريمة عمدية يلزم لقيامها توافر علم الجانى بما ينطوى عليه سلوكه الإرادى القول أو الإشارة من دعوى الي الفسق.

رابعا: جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء
ويتضح لنا وجود صورتين لتحريم الفعل الفاضح المخل بالحياء نص عليهم قانون العقوبات في المواد (278،279)
الصورة الاولي: الفعل الفاضح العلني المخل بالحياء
الصوره الثانيه: الفعل الفاضح غير العلني المخل بالحياء

العقوبة المنصوص عليها في هذه المواد هي
المادة (278) (كل من فعل علانيه فعلا فاضحا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه مصري).
الماده (279)(يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع إمرأة أمرا مخلا بالحياء ولو في غير علانية).

والمثال على ذلك (أن يدخل رجل دكان حلاق ويتبول في الحوض الموجود به يعرض نفسه بغير مقتضى للأنظار بحالته المنافية للحياء يتوافر في حقه القصد الجنائي في تلك الجريمة

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى