أمين عام المحامين: غرق سفينة النقابة كان وشيكا لولا التنقية

ـ نحتاج إلى ترويج ثقافة الدفاع عن النقابة وحمايتها من غير المستحقين
ـ السكوت عمن يتسرب للنقابة عيب
ـ زيادة الخدمات وأسقف العلاج والمعاش لم تكن لتحدث من غير التنقية
ـ منح عضوية النقابة لغير المحامين سيدخلها في صراعات مع الهيئات الأخرى
ـ النقابة مؤتمنة على مدخرات المحامين وليس من حق غير الممارسين المطالبة بالمعاش أو الخدمة العلاجية

حوار: سعد البحيري

قال خالد أبو كريشة، أمين عام نقابة المحامين، إن القرارات والضوابط، التي اتخذها مجلس النقابة، خلال الفترة الماضية، التزمت بالقانون الذي يعد مسلكًا متحضرًا، وهي ضوابط تحكم عضوية النقابة، سواء عند بدء القيد، أو الانتساب، مؤكدا استمرار الاتصاف بالصفات والشروط التي اشترطها فيمن ينتمي إلى نقابة المحامين.

وأضاف، خلال حوار خاص لموقع نقابة المحامين، أن الضوابط مسألة ضامنة لسلامة سير مهمة العمل النقابي في أن تكون المهمة العظيمة التي تمثلها المحاماة هي كفالة حق الدفاع في مجتمع متحضر بقصد تحقيق العدالة لمصلحة المجتمع قبل أن يكون لمصلحة المحامين، وقبل أن يكون مطلبا فئويا أو تطبيقا للقانون.. فإلى نص الحوار:

ـ هل هناك علاقة بين التنقية واستقلال المحامي في عمله؟

ـ تتصف مهنة المحاماة بالاستقلال، ولا يفرض على المحامي فيها أن يمارس عملا لا يقبله، فهو يختار المسار الذي سيسلكه في الدعوى، والمسلك القانوني الصائب الذي يصل به إلى تحقيق هذه النتيجة، وكل ذلك مرجعه إلى اجتهاد المحامي، ودراسته، وفهمه، وأمانته في تلقي تلك الوكالة، ثم التحرك صوب استعادة الحق.
على ضوء ذلك، يصبح هناك استقلال عند قبول الوكالة من الموكل، ثم استقلال في اختيار المسار الذي سيسلكه المحامي في المطالبة بالحق خلال المبارزة القانونية التي تجري عند التقاضي بين طرفي الدعوى، وهو أمر يستلزم استقلالا. فالمحامي الذي يمارس هذا العمل باستقلال هو بحاجة ملحة لضبط كيفية اكتسابه لهذه الصفة قبل أن يتولى هذا الاستقلال، لأن من يمارس هذا العمل لا بد أن نثق بأنه محام حقيقي، اكتسب الصفات التي تسوغ له الانتساب إلى هذا العمل المستقل الذي لا يمكن لمحام أن يمارسه وهو فاقد لهذا الاستقلال.

ـ من وجهة نظرك.. ما مدى أحقية نقابة المحامين في تنقية جداولها؟

ـ تنقية جداول النقابة من غير المشتغلين هى لمصلحة المحامين، وهذا الأمر يرحب به المحامون، ويعتزون ويتمسكون به، مطالبين باستمراره، فالنقابة أمينة علي الالتزام بالتنقية بتمثيل الجمعية العمومية للمحامين في أن تحافظ على نقاء جداولها من غير المستحقين للقيد بها، فالمحامي لا يسبقه أحد في المطالبة بالتنقية، وهو ما يترتب عليه نشوء لون من ألوان المسئولية عند أبناء هذه المهنة، فلا يخرج منه ما يخل بنقابته.

ـ هل توجد علاقة بين التنقية وحصانة المحامي؟

ـ المشكلات التي تصدر من المحامي الحقيقي هي مشكلات متداركة يمكن معالجتها. وإذا اقتصر الأمر على ذلك، فالمحاماة في أمان، كما أن المشرع لن يعطي ضمانة لمن لا يمارس المحاماة، لذا يجب أن تكون المحاماة مقصورة على ممارسيها لتكون الحماية القانونية للمشتغلين دون سواهم.
إن التحصين القانوني للمحامي أمر لا يخص سوى المحامي المشتغل اشتغالا حقيقيًا، ولن يُقبل أن يشرع إلا إذا كان مقصورا على المحامين، فلا يجوز أن يكون حامل عضوية النقابة يعمل سائقًا، ويرفض أن يفتشه أحد بحجة أنه يحمل أسرار موكلين، منوها إلى أن المحامي يحتاج إلى حفظ أسرار موكليه، ولا يترك للاختراق، لأن ذلك في مصلحة تحقيق العدالة، وأمر مطالب به لمصلحة المحامي المشتغل، ولا يصح أن يطالب به لغير الممارس.

ـ ما الأثر المترتب على منح الكارنيه لغير الممارسين للمهنة؟

ـ التنقية من شأنها أن تضفي لونًا من ألوان العزة على المحامين، وأن منح عضوية النقابة لغير المحامين سيدخلها في صراعات ومواجهات مع الهيئات الأخرى، كما أن من حق النقابة أن تحافظ على رسالتها وعزتها. وإذا كانت هذه الثمرة نتيجة التنقية، فمن حق المحامين التمسك بها دون الحق في أن يتضرر أحد من هذا.

ـ كيف أثرت التنقية في الجانب الاقتصادي لموارد نقابة المحامين؟

ـ ليس للنقابة موارد إلا ما تجمعه من اشتراكات، ودمغات، ورسوم تصديق على العقود، وأن هذه الأعمال تدر عوائد في حقيقتها بسيطة القيمة، ويصعب زيادتها، لأنها تثقل كاهل المحامي، في الوقت الذي تريد فيه النقابة أن تخففها عنه، في ظل الأجواء الاقتصادية الحالية، وأن هذه العوائد للنقابة وللخدمة النقابية تتجه إلى علاج المحامي ومعاشه، وإنشاء المقار من غرف بالمحاكم على مستوى الجمهورية، والأندية، وهذه التكاليف لا مورد لها إلا ما يجمع من المحامين المشتغلين، فلا يتصور أن يشترك فيه من لا يودع فيه من غير المشتغلين.

ـ يطالب غير الممارسين للمهنة بمعاش وعلاج من النقابة.. كيف ترى ذلك؟

ـ ليس من حق من لا يمارس المحاماة المطالبة بالمعاش، أو الخدمة العلاجية، والنقابة ليس دورها أن تعقد جمعية فئوية لمن يرغب في الاشتراك في العلاج. فإذا قدمت لأبنائها هذه المظلة العلاجية، فإن ذلك يؤدي إلى تكافل بمعايير الزمالة المهنية. ولكن إذا انتفت هذه المعايير، انتهي الحق في التكافل، والمطالبة بهذا الحق.

ـ ما هى الآثار المترتبة على استفادة غير الممارسين للمهنة من خدمات النقابة؟

ـ النقابة مؤتمنة على الحفاظ على هذه المدخرات بألا يستفيد منها سوى من لهم الحق من المحامين الممارسين للمهنة. وإذا شاركهم في هذا الحق غير المشتغلين، فستنخفض قيمة العلاج والمعاش، ومن ثم يتضرر منها المحامي الذي اجتهد، وكتب صحيفة الدعوى، وأنفق، وتحمل مشقة ومخاطر التقاضي، لأن لكل مهنة مخاطرها.

 

ـ وضح لنا أثر التنقية على الخدمات الثقافية؟

ـ إذا لم تكن هناك تنقية، لكان من الممكن أن تغل يد النقابة في الإنفاق على توزيع الموسوعات والتشريعات القانونية، وإقامة المعارض، نظرا لأنها تعقد بحسب أعداد الجمعية العمومية، حيث لا بد أن يتم توزيعها على الجميع، مما سيترب عليه صرف أضعاف التكلفة، نظرا لأن من بين جداولها من لا يستحقون هذه الخدمات.

ـ من وجهة نظرك.. كيف نرفع من مستوى تنقية جداول المحامين؟

ـ المحاماة تمارس بشكل جماعي، نظرا لتجمع المحامين دائما في غرفة واحدة، وتحركهم وترافعهم أمام المحاكم يكون بشكل علني، لذا فلا يوجد مجال لأحد لممارسة المحاماة من غير أن يكون بارزا وظاهرا بين المحامين، فمباشرة التنقية لا بد أن تكون من المحامين بجانب نقابتهم انطلاقا من المسئولية والإفادة العائدة على المهنة، ويجب أن تحاط النقابة علما بمن لا يمارس المهنة، وتكلف بشكل مباشر بحذف الأشخاص الذين صدرت لهم بطاقات العضوية وهم غير ممارسين، وأن هذا الأمر يحتاج إلى شيء من ترويج ثقافة الدفاع عن النقابة وحمايتها من غير المستحقين، وأن الدفاع عنها عزة، والعيب هو السكوت عن التسرب إليها، وليس العيب أن تبلغ النقابة بأن شخصا ما قد اخترق النقابة من غير استحقاق، فهذه الثقافة من شأنها أن ترفع من مستوى التنقية.

ـ إلى أي مدى، أثمرت عملية التنقية؟ وهل تغيرت طبيعة المشكلات التي كانت تتصدى لها النقابة بعد التنقية عن ذي قبل؟

ـ أصبحت المشكلات التي أصبحت تتصدى لها نقابة المحامين، بعد قرارات التنقية، مشكلات مهنية تصدر من محامين، وفي أعمال محاماة، وليست مشكلات بعيدة عن المحاماة، مثلما كان يحدث من قبل، كما أن رفع الأسقف العلاجية، التي تمت خلال هذا العام، مكن من زيادة قيمة الإسهام التي تدعم بها النقابة المحامي في علاجه، وتضمينها أنواع أمراض يمكن تغطيتها، وكفالة العلاج فيها، وزيادة الإسهامات للفحوصات والأشعة، وهو ما كان يصعب رفعه من قبل. ومن ثمار التنقية رفع معاش المحامي بزيادة سنوية، بداية من العام القادم. إن تطوير الخدمات لم يكن يحدث قبل التنقية، نظرا لأن سفينة المحاماة كانت تحمل أضعاف حمولتها، وكانت معرضة بشكل وشيك إلى الغرق. وحينما أصبحت لا تحمل غير المحامي الحقيقي، فإن إبحارها سيكون سريعا، وستصل، وستتحسن بها الخدمات، إلى جانب الدعم الثقافي بالكتب القانونية، والدراسات القانونية، والتأهيل بالأداء الأرفع فنيا في المهنة، وهذا أمر يرتبط ببقاء عضوية النقابة مقصورة علي المحامين دون سواهم.

شاهد الحوار..

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى