أثر القبض والتفتيش دون توافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع الجريمة

في أحد الأكمنة.. استوقف ضابط المرور دراجة بخارية، وأمسك بيد المتهم في القضية حال ركوبه خلف قائد الدراجة، فما كان من الأخير إلا محاولة الفرار هاربًا، وبعد أن تمكن الضابط من القبض عليه، وبتفتيشه عثر بحوزته على مادة مخدرة، واتهمته النيابة بأنه: 

 أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهرا مخدرا “حشيش” في غير الأحوال المصرح بها قانونا.

وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة.

قضت المحكمة حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 2، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 45 لسنة 1984، والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق المستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976، مع اعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين، وتغريمه الف جنيه والمصادرة.

فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض….. الخ.

حكم محكمة النقض:

من حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة احراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، قد أخطأ فى تطبيق القانون – ذلك بان الحكم أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان القبض وضبط المخدر على أساس أن الجريمة كانت فى حالة تلبس، فى حين أن مؤدى اقوال الشاهد الضابط………. أنه أمسك بيد الطاعن قبل أن يتبين كنه المادة المخدرة بداخل كيس القماش المضبوط وهو ما يعد قبضا قبل أن تتوافر المظاهر الخارجية التى تبنىء عن وقوع الجريمة، وبالتالى فإن ما اسفر عنه القبض من ضبط المادة المخدرة يكون باطلا واذ عول الحكم على ذلك يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله “إنه أثناء قيام الملازم أول….. معاون مباحث مركز شرطة ديرب نجم بحملة لملاحظة حالة الأمن ولضبط وسائل النقل المخالفة، وذلك على رأس قوة من رجال الشرطة بتاريخ……… وفى الساعة الحادية عشر مساء وبالطريق المؤدى الى…….. التابع لناحية……..، استوقف دراجة آلية يستقلها أحد الأشخاص وقد اردف المتهم خلفه، واذ ذاك حاول هذا الأخير الهرب، إلا أنه تمكن من ضبطه فى اللحظة التى اخرج فيها المتهم من طيات ملابسه طربه من مخدر الحشيش داخل كيس من القماش به قطع تظهر منه المادة المخدرة، وأجرى تفتيشه حيث عثر بجيب صديرية على آلة حادة – سكين – بمقبض خشبى ونصلها ملفوف بقطعة من القماش، وعالق به آثار لذات المخدر”.، وحصل الحكم اقوال الضابط بما لا يخرج عن مؤدى ما أورده فى معرض سرده لواقعة الدعوى. لما كان ذلك، ولئن كان تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها، ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمرا موكولا الى محكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والإعتبارات التى تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى إنتهت إليها، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى معرض بيانه لواقعة الدعوى، وما حصله من اقوال الضابط – على السياق المتقدم – لا يبين منه أنه قد تبين أمر المخدر قبل امساكه بالطاعن، وكان مجرد محاولة الطاعن الهرب اثر استيقاف الضابط للدراجة الآلية التى كان يستقلها خلف قائدها، ليس فيها ما يبرر القبض عليه لعدم توافر المظاهر الخارجية التى تنبىء بذاتها عن وقوع الجريمة وتتوافر بها حالة التلبس التى تبيح لمأمور الضبط القضائى القبض والتفتيش، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وإنتهى إلى صحة هذا الإجراء ورفض الدفع ببطلان الضبط، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانونا عدم التعويل فى الحكم بالادانة على أى دليل يكون مستمدا منهما، وبالتالى فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الاجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملا بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ومصادرة المخدر المضبوط عملا بنص المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى