نستعرض أبرز ما جاء بالعدد الأول لمجلة المحاماة عام 2021.. ونقيب المحامين يؤكد: خطوة بسيطة على طريق إعادة ما تهدم من البناء العظيم.. ورئيس نادي القضاة يشيد بإعادة إصدارها في عهد الفقيه

تقرير: محمد علاء

في خطوة وصفها نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية بأنها خطوة بسيطة على طريق إعادة ما تهدم من البناء العظيم عبر سنوات من الهدم، أصدرت نقابة المحامين العدد الأول من مجلة المحاماة لعام 2021.

وقال نقيب المحامين عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «إلى المحامين المشتغلين بحق، مجرد خطوة بسيطة على طريق إعادة ما تهدم من البناء العظيم عبر سنوات من الهدم، ورغم محاولات إعاقة وعرقلة البناء، رغم وعورة الطريق».

وكانت نقابة المحامين قد أجرت ممارسة عامة لطباعة المجلة، التي رست على دار أخبار اليوم بتكلفة بلغت 581 ألف جنيه، وذلك لطبع 60 ألف نسخة بالمواصفات الواردة بكراسة الشروط.

ويستعرض المركز الإعلامي لنقابة المحامين خلال هذا التقرير، أبرز ما تضمنه عدد المجلة الأول لعام 2021.

ودون نقيب المحامين بقلمه افتتاحية العدد تحت عنوان: المحاماة كما يجب أن تكون، وجاء نصها كالآتي:

المحاماة ليست ظاهرة كلامية وحشاها أن تكون. فالكلمة وإن كانت عمادها وروحها وركازها وسنادها وسلاحها، إلا أن هذه الكلمة ليست محض حروف أو صيغ أو تراكيب، وإنما هي علم ومعرفة وبيان، وحجة وبرهان.

لذلك لم يكن حميدًا احتجاب مجلة المحاماة لسنوات طوال، وقد كان ينهض بها وبكل ملاحقها الأستاذ الكبير عصمت الهواري، رحمه الله، وكانت عودتها إلى الحياة ضرورة يحرص عليها كل محام محب للمحاماة، مدرك لدور العلم والمعرفة في إعطاء الكلمة حقها المتفق مع رسالتها ومع رسالة المحاماة.

يحق لأي آدمي يتقن صناعة الكلمة، ويربطها بالفعل والسلوك – أن يفاخر بأنه أديب أو شاعر أو صحفي أو كاتب أو مؤلف أو حكيم أو روائي، وأن يباهي الدنيا بأنه من صناع الكلمة الموهوبين في نحتها وتركيبها ومعرفة أسرار معانيها وإيماءاتها وجَرْسِها ومعمارها، المتمكنين في التوليف وسبك مترادفاتها في صياغة تجلي المعنى وتحفظ الجرس وتستقر شحنتها في وجدان المتلقي.

بيد أن الكلمة -عُدّة المحاماة- تعبير حقيقي عن رسالتها ولب القيام بأمانتها، وهي لن تحقق هذه الغاية إلا إذا كان سنادها العلم والمعرفة.

لم يكن صدفة أن تعانقت الكلمة والمحاماة، فبينهما علاقة حميمة وتأثير متبادل يصل حد الاندماج، كلاهما يأخذ من الأخر ويصب فيه، لذلك ظلت المحاماة على صلة دائمة لم تنقطع أبدًا بالأدب والفكر والثقافة، وارتفع إلى قمة الأدب قمم في المحاماة، وسطر عمالقة المحاماة صفحات رائعة في الآداب والفكر والثقافة، حتى بات عسيرًا أن ترد أحدهم إلى هذه دون تلك.. عرف الأدب والفكر الدكتور محمد حسين هيكل في زينب أول رواية مصرية وفي حياة محمد والفاروق عمر ومنزل الوحي وجان جاك روسو وغيرها، مثلما عرفته ساحات المحاكم محاميًا لامعًا ووزيرًا بارعًا ورئيسًا شامخًا لمجلس الشيوخ المصري.. وعرفت الحيادة الأدبية توفيق الحكيم الذي كان أول إلهاماته في عالم الأدب مستوحى من تجربته في ساحة القضاء برائعته: يوميات نائب في الأرياف، وكتابه: عدالة وفن، إلى أحر عنقود المؤلفات الأدبية والفكرية الرائعة الذي مثل به الحكيم أحد أضلاع التنوير في القرن العشرين.. وعرفت الحياة الأدبية يحيى حقي خريج الدفعة ذاتها (1925) التي تخرج فيها توفيق الحكيم، ووالدي عطية عبده، يرحمهم الله، أيام كان مسماها مدرسة الحقوق الملكية، وعاينت دوره -أقصد الأستاذ يحيى حقي- الذي امتزجت فيه رؤيته بالمحاماة وتجربته كمعاون إدارة، مع تراب مصر، وعبق تاريخها، ورحلاته الخارجية، وسياحاته في الفكر والأدب الإنساني، ليقدم مزيجًا رائعًا لأديب مفكر فذ التقت فيه هذه الروافد في عطاء متبادل: عشق الكلمة، خليها على الله، صح النوم، قنديل أم هاشم، دماء وطيبن، أم العواجز، وباقة من أميز ما قدم إلى المكتبة العربية في القرن العشرين.. قليلون يعرفون أن الدكتور محمد مندور أستاذ النقد والنقاد، وصاحب كتاب النقد المنهجي عند العرب وتصانيف نقد الشعر والمسرح والأدب، خريج حقوق القاهرة دفعة 1930 التي كان أولها المحامي الأشهر والمفكر والأديب والشاعر الفذ الدكتور محمد عبد الله محمد.. لا أحسب أحدًا بلغ القمة التي ارتقاها محمد عبد الله محمد في صمت جليل وتواضع لافت، وقليلون اطلعوا على عالم هذا الرجل الذي قدم سوامق الفكر وروائع الأدب والأشعار.. فكما ظلمت رواية: قنديل أم هاشم، يحيى حقي، فتغولت على باقي أعماله فإن كتاب محمد عبد الله محمد: «في جرائم النشر»، شد انتباه الجميع فلم يعد أحد يدرك أن لهذا المحامي العالم الأديب –إلى جوار جرائم النشر وبسائط علم العقاب- كتاب فذ في «معالم التقريب»، وأشعار بالغة الإتقان والجزالة والعمق؛ قمت بجمعها له بعد لأي في ديوانه «العارف» و«الطريق».. وقليلون -بعد مضي الزمن!- من بقوا يتذكرون كيف اجتمع الأدب والمحاماة في الأفذاذ إبراهيم الهلباوي وعبد العزيز فهمي وأحمد لطفي السيد أستاذ الجيل وصاحب كتاب أرسطو ورئيس تحرير الجريدة وأول رئيس لمجمع اللغة العربية، وقاسم أمين صاحب كتابي: تحرير المرأة والمرأة الجديدة، ومصطفى مرعي وفكري أباظة ومحمد التابعي وأحمد حسين، والمحامي المؤرخ عبد الرحمن الرافعي، وفتحي رضوان وغيرهم من حبات هذا العقد الذين ازدانت بهم صفحات الفكر والأدب مثلما ازدانت صفحات المحاماة!

ويبدو أن فنون المرافعات، الشفوية والمكتوبة، هي التي «أقامت صلة متينة» بين الأدب والمحاماة، فجوهر المحاماة أنها رسالة إقناع.. شحنة من الحجج والبراهين، يعرضها المحامي على قضاته.. شفاهةً في الأصل، وكتابةً إذا لزم الأمر..

يحق لنا إذن أن نبتهج بعودة مجلتنا إلى الصدور بعد طول غياب، وأن نحتفي بتلك العودة لأنها عودة بنا إلى المحاماة كما يجب أن تكون. لقد قام على هذا العمل الجليل نخبة من الزملاء عملوا بجد وإخلاص، بلا ضجيج ولا استعراض، يحق لهم أن نشكرهم، وواجب علينا أن نتواصل معهم، ونتعاون في إثراء مجلتنا بالبحوث والدراسات والمقالات والأحكام، وأن نتخذ من مجلتنا مائدة كمائدة المسيح عليه السلام، نتغذى منها بكل صائب وجميل ولازم لحياة رسالة المحاماة.

كما وجه رئيس نادي القضاة المستشار/ محمد عبد المحسن كلمة خلال العدد قال فيها إن مهنة المحاماة من أشرف وأنبل المهن، فهي سبيل كل مظلوم لرفع الظلم عنه، ووسيلة كل صاحب حق للوصول لحقه، وهي شريكة السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون، وللحق نقول إن كثيرًا من القوانين وتعديلاتها والأحكام ومستحدثاتها كانت من رحم ما سُطِرَ في مذكرات دفاع السادة المحامين، وحسنًا فعلت نقابة المحامين في عهد نقيبها الفقيه الأستاذ/ رجائي عطية أن أعادت إصدار مجلة المحاماة العريقة بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عامًا لتكون منارة الفكر القانوني ونافذة للتعبير عن آراء السادة المحامين ومقترحاتهم في شتى المجالات.

وأضاف رئيس نادي القضاة: «خالص تمنياتنا بأن تستعيد المجلة العريقة مكانتها بين مثيلاتها من المجلات القانونية، وأن تظل نقابة المحامين حصنًا للعدالة وللحريات وموطن لكل رجال القانون في مصر».

وشرح الفهرس أبرز محتويات العدد التي جاءت كالآتي:

⚖️ اللغة الذهبية لقضاء المحكمة الدستورية                      6-19

⚖️ رقابة محكمة النقض على سلطة القاضي التقديرية          20-25

⚖️ التقاضي على درجتين أمام محكمة الجنايات – (الإشكالية والحلول)     26-33

⚖️ ذهبيات المحاماة: مرافعة المحامي مرقس فهمي في محاكمة مكرم عبيد المحامي في قضية المحامين المنسحبين                  34-69

⚖️ الدكتور أحمد فتحي سرور يفتح عقله وقلبه وخزائن أسراره في حواره مع «مجلة المحاماة»

70-73

⚖️ مدى جواز طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا – المبدأ والاستثناء     74-79

⚖️ التشكيل الكامل لمجالس النقابات الفرعية للمحامين      80-83

⚖️ ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي                  84-93

⚖️ المبادئ القانونية التي قررتها الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض منذ إنشائها وحتى نهاية 2020              94-115

⚖️ وسام المحاماة.. القديس أحمد نبيل الهلالي                  116

⚖️ ملحق تشريعات الربع الأول من عام 2021                   117-144

كما اختتم العدد ببيان أسماء وهواتف نقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين.

وفي حواره لمجلة المحاماة -، فتح الدكتور أحمد فتحي سرور المحامي بالنقض، وأستاذ القانون الجنائي، ورئيس مجلس الشعب الأسبق، عقله وقلبه وخزائن أسراره.

وقال «سرور»، إنه لا زال المثل الأعلى له هو المستشار عادل يونس، المحامي العام للنقض الجنائي، فقد كان رجلًا مستقيمًا وفكره القانوني واضحًا، وآراؤه موضوعية، وبعده المستشار أبو الفضل حنفي الذي كان رئيس محكمة النقض، فقد كان علاّمة وسريعًا في حل أي مشكلة.

وعن الشخصيات القانونية الأبرز في تاريخ مصر، ذكر: «الشخصيات القانونية لها تخصصات، ففي القانون الدستوري أول رئيس للمحكمة الدستورية العليا أعطيه الجائزة كأفضل شخصية في تخصصه هو المستشار محمد عوض المر، وفي القانون المدني المرحوم المستشار/ عبد الرزاق السنهوري، فهو مؤلف “الوسيط في القانون المدني” ولا زال بغير منازع هو الشخصية القانونية البارزة في القانون المدني، بينما في القانون الجنائي العديد من الشخصيات القانونية البارزة جميعها أفادتنا، منها المرحوم المستشار مصطفى القللي، والمرحوم/ علي بدوي، والمرحوم الدكتور/ محمود نجيب حسني، فهم شخصيات قانونية بارزة لا جدال فيها».

وردًا على سؤال: «شغلتم أعمال ومناصب كثيرة جدًا منها النيابة العامة والتدريس القانوني وعمادة كلية الحقوق والوزارة ورئاسة البرلمان والمحاماة، ما هي أحب الأعمال إليكم؟»، صرح «سرور»، بأنها المحاماة بلا منازع، وإذا كنت قد ختمت بها حياتي العملية فهذا هو أفضل ختام وأفضل مهنة، وعندما نتتبع تاريخ العظماء نجد أن عظيم يشار إليه بالبنان كان محاميًا، والمحاماة مهنة كشكول، بما يعني أن عملي في النيابة العامة والتدريس والوزارة والبرلمان كلها فصول في كشكول يكون المحامي، فالمحامي ما لم يكن محيطًا بكل المعارف القانونية ويعلم من الناحية العملية كيفية معالجتها لن يكون محاميًا فذًا، ولهذا المحاماة هي خلاصة تجربة الحياة، وأقول دون أدنى مجاملة أن مهنة المحاماة هي أفضل المهن جميعًا.

وعن أسرار الصنعة في مهنة المحاماة التي تكون فارقة في مسيرة المحامي، أوضح أستاذ القانون الجنائي، أن المحاماة تتطلب القدرة على الإلقاء أولًا، والمحامي يجب أن يجيد الإلقاء لأنه هو كيفية التعبير والتعبير هو وسيلته لنقل الفكرة وإذ لم يجد هذا فلن يستطيع أن ينقل فكرته إلى المحكمة ولا إلى النيابة.

وأضاف: «ثانيًا: البلاغة والقدرة على التفكير وانتقاء العبارات الملائمة للموقف؛ فهذه نقطة مهمة جدًا، ثالثًا: الإحاطة بالمعارف القانونية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وهذه من البديهيات التي يجب أن يُلم بها المحامي، ولم أقل يُجيدها كل الإجادة، فقط يلم بها، فكل ذلك عماد المحاماة».

وعن رأيه في فكرة إدخال التخصص في مجال القانون وتفضيل البعض لوجوده بكلية الحقوق، أكد أنه يعارض تلك الفكرة فالتخصص مسألة لا تأتي في البداية أبدًا، فقد قولت إن المحامي كشكول، فلا أقول إن المحامي جنائي إلا بعد أن يكون محاميًا عامًا، بعدها يتخصص لإجادة فرع معين، لكن قبل ذلك كل المعارف القانونية يجب أن تكون في ذهنه، ويحيط بها، والتخصص العاجل هو تدمير لمهنة المحاماة، وكذلك القاضي يسري عليه ما يسري على المحامي، فالقدرة الإقناعية التي يكونها القاضي يجب أن تكون عامة في البداية.

وعن التعديلات التي أدخلت على محكمة النقض مؤخرًا، قال إنها في رأيه خصمت منها، فمحكمة النقض يجب أن تظل محكمة قانون، وكونها تُحول لمحكمة موضوع تنظر الجنح المستأنفة والجنايات فهذا خطأ، إذ يجب أن يكون ذلك على سبيل الاستثناء عند نقض الحكم للمرة الثانية.

وشدد «سرور»، أن محكمة النقض يجب أن تبقى محكمة قانون فقط، إنما الموضوع يجيده رجال قضاة الموضوع، ويجيده أكثر من تعود على أن يزن الأمور ويتأثر بالمرافعات، وتقدير القضية من الناحية الموضوعية لها رجالها، وتقديرها من الناحية القانونية أيضًا له رجاله، فلا يجوز أن يختلط الأمر بين الاثنين على الإطلاق، ولهذا فإنني أحبذ أن تحال القضية بعد نقضها لأول مرة إلى قضاة الموضوع.

وعن ظهور فكرة التقاضي على درجتين في الجنايات في التعديل الدستوري عام 2014، وعدم تفعيلها تشريعًا حتى الآن، أكد أستاذ القانون الجنائي، أنه مبدأ محترم، والصعوبة التي تؤخر تفعيله هي قلة القضاة والمستشارين؛ لذا فإن هذا التعديل تفعيله يقتضي التدريج، لكن الفكرة الدستورية في هذا التعديل ممتازة جدًا، وهو مطبّق في كثيرِ من البلاد العربية نفسها.

كما وجه «سرور» خلال حواره تلجرافات سريعة إلى ثمان شخصيات قانونية بارزة جاءت كالآتي:

الدكتور محمود محمود مصطفى:

صاحب الفضل عليّ في تغيير مصير حياتي؛ لأنه كان عميدًا للكلية وقت أن كنت وكيلًا للنيابة، وتحولت إلى مدرس بكلية الحقوق، وهو الذي أشرف على رسالة الدكتوراة.

الدكتور نجيب حسني:

زميل فاضل وأستاذ عظيم وعميق.

الدكتور مأمون سلامة:

رجل فاضل بكل معاني الكلمة وزميل فاضل عظيم.

الدكتورة فوزية عبد الستار:

زميلة فاضلة، ولها كتب محترمة جدًا، وكانت رئيس اللجنة التشريعية عندما كنت رئيسًا لمجلس الشعب.

المستشار أحمد مدحت المراغي:

كان رئيسًا لمحكمة النقض، وذو شخصية محترمة جدًا.

الدكتور عوض المر:

صاحب الفضل في القضاء الدستوري.

المستشار محمد وجدي عبد الصمد:

عملت معه عندما كان وكيل نيابة الأزبكية، وكنت أنا وكيل نيابة صغير، وانتدبت معه في فترة الصيف، وهو شخصية قانونية عظيمة.

الأستاذ رجائي عطية:

نقيب المحامين، ومن يفهمه يسير خلفه، فهو رجل محترم جدًا وخلوق، يحب المحاماة، وإلقاؤه محترم جدًا، أعرفه منذ زمن، وأعلم أنه يخوض معارك وله من يؤيده وله من يخالفه، كما هي عادة الحياة، ولكنه كما أعرفه رجل محترم وخلوق وفعال ومحام بارع جدًا.

زر الذهاب إلى الأعلى