محكمة النقض توضح ماهية دعوى صحة التعاقد وشروطها

كتب: علي عبدالجواد

     أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ٤٣٩٤ لسنة ٨٧ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢١/١٢/٢٠، أنَّ الدعوى بصحةِ ونفاذِ عقدِ البيعِ هي دعوى موضوعيَّةٌ تمتدُ سلطةُ المحكمةِ فيها إلى بحثِ موضوعِ العقدِ ونفاذِهِ في مواجهةِ البائعِ، وهي تستلزمُ أنْ يكونَ مِنْ شأنِ البيعِ موضوعِ التعاقدِ نقلُ الملكيَّةِ حتى إذا ما سُجِّلَ الحكمُ قامَ مقامَ العقدِ المُسَجَّلِ في نقلِ الملكيَّةِ .

     وتابعت : «وهذا يقتضي أنْ يفصلَ القاضي في أمرِ صحةِ البيعِ، وأنْ يتحققَ من استيفائِهِ للشروطِ اللازمةِ لانعقادِه وصحتِهِ، وأنَّ قيامَ الخلافِ بينَ الطرفَيْنِ حولَ تنفيذِ أَيٍّ مِنْهُما لالتزاماتِهِ المترتبةِ على العقدِ يقتضي مِنَ المحكمةِ التحققُ مِنْ أنَّ هذا الخلافَ يتعلقُ بالتزامٍ يُؤثِّرُ على أركانِ البيعِ وشروطِهِ الأساسيَّةِ التي ما كانَ يتمُّ البيعُ بدونِها أمْ أنَّه لاحقٌ عليه ولا يُؤثِّرُ على صحةِ العقدِ ونفاذِهِ» .

الحكم

جلسة ٢٠ من ديسمبر سنة ٢٠٢١

برئاسة السيـد القاضي/ مجدي مصطفى نائب رئـيـس المحكمة وعضوية السادة القضـاة/ وائل رفاعي، عصام توفيق، رفعــت هيبة وياسر فتح الله العكازي

نواب رئـيس المحكمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن رقم ٤٣٩٤ لسنة ٨٧ القضائية

(١) دعوى ” أنواع من الدعاوى : دعوى صحة التعاقد : شروط قبولها ” .

دعوى صحة التعاقد . ماهيتها . دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ونفاذه في مواجهة البائع . من شروطها . كون البيع موضوع التعاقد ناقلًا للملكية . مقتضاه . فصل القاضي في أمر صحة البيع واستيفائه شروط الانعقاد والصحة . قيام الخلاف بين طرفي البيع حول تنفيذ أيٍّ منهما لالتزاماته المترتبة على العقد . مؤداه . وجوب تحقق المحكمة من تعلق الخلاف بالتزامٍ مؤثرٍ في أركان البيع وشروطه الأساسية أم أنه لاحقٌ عليه لا يؤثر على صحة العقد ونفاذه .

(٢) محكمة الموضوع ” سلطتها بـالـنـسـبـة للمنازعات الناشئة عن العقود : سلطتها في تفسير العقـــد”.

محكمة الموضوع . سلطتها في تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين دون معقبٍ . شرطه. ألَّا تخرج عما تحتمله عبارات العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها .

(٣) بيع ” انحلال عقد البيع : بطلان البيع : ما لا يعد بطلانا ” ” بعض أنواع البيوع : بيع الأراضي الصحراوية ” .

إلزام المتصرف إليهم في الأراضي الخاضعة لق ١٤٣ لسنة ١٩٨١ بشأن الأراضي الصحراوية ولائحته التنفيذية بأداء قيمة المرافق العامة الرئيسية اللازمة لإقامة مشروعات استصلاح واستزراع الأراضي . عدم ترتب البطلان أو عدم نفاذ العقد حال عدم سداد تلك القيمة . بقاء حق الدولة في استيداء تلك المبالغ من المُتَصَرَفِ إليه بموجب الصلاحيات المخولة لها قانونًا . م ١٨ من اللائحة التنفيذية رقم ١٩٨ لسنة ١٩٨٢ لق ١٤٣ لسنة ١٩٨١ بشأن الأراضي الصحراوية .

(٤) بيع ” بعض أنواع البيوع : بيع الأراضي الصحراوية ” ” دعوى صحة ونفاذ عقد البيع ” .

التزام الطاعن بصفته المتصرف إليه في أرض التداعي الخاضعة لق ١٤٣ لسنة ١٩٨١ ولائحته التنفيذية بأداء قيمة المرافق العامة التي تحدد بقرار من مجلس الوزراء . عدم تأثير ذلك الالتزام على صحة العقد ونفاذه . خلو بنود عقد التداعي من إلزام الطاعن بتلك القيمة أو اعتبارها جزءًا من الثمن ومن الفسخ أو البطلان حال عدم سدادها . أثره . عدم اعتبار تخلفه عن سدادها إخلالًا بأحد التزاماته الرئيسية التي أوفى بها والمتمثلة في الوفاء بالثمن . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه برفض صحة ونفاذ عقد النزاع استنادًا لعدم سداد الطاعن لقيمة المرافق العامة . خطأ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنَّ الدعوى بصحةِ ونفاذِ عقدِ البيعِ هي دعوى موضوعيَّةٌ تمتدُ سلطةُ المحكمةِ فيها إلى بحثِ موضوعِ العقدِ ونفاذِهِ في مواجهةِ البائعِ، وهي تستلزمُ أنْ يكونَ مِنْ شأنِ البيعِ موضوعِ التعاقدِ نقلُ الملكيَّةِ حتى إذا ما سُجِّلَ الحكمُ قامَ مقامَ العقدِ المُسَجَّلِ في نقلِ الملكيَّةِ، وهذا يقتضي أنْ يفصلَ القاضي في أمرِ صحةِ البيعِ، وأنْ يتحققَ من استيفائِهِ للشروطِ اللازمةِ لانعقادِه وصحتِهِ، وأنَّ قيامَ الخلافِ بينَ الطرفَيْنِ حولَ تنفيذِ أَيٍّ مِنْهُما لالتزاماتِهِ المترتبةِ على العقدِ يقتضي مِنَ المحكمةِ التحققُ مِنْ أنَّ هذا الخلافَ يتعلقُ بالتزامٍ يُؤثِّرُ على أركانِ البيعِ وشروطِهِ الأساسيَّةِ التي ما كانَ يتمُّ البيعُ بدونِها أمْ أنَّه لاحقٌ عليه ولا يُؤثِّرُ على صحةِ العقدِ ونفاذِهِ.

٢- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنَّه وإنْ كانَ لمحكمةِ الموضوعِ سلطةُ تفسيرِ العقودِ والشروطِ للتعرفِ على مقصودِ العاقدَيْنِ دونَ مُعَقِبٍ، إلَّا أنَّ ذلكَ مشروطٌ بألَّا تخرجَ في تفسيرِها عمَّا تحتملُهُ عباراتُ تلكَ العقودِ أوْ تُجَاوِزَ المعنى الظاهرَ لها.

٣- إنَّ النصَّ في المادةِ ١٨ مِنَ اللائحةِ التنفيذيَّةِ للقانونِ رقمِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ بشأنِ الأراضي الصحراويَّةِ الصادرةِ بقرارِ وزيرِ التعميرِ والدولةِ للإسكانِ واستصلاحِ الأراضي رقم ١٩٨ لسنة ١٩٨٢ على أنَّه ” يلتزمُ المُتَصَرَفُ إليهم في الأراضي الخاضعةِ لأحكامِ القانونِ رقمِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ المشارِ إليهِ بأداءِ نسبةٍ مِنْ تكاليفِ المرافقِ العامةِ الرئيسيَّةِ اللازمةِ لإقامةِ مشروعاتِ استصلاحِ واستزراعِ الأراضي، ويتمُّ تحديدُ هذه النسبةِ وطريقةِ أدائِها طبقًا للسياسةِ العامةِ للدولةِ في هذا المجالِ، ويصدرُ بها قرارٌ مِنْ مَجلسِ الوزراءِ “. يدل على أنَّ اللائحةَ المُحالَ إليها، وإنْ أَلْزَمَتِ المُتَصَرَفَ إليهِم في الأراضي الخاضعةِ لأحكامِ القانونِ رقمِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ بأداءِ قيمةِ المرافقِ العامةِ الرئيسيَّةِ اللازمةِ لإقامة ِمشروعاتِ استصلاحِ واستزراعِ الأراضي، إلَّا أنَّها لمْ تُرَتِّبِ البُطلانَ أو عدمَ نفاذِ العقدِ على عدمِ سدادِ تلكَ القيمةِ، ويبقى للدولةِ حقُ استيداءِ تلكَ المبالغ- عندَ تحديدِها- مِنَ المُتَصَرَفِ إليهِ بموجبِ الصلاحياتِ المُخَوَّلةِ لها قانونًا.

٤- إذْ كانَ البينُ أنَّ العقدَ مدارَ التداعي- والذي يحكمُ العلاقةَ فيما بينَ طرفَيْهِ- أنَّ بُنودَه خَلَتْ مِنْ شرطٍ يُلْزِمُ المشتريَ– الطاعنَ- بسدادِ قيمةِ المرافقِ العامةِ، ولمْ يتضمنْ شرطًا بفسخِ العقدِ أوْ بطلانِهِ حالَ عدمِ سدادِ تلكَ القيمةِ، وإنْ كانَ العقدُ في بندِهِ التمهيديِّ قدْ أَوْضحَ أنَّ هذا التعاقدَ تمَّ طبقًا لأحكامِ القانونِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ بشأنِ الأراضي الصحراويةِ ولائحتِهِ التنفيذيَّةِ الصادرةِ بقرارٍ مِنْ وزيرِ التعميرِ والدولةِ للإسكانِ واستصلاحِ الأراضي رقم ١٩٨ لسنة ١٩٨٢ والقانونِ ۷ لسنة ١٩٩١ بشأنِ الأحكامِ المتعلقةِ بأملاكِ الدولةِ الخاصةِ والقرارِ الوزاري رقم ٢٩٠٦ لسنة ١٩٩٥ في شأنِ القواعدِ والشروطِ المنظمةِ لإدارةِ واستغلالِ والتصرفِ في الأراضي المخصصةِ للهيئةِ العامةِ لمشروعاتِ التعميرِ والتنميَّةِ الزراعيَّةِ، ………….، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ الطاعنَ وهُوَ المُتَصَرَفُ إليهِ في أرضِ التداعِي الخاضعةِ للقانونِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ ولائحتِه التنفيذيَّةِ يُعَدُّ ملزمًا بأداءِ تلكَ القيمةِ التي تُحدَّدُ بقرارٍ مِنْ مجلسِ الوزراءِ، وللدولة استيداءُ تلكَ القيمةِ عندَ تحديدِها لكلِّ مُتَصَرَفٍ إليهِ، إلَّا أنَّ ذلكَ الاستحقاقَ في أداءِ قيمةِ المرافقِ لا يُؤثِّرُ على صحةِ العقدِ ونفاذِه؛ إذْ إنَّ بُنُودَه لمْ تتضمنِ الإلزامَ بتلكَ القيمةِ، فلا يُعَدُّ عدمُ السدادِ تقاعسًا عَنْ تنفيذِ أحدِ التزاماتِ المشتري- الطاعنِ– الذي أوفى بالتزاماتِهِ الرئيسيَّةِ، وهو سدادُ الثمنِ المتفقِ عليهِ بالعقدِ، ولمْ يتضمنِ العقدُ أنَّ قيمةَ المرافقِ تُعَدُّ جزءًا مِنَ الثمنِ المتفقِ عليهِ، ………… ، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ الحكمَ المطعونَ فيهِ وقدْ خالفَ هذا النظرَ ورفضَ صحةَ ونفاذَ العقدِ على سندٍ مِنْ عدمِ سدادِ تلكَ المبالغِ– رغمَ أنَّ الثابتَ مِنْ تقريرِ الخبيرِ أنَّ النسبةَ المكلفَ بأدائِها الطاعنُ لمْ تُحَدَّدْ بعدُ- فإنَّه يكونُ أخطأَ في تطبيقِ القانونِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

حَيْثُ إِنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الشَّكْلِيَّةَ.

وَحَيْثُ إِنَّ الْوَقَائِعَ– على ما يبينُ مِنَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ– تتحصلُ في أنَّ الطاعنَ أقامَ الدعوى رقم … لسنة ٢٠١٢ محكمة كوم حمادةِ الابتدائيَّةِ على الهيئةِ المطعونِ ضدها بطلبِ الحكمِ بصحةِ ونفاذِ عقدِ البيعِ المؤرخِ ١ /٤/ ٢٠٠٩ والمُتضَمِّنِ شراءه منها الأرضَ الصحراويَّةَ المُبينةَ بهِ وبالصحيفة لِقَاءَ ثمنٍ سدَّدَه كاملًا، وإذْ تقاعسَتِ المطعونُ ضدها عنِ نقلِ الملكيَّةِ إليهِ، فقدْ أقامَ الدعوى. ندبتِ المحكمةُ خبيرًا، وبعدَ أنْ أَودعَ تقريرَه، حكمتْ بعدمِ قبولِ الدعوى. استأنفَ الطاعنُ هذا الحكمَ برقم … لسنة ٧١ ق الإسكندريَّةِ، قضتِ المحكمةُ بإلغاءِ الحكمِ المستأنَفِ وإعادةِ الدعوى إلى محكمةِ أوَّلِ درجةٍ للفصلِ في موضوعِها التي عادتْ وقضتْ برفضها. استأنفَ الطاعنُ هذا الحكمَ بالاستئنافِ رقم … لسنة ٧٢ ق الإسكندريَّةِ، وبتاريخِ ١٨ /١/ ٢٠١٧ قضتْ بالتأييدِ. طعنَ الطاعنُ في هذا الحكمِ بطريقِ النقضِ، وأودعتِ النيابةُ مذكرةً أبدتْ فيها الرأيَ برفضِ الطعنِ، وإذ عُرِضَ الطَّعنُ على هذه المحكمةِ- في غرفةِ مشورةٍ- حددتْ جلسةً لنظرِهِ فيها التزمتِ النيابةُ رأيَها.

وَحَيْثُ إنَّ حاصلَ ما ينعاه الطاعنُ على الحكمِ المطعونِ فيهِ الخطأُ في تطبيقِ القانونِ والقصورُ في التسبيبِ والفسادُ في الاستدلالِ والإخلالُ بحقِ الدفاعِ؛ إذ أقامَ قضاءَه بتأييدِ حكمِ أوَّلِ درجةٍ برفضِ صحةِ ونفاذِ عقدِ البيعِ موضوعِ الدعوى على سندٍ مِنْ أنَّه لمْ يقمْ بسدادِ تكاليفِ المرافقِ العامةِ الرئيسيَّةِ، رغمَ أنَّه قامَ بتنفيذِ التزاماتِهِ الواردةِ بالعقدِ وسدادِه جميعَ الأقساطِ المُستحقةِ عليهِ شاملةً قيمةَ الأرضِ والبِنْيَةِ الأساسيَّةِ والمرافقِ، ممَّا يعيبُهُ، ويستوجِبُ نقضَه.

وَحَيْثُ إنَّ هذا النعيَ في محلِهِ؛ ذلك بأنَّ من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنَّ الدعوى بصحةِ ونفاذِ عقدِ البيعِ هي دعوى موضوعيَّةٌ تمتدُ سلطةُ المحكمةِ فيها إلى بحثِ موضوعِ العقدِ ونفاذِهِ في مواجهةِ البائعِ، وهي تستلزمُ أنْ يكونَ مِنْ شأنِ البيعِ موضوعِ التعاقدِ نقلُ الملكيَّةِ حتى إذا ما سُجِّلَ الحكمُ قامَ مقامَ العقدِ المُسَجَّلِ في نقلِ الملكيَّةِ، وهذا يقتضي أنْ يفصلَ القاضي في أمرِ صحةِ البيعِ، وأنْ يتحققَ من استيفائِهِ للشروطِ اللازمةِ لانعقادِه وصحتِهِ، وأنَّ قيامَ الخلافِ بينَ الطرفَيْنِ حولَ تنفيذِ أَيٍّ مِنْهُما لالتزاماتِهِ المترتبةِ على العقدِ يقتضي مِنَ المحكمةِ التحققُ مِنْ أنَّ هذا الخلافَ يتعلقُ بالتزامٍ يُؤثِّرُ على أركانِ البيعِ وشروطِهِ الأساسيَّةِ التي ما كانَ يتمُّ البيعُ بدونِها أمْ أنَّه لاحقٌ عليه ولا يُؤثِّرُ على صحةِ العقدِ ونفاذِهِ. وأنَّه وإنْ كانَ لمحكمةِ الموضوعِ سلطةُ تفسيرِ العقودِ والشروطِ للتعرفِ على مقصودِ العاقِدَيْنِ دونَ مُعقِبٍ، إلَّا أنَّ ذلكَ مشروطٌ بألَّا تخرجَ في تفسيرِها عمَّا تحتملُهُ عباراتُ تلكَ العقودِ أوْ تُجاوِزَ المعنى الظاهرَ لها. لمَّا كانَ ما تقدَّم، وكان البينُ أنَّ العقدَ مدارَ التداعي ــ والذي يحكمُ العلاقةَ فيما بينَ طرفَيْهِ ـــ أنَّ بُنودَه خَلَتْ مِنْ شرطٍ يُلْزِمُ المشتريَ-الطاعنَ- بسدادِ قيمةِ المرافقِ العامةِ، ولمْ يتضمنْ شرطًا بفسخِ العقدِ أوْ بطلانِهِ حالَ عدمِ سدادِ تلكَ القيمةِ، وإنْ كانَ العقدُ في بندِهِ التمهيديِّ قدْ أَوْضحَ أنَّ هذا التعاقدَ تمَّ طبقًا لأحكامِ القانونِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ بشأنِ الأراضي الصحراويَّةِ ولائحتِهِ التنفيذيَّةِ الصادرةِ بقرارٍ مِنْ وزيرِ التعميرِ والدولةِ للإسكانِ واستصلاحِ الأراضي رقم ١٩٨ لسنة ١٩٨٢ والقانونِ ۷ لسنة ١٩٩١ بشأنِ الأحكامِ المتعلقةِ بأملاكِ الدولةِ الخاصةِ والقرارِ الوزاري رقم ٢٩٠٦ لسنة ١٩٩٥ في شأنِ القواعدِ والشروطِ المنظمةِ لإدارةِ واستغلالِ والتصرفِ في الأراضي المخصصةِ للهيئةِ العامةِ لمشروعاتِ التعميرِ والتنميَّةِ الزراعيَّةِ. وكانتِ المادةُ ١٨ من اللائحةِ التنفيذيَّةِ رقم ١٩٨ لسنة ١٩٨٢ المشارِ إليها قدْ نصتْ على أنَّه” يلتزمُ المُتَصَرَفُ إليهم في الأراضي الخاضعةِ لأحكامِ القانونِ رقمِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ المشارِ إليهِ بأداءِ نسبةٍ مِنْ تكاليفِ المرافقِ العامةِ الرئيسيَّةِ اللازمةِ لإقامةِ مشروعاتِ استصلاحِ واستزراعِ الأراضي، ويتمُّ تحديدُ هذه النسبةِ وطريقةِ أدائِها طبقًا للسياسةِ العامةِ للدولةِ في هذا المجالِ، ويصدرُ بها قرارٌ مِنْ مَجلسِ الوزراءِ.”، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ الطاعنَ وهُوَ المتصرفُ إليهِ في أرضِ التداعِي الخاضعةِ للقانونِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ ولائحتِه التنفيذيَّةِ يُعَدُّ ملزمًا بأداءِ تلكَ القيمةِ التي تُحدَّدُ بقرارٍ مِنْ مجلسِ الوزراءِ، وللدولة استيداءُ تلكَ القيمةِ عندَ تحديدِها لكلِّ مُتَصَرَفٍ إليهِ، إلَّا أنَّ ذلكَ الاستحقاقَ في أداءِ قيمةِ المرافقِ لا يُؤثِّرُ على صحةِ العقدِ ونفاذِه؛ إذْ إنَّ بُنُودَه لمْ تتضمنِ الإلزامَ بتلكَ القيمةِ، فلا يُعَدُّ عدمُ السدادِ تقاعسًا عَنْ تنفيذِ أحدِ التزاماتِ المشتري- الطاعنِ– الذي أوفى بالتزاماتِهِ الرئيسيَّةِ، وهو سدادُ الثمنِ المتفقِ عليهِ بالعقدِ، ولمْ يتضمنِ العقدُ أنَّ قيمةَ المرافقِ تُعَدُّ جزءًا مِنَ الثمنِ المتفقِ عليهِ. وكانتِ اللائحةُ المُحالُ إليها، وإنْ أَلْزَمَتِ المُتَصَرَفَ إليهِم في الأراضي الخاضعةِ لأحكامِ القانونِ رقمِ ١٤٣ لسنة ١٩٨١ بأداءِ قيمة المرافق العامة الرئيسيَّةِ اللازمةِ لإقامةِ مشروعاتِ استصلاحِ واستزراعِ الأراضي، إلَّا أنَّها لمْ تُرَتِّبِ البُطلانَ أو عدمَ نفاذِ العقدِ على عدمِ سدادِ تلك القيمةِ، ويبقى للدولةِ حقُ استيداءِ تلكَ المبالغِ- عندَ تحديدِها- مِنَ المُتَصَرَفِ إليهِ بموجبِ الصلاحياتِ المُخَوَّلةِ لها قانونًا. ومِنْ ثَمَّ فإنَّ الحكمَ المطعونَ فيهِ وقدْ خالفَ هذا النظرَ ورفضَ صحةَ ونفاذَ العقدِ على سندٍ مِنْ عدمِ سدادِ تلكَ المبالغِ– رغمَ أنَّ الثابتَ مِنْ تقريرِ الخبيرِ أنَّ النسبةَ المكلفَ بأدائِها الطاعنُ لمْ تُحَدَّدْ بعدُ- فإنَّه يكونُ أخطأَ في تطبيقِ القانونِ، بما يُوجِبُ نقضَه.

وَحَيْثُ إنَّ الموضوعَ صالحٌ للفصلِ فيهِ- ولِمَا تقدَّمَ – وكانَ العقدُ قد استوفى أركانَهُ، وكانَ عدمُ سدادِ قيمةِ المرافقِ لا يُؤثِّرُ على صحةِ العقدِ أو نفاذِه، ومِنْ ثَمَّ تقضي المحكمةُ بإلغاءِ الحكمِ المستأنفِ والقضاءِ بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ١ /٤/ ٢٠٠٩ .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى