«النقض»: عدم العثور على الأشياء المسروقة لا يؤثر في قيام جريمة السرقة

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2270 لسنة 90 قضائية،أنه لا يؤثر في قيام جريمة السرقة عدم العثور على الأشياء المسروقة، فإن إدانة الطاعنين من أجل سرقة هذه الأشياء تكون صحيحة ولو لم يتم ضبطها، ومن ثم يكون منعي الطاعنين في هذا الصدد غير سديد.

 

المحكمـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم السرقة بالإكراه وإحراز وحيازة سلاح ناري غير مششخن وسلاح أبيض بغير ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف والملابسات التي وقعت فيها بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها ولم يبين مضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، وعول في الإدانة على أقوال المجني عليه رغم تناقضها وعدوله عنها أمام المحكمة ونفيه الاتهام عنهما ، وعلى تحريات الشرطة رغم بطلانها.

وأطرح برد غير سائغ دفوع الطاعنين بخلو الأوراق من شاهد رؤية وعدم ضبط أي مضبوطات بحوزتهما وانتفاء صلتهما بالواقعة وعدم وجود دور لهما بالأوراق وانقطاع صلتهما بالمتهم الآخر ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.

لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون، فإن منعى الطاعنين على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون سديداً.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها.

وأن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض ، ويضحي ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص غير سديد.

لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة السرقة ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة السرقة عدم العثور على الأشياء المسروقة ، فإن إدانة الطاعنين من أجل سرقة هذه الأشياء تكون صحيحة ولو لم يتم ضبطها، ومن ثم يكون منعي الطاعنين في هذا الصدد غير سديد.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعنين بالواقعة وعدم وجود دور لهما بالأوراق وانقطاع صلتهما بالمتهم الآخر من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

أمين الســـر رئيس محكمة النقض

زر الذهاب إلى الأعلى