ولنا حق الرد والتعليق
ماهر الحريري
كحالات التلبس هي كتاباتي، وعن عمد أختار ما أكتب بإرادة حرة طليقة بعيدة عن أي عيب من عيوب الرضا، مع سبق إصرار، أعلن عنها سلفا.
وتطبيقا لنظرية الظروف الطارئة، أضطر مؤقتا للتغيير نتيجة ظروف وملابسات الحال.
فمنذ أيام مضت، وعلى صفحات التواصل، يعلن برنامج “الأفوكاتو” عن حلقة مثيرة، وضيف معارض، للحديث عن تعديلات قانون المحاماة، ويسبقه العديد من البث المباشر لمقدم البرنامج لطرح الكثير من الأسئلة.
وبقيت أنتظر، وأتابع، وكنت أظنها حلقة بالفعل مثيرة متميزة، فكرا ونقاشا، وخاب ظني، فلست بمهاجم لضيف، ولا ساخط على مقدم البرنامج، فكلاهما زميل ومحام.
لكن على ما سمعت معلقاً، وللحلقة محللا، فهذا رأيي به أعتز وأفخر.
وللوهلة الأولى، يستوقفني من قبل الضيف ومقدم البرنامج الحديث عن فترةالريبة، ولا أدري ما المقصود بها قانونا؟ فباستقراء مواد الدستور ونصوص القانون، لم أر لها وجودا، رغم أن هذه التعديلات وافق عليها مجلس النقابة العامة، منذ مايو 2017، وقد طالبنا بها منذ سبتمبر 2015 إبان انعقاد المؤتمرالعام للمحامين ببورسعيد في لقاء مصور أجراه معنا الموقع الإعلامي لنقابة المحامين، لا يزال مرفوعا على موقع اليوتيوب حتى تاريخه، وتم إرساله على الخاص لمقدم البرنامج منذ أيام، ولم يتعرض له من قريب أو بعيد في نظرة آراها منه غير حيادية.
وثمة سؤال على بساط القراءة والتحليل لمقدم البرنامج وضيفه، يفرض نفسه علينا.
ما دمنا في مجال الحديث عن دستور وقانون، فماذا تعني لكم فترةالريبة؟ فمن خلال دراستنا للقانون ومزاولتنا للعمل المهني، لم نسمع عن بطلان لتصرفات، اللهم في مرض موت، أو لتصرفات تقع وليدة إكراه مادي أومعنوي. ولعل التوقيت لا دخل لنا به، فهذا اختصاص أصيل لمجلس النواب، تحكمه سياسة المجلس ولائحته الداخلية، ولا دخل لنقابة المحامين به، رغم ما طال قيادة المجلس، على لسان الضيف، بشكل مباشر أوغير مباشر في هذا الشأن.
وتستمرالحلقة بمذاخلة لأحد النواب من أعضاء اللجنة الفرعية المعدة للتقرير والمنبثقة عن اللجنة التشريعية لمجلس النواب، موضحا حقيقة التعديلات وما بها من مكتسبات لمصلحة المحاماة والمحامين، مبينا الدمج بين مشروع النقابة وغيره لهذه التعديلات. فلو كان الضيف والمضيف منصفين، لانتقدا النقابة ومجلس النواب، لكن ما بالنفوس عبرت عنه الألسنة.
وينتقد الضيف مؤكداً سلب مجلس النقابة بالتعديلات لاختصاصات الجمعيةالعمومية بشأن زيادة وتحديد الاشتراكات.
وفي رأي شخصي، أقول له ما دمنا منحناهم الثقة، فينبغي مباشرة المجلس لحقوقه غيرمنقوصة، وفي ذلك فرصة لاختيارالمحامين لممثليهم بتركيز وعناية بعيدا عن أي مجاملات وأهواء شخصية. ولعل ذلك يقينا إهدارالمال العام نتيجة انعقاد عادي أوطارئ للجمعية العمومية لأسباب متعددة.
ويمضي الضيف متعجبا من إشراف نقابة المحامين على أكاديمية المحاماة الواردة بالتعديلات. فلو كان رأيه
في إسناد إدارتها لوزارة التعليم صحيحا، إذن فما العائد على نقابة المحامين من نشأتها؟ لكن في رأي شخصي، جاء هذا الاقتراح ليتوافق مع صحيح نص المادة ٧٧ من الدستور بشأن النقابات المهنية، فهي وحدها المنوط بها طريقة قيد أعضائها، وكان أولى بهما انتقاد شروط القبول بالكليات العسكرية، والمجلس الأعلى للقضاء في القبول، ولسنا أقل منهم شأناً.
ولعل اعتراضه على تعديل فترة التمرين قد جاء في غير محله. فطول الفترة تكسب المحامي كثيرا من الخبرة والمعلومات التي تؤهله لمواجهة مصاعب المهنة.
وتمضي الحلقة، ويعرض مقدم البرنامج رأيا لأحد المؤيدين للتعديلات، ويتهكم عليه الضيف، ويصمت المضيف، رغم علمي علم اليقين أنه من أصدقائه المقربين، وهذه عادة المعارضين، لا يتقبلون الرأي الآخر، ولا عجب فنحن عندهم المرتزقة. ويتحدث الضيف في عبارة شبه تحريضية، مستنكرا استبعاد التعديلات للمرأة، وأصحاب الديانات الأخرى.
ولاعجب، فربما سقط منه سهوا المصريون بالخارج، وذوو الاحتياجات الخاصة، وربما غاب عنه أن كلمة محام الواردة بالقانون تنطبق على الذكر والأنثى، المسلم وغيرالمسلم، فالقانون لا يسلب أحدا حقه، ما دامت انطبقت عليه شروط الترشح، ولاأدري من أين أتى بمثل هذا المقترح؟ فالدستور عندما تحدث عن هذه الفئات، اختصها بالانتخابات العامة دون غيرها، كما هو وارد بباب الأحكام العامة والانتقالية مادته 244 وكذا نسبة المرأة في التمثيل بالمجالس المحلية.
ومن يستند منهما لغير ذلك، فليطرح سنده الدستوري والقانوني علينا للمناقشة. مجمل القول إنه قد غاب عن الضيف ومضيفه الحقيقة المرة فتجاهلا نص المادة ٧٧ من الدستور، آخجملتها “ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها”، وهذه الجملة يقصد بها تفسيرا رأي مجلس إدارتها، وليس جمعيتها العمومية لتكتمل بها صياغة المادة، معني وتفسيرا، ليس هذا فحسب، فربما تناسى الضيف ومقدم البرنامج أن نقيب المحامين هوالممثل القانوني للنقابة، والمتحدث الرسمي باسمها، فجاء الضيف متحاملا، وأعلن مقدم البرنامج نفسه للتعديلات معارضا، في افتقاد منه لأبسط قواعد العمل المهني.
وفي قراءات أخرى، نلتقي.