ننشر حيثيات حكم “الإدارية العليا” بإعادة 26 ألف فدان إلى أملاك الدولة المصرية

كتب: أشرف زهران

قضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، بقبول الطعن المقام من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ووزير الزراعة، ووزير الموارد المائية، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وألزمت الشركة الكويتية للتنمية والاستثمار ومن بعدها شركة إيجيبت جلف للتنمية والاستثمار، بالمصروفات عن درجتي التقاضي.

وشيدت المحكمة الإدارية العليا قضائها تأسيسًا على أن بتاريخ 16/2/2002 تم إبرام عقد بيع ابتدائي مع حفظ حق الامتياز لأرض صحراوية بقصد الاستصلاح والاستزراع بين كلا من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية “طرف أول بائع”، والشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضي “طرف ثان مُشتري”، بموجبه باعت الهيئة إلى الشركة قطعة أرض صحراوية مساحتها 26 الف فدان داخل وخارج الـ 2 كم خارج الزمام بناحية طهما مركز العياط بمحافظة الجيزة، وذلك نظير مبلغ 200 جنيه للفدان، وقد تضمن البند الرابع من العقد التزام الطرف الثاني بتنفيذ أعمال البنية الأساسية للمساحة المدرجة له آبار واستصلاح داخلي وكهرباء وطرق.

 

txtالمحكمة التأديبية تعاقب مسئولًا بالبترول بسبب حرمان أشقائه من الميراث

txtعدم قبول دعوى إلزام هيئة الإسعاف بتحديد مقابل عادل للخدمات المقدمة

جاء في الحيثيات أن المقصود بالاستصلاح هو تحويل الأرض إلى أرض قابلة للاستزراع، كما تضمن البند الخامس أنه لا يجوز للطرف الثاني أن يتصرف بالبيع في الأراضي المخصصة له أو أي جزء منها للغير إلا بعد سداد إجمالي الثمن، وبعد الانتهاء من كافة خطوات الاستصلاح وإعداد الأرض للزراعة وتوفير كافة البنية الأساسية على حسابه وبتمويله الخاص، على أن يتعهد بالانتهاء من أعمال الاستصلاح لكافة المساحة المُباعة طبقًا لدراسة الجدوى المُقدمة منه والموافق عليها من الهيئة وبعد توصيل المياه من الترعة الرئيسية لبداية الأرض، ويعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه في حالة عدم الالتزام بهذه الشروط، كما تضمن البند السابع تعهد الطرف الثاني بعدم استخدام الأرض المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله، وكذلك يلتزم بالمحافظة على ما قد يوجد بالأرض من مناجم ومحاجر وثروات معدنية أو بترولية وما تحتويه من آثار أو تراث تاريخي وفقًا للقوانين والنُظم المعمول بها.

وأوضحت الحيثيات أن الثابت من أوراق الشركة المطعون ضدها، قد أخلت بالالتزامات المنوط بها تنفيذها بالعقد المبرم معها بتاريخ 16/2/2002، وعقدت العزم وبيتت النية على مخالفته وهو لا يزال في مهده ولم يبلغ أشده، إذ أنه لم يثبت من الأوراق قيامها وباستصلاح كامل الأرض وإعدادها للزراعة وتوفير كافة البنية الأساسية لها قبل التصرف فيها، وإنما قامت بالترويج لبيعها وأغلبه خارج البلاد، ثم قامت ببيع مساحات مختلفة، وذكرت المحكمة في أسباب حكمها على سبيل المثال وليس الحصر وخمس عشرة حالة بيع للغير، بل وتضمن عقد البيع المؤرخ 22/12/2009، والذي بموجبه باعت للسيد أحمد محمد عبد السلام صديق مساحة 50 فدان في البند الرابع منه أن الشركة ستشرع خلال سنتين من التعاقد في تحويل الأرض من أرض مستصلحة زراعية إلى أرض سكنية، وأنه في حالة تحويل الأرض كذلك فإن الطرف الثاني يقبل أن يسدد للطرف الأول مبلغًا مقداره تسعة دنانير كويتية أو ما يعادله بالعملة المصرية عن كل متر مربع من مساحة الأرض محل النزاع.

وأضافت المحكمة الإدارية العليا في حكمها، بأنه يتضح مما تقدم وبيقين لا يُخالطه الشك أن الشركة المطعون ضدها قد أخلت إخلالًا جسيمًا ببنود العقد المُبرم معها، والذي حظر عليها التصرف بالبيع للأرض محله أو جُزء منها للغير إلا بعد الانتهاء من كافة خطوات الاستصلاح وإعداد الأرض للزراعة، وتوفير كافة البنية الأساسية على حسابها، ولم تكتف الشركة بذلك، بل شرعت في استغلال الأرض في غير الغرض المخصصة من أجله، وذلك بأن قامت بالشروع في إنشاء شبكة صرف صحي بالموقع ومحطة معالجة لمياه الشرب ذات سعة كبيرة، مما يؤكد استغلال المنطقة كنشاط سكني دون النشاط الزراعي.

كما قامت بوضع علامات إرشادية بأسماء ملاك الأراضي مما يدل على تسويقها وتجزئتها كنشاط سكني قبل الشروع في أعمال الاستصلاح، فضلًا عن تعدي الشركة على مساحات أراضي أخرى منها مساحة 119فدان تابعة للآثار، وذلك على ما يبين من مذكرة هيئة الرقابة الإدارية المرسلة إلى نيابة شمال الجيزة الكلية المودعة رفق حافظة مستندات الجهة الطاعنة المقدمة أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 7/4/2021، كما قامت الشركة بمُخاطبة وزير الزراعة بتاريخ 10/8/2009 بطلب الموافقة على إقامة نادي رياضي اجتماعي على مساحة 40 فدان من الأرض، وهي مخالفات في مُجملها وتفاصيلها وتنوعها تجعل العقد المبرم مع الشركة بتاريخ 26/2/2002 مفسوخًا من تلقاء نفسه إعمالًا لنص البند الخامس منه، والذي أتت عباراته التي التقت عندها إرادة طرفيه من الصراحة والوضوح بما لا يسوغ معه تأويلها أو الانحراف عنها بما يخرجها من مدلولها، ويضحى قرار الجهة الطاعنة المؤرخ 28/2/2011 المطعون فيه بفسخ هذا العقد قائمًا على السبب المُبرر له ومُتفقًا وصحيح حكم القانون ولا مطعن عليه.

ولفتت إلى إنه لا وجه لما أثارته الشركة المطعون ضدها من أن العقد محل النزاع الذي أقدمت الجهة الطاعنة على فسخه بالقرار المطعون فيه بإرادتها المُنفردة، هو عقد مدني لا يجوز لها القيام بفسخه بإرادتها المُنفردة، ذلك أن هذا العقد قد توافرت له كل مقومات العقد الإداري على نحو ما سلف بيانه، بل إن الفقه والقضاء ليتسائل متى يكون العقد إداريًا إن لم يكن هذا العقد كذلك بظروفه ومُلابساته ومحله مساحة شاسعة من أملاك الدولة، والتي هي في حقيقتها وجوهرها ملك لجموع الشعب والمورد الطبيعي والأساسي، والذي يجب على الدولة الحفاظ عليها وحسن استغلالها وعدم التفريط فيها، وعدم استنزافها ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها، نزولًا على حكم المادة 32 من الدستور الحالي، ولما كانت الغاية والهدف الأساسي من إبرام عقد التداعي هو استصلاح واستزراع الأرض محله توفيرًا للغذاء الجيد لجموع الشعب وتحقيقًا للأمن القومي الغذائي، الأمر الذي كان يمتنع معه على الشركة المطعون ضدها التصرف في الأرض إلا بعد قيامها باستصلاح واستزراع كامل المساحة، حتى تتحقق الغاية من التعاقد ونزولًا على صريح نصوصه التي التقت عندها إرادة طرفيه، وهي من قبل ومن بعد نصوص غير مألوفة في نطاق القانون الخاص، الأمر الذي يصبغ العقد محل النزاع بصبغة العقد الإداري في أسمى صوره.

وحيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه، وقد تبين الرشد من الغي وحصحص الحق، فإن الدعوى التي أقامتها الشركة المطعون ضدها بطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الهيئة المطعون فيه، فيما تضمنه من فسخ العقد المبرم معها بتاريخ 16/2/2002 تكون غير قائمة على سند من القانون يؤازرها، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء برفضها، وإذ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام عقد التداعي وصحيح حكم القانون وأخطأ في تطبيقه، مما يتعين معه الحُكم بإلغائه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.

وترجع خلفية الموضوع إلى زعم الشركة المصرية الكويتية للتنمية والاستثمار إيجيبت جلف تملكها مساحة 26 ألف فدان بموجب عقد البيع المحرر بينها وبين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بتاريخ 16/2/2002 بواقع 200 جنيه للفدان، إلا أن الشركة خالفت شروط التعاقد، مما دعا هيئة التعمير إلى فسخ العقد بتاريخ 26/2/2011، فطعنت الشركة على قرار فسخ العقد وتحصلت على حكم لصالحها من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 38227 لسنة 65ق. بجلسة 30/8/2018، مما حدا بهيئة قضايا الدولة إلى الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 3984لسنة 65ق. عليا، والتي قضت بجلسة 23نوفمبر 2021 بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى الشركة.

وبهذا الحكم تكون الدولة قد استردت مساحة 26000 فدان بمنطقة العياط – محافظة الجيزة – من الشركة، حيث تأكد سلامة وصحة ومشروعية قرار هيئة التعمير بفسخ العقد الصادر في 26/2/2011 ومخالفة الشركة بنود العقد المبرم معها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى