نطاق أو حدود تعديل الدستور
كتبه: أحمد رجب
المشرع الدستوري قد يحظر تعديل الدستور مدة معينة في ظل سيادة ظروف معينة كما قد يحظر تعديل مواد معينة في الدستور، فالمشرع الدستوري قد يضع القيود علي تعديل الدستور لتحقيق الجمود المطلق لبعض نصوص الدستور او للدستور في مجموعه مدة محددة من الزمن.
أولا: حظر تعديل الدستور لفترة زمنية معينة.
(الحظر الزمني)
يفترض الحظر الزمني عدم المساس بالدستور او تعديله وذلك خلال فترة معينة يحددها الدستور وغالبا مايكون الدافع وراء ذلك تثبيت مبادئ سياسية واجتماعية معينة،ويتحقق ذلك عند حلول نظام سياسي جديد في البلاد.فبعض الدساتير تحظر التعديل خلال فترة زمنية من تاريخ وضع ونفاذ هذا الدستور، ويكون الهدف من هذا الحظر ضمان سريان احكام هذا الدستور خلال فترة زمنية محددة حتي تستقر احكامه.
ومن امثلة الدساتير التي طبقت حظر تعديل الدستور لفترة معينة الدستور الفرنسي 1791 والذي كان ينص علي عدم جواز تعديل اي نص من نصوص الدستور خلال دورتين تشريعيتين.
ثانيا: حظر تعديل الدستور في ظروف معينة تمر بها البلاد.
وتتمثل في حظر امكانية تعديل الدستور كليا اوجزئيا في ظروف معينة، كأن تكون البلاد في حالة حرب او في ظروف تهدد سلامة اقليمها او تعرضها لغزو اجنبي. وهذا الحظر له مايبرره وهي الظروف التي تمر بها البلاد ولهذا يعد مشروعا، لان ارادة الامة تكون معيبة وواقعة تحت ضغط واكراه الاحتلال او الغزو ومن ثم لايعتد بالارادة المعيبة.
ومن امثلة الدساتير التي كانت تنص علي هذا الحظر دستور فرنسا 1946 الذي كان ينص في المادة 94 علي عدم جواز تعديل الدستور في حالة تعرض البلاد للاحتلال الاجنبي.
ثالثا: حظر تعديل بعض نصوص الدستور بصورة مطلقة(الحظر الموضوعي).
يتمثل هذا الحظر في النص في الدستور علي تحصين او عدم جواز تعديل نصوص معينة بصورة مطلقة لتحقيق مصلحة معينة، وغالبا ماتتعلق هذه النصوص بشكل الدولة او شكل الحكومة وذلك لحماية مبادئ وقيم سياسية واجتماعية معينة.ويطلق علي هذه الصورة الحظر الموضوعى لان حظر تعديل الدستور يتعلق بموضوعات محددة.
ومن امثلة ذلك ما نص عليه دستور سنة 1884 في فرنسا ان الشكل الجمهوري للحكومة لايصح ان يكون محلا للتعديل.
وكذلك ما نصت عليه المادة 134/2 من دستور روسيا الاتحادية 1993 والتي نصت علي انه لايقبل تعديل لبفصول الاول والثاني والتاسع والمتعلقة بأسس النظام الدستوري، والحقوق والحريات، وتعديل الدستور، وانه فيحالة تقديم طلب هذه النصوص من قبل ثلاثة اخماس جميع اعضاء مجلسي البرلمان تشكل جمعية دستورية يعهد إليها اما بتأكيد عدم قتبلية الدستور للتعديل او وضع مشروع دستور جديد تقره هذه الجمعية بأغلبية ثلثي مجموع اعضاء المجلسين او يعرض علي الاستفتاء العام.
• اختلف الفقهاء في تحديد القيمة القانونية لقيود التعديل ومدي مشروعيتها ومدي جواز العمل بها الي ثلاثة آراء علي النحو التالي:
الرأي الاول: يري بطلان قيود التعديل وعدم مشروعية هذه النصوص فهو امر لاتملكه السلطة التأسيسية المنشئة للدستور ،وبناء عليه يمكن تعديل الدستور في اي وقت دون التقيد بهذه القيود وما هذه النصوص الا مجرد رغبات للسلطة التأسيسية ومن ثم فالامر متروك لارادة الامة.
الرأي الثاني: يري ان النصوص التي تحظر تعديل الدستور خلال فترة زمنية معينه او تلك التي تمنع تعديل بعض نصوص الدستور هي نصوص قانونية مشروعة ينبغي احترامها والالتزام بتنفيذها مادام الدستور باقيا لم يسقط.
الرأي الثالث: هذا الرأي يفرق بين صور الحظر فينكر بعضها ويقر البعض الاخر. فمنهم من يري ان الحظر المتعلق بعدم جواز تعديل بعض نصوص الدستور بصورة مطلقة اي مايسمي بالحظر الموضوعي فإن هذه النصوص لاقيمة لها وان السلطة التأسيسية لا تستطيع ان تقيد ارادة الامة.
وذلك عكس النصوص المتعلقة بعدم جواز تعديل الدستور لفترة زمنية معينة فهي سليمة قانونا فهي واجبة الاحترام.
وان الحظر الموضوعي يضفي نوعا من الجمود المطلق للدستور وهو الامر المرفوض من الفقه في مجموعه لانه يقيد ارادة الامة.