من مبادي «النقض» بشأن التصديق على القرار أو اعتماده لغةً واصطلاحًا
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 7475 لسنة 91، أن التصديق على القرار أو اعتماده لغةً واصطلاحًا يعنى إمضاء القرار والموافقة عليه وجعله صالحًا للتنفيذ دون مسئولية عن مضمونه.
تتحصل الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضدهما الأول والثانى أقاما على الشركة الطاعنة وباقى المطعون ضدهم الدعوى رقم ….. لسنة ١٢ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإلزام المطعون ضده الرابع بصفته بوقف اعتماد أو التصديق على أى محاضر جمعيات عامة أو محاضر اجتماع مجلس إدارة للشركة الطاعنة أو التأشير بها فى السجل التجارى سواء بالتصفية أو غيرها لحين الفصل فى النزاع، وفى الموضوع ببطلان وإلغاء محضر الجمعية العامة غير العادية للشركة المذكورة والمنعقدة بتاريخ ١٥/١٢/٢٠١٩ وما ترتب عليها من إجراءات على سند من أنهما مساهمان بها ويمتلكان ٣٠٪ من أسهمها وأنهما فوجئا بصدور قرار من جمعيتها العامة غير العادية المعقودة بتاريخ ١٥/١٢/٢٠١٩ بتصفيتها لعدم جدوى النشاط دون إخطارهما بالحضور فكانت الدعوى.
وبتاريخ ٢٤/٢/٢٠٢١ قضت المحكمة ببطلان اجتماع الجمعية العامة للشركة الطاعنة المعقودة فى ١٥/١٢/٢٠١٩ والقرارات الصادرة عنها وما ترتب عليها من آثار. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فى غرفة مشورة فرأته جدير بالنظر وأحالته لهذه المحكمة، التى حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
أقيم الطعن على ثلاثة أسباب تنعَى الشركة الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ قضى برفض الدفع المبدى منها باعتبار الدعوى كأن لم تكن، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن توقيع الجزاء المقرر بموجب المادة ٧٠ من قانون المرافعات باعتبار الدعوى كأن لم تكن رغم توافر شروطه هو أمر جوازى متروك لمطلق تقدير المحكمة ولا يجوز الطعن على حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة، فيكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعَى بالوجه الثانى من السبب الأول وبالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك تقول إن التصديق على محضر الجمعية العامة غير العادية المعقودة بتاريخ ١٥/١٢/٢٠١٩ بمعرفة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لم يتم إلا بعد مراجعة الهيئة وتأكدها من توافر الشروط الشكلية والموضوعية اللازمة لصحة انعقادها، ومنها إرسال الإخطار بالدعوة لانعقادها إلى المساهمين على النحو الذى أوردته أحكام القانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ ولائحته التنفيذية خاصة المادة ٢٠٣ منها التى تنظم إجراءات الدعوة ومواعيدها، وبما يعد قرينة على إرسال الدعوات للمساهمين لا تقبل إثبات عكسها إلا بتقديم الدليل على تخلف إرسالها وهو ما خلت منه الأوراق، لا سيما وأن المطعون ضدهما الأول والثانى قد حضرا إحدى هذه الجمعيات فى عام ٢٠١٦، كما أن هذا التصديق يعد قرارًا إداريًا يخرج عن اختصاص المحكمة الاقتصادية، وإذ قضى الحكم المطعون فيه فى موضوع النزاع بمسئولية الشركة الطاعنة عن إخطار المساهمين وتقديم ما يفيد اتخاذها لهذا الإجراء وعلى خلاف القرينة سالفة البيان ورتب على ذلك قضاءه ببطلان الجمعية محل النزاع فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعى فى جملته غير سديد، ذلك أن التصديق على القرار أو اعتماده لغةً واصطلاحًا يعنى إمضاء القرار والموافقة عليه وجعله صالحًا للتنفيذ دون مسئولية عن مضمونه. وكان البين من استقراء أحكام القانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد وتعديلاته ولائحته التنفيذية أن المشرع لم يمنح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة – باعتبارها الجهة الإدارية المختصة بتطبيق أحكام هذا القانون – سلطة التصديق أو اعتماد محاضر الجمعيات العامة للشركات المساهمة بالمعنى السابق، وأن ما تقوم به بصفتها تلك بشأن هذه الجمعيات من مراجعة وتأشير بعد تقديم صورة محاضر الجمعيات إليها بمعرفة الشركة صاحبة الشأن خلال شهر على الأكثر من تاريخ انعقاد الجمعية، عملًا بنص الفِقرة الأخيرة من المادة ٧٥ من ذلك القانون
وتابعت: «لا يعنى سوى صدور الصورة التى تتضمن البيانات من جهة إدارية من واقع الأوراق والمحاضر الخاصة بالشركة صاحبة الشأن دون أية مسئولية على الجهة الإدارية عن مضمون هذه البيانات، سواء قامت بإبداء ملاحظات عليها قبل تسليمها لصاحب الشأن أم لم تبد؛ إذ لم يرتب القانون أثرًا على تلك الملاحظات فى حالة إبدائها، كما لم يجعل من مراجعة الهيئة والتأشير على المحضر دون ملاحظات قرينة على سلامة إجراءات الدعوة للجمعية من قبل الشركة معفيًا لها من مسئولية اتخاذها أمام مساهميها أو قرينة على صحة ما اتخذته الجمعية من قرارات أو إذنًا بنفاذها، فذلك كله لا سلطة للهيئة فيه وإنما هو مسئولية الشركة التى ألزمها المشرع بالقيام به وجعل القرارات الصادرة عن جمعيتها العامة المكونة تكوينًا صحيحًا والمنعقدة طبقًا للقانون ونظام الشركة نافذة بذاتها من تاريخ صدورها وملزمة لجميع المساهمين سواء كانوا حاضرين الاجتماع الذى صدرت فيه هذه القرارات أو غائبين أو مخالفين، وذلك طبقًا لما ورد بالفِقرة الثانية من المادة ٧١ من القانون المذكور».
وفى المقابل أتاح لهؤلاء المساهمين حق الطعن على هذه القرارات بطلب الوقف أو البطلان بالشروط والتفصيل الوارد بالمادتين ٧٦، ٧٦ مكررًا من ذات القانون، كما أن هذا التأشير سواء اقترنت به ملاحظات للهيئة أو لم تقترن لا يعد قرارًا إداريًا ولا تتوافر له أركانه المستقر عليها فى قضاء هذه المحكمة ولا يعدو أن يكون عملًا ماديًا مقررًا لها باعتبارها الجهة الإدارية المختصة بتطبيق أحكام القانون سالف البيان يختص بنظر المنازعة فيه القضاء العادى.
ولا يغير من هذا النظر جميعه ما أورده المشرع فى المادة ٥٤ من قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧ بشأن التزام الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بتيسير إجراءات الخدمات التى تقدم للمستثمرين والعمل على استخدام الوسائل الإلكترونية فى إنهائها ومن ورود لفظ التصديق على محاضر الجمعيات العامة للشركات ومجالس إدارات الشركات بالفِقرة الأولى من المادة المذكورة؛ إذ لا يخرج هذا اللفظ عن المعنى الذى انتهت إليه المحكمة سلفًا طالما أنه لا تصديق ولا اعتماد لقرارات الجمعية العامة للشركات لأنها نافذة بذاتها.
وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى فى موضوع النزاع مقررًا مسئولية الشركة الطاعنة عن إخطار المطعون ضدهما الأول والثانى وسائر المساهمين فى الشركة بموعد انعقاد الجمعية العامة غير العادية محل النزاع المنعقدة فى ١٥/١٢/٢٠١٩، وأن الأوراق قد خلت مما يفيد اتخاذها هذا الإجراء بالنسبة إليهما – وهو ما لا يغنى عنه مجرد سبق حضورهما فى جمعية أو جمعيات سابقة إذ تستقل كل جمعية عن الأخرى فى الإجراءات اللازم اتخاذها لانعقادها – ورتب على ذلك قضاءه ببطلانها، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويكون النعى عليه بهذه الأوجه على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان إذ إن المطعون ضدهما الأول والثانى قد أسسا دعواهما بالبطلان على وجود نزاعات قضائية معها إلا أن الحكم المطعون فيه أوجد سببًا جديدًا لقضائه بما يعد تغييرًا للسبب على خلاف القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن سبب الدعوى الذى حدده المطعون ضدهما الأول والثانى فى دعواهما هو عدم إخطارهما بالدعوة لحضور الجمعية العامة غير العادية محل النزاع والذى التزم الحكم المطعون فيه به وأقام قضاءه استنادًا إليه وبما يكون معه النعى عليه بهذا السبب على غير سند.
ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.