من مبادئ «النقض»: للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة

كتب: عبدالعال فتحي

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم (19085) لسنة (88) قضائية، الصادر بجلسة 13/04/2021، أن للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة، وذلك باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ما دامت مطروحة على بساط البحث.

 

الحكم

باسم الشعب

محكمــة النقــض

الدائرة الجنائية

جلسة الثلاثاء (  د ) الموافق ١٣ من إبريل سنة ٢٠٢١

الطعن رقم ١٩٠٨٥ لسنة  ٨٨ قضائية

برئاسة السيد المستشار / عصمت عبد المعوض عدلي  نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين / مجدي تركي ، علاء الدين كمال ، أحمد مصطفى

و إيهاب سعيد البنا  نواب رئيس المحكمة

(١) حكم ” بيانات حكم الإدانة ” ” بيانات التسبيب . تسبيب غير معيب “.

حكم الادانة . بياناته ؟ المادة ٣١٠ اجراءات جنائية .

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.

(٢) دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره “.  حكم “تسبيبه . تسبيب غير معيب “.

إغفال الحكم عن الرد على دفاع مجهل . لا يعيبه .

(٣) حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.تلبس . قبض . نقض ” المصلحة في الطعن” .

لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تجيز القبض عليه وتفتيشه. متى كان لرجال الضبط القضائي إجراء ذلك بناء على الإذن الصادر من النيابة.

(٤)إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغا .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد ؟

تناقض الشاهد في اقواله . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟

امساك الضابط  عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى.

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز اثارته امام محكمة النقض .

(٥) إثبات “بوجه عام”. استدلالات. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها “.

للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة . باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ما دامت مطروحة على بساط البحث.

(٦) مواد مخدرة . قصد جنائى . استدلالات . محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل “. حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “.

للمحكمة أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة إحراز المخدر للطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الإحراز كان بقصد الاتجار.

(٧) مواد مخدرة . قصد جنائى . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . دفاع ” الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره “.

ادانة الطاعن باحرز المخدر دون قصد ومعاقبته على هذا الاساس . النعي علي الحكم بخلاف ذلك . غير مقبول.

(٨) دفوع ” الدفع بنفي التهمة ” ” الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة  ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره “.

الدفع بعدم معقوليته . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

(٩) نقض ” أسباب الطعن . تحديدها “.

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

نعي الطاعن التفات المحكمة عن الرد على دفوعه التي ساقها أمامها دون الكشف عنها . غير مقبول . علة ذلك ؟

(١٠) حكم ” بطلانه ” . محكمة النقض ” سلطتها “.

الخطأ في رقم مادة العقاب . لا يترتب عليه بطلان الحكم . حد ذلك ؟

لمحكمة النقض تصحيح الخطأ في مادة العقاب . أساس ذلك؟

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ……. لسنة ٢٠١٨ جنايات قسم  شرطة ثان طنطا  (والمقيدة بالجدول الكلي برقم …… لسنة ٢٠١٨ طنطا) بأنه في يوم ٢٩ من يناير  سنة ٢٠١٨ بدائرة قسم شرطة ثان طنطا – محافظة الغربية : ـــــــ

– أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (الهيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ٥ من يونية سنة ٢٠١٨. عملاً بالمواد ١، ٢، ٣٦ ،  ٣٨/١ ، ٤۲/ ١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل والبند رقم (۲) من القسم الأول من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول . بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه من اتهام وألزمته المصروفات الجنائية والمصادرة . وذلك باعتبار أن إحراز الطاعن للمخدر مجرد من القصود المسماة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ ١٢ من يونية ، ١٤ من يولية سنة ٢٠١٨. وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ٢ من اغسطس سنة ٢٠١٨ موقع عليها من المحامي .

وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .

حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة احراز جوهر مخدر ” الهيروين ” بغير قصد من القصود المسماة في القانون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن تحصيله للواقعة وأدلتها جاءت في صورة متناقضة لا يبين منها أركان الجريمة التي دانه بها وذلك لقرائن عددها ، وأغفل الرد على دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وعول علي أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم صدقها وتناقضها وانفرادهما بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة عنها معتنقاً تصويرهما للواقعة رغم عدم معقوليته ، ولم تقم المحكمة بتعديل القيد والوصف وعاقبته بمواد الاتهام التي قدم بها ، هذا وقد أخذ بالتحريات وأقوال مجريها في نسبة المخدر إليه إلا أنه اطرحها في خصوص القصد من الاحراز  ، وأورد اسم شاهد الإثبات الثاني بدلاً من الضابط ……. بدلالة خلو الاوراق من ثمة دور له في الدعوى ، ولم يرد على دفاعه بعدم معقولية تصوير حدوث الواقعة وأوجه دفوعه ودفاعه الأخرى ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بها ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم  ـــ كما هو الحال في الدعوى الراهنة ــــ كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا محل له . هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التجهيل والتناقض بين الأدلة بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعى على الحكم فى هذا المقام يكون غير مقبول .

لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تجيز القبض عليه وتفتيشه من عدمه طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناء على الإذن الصادر من النيابة – وهو ما أثبته الحكم أيضاً ـــ بما لا ينازع فيه الطاعن – ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا محل له.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود في أقوالهم ـــ بفرض حصوله ـــ لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان من المقرر أن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل فى الدعوى، ولما كانت المحكمة قد إطمأنت إلى أقوال الضابطين وصحة تصويرهما للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك، وكان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه للتدليل على ثبوت التهمة في حق الطاعن قد جاء مقصوراً على أقوال شاهدي الإثبات وما أسفر عنه التفتيش من حيازة المخدر المضبوط وما أورى به تقرير المعمل الكيماوى ولم يتساند في ذلك إلى التحريات التى لم يعول عليها إلا كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش فحسب ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لاسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الاحراز كان بقصد الإتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً فى حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله .

لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه ـــ خلافاً لما يقول به الطاعن ــــ أن المحكمة عدلت القيد والوصف واعتبرت الطاعن محرزاً للمخدر مجرد من القصود المسماة في القانون وعوقب على هذا الأساس ، فإن نعى الطاعن فى هذا الشأن يكون غير صحيح .

لما كان ذلك ، وكان خطأ الحكم في اسم شاهد الإثبات الثاني ـــ بفرض صحة ذلك ـــ لا يعدو خطأ مادياً في اسم الشاهد لا يعيب الحكم ولا يؤثر في سلامته و يكون منعاه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الشهود لواقعة الضبط من الدفوع الموضوعية التى لا تستلتزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن إليها بما يفيد اطراحها، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا محل له .

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي أغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ فى فقرة مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، وكانت الواقعة على الصورة التى إعتنقها الحكم تشكل الجناية المعاقب عليها بالمادة ٣٨/٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ ، وكانت العقوبة التى أنزلها الحكم على المتهم تدخل فى نطاق عقوبة هذه المادة ، فإن خطأ الحكم بذكر مادة العقاب بأنها المادة ٣٨/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بدلاً من المادة ٣٨/٢ من ذات القانون لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذى وقع فيه الحكم وذلك باستبدال المادة ٣٨/٢ بالمادة ٣٨/١ من القانون المشار إليه ، عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً.

فلهــذه الأسبــاب

حكمت المحكمة : ــــ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .

زر الذهاب إلى الأعلى