من مبادئ النقض في اختصاص المحكمة الاقتصادية

كتب: علي عبدالجواد

    أكدت محكمة النقض بحكمها في الطعن رقم ٢٩٥٦ لسنة ٨٥ قضائية، الدوائر التجارية – جلسة ٢٠٢٠/١١/١٦على مبدأ قانونيًا مهمًا بشأن اختصاص المحكمة الاقتصادية.

وقالت المحكمة، إن المادة الرابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية قد نصت على أنه: ” تختص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية، دون غيرها، نوعيًا ومكانيًا بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في القوانين؛ العقوبات في شأن جرائم التفالس، الإشراف والرقابة على التأمين في مصر، قانون تنظيم الاتصالات”.

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانونًا:
من حيث إن الطلب استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت ابتداءً على المتهم بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح كرموز بوصف أنه تعدى بالسب والقذف على المدعية بالحقوق المدنية عن طريق شبكة المعلومات الدولية “الانترنت” وعبر المحادثات الاليكترونية “تطبيق الواتس آب”. وقضت المحكمة المذكورة بتاريخ ١٥ من مايو سنة ٢٠١٧ بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الاقتصادية تأسيسًا على أن الجريمة محل الاتهام – وهى تعمد إزعاج أو مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وفقاً للقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات – من الجنح المنصوص عليها بالمادة الرابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بإصدار قانون المحاكم الاقتصادية.
وإذ أحيلت الدعوى لمحكمة الاسكندرية الاقتصادية، حيث قضت بجلسة ٣١ من مارس سنة ٢٠١٨ بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة تأسيسًا على أن الواقعة تشكل جنحة التعدى بالسب والقذف والمؤثمة بقانون العقوبات مما لا تختص المحكمة الاقتصادية بنظرها.
فتقدمت النيابة العامة بالطلب الماثل لتعيين المحكمة المختصة على أساس توافر التنازع السلبي لتخلي كل محكمة عن نظر الدعوى.
لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة لم تطعن بالاستئناف وبالتالي لم تطعن بطريق النقض في كلا الحكمين، فقد أصبحت كلتا المحكمتين متخلية عن اختصاصها، وهو ما يتحقق به التنازع السلبي الذى رسم القانون الطريق لتلافي نتائجه، فناط بمحكمة النقض تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى عملًا بالمادة ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية.
لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية قد نصت على أنه: ” تختص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية، دون غيرها، نوعيًا ومكانيًا بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في القوانين الآتية:
١ – قانون العقوبات في شأن جرائم التفالس.
٢ – قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر.
٣ – …… ١٦ – قانون تنظيم الاتصالات. ..”
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى تسبغه النيابة العامة أو الخصوم – بالنسبة للدعوى الجنائية المرفوعة بطريق الادعاء المباشر – على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بكافة كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقًا صحيحًا.
لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى الجنائية المار بيانها – وبحسب نص القانون الصحيح المنطبق عليها – تشكل جنحة تعمد الإزعاج والمضايقة بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات كما تشكل جنحة القذف والسب، والمعاقب عليهما بالمواد ١ / ٣، ٧٠، ٧٦ / ٢ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات والمواد ٣٠٢ / ١، ٣٠٣ / ١، ٣٠٦ من قانون العقوبات، ذلك أن الفعل الواحد في الواقعة سالفة البيان يشكل الجنحتين المنصوص عليهما في كلا القانونين المار ذكرهما، وهو ما يقوم به التعدد المعنوى المنصوص عليه في المادة ٣٢ من قانون العقوبات.
ولما كانت عقوبة الجريمة الأولى – تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات – أشد في عقوبتها من الجريمة الثانية – والقذف والسب – ومن ثم فهي الواجبة التطبيق، ومن ثم تكون الواقعة – بهذه المثابة – عملًا بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات والمادة الرابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بشأن إصدار المحاكم الاقتصادية، تدخل في الاختصاص النوعى للمحاكم الاقتصادية، ويكون قضاء محكمة جنح كرموز الجزئية بعدم اختصاصها نوعيًا بنظرها صحيحًا في القانون، وتكون محكمة الأسكندرية الاقتصادية قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه حين قضت بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى.
لما كان ذلك، فإنه يتعين قبول الطلب وتعيين محكمة جنح الاسكندرية الاقتصادية للفصل في الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : – بقبول الطلب وتعيين محكمة جنح الإسكندرية الاقتصادية لنظر الموضوع.
زر الذهاب إلى الأعلى