من مبادئ النقض بشأن مباشرة إجراءات الطعن والمرافعة أمام محكمة النقض
كتب: علي عبدالجواد
أكدت محكمة النقض في حكمها بالنقض رقم ٧٠٦ لسنة ٨٦ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢٢/٠١/٢٥، إذ كان النص فى المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات على أن ” يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض …” مُفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع أوجب على الخصوم أن ينيبوا عنهم محامين مقبولين أمام محكمة النقض فى القيام بالإجراءات والتوقيع عليها والمرافعة فيها ويترتب على مخالفة هذا الحكم بطلان الطعن.
الحكم
جلسة ٢٥ من يناير سنة ٢٠٢٢
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت، د. محمد رجاء نواب رئيس المحكمة وخالد عبد العزيز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطعن رقم ٧٠٦ لسنة ٨٦ القضائية
(١- ٣ ) نقض ” إجراءات الطعن بالنقض: صحيفة الطعن بالنقض: التوقيع على الصحيفة”
(١) إجراءات الطعن والمرافعة أمام محكمة النقض. وجوب مباشرتها من محامين مقبولين أمامها نيابة عن الخصوم. مخالفة ذلك. أثره. بطلان الطعن. م ٢٥٣ مرافعات.
(٢) هيئة قضايا الدولة تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها . م ٦ ق ٧٥ لسنة ١٩٦٣ بشأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدلة بق١٠ لسنة ١٩٨٦ . جواز توقيع عضو الهيئة نيابة عن زميله على صحيفة الطعن بالنقض.
(٣) اختلاف اسم مستشار هيئة قضايا الدولة المطبوع فى ذيل صحيفة الطعن عن الذى وقع بخط اليد على صدر الصحيفة . صحيح .
(٤-٨) اختصاص ” ما يخرج من ولاية المحاكم العادية : اختصاص القضاء الإدارى : الطعن فى القرارات الإدارية وطلب التعويض عنه ” . إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن : تحديد الأجرة : قرارات لجان تحديد الأجرة والطعن عليها ” .
(٤) الطعن بالنقض . وروده على القضاء الضمنى فى مسألة الاختصاص الولائى المتعلقة بالنظام العام.
(٥) الفصل فى مسألة الاختصاص. اعتباره مطروحًا على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام . التصدى له سابق بالضرورة على البحث فى موضوع النزاع .
(٦) مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى . ماهيته .
(٧) الضرائب على العقارات المبنية . أساس تقديرها . القيمة الإيجارية المقدرة بمعرفة لجان التقدير المختصة . للممول والحكومة التظلم من قرارات تلك اللجان أمام مجلس المراجعة خلال ستة أشهر من تاريخ نشر التقدير المتظلم منه . المواد ١ ، ٩ ، ١٥ ، ١٦ ، ٣٠ ق ٥٦ لسنة ١٩٥٤ المعدل بق ٥٤٩ لسنة ١٩٥٥ ، ق ٢٨٤ لسنة ١٩٦٠ .
(٨) مجلس المراجعة المختص بتقدير القيمة الإيجارية للعقارات المبنية . ماهيته . هيئة إدارية متمتعة باختصاص قضائى . ولاية محكمة القضاء الإدارى بإلغاء أو تأويل ووقف تنفيذ قراراته والتعويض عن الأضرار الناشئة عنها . البند ٨ م ١٠ ق مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ . مثال .
(٩) شركات “أنواع خاصة من الشركات : شركات القطاع العام : عدم خضوع شركات القطاع العام للتحكيم الإجبارى بعد ق ٤ لسنة ٢٠٢٠”
عدم جواز فض النزاع القائم بين شركات القطاع العام والجهات الحكومية عن طريق التحكيم الاجبارى . علة ذلك . إلغاء الباب السابع من ق ٣٧ لسنة ١٩٨٣ بموجب م ١ من ق ٤ لسنة ٢٠٢٠ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- إذ كان النص فى المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات على أن ” يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض …” مُفاده -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن المشرع أوجب على الخصوم أن ينيبوا عنهم محامين مقبولين أمام محكمة النقض فى القيام بالإجراءات والتوقيع عليها والمرافعة فيها ويترتب على مخالفة هذا الحكم بطلان الطعن.
٢- مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم ٧٥ لسنة ١٩٦٣ فى شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدلة بالقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٨٦ أن تلك الهيئة تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، إلا أنه من المقرر أنه يجوز للمستشار بهيئة قضايا الدولة أن يوقع على صحيفة الطعن نيابة عن زميله ولا يشترط مكانًا محددًا له فى الصحيفة.
٣- إذ كان الثابت بصحيفة الطعن أنها ولئن ذيلت بعبارة مطبوعة “عن الطاعنين بصفتهم واسم المستشار ….. (بهيئة قضايا الدولة)” وبتوقيع فرمه بطريق التصوير الضوئى، إلا أن الثابت فى صدر أصل صحيفة الطعن عبارة “أصل الصحيفة مستوفاة جميع البيانات وعلى مسئوليتى” وممهورة بتوقيع بخط اليد يقرأ المستشار …..، ومن ثم تكون الصحيفة قد حملت توقيعًا لمستشار من هيئة قضايا الدولة ينوب عن الطاعنين بصفاتهم، ولا يغير من ذلك اختلاف اسم المستشار المطبوع فى ذيل صحيفة الطعن، عن اسم المستشار الذى وقع بخط اليد على صدر الصحيفة، طالما أن التوقيع الأخير يؤكد أن صاحب التوقيع أراد نسبة تحرير هذه الصحيفة إلى نفسه، ومن ثم يكون الدفع ببطلان الطعن على غير أساس.
٤- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن الطعن بالنقض يعتبر واردًا على القضاء الضمنى فى مسألة الاختصاص الولائى المتعلقة بالنظام العام.
٥- إذ كان الفصل فى اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة فى نظره والفصل فيه باعتبار أن التصدى له سابقٌ بالضرورة على البحث فى موضوعه.
٦- المقرر فى قضاء محكمة النقض أنه إذا كانت عبارة النص تدل على حكم فى واقعة اقتضته، ووجدت واقعة أخرى مساوية لها فى علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة فى غير حاجة إلى اجتهاد أو رأى، فإنه يفهم من ذلك أن النص يتناول الواقعتين وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما فى العلة، سواء كان مساويًا أو أولى، ويسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى.
٧- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن البين من استقراء المواد ١، ٩، ١٥، ١٦، ٣٠ من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ فى شأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانونين رقمى ٥٤٩ لسنة ١٩٥٥، ٢٩٤ لسنة ١٩٦٠ أن المشرع إنما أراد فرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية وجعل أساس تقدير هذه الضريبة القيمة الإيجارية التى تحددها لجان التقدير المختصة وأجاز لكل من الممول والحكومة أن يتظلموا أمام مجلس المراجعة فى القرارات التى تصدرها اللجان المذكورة خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا التقدير، وبما مؤداه أن المشرع قد نظم طريقة حصر العقارات التى يطبق عليها القانون المشار إليه وقضى بأن تقوم لجان التقدير ثم مجالس المراجعة بتقدير القيمة الإيجارية التى تحسب على أساسها الضريبة مستهدية فى ذلك بجميع العناصر التى تؤدى إلى تحديد الأجرة.
٨- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن مجلس المراجعة لا يعتبر جهة قضاء فى تطبيق أحكام القانون ٥٦ لسنة ١٩٥٤ بل هو فى حقيقته مجرد هيئة إدارية متمتعة باختصاص قضائى فإن طلب إلغاء قراراتها وتأويلها ووقف تنفيذها والتعويض عن الأضرار الناشئة عنها يدخل – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – فى ولاية محكمة القضاء الإدارى إعمالًا للبند ثامنًا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ التى تنص على أن اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون التى ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائى. وكانت الدعوى مقامة بطلب إلغاء تقديرات الأجرة المقدرة بمعرفة لجان الحصر والتقدير بمأمورية الضرائب العقارية والمتخذة أساسًا لربط الضريبة العقارية وتخفيضها وفقًا للقيمة الحقيقية للأجرة، فإن هذه الطلبات لا تعدو فى حقيقتها أن تكون بطلب إعادة النظر فى تقدير الضريبة العقارية على العقار محل النزاع بما كان يتعين معه الطعن على تقديرات لجان الحصر والتقدير أمام مجلس المراجعة المختص بالنظر فى هذا الطلب وبعد أن يصدر هذا المجلس قراره، يكون لذى المصلحة حق الطعن عليه أمام محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل فى موضوع الدعوى وقضى بذلك ضمنًا باختصاص القضاء العادى بنظرها فإنه يكون معيبًا.
٩- إذ كان القانون رقم ٤ لسنة ٢٠٢٠ بشأن تعديل بعض أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ قد صدر بتاريخ ٢/٢/٢٠٢٠ وتم نشره فى الجريدة الرسمية فى ذات التاريخ بالعدد رقم ٥ (مكرر) وتم العمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، ونصت المادة الأولى منه على أن ” ُيلغى الباب السابع من الكتاب الثانى من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣”، ومن ثم فلم يعد ممكنًا قانونًا فض هذا النزاع عن طريق التحكيم بين شركات القطاع العام والجهات الحكومية بعد إلغاء الباب السابع من القانون المشار إليه والذى كان ينظم هذا النوع من التحكيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعنين بصفاتهم الدعوى التى آل قيدها إلى رقم ….. لسنة ٢٠١٥ مدنى كلى جنوب القاهرة الابتدائية “مأمورية حلوان الكلية” بطلب الحكم بعدم أحقية الطاعنين بصفاتهم فى فرض الضريبة العقارية على العقارات المملوكة لها وقالت بيانًا لدعواها إنه قد ورد إليها من الطاعن الثالث بصفته إخطارًا بربط ضريبة عقارية على عقاراتها بمبلغ ٧٢/٢٥٣١ جنيهًا ضريبة عن عام ٢٠٠٧ ومتأخرات عام ٢٠٠٦ على الرغم من كونها هيئة قطاع عام وتابعة للإنتاج الحربى بما يجعل أموالها معفاة من الضرائب العقارية باعتبارها من أملاك الدولة فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا وبعدما أودع تقريره حكمت بتاريخ ٢٩/٣/٢٠١٥ بعدم أحقية الطاعنين بصفاتهم فى فرض الضريبة العقارية على العقارات مثار النزاع. استأنف الطاعنون بصفاتهم هذا الحكم بالاستئناف رقم ….. لسنة ١٣٢ق لدى محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ ٩/١٢/٢٠١٥ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون بصفاتهم فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى أولًا- أصليًا ببطلان الطعن لخلو صحيفته من توقيع عضو هيئة قضايا الدولة المنسوب إليه كتابة أسبابه. ثانيًا- احتياطيًا بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها لهيئة التحكيم بوزارة العدل، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة ببطلان الطعن أن صحيفته لم تذيل بتوقيع من أحد أعضاء هيئة قضايا الدولة، وأن التوقيع المذيل لصحيفة الطعن هو صورة ضوئية من توقيع المستشار ……
وحيث إن هذا الدفع فى غير محله، ذلك ولئن كان النص فى المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات على أن ” يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض …” مُفاده -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن المشرع أوجب على الخصوم أن ينيبوا عنهم محامين مقبولين أمام محكمة النقض فى القيام بالإجراءات والتوقيع عليها والمرافعة فيها ويترتب على مخالفة هذا الحكم بطلان الطعن، وأن مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم ٧٥ لسنة ١٩٦٣ فى شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدلة بالقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٨٦ أن تلك الهيئة تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، إلا أنه من المقرر أنه يجوز للمستشار بهيئة قضايا الدولة أن يوقع على صحيفة الطعن نيابة عن زميله ولا يشترط مكانًا محددًا له فى الصحيفة. لما كان ذلك، وكان الثابت بصحيفة الطعن أنها ولئن ذيلت بعبارة مطبوعة “عن الطاعنين بصفتهم واسم المستشار ….. (بهيئة قضايا الدولة)” وبتوقيع فرمه بطريق التصوير الضوئى، إلا أن الثابت فى صدر أصل صحيفة الطعن عبارة “أصل الصحيفة مستوفاة جميع البيانات وعلى مسئوليتى” وممهورة بتوقيع بخط اليد يقرأ المستشار …..، ومن ثم تكون الصحيفة قد حملت توقيعًا لمستشار من هيئة قضايا الدولة ينوب عن الطاعنين بصفاتهم، ولا يغير من ذلك اختلاف اسم المستشار المطبوع فى ذيل صحيفة الطعن، عن اسم المستشار الذى وقع بخط اليد على صدر الصحيفة، طالما أن التوقيع الأخير يؤكد أن صاحب التوقيع أراد نسبة تحرير هذه الصحيفة إلى نفسه، ومن ثم يكون الدفع ببطلان الطعن على غير أساس.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من سبب الطعن مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه فصل فى موضوع النزاع على الرغم من عدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظره وانعقاد الاختصاص لجهة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بحسبان أن ربط الضريبة العقارية لأى عقار إنما يكون بقرار من لجنة الربط بمصلحة الضرائب العقارية، وهو قرار لا يجوز التعرض له بالإلغاء أو التأويل عن طريق المحاكم العادية عملًا بالبند ثامنًا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن بالنقض يعتبر واردًا على القضاء الضمنى فى مسألة الاختصاص الولائى المتعلقة بالنظام العام، وكان الفصل فى اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة فى نظره والفصل فيه باعتبار أن التصدى له سابقٌ بالضرورة على البحث فى موضوعه. وكانت عبارة النص – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تدل على حكم فى واقعة اقتضته، ووجدت واقعة أخرى مساوية لها فى علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة فى غير حاجة إلى اجتهاد أو رأى، فإنه يفهم من ذلك أن النص يتناول الواقعتين وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما فى العلة، سواء كان مساويًا أو أولى، ويسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى. ولما كان البين من استقراء المواد ١، ٩، ١٥، ١٦، ٣٠ من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ فى شأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانونين رقمى ٥٤٩ لسنة ١٩٥٥، ٢٩٤ لسنة ١٩٦٠ أن المشرع إنما أراد فرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية وجعل أساس تقدير هذه الضريبة القيمة الإيجارية التى تحددها لجان التقدير المختصة وأجاز لكل من الممول والحكومة أن يتظلموا أمام مجلس المراجعة فى القرارات التى تصدرها اللجان المذكورة خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا التقدير، وبما مؤداه أن المشرع قد نظم طريقة حصر العقارات التى يطبق عليها القانون المشار إليه وقضى بأن تقوم لجان التقدير ثم مجالس المراجعة بتقدير القيمة الإيجارية التى تحسب على أساسها الضريبة مستهدية فى ذلك بجميع العناصر التى تؤدى إلى تحديد الأجرة، وإذ كان مجلس المراجعة لا يعتبر جهة قضاء فى تطبيق أحكام القانون ٥٦ لسنة ١٩٥٤ بل هو فى حقيقته مجرد هيئة إدارية متمتعة باختصاص قضائى فإن طلب إلغاء قراراتها وتأويلها ووقف تنفيذها والتعويض عن الأضرار الناشئة عنها يدخل – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – فى ولاية محكمة القضاء الإدارى إعمالًا للبند ثامنًا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ التى تنص على أن اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون التى ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائى، وكانت الدعوى مقامة بطلب إلغاء تقديرات الأجرة المقدرة بمعرفة لجان الحصر والتقدير بمأمورية الضرائب العقارية والمتخذة أساسًا لربط الضريبة العقارية وتخفيضها وفقًا للقيمة الحقيقية للأجرة، فإن هذه الطلبات لا تعدو فى حقيقتها أن تكون بطلب إعادة النظر فى تقدير الضريبة العقارية على العقار محل النزاع بما كان يتعين معه الطعن على تقديرات لجان الحصر والتقدير أمام مجلس المراجعة المختص بالنظر فى هذا الطلب وبعد أن يصدر هذا المجلس قراره، يكون لذى المصلحة حق الطعن عليه أمام محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل فى موضوع الدعوى وقضى بذلك ضمنًا باختصاص القضاء العادى بنظرها فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.
لا يغير من ذلك، ما ذهبت إليه النيابة العامة، من رأى صائب فى مذكرتها وقت إعدادها، من عدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر النزاع الماثل وانعقاده لهيئات التحكيم، بالنظر إلى أن الشركة المطعون ضدها من شركات القطاع العام، إحدى شركات الهيئة القومية للإنتاج الحربى، وقد انحصر النزاع بينها وبين إحدى الجهات الحكومية، بما كان يوجب فض هذا النزاع عن طريق التحكيم دون غيره طبقًا للمادة ٥٦ من القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ بشأن إصدار قانون هيئات القطاع العام وشركاته، والتى كانت تحتم أن “يٌفصل فى المنازعات التى تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين فى هذا القانون”، ذلك أنه لما كان القانون رقم ٤ لسنة ٢٠٢٠ بشأن تعديل بعض أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣ قد صدر بتاريخ ٢/٢/٢٠٢٠ وتم نشره فى الجريدة الرسمية فى ذات التاريخ بالعدد رقم ٥ (مكرر) وتم العمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، ونصت المادة الأولى منه على أن ” ُيلغى الباب السابع من الكتاب الثانى من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٨٣”، ومن ثم فلم يعد ممكنًا قانونًا فض هذا النزاع عن طريق التحكيم بين شركات القطاع العام والجهات الحكومية بعد إلغاء الباب السابع من القانون المشار إليه والذى كان ينظم هذا النوع من التحكيم.
ولِما تقدم، فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة المختصة بنظرها طبقًا لقضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية وغيرها بمحكمة النقض الصادر بتاريخ ٢٤ من يونيو سنة ٢٠١٤ فى الطعن رقم ٢٠٥٠ لسنة ٧٤ ق ” هيئة عامة”.