من قواعد «النقض» في نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 4275 لسنة 70، أن المادةَ ٢٦٩ مِنْ قانونِ المرافعاتِ تنصُ على أنَّه إذا كانَ الحكمُ المطعونُ فيهِ قدْ نُقِضَ لمخالفةِ قواعدِ الاختصاصِ، تقتصرُ المحكمةُ على الفصلِ في مسألةِ الاختصاصِ، وعندَ الاقتضاءِ تُعَيِّنُ المحكمةَ المختصةَ التي يجبُ التداعي إليها بإجراءاتٍ جديدةٍ. بما يُوجِبُ الحكمَ بعدمِ اختصاصِ القضاءِ العاديِّ ولائيًّا بنظرِ الدعوى.
وعن الأسباب المتعلقة بالنظام العام ، قالت إن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم والنيابة العامة إثارتها . شرطه . توافر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم .
تتحصل الْوَقَائِعَ في أنَّ الطاعنَ بصفته أقامَ الدعوى رقمَ … لسنةِ ١٩٩٦ مدني كلي شمالِ القاهرةِ على المطعونِ ضده بصفته بطلبِ الحكمِ بإلزامِه بأداءِ مبلغِ ثلاثةِ ملايينَ وستمائةٍ وواحدٍ وستين جنيهًا والفوائدِ القانونيَّةِ مِنْ تاريخِ الاستحقاقِ وحتى تمامِ السدادِ، على سندٍ مِنْ أنَّه بصدورِ القانونِ رقمِ ١١٩ لسنة ١٩٨٣ المُعَدَّلِ بالقانونِ رقمِ ٢٠٩ لسنةِ ١٩٩١ نُصَّ في المادةِ الخامسةِ مِنْهُ على احتسابِ رسومِ انتظارِ وإيواءِ الطائراتِ على أساسِ وقتِ الوصولِ والإقلاعِ الفعليِّ للطائرةِ، إلَّا أنَّ المطعونَ ضده بصفته اعترضَ على سدادِ تلكَ الرسومِ اعتبارًا مِنْ يناير عام ١٩٩٣ دونَ سندٍ قانونيٍّ، ومِنْ ثَمَّ أقامَ الدعوى.
ندبتِ المحكمةُ خبيرًا في الدعوى، وبعدَ أنْ أودعَ تقريرَه، حكمتْ برفضِ الدعوى. استأنفَ الطاعنُ هذا الحكمَ بالاستئنافِ رقمِ … لسنةِ ٣ ق القاهرة، وبتاريخِ ١٣ / ٦ / ٢٠٠٠ قضتْ بتأييدِ الحكمِ المُستأنَفِ. طعنَ الطاعنُ في هذا الحكمِ بطريقِ النقضِ، وأَودعتِ النيابةُ مذكرةً أبدتْ فيها الرأيَ برفضِ الطَّعنِ، وإذْ عُرِضَ الطَّعنُ على هذه المحكمةِ، حددتْ جلسةً لنظرِه، وفيها التزمتِ النيابةُ رأيَها.
قالت محكمة النقض عَنِ الدفعِ الذي أبدتْهُ النيابةُ العامةُ بعدمِ اختصاصِ المحاكمِ العاديَّةِ ولائيًّا بنظرِ النزاعِ فهو في محله؛ ذلك أنَّه يجوزُ للخصومِ وللنيابةِ العامةِ ولمحكمةِ النقضِ إثارةُ الأسبابِ المتعلقةِ بالنظامِ العامِ ولوْ لمْ يسبقْ التمسكُ بها أمامَ محكمةِ الموضوعِ أوْ في صحيفةِ الطَّعنِ متى توافرتْ عناصرُ الفصلِ فيها مِنَ الوقائعِ والأوراقِ التي سبقَ عرضُها على محكمةِ الموضوعِ ووردتْ هذه الأسبابُ على الجزءِ المطعونِ فيه مِنَ الحكمِ. وكانَ مُؤدى نصِ المادةِ ١٠٩ مِنْ قانونِ المرافعاتِ أنَّ الدفعَ بعدمِ اختصاصِ المحكمةِ لانتفاءِ ولايتِها مِنَ النظامِ العامِ، ولذلك تُعتبَرُ مسألةُ الاختصاصِ الولائيِّ قائمةً في الخصومةِ ومطروحةً دائمًا على محكمةِ الموضوعِ، وعليها أنْ تقضي مِنْ تلقاءِ نفسِها بعدمِ اختصاصِها، ويُعتبرُ الحكمُ الصادرُ منها في الموضوعِ مُشتملًا على قضاءٍ ضمنيٍّ باختصاصِها ولائيًّا.
وتابعت: «ومِنْ ثَمَّ فإنَّ الطَّعنَ بالنقضِ على الحكمِ الصادرِ منها يُعتبَرُ واردًا على القضاءِ الضمنيِّ في مسألةِ الاختصاصِ الولائيِّ. وكانَ مِنَ المقررِ أنَّ المادةَ ١٧٢ مِنَ الدستورِ تنصُ على أنَّ مجلسَ الدولةِ هيئةٌ قضائيَّةٌ مستقلةٌ ويختصُ بالفصلِ في المنازعاتِ الإداريَّةِ …..، ومِنْ ثَمَّ فقد وُسِّد لمجلسِ الدولةِ بنصِ الدستورِ وصريحِ عبارتِهِ ولايةُ الفصلِ في المنازعاتِ الإداريَّةِ، وترتيبًا على ذلكَ وإعمالًا لمقتضاه نصتِ المادةُ ١٠ مِنْ قانونِ مجلسِ الدولةِ الصادرِ بالقرارِ بقانونِ رقمِ ٤٧ لسنةِ ١٩٧٢ على اختصاصِ محاكمِ مجلسِ الدولةِ دونَ غيرِها بالفصلِ في المسائلِ الآتيةِ: أولًا: …. (رابع عشر) سائرِ المنازعاتِ الإداريَّةِ ».
واستكملت: «ومُقتضى ذلك أنَّ مجلسَ الدولةِ أضحى- بما عُقِدَ له مِنْ اختصاصٍ بمُوجبِ الدستورِ وصحيحِ القانونِ المنفذِ له- صاحبَ الولايةِ العامَّةِ بنظرِ جميعِ المنازعاتِ الإداريَّةِ. لمَّا كانَ ذلكَ، وكانتْ منازعةُ الطاعنِ بصفتِهِ في رسومِ الطيرانِ هي منازعةً إداريَّةً لتعلقِها بإدارةِ مرفقٍ عامٍ مِنْ مرافقِ الدولةِ يَنعقِدُ الاختصاصُ بنظرِها لجهةِ القضاءِ الإداريِّ عملًا بالمادتَيْنِ ١٥، ١٧ مِنْ قانونِ السُّلطةِ القضائيَّةِ رقمِ ٤٦ لسنةِ ١٩٧٢ والمادةِ العاشرةِ مِنْ قانونِ مجلسِ الدولةِ رقم ٤٧ لسنةِ ١٩٧٩، وإذ خالفَ الحكمُ المطعونُ فيهِ هذا النظرَ وقضى في موضوعِ النزاعِ، فإنَّهُ يكونُ قدْ خالفَ قواعدَ الاختصاصِ الولائيِّ، بما يُوجِبُ نقضَه».
وفي الختام قالت النقض: «وَحَيْثُ إنَّ المادةَ ٢٦٩ مِنْ قانونِ المرافعاتِ تنصُ على أنَّه إذا كانَ الحكمُ المطعونُ فيهِ قدْ نُقِضَ لمخالفةِ قواعدِ الاختصاصِ، تقتصرُ المحكمةُ على الفصلِ في مسألةِ الاختصاصِ، وعندَ الاقتضاءِ تُعَيِّنُ المحكمةَ المختصةَ التي يجبُ التداعي إليها بإجراءاتٍ جديدةٍ. بما يُوجِبُ الحكمَ بعدمِ اختصاصِ القضاءِ العاديِّ ولائيًّا بنظرِ الدعوى».