من حديث الخاطر
من حديث الخاطر
نشر بجريدة الوطن الجمعة 18 / 6 / 2021
بقلم: الأستاذ/ رجائي عطية نقيب المحامين
- حياة البشر الذين يجتمعون لينتشروا، وينتشرون ليتجمعوا، ليست فيما يبدو مبنية على « المطابقات » كما في الكيانات غير الحية، فمعلوماتنا عن الأحياء أقل دقة ـ مهما اجتهدنا، عن معلوماتنا ومعارفنا بالنسبة لغير الأحياء، مرجع ذلك أن الدقـة أكثر تمكنًا في « المتطابقات » التي لا تختلف ولا تتغير عناصرها ومركباتها، وما نشاهده في الحشرات والميكروبات والفيروسات من ميل شديد للانتشار ـ هو مجرد انتشار غريزي للتكاثر والتغذية فقط، وليس انتشارًا لنمو باق وتطور مطَّرد في الاستعدادات والأجهزة كما لدى الآدميين. وللخالق سبحانه وتعالى حكمة في هذا كله نحاول باستمرار فهم جانب منها خلال المسافات بين إيجاد وانسحاب الأفراد والأجيال والعصور !
- قال بعض الحكماء: لا تتكلف ما لا تطيق، ولا تنفق إلاَّ بقدر ما تستفيد.
- ليس الواقع هو الحق في كل الأحوال؛ فالباطل أيضًا واقعٌ لا شك فيه. وقد يكون الحق مرامًا مأمولاً لمغالبة واقعٍ مليء بالأباطيل !
- تعظيم الله، هو امتلاء القلب بجلال الرب.
* * *
- ليست دنيا البشر على صورة ثابتة قط، فهي تتغير وتظل تتغير باستمرار في هذا الكون الصائر هو والحياة دائمًا.. سنرحل عن هذه الدنيا كما رحل من سبقونا، وسيأتي بعدنا كما أتينا وأتى من سبقونا ـ يأخذ اللاحق من السابق ويزيد عليه أو ينتقص منه.. بين دنيانا وبين الأرحام التي نتشكل فيها مشابهة عامة من حيث الاستقبال ثم العناية والنمو، ثم الطرد، أما إلى ماذا أو إلى أين يكون ذلك الطرد المحتوم من الدنيا، فشىء لا يدركه إدراكًا فعليًا وعى البشر وقصاراه أن يمتلئ به إيمان المؤمن على ما يحتمله عقله !
- الرذيلة كالفضيلة.. تتملك نفس الإنسان درجة درجة !!
- يحسن القاضي صنعًا إذا نَزَّه نفسه عن السخط على المجرم ليستوي له صفاء التقدير والحكم، بينما تمرض المجتمعات إذا برئت من السخط على الجانحين والمجرمين، لأن ذلك بلادة مجتمعية تساوى بين الإجرام والسواء !!
- من أقوال الصوفي أبى مدين الغوث: « أغنى الأغنياء من أبدى له الحق ـ سبحانه ـ حقيقةً من حقه، وأفقر الفقراء من ستر الحق ـ سبحانه ـ حقه عنه ».
ومن أقواله: « أسماء الله تعالى بها تعلق وتخلق وتحقق »:
فالتعلق شعور بمعنى الاسم.
والتخلق أن يقوم بك معنى الاسم.
والتحقق أن تفنى في معنى الاسم.
- علامة الإخلاص أن يغيب عنك الخَلْقُ في مشاهدة الحق.
* * *
- عاش الإسلام معطرًا بباقة ما تحلى به من سجايا وخصال وشمائل، موصولاً بالناس ـ كل الناس، المسلم وغير المسلم، بسماحته التي صاحبت رسالته منذ نزلت وللآن ـ ومن اللافت أن سماحة الإسلام لم تتوار حتى في فترات الهبوط والانحدار أو استبداد وبطش بعض الملوك والحكام والأمراء والولاة.. وهذه حجة مضاعفة لسماحة الإسلام التي لم تستطع صور البطش التي سقطت فيها بعض فترات الحكم في هذا القطر أو ذاك، أن تحول دون حضور سماحة وإسماح الإسلام، وإلى هذا الحضور سر الحضارة الإسلامية التي مضت متسامقة رغم كل شيء، تتسع بقيم ومبادئ وسماحة الإسلام للمسلم وغير المسلم، وتفسح لكل قادر أيًّا كانت ملته أو ديانته ليصب عطاءه في نهر هذه الحضارة التي ظلت دافقة متدفقة لعدة قرون.
- قالوا في مقامات السالكين في الطريق إلى الله، وفي مقاماته:
الإخلاص والصدق، والصبر:
الإخلاص لا يتم إلاَّ بالصدق فيه، والصبر عليه.
والصبر لا يتم إلاَّ بالصدق، والإخلاص فيه.
والصدق لا يتم إلاَّ بالصبر عليه، والإخلاص فيه.
- من قلة الإنصاف أن تطالب الناس بما لا تفعله !
* * *
- يعتنق الإسلام، ويعرف المسلمون من قرآنهم المجيد، أن الناس قد خلقوا مختلفين في عقولهم وقدراتهم، وفي فهمهم وعقائدهـم.. هـذه السنة الكونية تحدث عنها القرآن الحكيم فقال: « وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ » ( هود 118 ).. لا يقابل الإسلام هـذا الاختلاف بالازدراء أو بالعداء، وإنما يمد له الهداية والإسماح.
- قد تجمعك الأشواق بالزمان والمكان، وقد يكون للمكان ثبات.
أما الزمان، فلا ثبات له !
وأما الشوق، فلا يورث إلاَّ الحزن !
- شراب العارفين ؛ النجوى إلى الله !
- تتحول الحياة إلى تعاسة دائمة حينما لا تفطن إلى المودع فيها !
- معرفة البشر بأنفسهم وبالعالم الذي يعيشون فيه، ليست إلا تمثلاً بشريًا لواقع الآدمي في هذه الدنيا كما يبدو مصادقًا لاقتناعه الداخلي، مع افتراض استمرار تغير هذا الواقع زمانًا ومكانًا، وهو تمثل يشمل دائمًا كل ما مع الآدمي من العموميات والمسميات والمفاهيم والتجارب والفروض والنظريات التي لا بد أن تتغير سريعًا أو وئيدًا مع تغير الأجيال والعصور.. فيه حذف وزيادة، وتعديل وتبديل، ومحسوس وغير محسوس، ومن المستحيل منعه لأنه وليد رغبات وميول جماعات بشرية قد يحركها أو يتسبب فيها جهود أفراد سرعان ما تتوارى جهودهم حين تستقر إلى غايتها وتعلن الجماعة عن رغباتها وميولها !
- فارق بين الرجاء والتمني: التمني يورث الكسل، ولا يسلك طريق الجهد والجد، والرجاء سعى محمود، يورث الهمة، ويقود إلى مدارج السالكين. وكان الإمام على بن أبى طالب يقول: « ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل ».
- المعرفة هي منشأ الصدق، فمن عَرِفَ صدق.
- من عطل التقوى صادفه العسر في أمره !
- من انحصر في ذاته ضل، ومن لم ينظر إلاَّ ليومه أفلس !
* * *
- يبدو أن حياتنا الواعية كلها قائمة على المقابلات بين الصغر والكبر والضعف والقوة واليقظة والنوم والجوع والشبع والنشاط والكسل والرضا والسخط والقناعة والطمع والجرأة والخوف والعلم والجهل والفطنة والغباء والأمل واليأس والفرح والحزن والمتعة والملال !
والآدمي لا يفطن إلى تلك المقابلات والانتقالات من حالة إلى عكسها، إلا إذا كانت على درجة من القوة تسترعى انتباه وعيه إليها، أما غير ذلك فلا يشعر به الآدمي ولا يلتفت إليها.. وتلك ظواهر طبيعية تجرى وتتوالى في إطار عمل الأجهزة داخل الآدمي، وسلطانه الواعي عليها محدود في نطاق درجات متفاوتة من إمكانية إخضاعها لإرادته وضبطها وتوجيهها.
- قال بعض العارفين: علامة الصَّدَّيق أن يكون بصواب القول ناطقًا.
فإذا نطق فكلامه بالحق موزون.
وقلبه بالطهر والصفاء معمور.
- المعاصي تميت القلب، وتزيل النعم، وتعمى البصيرة !
- أقوى الناس، أقواهم على نفسه، وأقدرهم على الإمساك بزمامها !
- من خان قلبه، خانته جوارحه !!
- لا تفقد الصبر والثبات، فإن الحياة في صيرورة دائمة !
* * *
- حقيقة العمر، غير أوقات الحياة !!
- قليل يغنيك خير من كثير يلهيك !
- لو تفطن المتعجلون لعرفوا أن كل آتٍ قريب !
- الحياة لا تعرف الدوام، وهي لكل حي نحو المحاق تسير !
- لا تخجل من دموعك، فالرجال يبكون أحيانًا !