من حديث الخاطر

من حديث الخاطر

نشر بجريدة الوطن الجمعة 23 / 10 / 2020

     بقلم: الأستاذ/ رجائي عطية نقيب المحامين

  • لا غرابة في أن أغلب الناس الآن أقل صبرًا وأسرع مللاً ، وأكثر حركة وتنقلاً ، وأشد ميلاً للتغيير والتبديل، وفوق ذلك كله أقوى نهمًا وشغفًا بالمال ، خاصة المال الذى في أيدى الآخرين!!
  • تساءل أحد العارفين عن سطوة الدنيا بأهلها ، وخداع الأمل لأربابه ، وتملك الشيطان وقياده للنفوس ، وانعقاد الغلبة للنفس الأمارة ، فقال :

« كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه : وولد لا يعذره :  وجار لا يأمنه : وصاحب لا ينصحه : وشريك لا ينصفه : وعدو لا ينام عن معاداته  : ونفس أمّارة بالسوء ودنيا متزينة : وهوى مردٍ : وشهوة غالبة له  : وغضب قاهر : وشيطان مزين : وضعفٍ مستولٍ عليه » ؟!

قيل : ينجو من يتجه إلى ربه ، ويتولاه عز وجل برحمته ، فتنقهر له  كل هذه المهلكات !

  • من البر والمودة ، أن تنادى الناس بأحب الأسماء والألقاب إليهم .
  • العاقل من يعرف أن مراد الأمور عواقبها لا عواجلها !

***

  • من ماضينا الغابر إلى اليوم ، تبرز وتتكاثر وتتسع وتتعاقد عاداتنا وتتراكب على وحداتنـا الاجتماعية ، منها أولوياتها التي ما زالت توجد معنا لأنها غريزية في الأغلب الأعم ، ومنها ما وجد لدينا ويوجد وسيوجد مما بنى ويبنى وسيبنى على المنافع والمصالح المادية المقصودة ، ومنها ما أقيم ويقام وسيقام على الاشتراك هنا وهناك في أغراض ومقاصد وغايات وأمنيات غير نفعية دينية واجتماعية وإنسانية وفنية وعلمية وأدبية.
  • قال ابن القيم الجوزية :

« العمل بغير إخلاص ولا اقتداء ، كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه . فإذا حملت على القلب هموم الدنيا وأثقالها ، وتهاونت  بأوراده (أخذ نصيبك من القرآن والذكر) ، وهى قوته وحياته ، كنت كالمسافر الذى يحمل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها ( طعامها ) فما أسرع ما تقف به » .

  • من الحكم العطائية : « من تمام النعمة عليك ـ أن يرزقك ما يكفيك ، ويمنعك ما يطغيك » !
  • من أقوال أفلاطون : عمر الدنيا أقصر من أن تطاع فيها الأحقاد !
  • أضعف ما يكون العزم عن التصرف أضعف ما يكون الحزم !

***

  • الجماعات البشرية قديماً وحديثاً ـ جماعات بالغة التركيب ، شديدة التعقيد .. كبيرها وصغيرها ، غنيها وفقيرها ، بدائيها ومتطورها .. وقد تاه ويتوه في كل زمان ومكان أكثر الآدميين إنْ لم يكن جميعهم ـ في إدراك كل بل معظم مضامين تلك التراكيب إدراكاً سليما موفقاً ، فظلت متاعبهـم تتأرجـح بين التزايد والتناقص ..
  • أنشد الشبلي إمام الصوفية يقول :

ذكرتك ، لا أنى نسيتُك لمحةً

وأيسر ما في الذكر ذكر لساني

وكدت بلا وجد أموت من الهـوى

وهام على القلب بالخفقان

فلمّا رآنى الوجّد أنهك حاضرى

شهدتك موجودًا  بكل مكان

فخاطبتُ موجودًا بغير تكلّــم

ولاحظتُ معلومًا  بغير عيان

  • قال أحد الحكماء : « صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار » !
  • قيل لبشار بن برد : ماذا تقول فى العتاب ؟ قال : هو من الرجال خير ، ومن النساء شر !
  • العجول يخطئ وإنْ ظفر ! فكيف به إذا أخفق ؟!!

***

  • حقيقة ما نحن عليه إلى اليوم ، برغم تقدمنا الجزئى فى حياتنا الخاصة والعامة ، أننا لم نعبر قط إلى مرحلة الاتزان الثابت ، لأننا جميعًا لم نتفطن إلى ضرورة الاستمرار وتطور جنسنا ، إذ هو وحده الكفيل ببقاء البشرية وتخليصنا جميعًا من متاعب وخسائر الخلافات والمشاكل والأزمات والثورات والمعارك والحروب والنكبات التى كابدتها البشرية وكابدها كل منا معها ، ومازلنا نكابدها بصورة أو أخرى ، لأن هذا الاتزان المنسى الذى لا يبالى به أحد ـ يكفل إنْ تحقق أن ينتفع كل آدمى فى أى مكان بكل استعداداته وملكاته ومواهبه ، ودون أن يجور بعضها على بعض ، هذا الجور الذى نراه حاصلاً واقعًا الآن نعانيه فى نفوسنا وفيمن حولنا !
  • من الحكم العطائية : « ليقل ما تفرح به ـ يقل ما تحزن عليه » !
  • قال سعيد بن وهب : دخلنا مع سلمان الفارسى على رجلٍ من كِنْدة نعوده ، فقال سلمان : إن المسلم يُبتلى ، فيكون كفارة لما مضى ومستعتًبا فيما بقى . وإن الكافر يُبْتَلى ، فمثله كمثل البعير ـ أُطلِق فلم يدر لم أُطْلق ، وعُقل فلم يدر لم عُقل !
  • ما دام لكل شىءٍ موضع ، فلا يوجد شىء يصلح فى كل موضع !

***

  • الاستهتار العام ـ الذى يتبدى الآن لوظيفة الجماعة ـ حماقة كبرى ترتكبها الكثرة الكثيرة بلا مبالاة بتناولها الواسع جدًا لمعنى الحرية ومعنى الإرادة الحرة ومعنى الاستقلال الفكرى لكل منا ، وهو ما عصف عصفًا شديدًا بالأصول والقواعد والأسس والسنن والأعراف والعادات والتقاليد التى تنقلها الجماعات إلى أفرادنا جيلا بعد جيل .. لا يحدث ذلك غباءً أو تجمداً ، ولكن لتهيئة محيط معنوى مستمر يعيش فيه من يولد منا مع من جاء قبله ويتركه لمن سيجىء !
  • من الحكم العطائية : « إن رغبتك البدايات ـ زهدتك النهايات : إن دعاك إليها ظاهر ـ نهاك عنها باطن »
  • قال ديوجانس للإسكندر الأكبر لما آل إليه الملك : أيها الملك ، إنى كنت إلى اليوم أخاً ، فصرت اليوم تابعًا .. وشتان بين الأخ والتابع !

فقال له الإسكندر : الأخوة قبل اليوم كانت أنعم بك ، وهذه الحال اليوم أرفع لك . وإذا كنت تضمر لى ما عهدناه قديمًا من مودتك ، فلن يضرك أن يكون ظاهرك السعى إلى استدامة أُنْس الحديث بيننا !

  • قد يكون بعض المَزْح خيرًا من بعض الجدّ ، وعامة الجدّ خيرًا من عامةِ الهزل !!

***

  • من الظواهر التى باتت مألوفة ، الإسراف الشديد جدا فـى التقاضى ، حتى حلت القضايا لدى الكثيرين محل معظم الحلول التى يجب على الناس أن يأخذوا بها قبل اللجوء إلى القضاء باعتباره الحل الأخير إذا استحالت كل الحلول !!
  • هذا الإسراف فى التقاضى ، أو فى الحلول القضائية بعامة ، ظاهرة مرضية مردّها إلى ضيق الأفق وضيق الصدور ، وإلى حالة الاشتجار التى تُنحّى المنطق ولغة العقل والتفاهم ، وتؤثر التقارع والتصارع والتلاكم .. ثم هى تبدد طاقات الأفراد والمجموع ، وتصعّد المشاكل ولا تحلها .. وقد تذهب بها إلى أضابير تستغرق السنين فى أروقة المحاكم التى ضاقت بكثرة القضايا والمنازعات التى تؤثر الخصومة على التفاهم والتراضى !
  • قال بعض العارفين : لا يغتر بتزيين الشيطان إلاَّ الجاهل ، أما العالم فلا يغره تزيين الباطل فى صورة الحق .. فالجهل أصل البلاء ، لذلك قيل : ” كل من عصى الله فهو جاهلٌ !!

***

  • قيل إن الطريق الصادق إلى الله ، ينسجم فيه أمران :

حب الله ، والخوف منه  .

فمن عرف الله عن طريق المحبة من غير خوف ـ هلك ـ بالبسط والإدلال  .

ومن عرفه عن طريق الخوف ، انقطع عنه بالبعد والاستيحاش  .

ومن عرفه عن طريقهما معا ـ أحبه سبحانه وقربه ، ومكنّه وعلمّه  .

ومن عرف الله حق المعرفة فهو بعيد عن الضلال  .

ومن أنزل الموت حق منزلته ـ لم يغفل عنه !

  • لسان المذنبين دموعهم .
  • أصدق الدعاء ما هيجته الأحزان .
زر الذهاب إلى الأعلى