من تراب الطريق (955) دلالات كشف الوثائق السرية الأمريكية
من تراب الطريق (955)
دلالات كشف الوثائق السرية الأمريكية
نشر بجريدة المال الأربعاء 14/10/2020
بقلم: أ. رجائي عطية نقيب المحامين
ليس حبًّا للعرب، وإنما في إطار حرب التنافس في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة ، كشف رونالد ترامب عن بعض الوثائق السرية الأمريكية ، وأهم دلالات هذه الوثائق ـ حتى وإن لم يشأ ترامب ذلك ـ هي الكشف عن المخططات الخبيثة التي تدار للعرب وللشرق الأوسط ، وكيف يجرى التآمر علينا حتى صار إشعال الحروب الأهلية بداخل الأقطار العربية ـ هدفًا مخططًا للسياسة الأمريكية ـ لأغراض تتفق على إضعافها وإعادة ترتيب أوضاعها بما تريده أمريكا أن يجرى في هذه المنطقة من العالم ، والتي لا تخفى الولايات المتحدة أن استراتيجيتها سواء في عهد الديمقراطيين أو الجمهوريين ، ترنو إلى تثبيت أقدام إسرائيل في المنطقة ، وتحكُّمها فيها ، تغوّلاً على الحقوق الفلسطينية بل العربية المشروعة .
مما كشفت عنه هذه الوثائق ، البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ، ونظام أوباما ، عن الارتباط الوثيق بقناة الجزيرة القطرية ، واستغلالها في نشر الفوضى بالبلدان العربية بالشرق الأوسط .
ووفق ما ورد في البريد الإلكتروني الحكومي ، فإن هيلاري كلينتون زارت قناة الجزيرة في مايو سنة 2010 ، أي قبل شهور قليلة من اندلاع الفوضى ، واجتمعت يومها مع مدير الشبكة وضاح خنفر ، ثم مع أعضاء مجلس إدارة القناة ، حيث جرت المناقشة والترتيب لزيارة وفد من القناة إلى واشنطن ، حيث التقى هناك في منتصف مايو من ذات العام مع حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق ، وتثبت رسالة أخرى أن هيلاري كلينتون طالبت قطر ـ التي استجابت !! ـ بتمويل ما سُمّى بثورات الربيع العربي ، أو بالأحرى الخريف العربي والربيع الإسرائيلي ، عبر صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون !
كما كشف بريد إلكتروني آخر يرجع إلى سبتمبر 2012 أثناء اندلاع وتداعيات هذه الثورات المرتبة التي ضربت عدة أقطار عربية تباعًا ، كشف عن تعاون النظام القـطري مع « الإخوان » لإنشاء قناة إعلامية باستثمارات كبيرة ، وذلك بعد أن اشتكى تنظيم الإخوان من ضعف مؤسساته الإعلامية .
ولم يجد ترامب بأسًا ـ لأغراضه الانتخابية وليس للإقرار بالحق ـ من أن يصف الوثائق بأنها تكشف عن أكبر « جريمة سياسية » في التاريـخ الأمريكـي ، مضيفـًا أن هذه الجريمة الكبرى تتعلق بخدعة روسيا ، وفضيحة البريد الإلكتروني الخاص بهيلاري كلينتون .
وقيل أيضًا إن هيلاري كلينتون استخدمت خادمًا خاصًّا لبريدها الإلكتروني بمنزلها في نيويورك للتعامل مع رسائل وزارة الخارجية التي تتولاها ، حيث أعلن جيمس كومى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي أن المكتب يحقق في رسائل ظهرت حديثًا مرتبطة بخادم البريد الشخصي لوزيرة الخارجية السابقة ، والتي استبان أنها لم تسلم لوزارة الخارجية إلاَّ نحو 55 ألف رسالة ، وحجبت ثلاثين ألف رسالة بدعوى أنها شخصية ولا تتعلق بالعمل !
على أن دلالة هذه الوثائق ، لا تقتصر على فضح الدور الأمريكي فيما سُمّى بثورات الربيع العربي ، وإنما تمتد لتكشف عن دور النظام القطري الذى ساهم ويسهم بأموال الشعب القطري في تدمير كل ما هو عربي ، وفى دعم الإرهاب ، والإضرار الجسيم بواقع ومستقبل العرب .
قد لا يتأتى للعرب ، لأسباب كثيرة منها ما هو مسكوت عنه ، أن يتصدى تصدّيًا فاعلاً للدور الأمريكي ، وها هو الموقف المخزي إزاء ابتلاع القدس وإعلانها عاصمةً أبدية لإسرائيل ، وإعلان هضبة الجولان السورية أرضًا إسرائيلية ، والترتيب للتغوّل على باقي الضفة الغربية للأردن !
يبد أنه لا حجة ولا ذريعة لأحد في القعود عن التصدي الفاعل لما يرتكبه النظام القطري من جرائم لا يُقبل من العقلاء والتغاضي عنها !!!