القيد الذكي
بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي المحامي
تقدمت إحدى النائبات بمجلس النواب باقتراح تطبيق نظام السوار الإلكتروني على المحابيس أو المساجين، لقضاء فترة العقوبة خارج أسوار السجن.
تعتمد هذه الفكرة على مراقبة وتتبع حركات السجناء عبر شبكات الأقمار الصناعية والاتصالات وهو ما يشكل نقله نوعية مهمة في إعادة تأهيل المساجين.
بدأت بعض الدول في تنفيذ هذا التوجه، وتحقق هذه الفكرة عدد من الفوائد المهمة، منها تقليل تكلفة المصروفات على الدولة، ممثلة في إطعام السجين وعلاجه وحراسته، كما يحمي السجناء العاديين من الاختلاط بعتاة الإجرام والتشرب بأفكارهم الإجرامية أو تجنيدهم لأعمال إجرامية بعد خروجهم من السجن.
يقلل كذلك من المشكلات الأسرية بعدم افتقاد الأسرة لأحد ركنيها الأب أو الأم، سواء من حيث الإعالة أو مراقبة الأبناء.
هناك بعض السجينات من الغارمات أو اللاتي يحملن أطفال رضع، أو ممن يتولون الإنفاق على أسرهم لفقد العائل لوفاته أو لمرض أقعده؛ مثل هؤلاء يمكنهن الاستمرار في أداء دورهم الإنساني حتى لا تضيع باقي الأسرة.
يمكن تحديد الفئات التي يشملها هذا السوار الإلكتروني الذي لا يمكن المسجون من الهرب أو الإفلات من قبضة العدالة ويحفظ قدرا من دوره الإيجابي في المجتمع.
أكدت الدراسات في الدول التي طبقت هذه المنظومة، أن هؤلاء الذين خضعوا لهذا القيد الذكي، كانوا أكثر تفاعلا وتأثرا بالعقوبة وعادوا للانخراط في المجتمع بدرجة أسوياء بالمقارنة بأقرانهم ممن قضوا فترة العقوبة بين جدران السجن.
لا يجب تطبيق الفكرة على المسجونين في الجرائم الكبيرة الماسة بالشرف أو جرائم القتل والسرقة والاستيلاء على المال العام. وعلى الجانب النفسي، فإن هذا القيد الذي يكبل به الصادر بحقه الحكم، سيكون له تأثير كبير في إعادة تأهيل هذا المحبوس.
وحسبنا في هذا ما عرفناه من القصص القرآني عن هؤلاء الذين وصفهم القرآن بأنهم قد ضاقت عليهم أنفسهم التي بين صدورهم.
أتمنى تفعيل الفكرة وتطبيقها تدريجيا بما تحققه من نتائج إيجابية وإصلاحية تحقق الهدف من الأحكام الخاصة بتقييد الحرية وفلسفة العقوبة الجنائية.