مسكن الزوجية بين القانون المدني وقانون الأسرة
كتبه: مدحت طلعت المحامي
مسكن الزوجية وفراغ عدم دستورية المادة ١٨ مكررا ثالثا من القانون رقم ١٠٠لسنة ١٩٨٥.
لقد أصبح الأمر يتطلب دراسة قانونية مستفيضة وخصوصا بعد عدم دستورية المادة ١٨ مكررا ثالثا من القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ والتي يقوم بعض الزملاء بأعمالها الي وقتنا هذا رغم القضاء بعدم دستوريتها من أربعة وعشرين عام’ لذا لزم علينا الكتابة في ذلك المقام’ رغم كثرة الموضوعات التي يمكن ان نتناولها إلا أننا آثرنا ان نلجأ للكتابة فيه لأنه الاكثر تداول أمام المحاكم وندرة الكتابة عنه.
ونضيف للموضوع نظرة سريعة نتكلم عن مسكن الزوجية في القانون المدني دون التعمق في نظرياته ومسكن الزوجية في قانون الأحوال الشخصية ‘ خاضعين الموضوع في فترة وقوع الطلاق اما ما قبل ذلك فقد يكون لنا لها عودة بمشيئة الله تعالى.
لا شك ان جميع الأنظمة القانونية تتفق علي أن العقد لا يلزم سوي أطرافه اي المتعاقدين كما تتفق علي عدم انصراف أثر العقد الي غيرهم ‘ وتلك القاعدة وفقا لأحكام القانون المدني تعرف بنسبية اثر العقد.
فاحكام العقد لا تنصرف إلا الي طرفيه وخلفهما العام والخاص.
وبتطبيق هذه القاعدة علي مسكن الزوجية ومع وقوع الطلاق بين الزوجين الي اخراج المطلقةمن مسكن الزوجية المؤجر حتي ولو كانت حاضنة.
ونظرا للنتيجة الشاذة لتلك الحالة والقانونية في أثرها ابتدع الفقه والقضاء فكرة المشاركة السكنية أي من حق المستأجر ان يسمح بمشاركة أفراد آخرين وأسست تلك الفكرة علي أساس النيابة ( نظرية النيابة ) فالمستأجر يعد متعاقدا عن نفسه و نائب عن باقي أفراد أسرته ‘ فان حدث ووقع الطلاق فان المطلق والمطلقة يقتسما مسكن الزوجية ‘ ورغم عدم قبول تلك النتيجة علي ارض الواقع الا انها قانونية أيضا موافقه لصحيح القانون.
الشذوذ او النتيجة الغير مقبولة ليست في نظرنا من الناحية القانونية وانما الواقعية. فالقانون قاعدة عمومية مجردة.
ومع ذلك لم تقف محكمة النقض عند هذا الحد بل عدلت نظرتها من نظرية النيابة الي اعتبار عقد الايجار له طابع عائلي. وترتب علي ذلك كانت النتيجة ليست كما تظن’ بل ترتب عليه استقلال المطلق به وخرجت منه المطلقة الحاضنة.
لذلك تدخل المشرع وأصدر القرار بقانون رقم ٤٤ لسنة ١٩٧٩ ونص في مادته الرابعة علي استقلال المطلقة الحاضنة بمسكن الزوجية المؤجر اذا لم يهئ لها المطلق سكنا مستقلا مناسبا.
ثم في ٤ مايو ١٩٨٥ قضي بعدم دستورية القرار بقانون’ ثم صدر القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ متضمنا علي استقلال الحاضنة بصفة مطلقة بمسكن الزوجية اذا توافرت شروط معينه سواء كان المسكن مؤجرا او غير مؤجر اعمالا للمادة ١٨ مكررا ثالثا.
وعلي ذلك قضت محكمة النقض بأن مفاد نص المادة ١٨ مكررا ثالثا من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩’ استقلال المطلقة الحاضنة بمسكن الزوجية المؤجر دون مطلقها’ وبديل استقلالها بهذا المسكن ان يهيئ المطلق مسكنا آخر مناسبا والخيار لها في الاستقلال بمسكن الزوجية او ان يقدر القاضي لها أجر مسكن مناسب لها وللمحضونين وذلك لا يمنع من الاتفاق بين المطلق و الحاضنة دون اللجوء الي القضاء’ سواء تم الإتفاق حال قيام الزوجية او بعد وقوع الطلاق’أعمالا لقاعدة ان المفروض اتفاقا كالمفروض قضاء لان ذلك يقطع النزاع ويرفع الخصومة.
( نقض الطعن رقم ١٤٣٠ لسنة ٥٦ ق جلسة ١٩/٥/١٩٩٢ )
وترتيبا علي أحكام تلك المادة قبل عدم دستوريتها فان احكام مسكن الحضانة ان يقع علي عاتق الزوج المطلق بعد وقوع الطلاق التزام بتحقيق نتيجة هي توفير المسكن.
وقضت محكمة النقض بأن من المقرر شرعا ان الزوج هو المكلف بإعداد مسكن الزوجية.
( نقض الطعن رقم ٢٧ لسنة ٤٩ ق جلسة ١٢/٥/١٩٩٤ )
فاذا لم يقم المطلق بتنفيذ هذا الالتزام’ فيكون من المحضون والحاضنة الاستمرار في شغل منزل الزوحية المؤجر وحدهم دون المطلق مدة الحضانة.
فإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر للمطلق فله اي للمطلق الاستقلال به اذا قام بتهيئة مسكن الحضانة المناسب لها.
وفي ٦/١/١٩٩٦ حكمت المحكمة الدستورية في القضية رقم ٥ لسنة ٨ ق دستورية ‘بعدم دستورية نص المادة ١٨مكررا ثالثا المضافة بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية _ الي المرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ الخاص ببعض أحكام ببعض أحكام الأحوال الشخصية.
والتسأل هنا هل تركت تلك المادة بعد عدم دستوريتها فراغ في حياة مسكن الزوجية.
نري في الحقيقة أنه اذا كان لاجدال ان نفقة الأولاد علي أبيهم وواجب استحقاقه ‘ فمسكن الحضانة في حقيقته نوع من النفقة.
وهذا ما أخذ به القانون في المادة ١٨مكررا ثانيا والتي تقول في فقرتها الاولي ” اذا لم يكن للصغير مال فنفقته علي أبيه “.
وبهذا فإلزام المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم سواء كان المسكن مؤجرا كان او غير مؤجر.
وقبل ان أنتهي اريد ان نختم أجرة مسكن الحضانة مقتطفا من مذكرتي التي كان من المفروض تقديمها لجلسة ٥/٤/٢٠٢٠ أمام محكمة استئناف القاهرة بمأمرية القاهرة الجديدة لشئون قضايا الأسرة بالقول أننا نفرق بين أمرين
الاول: اذا كان للحاضنة مسكن مملوك لها تسكنه او متزوجه بذي رحم محرم للصغير.
وفيه يقول العلامة الأستاذ محمد زيد الابياني في كتابه الأحوال الشخصية طبعة ١٣٢٦ هجريا ص٣٣٨
( ان تملك الحاضنة مسكنا وتسكنه مع الصغير بالفعل فليس لها الحق في المطالبة بأجرة المسكن )
كما قضت محكمة بورسعيد في ١٦ مايو ١٩٣٢ فيما معناه ( اذا كانت للحاضنة مسكن تسكن فيه فأنه يتعين لرفض دعواها فيما يتعلق بأجر المسكن )
وبذلك فأقامة المحضون معها في مسكنها لا تستدعي زيادة علي ما كانت تنفقه من قبل.
ثانيا: أن لم يكن للحاضنة مسكن تسكن فيه او لم تكن متزوجه بذي رحم محرم وطلبت أجرة مسكن للحضانة تحضن فيه الصغير’ فإنها تستحق هذه الأجرة ‘ وهي تجب علي من تجب عليه اجرة الحضانة.
وبالنظر لما سبق نوصي بتدخل المشرع بإلزام الأب أن يهيئ لصغاره وحضانتهم المسكن المستقل المناسب فإذا لم يفعل استمروا في شغل مسكن الزوجية طوال مدة الحضانة بشرط الا يكون للصغار مالا يكفي نفقتهم ويكفي تهيئة المسكن المناسب لهم.
أما من الناحية الاجرائية لحيازة مسكن الزوجية فيما يثار من منازعات بين الاب وحاضنة صغاره أن تتصدي النيابة بقرارها الي أن تفصل المحكمة فيها ‘كما هو ساير الآن.